يومًا ما، جذب أبو أحمد، بجثَّته الضخمة وعرجته الواضحة، الأنظار في أحد المقاهي جنوب تركيا التي تعج بالدخان. اتصل بأبي أحمد زملاء له من قادة المعارضة السورية؛ بهدف الحصول على المساعدة، كما سعى وراءه عدد من ضباط المخابرات الأجنبية رغبة منهم في سماع رأيه حول أمور كثيرة، وعندما عبرَ إلى سوريا، أحضر أبو أحمد معه حقائب مليئة بمئات الدولارات لتوزع على الثوار. وحصل رفاقه على صواريخ مضادة للدبابات جرى تسليمها على الحدود بشكل سري وبموافقة أمريكية.
يطلق بعض الثوار على أبي أحمد اسم رجل المخابرات الأمريكية في سوريا، غير أنه اليوم يصارع لاسترجاع بطولاته. ويستحضر هنا أحد زملائه بعض ذكرياته مع الرجل قائلًا «اعتدنا المزاح بأنه إذا كنت تريد أي شيء فما عليك إلا الاتصال بأبي أحمد. وإذا ما أراد أي أحد من المعارضة مقابلة الأمريكيين فكان يذهب إلى أبي أحمد. واليوم فإن أمثالنا من الرجال مصيره اليوم إلى مزبلة التاريخ».
وبعد عامين قضاهما أبو أحمد كوسيط لصالح «وكالة المخابرات المركزية الأمريكية» وموزع للأسلحة ومخطط للعمليات العسكرية في سوريا، زج به في السجن، وعندما أُطلقَ سراحه، أجبرَ على التواري عن الأنظار مؤقتًا، ثم ما لبث أن سقط من أعين رفاقه المقاتلين وأصبح عنوانًا للعار. ولأسباب أمنية طلب تغيير اسمه وأسماء العديد ممن ناقشوا قصته، والتحفظ على تحديد أماكن إقاماتهم الحالية.
وتقدمُ قصة صعود نجم أبي أحمد وأفوله بصيرة نادرة لفهم كيف عملت المخابرات الأمريكية ضمن القيود التي كانت تفرضها سياسة أوباما الفاترة تجاه سوريا، كما تكشف كيف أن التنافس بين البيروقراطيات الأمريكية – حتى والأهم من ذلك كله هو أن الاختلاف المتنامي في وجهات النظر بين واشنطن وحليفتها في الناتو أنقرة- كان قد فاقم من الفوضى في سوريا.
وعلى مدار السنين الست الماضية، تصاعد الصراع في سوريا من مظاهرات احتجاجية ضد الرئيس بشار الأسد، إلى حرب أهلية غيرت شكل المنطقة والعالم، وشنت أربع دول من أصل خمس من تلك الدائمة العضوية في مجلس الأمن، غارات جوية داخل الأراضي السورية. وضخت القوى الإقليمية مثل السعودية وإيران مليارات الدولارات في ما أصبح اليوم حربًا بالوكالة. واستغل تنظيم الدولة الإسلامية الجهادي الفوضى في سوريا لتصدير العنف إلى العالم. ونَشَّطَ تدفُقُ اللاجئين الذين غصت بهم الدول الأوروبية، من ارتفاع الشعبوية اليمينية في عموم أنحاء القارة العجوز والولايات المتحدة.
وكان الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، الذي ركب موجة مثل هذه المشاعر الشعبوية في واشنطن، قد ورث المستنقع السوري. يُصَوِرُ ترامب الصراع في سوريا أنه تَشَعُب بين النظام السوري و«تنظيم الدولة الإسلامية».
إن الواقع أكثر تعقيدًا، ولكن إذا كان هناك مزيد من الحقيقة بخصوص هذه الرؤية اليوم، فإنها قد ترجع جزئيًا إلى الخيارات التي وضعتها إدارة الرئيس أوباما.
إن الإصرار على عدم الانجرار وراء الحرب في سوريا، بالإضافة إلى إدراك أهميتها الإقليمية، قد ترك واشنطن مترددة في التدخل وهو وضع قد يثبت أنه إشكالي على المدى البعيد، كما لو كان تدخلًا كاملًا.
ويُجَسِدُ السوريون من أمثال أبي أحمد عواقب هذه المعضلة. في عام 2013، التحق ببرنامج سري وضعته الاستخبارات الأمريكية لإيصال المال والسلاح للفصائل الثورية المعتدلة، وقال: إنه راهن ورفاق آخرون على أن ربط مصيره بالأمريكيين سوف يسفر في نهاية المطاف على نفس نوعية الدعم الذي مَكَنَ ثوار ليبيا من الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي عام 2011، غير أن أبا أحمد خسر هذه المقامرة خسارة فادحة.
