كشف معهد واشنطن للدراسات عن الاسم المحتمل لخلافة المرشد الأعلى للثورة الإيرانية “علي خامنئي”، الذي يمر بوعكات صحية بعد أن تجاوز السابعة والسبعين من العمر.
وقال المعهد إن ثمة دوْرين بارزين من المحتمل أن يرثهما قريبًا رجل الدين الإيراني ورئيس السلطة القضائية السابق “محمود الهاشمي الشاهرودي” (من مواليد عام 1948)، هما دور المرشد الأعلى المقبل للجمهورية الإيرانية، ودور السلطة الدينية العليا للشيعة.
وبيّن في التقرير الذي أعده الباحث “مهدي خلجي” أن مما يسهّل احتمال حدوث ذلك، هو تقدّم المرشد الأعلى “آية الله علي خامنئي” في السن؛ حيث إنه في السابعة والسبعين من عمره، شأنه شأن “آية الله علي السيستاني”، الذي يقيم في العراق، ويبلغ من العمر السادسة والثمانين، ويعتبر المرجع الديني الأكثر تقليدًا بين الشيعة.
وأشار إلى أنه وفقًا للتقاليد الشيعية، ينتمي “الشاهرودي” إلى نظام يسمح لعدد من” آيات الله ” بالعمل بشكل مستقل، دون أي صلة بمؤسسة ما أو أي تعاون معها. وقد ينطبق مصطلح “الخلافة” على الباباوات الكاثوليك، إلا أنه غريب على الشيعة.
وشرح أن ثروة المرجع (مقام عادة ما يعادل مرتبة “آية الله العظمى”) وأصوله المادية، إلى جانب مزاياه الرمزية كالمكانة الاجتماعية، لا تنتقل إلى أي خليفة محدد، بل إن مساعدي المرجع المتوفى هم الذين يختارون ما بين الاستمرار بتطبيق مراسيمه أو اختيار مرجع جديد من بين العديد من المراجع الذين لا يزالون على قيد الحياة.
وهذا يفسر الفراغ الذي تخلفه وفاة مرجع ما والمنافسة المحتدمة التي تنشأ عنها لاستقطاب أتباعه. وإذا كان “الشاهرودي” سيجذب أتباع “السيستاني” بشكل أو بآخر، فسوف يكون له بذلك نفوذ واسع، ليس فقط في إيران والعراق، بل عبر الطوائف الشيعية في جميع أنحاء العالم.
وتابع: “تعزى المكانة الفردية كذلك إلى مكتب المرشد الأعلى. وفي هذه السياق، يمكن مقارنة مكتب “الخميني” الديني التقليدي – الذي كان أيضًا مكتبًا سياسيًا له – بمكتب “خامنئي” ذي النطاق الواسع والدرجة العالية من البيروقراطية، بما يتضمنه من موظفين يفوق عددهم أربعة آلاف شخص، يتيحون له فعليًا إدارة الحكومة على المستوى الجزئي”.
وأضاف: “لقد مارس كل من الخميني وخامنئي القيادة بأساليب مختلفة للغاية؛ ففي حين وصل الأول إلى السلطة بصورة طبيعية، دون منازعة، وبشكل عفوي في مسار الثورة، جاء انتخاب الأخير بمثابة مفاجأة للكثيرين، وبقيت مؤهلاته موضع شك”.
وفيما يتعلق بخواص الخلافة، قد لا يصل المرشد الأعلى التالي إلى السلطة وفق الإجراء المتبع، سواء أكان “الشاهرودي” أم غيره، الأمر الذي قد يشكل نقطة تحول في تاريخ الجمهورية الإسلامية.
ويشير التقرير إلى أن “خامنئي” لم ينفك يبيّن – من خلال خطاباته وتصريحاته وممارساته – تفضيله لخلَف يتبني نهجه الثوري إزاء القيادة الوطنية، عوضًا عن التوجه نحو سياسات عقلانية استرضائية ودبلوماسية ودية. وثمة إمكانية لأن يسعى إلى ضمان تطبيق تفضيلاته الأيديولوجية عبر الاستقالة، إما رسميًا أو بشكل غير رسمي، وتعيين خلف له، وإشرافه شخصيًا على العملية الانتقالية.
كما يعرض “صورة شاملة عن المرشد الأعلى المحتمل، محمود الهاشمي الشاهرودي، بدءا من تربيته وتعليمه في مدينة النجف في العراق وحتى مشاركته السياسية وانتقاله إلى إيران بعد الثورة الإسلامية. ويولي البحث اهتماما خاصا بالأساليب التي أقدم الشاهرودي من خلالها على خطوة انتهازية حين غيّر هويته من زعيم منفي للمعارضة العراقية إلى أحد أنصار آية الله علي خامنئي”.
وأوضح: “في السنوات العشر التي شغل خلالها منصب رئيس السلطة القضائية حتى عام 2009، خيّب الشاهرودي آمال كل من انتظر منه تحييد القضاء الإيراني عن السياسة. وعلى العكس من ذلك، تميز جهازه القضائي بكونه أحد الأنظمة الأكثر وحشية واستبدادًا في العالم. وفي الوقت نفسه، تنامى توجهه المحافظ في مواقفه الدينية”.
وختم معهد واشنطن تقريره بالقول: “وبالنظر إلى رجال الدين الإيرانيين الآخرين الذين ازداد توجههم المحافظ في الدين، فيما تنامى نفوذهم في السياسة في الوقت نفسه، وتحديدًا خامنئي، فإن النتيجة بديهية، ألا وهي استبداد مطلق باسم الله”.