في هذه الأيام، يستيقظ أبو أحمد الساعة السابعة صباحًا مكرسًا نفسه لروتين تعلمه منذ زمن طويل عندما كان ضابطًا في الجيش. يقودُ سيارة سيدان مُستعارة إلى المنطقة الصناعية في المدينة جنوبي تركيا حيث يعيش بالقرب من الحدود مع سوريا. يُلوح للأولاد السوريين اللاجئين الذين يغسلون الشاحنات ويتأكد من وجود أي عطل ليصلحه أصحاب المرآب، بعد ذلك يتجهُ صوب وسط المدينة حيث يؤدي أمور المحاسبة لبعض الأعمال المحليةـــ لقاء أي شيء ليغطي نفقاته.
يقول لي أبو أحمد وهو يشرب النرجيلة على وقع موسيقى البوب التركية الصاخبة في أحد المقاهي القريبة من منزله «كنت أعتقد أن أمريكا تحكمُ العالم، وإذا ما سألتني عما إذا كنت مخطئًا؟ فسأقول لك: نعم! أنا على خطأ».
ويضيف «ما كنت مهتمًا به هو إقامة علاقات جيدة وطيبة مع الأمريكيين. لقد أعطوني السلاح الذي نقلته بدوري إلى داخل سوريا، ولم أكن أهتم حقيقةَ إذا ما كان الأمريكيون لا يحبون الأتراك أو العكس، ولم يكن لي أية علاقة بهذا، ولكن ولسوء الحظ لا تسير الأمور بهذا الشكل».
ولم يبقَ هناك أمام واشنطن سوى قلة من الخيارات الجيدة في سوريا، لا سيما بعد سقوط آخر معاقل للثوار في مدينة حلب مع حلول نهاية العام الماضي تقريبًا. ولم يكن النصر الذي حققه الأسد برعاية موسكو مجرد مأساة إنسانية بحق المدنيين الذين تعرضوا للقصف والطرد من منازلهم فحسب، بل كان أيضًا مؤشرًا قويًا على تراجع نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة، إذ حَيدَت الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب بقيادة موسكو وأنقرة، دورَ واشنطن وهمشته.
لطالما دافع الرئيس أوباما ومساعدوه عن موقفهم من الشرق الأوسط على أنه تخلٍ عن إرث واشنطن المُكلِف من التدخلات الفاشلة، وبالأخص غزو العراق إبان حكم سلفه جورج بوش الابن، غير أن قصة أبي أحمد تظهر أنه حتى التدخلات المحدودة قد تفشل أيضًا ـــ مع حلفاء محليين غالبًا ما يدفعون الثمن الأغلى.
وعَبَّرَ مسؤولون سابقون في الإدارة الأمريكية ممن أجرينا معهم لقاءات حول هذه القصة، عن شعورهم بالإحباط؛ لأنهم كانوا دائمًا يلعبون دور الخادع والمضلل في سوريا، وهم يشاهدون كيف تنازعت مختلف الإدارات حول أهداف يشوبها الغموض. يقول البعض من هؤلاء المسؤولين، إنهم لم يتمكنوا لسنوات من إيضاح سياسة أوبامًا مطلقًا.
ويتقاسم الثوار والدبلوماسيون الإقليميون على حد سواء هذا الشعور بالغضب والانزعاج. يقول دبلوماسي إقليمي «يعتقد الناس أن الولايات المتحدة لم تتدخل في سوريا بكل ثِقلها، لكن هذا ليس صحيحًا ـــ بل إن الأمريكيين تدخلوا فعلًا، وبكل شاردة وواردة لفترة ما في أماكن مثل حلب، عندما بدأ العمل ببرنامج المخابرات الأمريكية لتدريب وتسليح المعارضة السورية المعتدلة. إن مشكلة السياسة الأمريكية في سوريا هي مشابهة بصورة ما لما كانت عليه هذه السياسة من قبل دائمًا، جميعها تكتيكات في ظل غياب الإستراتيجية، ويمكن القول إنها كانت ضربًا من الفوضى ليس إلا».
وبالرغم من جو البهجة والمرح، والضحكات القلبية، إلا أن الهالات التي تحيط بعيني أبي أحمد كانت سوداء مثل سواد النُدَب التي خلفتها الشظايا في ساقيه. وخلال لقاءاتنا كان يرتدي القميص نفسه ليومين على التوالي، ويتناول كل يوم 1600 ملجرام من المسكنات ليستطيع التحرك.
ومن السهل فهم سبب انجذاب المسؤولين الأمريكيين لأبي أحمد، إذ يستمتع الرجل بالمزاح مع «أصدقائه الأجانب»، خلافًا للتدين المتنامي في أوساط بعض الثوار المتشائمين وإدراكهم العميق للتدخلات الأمريكية. ويظهِرُ نفسه أنه رامٍ مستقيم وموثوق، لا يتسامح مع الفساد ويشكك بالإسلاميين، أو كما يقولها «كل ذي لحية». ومن باب المزاح، يطلق عليه بعض الثوار الذين التقينا بهم بهدف توثيق قصته، «المتطرف العلماني».
ويقول الدبلوماسي «إذا ما كان لديك أي سؤال تطرحه حول معركة أراد الثوار إطلاقها، فسيقول لك أبو أحمد على الفور كم يلزمك من الرصاص، وكم عدد المقاتلين الموجودين فعلًا، وأية طريقة ينبغي أن ينتهجوها للمعركة»، لقد استمتع الأمريكيون بهذا الأمر تمامًا».
عندما نزل السوريون إلى الشوارع في 2011 للتظاهر ضد 4 عقود من حكم عائلة الأسد للبلاد، كان أبو أحمد يشغل منصبًا مريحًا كضابط في الجيش وسط سوريا. بعد ذلك بدأت قوات الأمن باستهداف المظاهرات وإطلاق النار على المتظاهرين وكردة فعل، انضوى المزارعون والجنود المنشقون عن الجيش، والتجار المحليون في مجموعات مسلحة للتصدي للنظام مما أشعل فتيل تمرد شامل.
انشق أبو أحمد مع سلاحه الفردي الخفيف ولجأ إلى المناطق التي يسيطر عليها الثوار شمالي البلاد، ويقول «لم أكن ضابطًا هامًا، بالكاد كنت أعرف كيف أطلق النار، ولم أكن أهتم بالتدريب على استخدام السلاح مطلقًا».
ولكنه صقل مهارة من نوع آخر جذبت لاحقًا الشركاء الأمريكيين. يقول أبو أحمد «نظرًا لتمتعي بحس الضابط حول التكتيكات والأمور اللوجستية، أستطيع معرفة الأرقام الحقيقية للمقاتلين الموجودين على الأرض، ومدى كمية الذخيرة التي قد يستخدمونها، والأهم من ذلك كله هو عدد الرجال المستعدين للقتال فعلًا».
وفي الوقت الذي خزّن فيه الضباط الآخرون الأسلحة، يقول أبو أحمد إنه ضبط استخدامه لها استنادًا إلى تقييم رجاله والوسائل المحتملة التي قد تستخدمها قوات النظام للهجوم. «كان الأمر بالنسبة لي مثل لَعِب الشطرنج، وهي لعبة أحبها»، قال الرجل حاملًا هاتفه الخليوي الذي كان يلعب الشطرنج من خلاله أثناء حديثنا.
عام 2012، تعرض أبو أحمد لإصابة في غارة جوية وفقد على إثرها الوعي لمدة عشرة أيام، أفاق من غيبوبته في المشفى، وقد وضعوا له سيخًا معدنيًا في ساقه، وتتذكُر زوجته أم أحمد، النحيفة ذات الماكياج المُتقَن، الجلوس بجانبه ليلًا ونهارًا، وكيف أنها كانت تصارع من أجل أن ينهض أو يأكل أو يتكلم. تقول الزوجة «بعد ذلك، وعندما أتى بعض المقاتلين لزيارته، نهضَ وتحدث إليهم وضحكَ أيضًا، وحينها بالضبط أدركت أنه من الآن فصاعدًا أن هذه العلاقة سوف تجمع بيننا نحن الثلاثة، أنا وزوجي والثورة».
بعد أشهر قليلة، عاد أبو أحمد إلى ساحة حرب مغايرة بشكل عنيف، حيث إن تنوع طيف الجيش السوري الحر، كان قد فشل في بلوغ أي شيء مثل القوة التي طمح لها الاسم الذي يحمله، إذ ضرب الفساد مجموعات كثيرة فيه، وبرزت الجماعات الإسلامية على السطح بدعم من حلفاء الولايات المتحدة، مثل قطر وتركيا اللتين رأتا في هذه الجماعات أنها أكثر تنظيمًا وجديرة بالثقة أكثر من نظيراتها التي تدفعها أيديولوجيا أقل حدة.
وأسهَمَ هذا المناخ العام السائد بالإضافة إلى السياسة التركية المتراخية حول الرقابة على الحدود، بظهور الجهاديين المُدَعَّمين بالمقاتلين الأجانب. وحازت جبهة النصرة وهي فرع تنظيم القاعدة في سوريا، وجماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام المنشقة عن التنظيم، على قدرات عسكرية متفوقة بالإضافة إلى برنامج أيديولوجي متطور جعل منها قوى مسيطرة. ومنذ ذلك الحين، غيرت جبهة النصرة تسميتها مرتين وكان آخرهما اسم جبهة فتح الشام، وتقول إنها قطعت علاقاتها بالقاعدة، بالرغم من أن قلة ينظرون إلى هذه الحركة على أنها صادقة.
يقول أبو أحمد وهو يهز برأسه «لقد كنا أغبياء جدًا، ما الذي كنت أفكر فيه؟ اعتقدت أن النظام سوف يسقط، وسنعود إلى حيث بدأنا. عندما عدت إلى سوريا وجدت جبهة النصرة وتنظيم الدولة يتوسعان وعندهما كل هذه الخطط، حينها أدركت أنه سيتوجب علينا شن عملية ضد هذه الجماعات في نهاية المطاف».
بدأ بعض القادة الإسلاميين استجواب أبي أحمد حول شائعات مفادها أنه لم يكن يصلي، وشعر بعض زملائه الضباط بالقلق على سلامته وأرسلوه عبر الحدود لجلب الدعم من تركيا. في هذه المنطقة الحدودية الصاخبة حديثًا حيث المدن التي كانت نائمة يومًا ما مثل غازي عنتاب وكلس وأنطاكيا والتي غصت بعمال الإغاثة الإنسانية واللاجئين والناشطين، التقى أبو أحمد بضابط مخابرات سعودي يتطلع لتنسيق هجوم مضاد يشنّه الثوار ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وفي أواخر العام 2013، كان تنظيم الدولة الجهادي يهدد الأراضي الخاضعة لسيطرة الثوار في سوريا، آخذًا في التوسع بخطىً ثابتة في الجارة العراق. لعب أبو أحمد دور الوسيط للتنسيق بين السعوديين والثوار الذين تمكنوا من طرد تنظيم الدولة من محافظة إدلب شمال غربي البلاد في أوائل العام 2014.
عندها بالذات، تلقى أبو أحمد دعوة من أعضاء في البرنامج السري للاستخبارات الأمريكية المُتـخِذِ من مدينة أضنة الساحلية في تركيا مقرًا له، التقى به ثلاثة رجال في أحد المطاعم، يستذكر أبو أحمد «كانوا لطفاء جدًا، ويعرفون كل شيء عني مسبقًا».
رفضت وكالة الاستخبارات المركزية التعليق على قصة أبي أحمد، غير أن مصدرًا في لجنة المخابرات ومقره واشنطن، أكد تعامل الرجل مع السي آي إيه، ولكنه، أي المصدر، قلل من أهمية هذا التعامل بالقول: إن أبا أحمد لم يكن سوى وسيط سوري، وأيدَ ثوار ودبلوماسيون وناشطون، جميعهم رفضوا الكشف عن أسمائهم، الأجزاء الأخرى من قصة أبي أحمد وتفاصيل علاقته بالمخابرات الأمريكية.
وجهَ الأمريكيون دعوة لأبي أحمد للانضمام إلى غرفة عمليات سرية كانوا يعملون على تشكيلها مع حلفاء من بينهم بريطانيا وفرنسا والأردن وقطر والسعودية وتركيا، بهدف دعم الفصائل الثورية المعتدلة. وصارت غرفة العمليات تلك تُعرفُ باسم مركز العمليات المشتركة، وأنشئت على غرار مركز عمليات مشتركة أُسِسَ في الأردن العام السابق.
ومنذ البداية، واجهت العمليات عقبات كبيرة، إذ أنه كان من الصعب جدًا السيطرة على الحدود التركية مع سوريا والبالغ طولها 800 كيلومتر، أضف إلى ذلك أنه وفي العام 2014، ترسخ بعمق دور الجهاديين والعلاقات بين الداعمين الخارجيين والمستفيدين المحليين؛ مما جعل من السيطرة على تدفق الأسلحة أمرًا شبه مستحيل.
ويقول نوح بونسي من مجموعة الأزمات الدولية، وهي منظمة غير حكومية، «طوال برنامج التدريب هذا، كانت هناك خلافات كُبرى بين الدول وحتى داخل الحكومات. وهل فشل الثوار فشلًا ذريعًا؟ كلا مطلقًا، ثم هل كانت الدول الداعمة متجزئة كالثوار؟ قطعًا لا».
ويرى العديد من الثوار أن مركز العمليات المشتركة، إنما يزيد قليلًا عن كونه ثغرة وموطئ قدم للمخابرات الخارجية في صفوف المعارضة السورية، ولكن البعض منهم، مثل أبي أحمد، تمنوا لو أنه يعزز على الأقل من سيطرة الثوار على شمال سوريا، ويضمن موقفًا أقوى في مفاوضات السلام.
كان مركز العمليات عبارة عن فيلا لا يمكن وصفها في جنوب تركيا، حيث اجتمع قادة الثوار بضباط مخابرات أجنبية لاقتراح خطط المعارك والضغط من أجل الحصول على السلاح.
كان الثوار «المعتدلون» يتقاضون راتبًا شهريًا بقيمة حوالي 150$ للمقاتل و300$ للقائد. ويقول أبو أحمد «لم يخبرنا الأمريكيون أبدًا إلى أين كنا ذاهبين، وكانوا يضعونا في سيارات مغلقة الستائر، كان الأمر أشبه بعرضِ تجسسي، لكنه لم يكن يخلو من الدعابة؛ لأننا حفظنا الطريق مع مرور الزمن».
في البداية، ساد جو من المرح والسرور. سمح الأتراك للضباط بالمبيت في المبنى الذي كان يحتوي على مطبخ وطباخ، بحيث يمكن لهم الانتهاء من جلسات ليلية متأخرة وهم يفكرون ويمعنون النظر في الخرائط والخطط. وفورًا أصبحت بيروقراطية مركز العمليات مشكلة بالنسبة للثوار إذ أنه قد تندلع المعارك في غضون ساعات بينما كانت موافقة الممثلين على الخطط وأخذ الضوء الأخضر لتسليم الدعم كالذخيرة والدواء والأحذية تستغرق أسابيع أحيانًا. وتحدث الثوار إلى أجهزة الإعلام عن روايات حول بخل مركز العمليات المشتركة.
ومهما يكن، فإن بعض شخصيات المعارضة ودبلوماسيين يقولون إن المشكلة كانت على العكس تمامًا. «أصبح مركز العمليات المشتركة وسيلة لإفساد الجيش السوري الحر ليس لأنه لم يقدم للثوار سوى القليل القليل، بل على العكس لأنه أغدق عليهم المال»، هذا ما جاء على لسان أحد شخصيات المعارضة المقربين من القادة المدعومين من جانب المركز.
يقول أيضًا: إن «القادة كانوا وعلى الدوام يضخمون من أعداد قواتهم ليسرقوا رواتب إضافية، ورفع البعض منهم طلبات الحصول على الأسلحة لتخزينها أو بيعها في السوق السوداء؛ مما أدى إلى سقوطها بأيدي تنظيم الدولة حتمًا، أما بعض المجموعات فقد أبرمت اتفاقات مع جبهة النصرة لمنعها من مهاجمتهم. كانت المخابرات الأمريكية على علم بكل ذلك، وبالطبع مثلما كان كل فرد في مركز العمليات، كان ذلك هو ثمن المتاجرة».
يتهم أبو أحمد علانية زملاءه الضباط بالقيام بنشاطات مشابهة والتي يقول إنها أذهلت الأمريكيين، ويقول «أود القول، يدعي الضابط أن لديه 300 مقاتل، لكن عددهم هو 50 فقط. وذاك الضابط كان يفعل كذا وكذا. كنت أُحرِجُ الجميع. كان السوريون يشعرون بالإحباط ويقولون إنه مخبر وعميل لأمريكا، وكيف يتحدث عنا بهذا الشكل؟ ولكن كنت أعتقد أنهم يسرقون من ثورتنا».
ومن الصعب التحقق مما إذا كان أبو أحمد نزيهًا كما يدعي، غير أن وضعه الحالي مغاير لوضع الكثير من قادة الثوار الذين يملكون شققًا كبيرة في تركيا ويركبون أحدث السيارات ويقتنون أحدث أجهزة آيفون.
يتقاسم أبو أحمد وزوجته وطفلاهما شقة صغيرة مع والديه وأسرة شقيقه. وأحيانًا كان يذهب بعيدًا في الخيال المرير عن كيف ستكون حياته لو أنه كان قد تآمر مع قادة آخرين بغية الحصول على حصة له. يقول «حينها لن أكون خائنًا، وقد يرفع الناس صورتي، وكنت سأقتني أفضل السيارات، كان بوسعي تحقيق كل ذلك بهذه الطريقة، لكني لم أفعل، وبدلًا من ذلك تعرضت للإذلال».
ولكن ربما كان التنافس المتنامي بين الداعمين الخارجيين لمركز العمليات المشتركة أكثر ضررًا من الفساد. وفور حدوث الانقسامات، تحركت كل قوة في سبيل دعم القادة المفضلين لديها.
يقول أبو عمر (ليس اسمه الحقيقي)، وهو صديق لأبي أحمد وزميل له «يمكن للطفل الصغير الدخول إلى غرفة العمليات المشتركة وأن يكون قادرًا على تحديد الرجل الذي كان الأمريكيون أو السعوديون يضغطون لصالحه، ومن هي الشخصية التي أرادها الأتراك. لقد أصبح مركز العمليات المشتركة الوجه القانوني لتغطية كل الدعم الإضافي الذي كان يقدمه لهذه المجموعات من وراء ظهر كل واحدة منها».
كان الانقسام الأسوأ هو بين الولايات المتحدة وتركيا، حيث برزت التوترات بين الجانبين عقب سيطرة تنظيم الدولة على مدينة الموصل ثاني أكبر المدن العراقية في حزيران من العام 2014 وشنّه عمليات خاطفة في العراق وسوريا. بدأت الولايات المتحدة بتنفيذ ضربات جوية أقرها البنتاغون ضد التنظيم، ولكن الدعم بالقوات البرية أصبح من نصيب المليشيات الكردية السورية المعروفة بـ وحدات حماية الشعب أو يي بي جي، وليس فصائل الثوار.
لقد وجد البنتاجون بهذه المليشيات الكردية شريكًا جذابًا، لأنه لم يكن هناك ما يدعوه أي البنتاغون للقلق حيال تسلل الإسلاميين. وعلى عكس الثوار، لم تكن هذه المليشيات تقاتل ضد نظام الأسد. أثار هذا غضب أنقرة التي كانت قد خاضت 4 عقود من الحرب مع حزب العمال الكردستاني الذي تتفرع عنه مليشيا الوحدات الكردية، نظرًا لطموحاته الرامية إلى إقامة منطقة حكم ذاتي في جنوب شرق البلاد، وترى أنقرة في المناطق الكردية المتنامية عبر الحدود تهديدًا يمسها.
ويقول السيد بونسي من مجموعة الأزمات الدولية «لقد صدمني مدى صدق المسؤولين الأمريكيين والأتراك في سوء فهم كل طرف منهما للآخر. يبدو المسؤولون الأمريكيون أحيانًا أنهم لا يفهمون بالفعل لماذا يشكل دعم المليشيات الكردية معضلة كبيرة لأنقرة».
ويضيف بونسي «وعلى نفس المنوال، لم يفهم المسؤولون الأتراك مدى انزعاج نظرائهم الأمريكيين من افتقارهم للجهود التي من شأنها إضعاف التسهيلات التي تحظى بها الجماعات الجهادية على الحدود التركية».
شعرت فصائل الثوار المدعومة أمريكيًا أنها علقت في منتصف الطريق، إذ تحولوا فجأة إلى خونة بنظر مستضيفيهم الأتراك والجماعات الإسلامية التي دعمتها أنقرة. بدأ أبو أحمد يشعر بكره زيارة مركز العمليات المشتركة ويقول مازحًا «لقد علقتُ بين أبوين يتشاجران».
يسترجع أبو أحمد ذكرى أحد الاجتماعات حيث وجه أحد المسؤولين الأتراك له بالتحديد وأمام رفاقه الأمريكيين سؤالًا مفاده لماذا تساعد الضربات الجوية الأمريكية الأكراد، وليس الثوار من أمثاله. جلس مسؤولو الاستخبارات الأمريكية بهدوء قبل أن يثبوا بالقول «إن البنتاغون هو من ينفذ هذه الضربات وهو كيان منفصل عن وكالة الاستخبارات».
يقول أبو عمر، أصبح من الصعب شرح وتفسير تقلبات السياسة الأمريكية، للمقاتلين الغاضبين الذين تنامى تعاطفهم مسبقًا مع الجماعات الإسلامية لا سيما بعد أن انتزعت ميليشيا الوحدات الكردية المدعومة أمريكيًا السيطرة على عدة بلدات من أيدي الثوار، قرب مكان تمركزه شمال غربي سوريا شتاء العام الماضي.
ويتابع أبو عمر «قُتلَ 57 مقاتلًا من عناصري على الحدود، وضعفاهم فقدوا أطرافهم. كيف يمكنني أن أشرح لهم أن وحدات الحماية الكردية تعني الدعم المقدم من البنتاغون؟ وأن مركز العمليات المشتركة يعني الدعم المقدم من وكالة الاستخبارات المركزية! إنهم شباب سوريون ولا يفهمون هذا الأمر».
كما ويجد الضباط المرتبطون بوكالة الاستخبارات الأمريكية من أمثال أبي أحمد وأبي عمر، أنه من الصعب عليهم العمل في تركيا، إذ إن أبا عمر صارع من أجل تجديد إقامته في البلاد ناهيك عن أن السلطات التركية أعلمته أنه قد تم إدراج اسمه في قائمة المراقبين أمنيًا، وعندما طلب من الأمريكيين إثارة هذه القضية مع المسؤولين الأتراك، أخبروه أن الأمر كان خارج نطاق سيطرتهم.
وقاربت المعضلات التي واجهها أبو أحمد أن تكون هزلية ومضحكة. يقول الرجل إنه في الأيام الأولى لإنشاء مركز العمليات المشتركة، رافقه المسؤولون الأتراك عبر الحدود ووفروا له الحماية أثناء عبورها لعقد الاجتماعات، وبعد المشاجرة مع الأمريكيين، قالوا بأنه لم يعد بإمكانهم تقديم المساعدة له. بعدها، بدأ أبو أحمد بدفع المال للمهربين من أجل الدخول إلى تركيا وحضور الاجتماعات الدولية.
يستذكر أبو أحمد كيف أنه وصل في أحد الأيام إلى الحدود في الوقت المحدد لمقابلة أحد القادة المفضلين لدى تركيا، كان يركب سيارة مُعَدة للقاء. يقول أبو أحمد «لوحَ القائد لي قائلًا: مع السلامة، أما أنا فتسمرت في مكاني مُحدقًا». وعندما اشتكى للأمريكيين ضحكوا وكرّروا مجددًا أنه ليس بوسعهم فعل أي شيء.
في ذاك الوقت تحديدًا شكل الثوار الساعون لتنظيم قواتهم المبعثرة في فصائل، تحالفًا جديدًا حمل اسم الجبهة الشامية. وكانوا يأملون في أن يخفف هذا التحالف من وطأة الحرب بين واشنطن وأنقرة. لكن ما جرى كان العكس تمامًا، واُجبِرَ التحالف على الخروج من البرنامج السري لتدريب وتسليح المعارضة السورية.
ويقول قائد آخر للثوار من حلب فضل عدم الكشف عن اسمه «كانت الولايات المتحدة تضغط علينا نظرًا لتحكمها بالدعم الذي يقدمه مركز العمليات المشتركة، أما تركيا فكانت تحاول الضغط علينا أيضًا نظرًا لتَحَكُمِها بمسألة عبور الحدود. إنهم ليسوا حلفاء، بل كاذبين. عندما يكون لديك حلفاء مثلما يملك السوريون، فحينها لن تكون بحاجة للأعداء».
وبدلًا من أن ينضم إلى الجبهة الشامية، قدم أبو أحمد استقالته، ولكن سرعان ما طلب منه الأمريكيون أن يعمل كمستشار لهم مقابل 100 دولار شهريًا. وأصبح معروفًا بين السوريين أنه شخص بمقدوره ترتيب الاجتماعات، بينما أصر منتقدوه على أنه كان يساعد المخابرات الأمريكية في تنفيذ مؤامرات فاشلة لاغتيال قادة في جبهة النصرة، وتشويه سمعة الفصائل الثورية المدعومة من تركيا. يرفض أبو أحمد ضلوعه في أيٍ من هذه المؤامرات، غير أنه يعترف أنه عمل على إغراء المجموعات من أجل أن تعود إلى مركز العمليات المشتركة.
صيف العام 2015، أطلقت الولايات المتحدة برنامج الكونغرس الخاص بتدريب وتسليح فصائل من المعارضة السورية بهدف انتقاء مقاتلين معتدلين. كانت كلفة هذا البرنامج 500 مليون دولار ناهيك عن تعثره بشكل فظيع. يقول أبو أحمد «لقد صُدمتُ، جاء ممثلون عن البنتاغون وشرعوا بلقاء الناس في مدينة غازي عنتاب وانتقوا أشخاصًا كانوا فاشلين بنظر وكالة المخابرات الأمريكية ومركز العمليات المشتركة على حدٍ سواء».
وبعد أن اختطفت جبهة النصرة أولى مجموعات المقاتلين التي تخرجت من هذا البرنامج، اشتبهَ أبو أحمد في أن الأمريكيين لم يكونوا يتبادلون المعلومات. بعد ذلك استسلمت للنصرة مجموعة ثانية بقيادة ضابطٍ مُرسلٍ حديثًا.
يقول أبو أحمد «هنا أدركت أن الأمريكيين كانوا يعملون باتجاهين مختلفين. بدأ يطلب من الدبلوماسيين الأجانب أن يشرحوا له النظام السياسي للولايات المتحدة، فحدثوه عن الكونغرس والبيت الأبيض ومختلف الفروع العسكرية والاستخباراتية». ويتساءل أبو أحمد ضاحكًا «إذا كان أوباما يسير في اتجاه وأعضاء الكونغرس في اتجاه آخر، والمعنيون على أرض الواقع يقولون: كلا، هذا جيد، وذاك لا، فهل يمكن اتخاذ قرار حقيقي حينها! ربما هذه هي نتيجة الديمقراطية الزائدة عن حدها».
في هذه الأثناء كان النزاع التركي – الأمريكي يتعمق مع مناقشة الجانبين إقامة منطقة حظر جوي فاعلة في شمال سوريا. وكانت إحدى الخطط الفاشلة التي ضمت نقاطًا عديدة من الاختلاف بين الجانبين هي حول من سيكون الشخص المعني على الأرض في سوريا، إذ أرادت المخابرات الأمريكية أبا أحمد بحسب عدد من الضباط، بينما فَضلَ الأتراك شخصًا مقربًا منهم.
ويقول أبو أحمد إنه وقبل يوم من اجتماع جدلي لمركز العمليات المشتركة لمناقشة المسألة، جاءت سيارة شرطة تركية إلى منزله فتملكه الرعب والحذر وخبأ كل ماله في جيوبه حين طرق ضباط الشرطة باب المنزل.
وبذلك اعتقلت تركيا الحليفة في الناتو أحد حلفاء واشنطن المحليين. تَنَقَلَ أبو أحمد لساعات بين مختلف الأفرع الأمنية التركية. يقول «طلبوا مني أن أخبرهم سبب اعتقالي، وهذا ما فعلته وأخبرتهم أني لا أعرف. أنتم من جلبني إلى هنا ومن المفترض أن تخبروني بتهمتي».
في نهاية المطاف، زج به في سجن مجاور، حيث انتظر لأيام، بينما أطلقت زوجته وأقرباؤه نداءات استغاثة للمسؤولين الأمريكيين. لم تتمكن المخابرات الأمريكية من تأمين الإفراج عنه. ويقول المصدر في المخابرات، ومقره واشنطن، «لقد حاولنا المساعدة بالإفراج عنه»، غير أنه من غير المرجح أن يكون هذا الأمر قد تم على مستوى عالٍ جدًا نظرًا لأن أبا أحمد كان يساعد في عملية للمخابرات الأمريكية يفترض أنها سرية.
وسرعان ما أدرك أبو أحمد أن السبيل الوحيد للخروج من السجن هو الموافقة على ترحيله إلى سوريا، وهو حكم بالإعدام أساسًا؛ نظرًا لمدى احتقار كثير من الإسلاميين له. وَقعَ على الأوراق وجرى إرساله إلى الحدود، يقول «استخدمت ما أملك من المال ودفعت لأحد المهربين للدخول إلى تركيا من جديد وبنفس اللحظة».
اختبأ أبو أحمد داخل أحد المنازل على الحدود لأكثر من شهر، وفي نهاية المطاف، وعده الأتراك بأن يَدَعوه وشأنه طالما أنه يتوقف عن العمل مع الأمريكيين والثوار. شَعَرَ بالحزن، لكنه قَبِلَ الشروط وعاش منذ ذلك الحين على هامش المجتمع السوري في تركيا معتمدًا على أصدقائه من أمثال أبي عمر لإقراضه المال.
في إحدى الليالي الصيفية، قاد أبو أحمد سيارته بنا إلى منزل أبي عمر على الساحل التركي؛ نظرًا لحنينه إلى ذكريات جميلة عن الثورة. بدا أبو عمر أنيقًا ذا شعرٍ قصير ويرتدي قميص بولو ويقتني جهاز ايفون حديث. دَعانا للخروج وتناول طبق من السمك، وسرعان ما بدأ بالرثاء والعويل.
يقول أبو عمر: إن جماعته خسرت الأرض والشعبية لصالح جبهة النصرة، ولم يعد أحد يهتم بالتعامل مع الأمريكيين، ويضيف: «يعاملني الأتراك كما لو أني أمريكي، وجبهة النصرة كما لو أني خائن، لا أحد يعاملني على أساس أني أجلس مع الأمريكيين لأني سوري يطمح لفعل ما بوسعه في سبيل خدمة قضيته. وأتساءل كيف ينظر الأمريكيون إليَ. هل يروني شخصًا وطنيًا، أم مرتزق يبحث عن المال».
ظلت العلاقات الأمريكية – التركية مشحونة بالرغم من مناقشة الرئيس الأمريكي ترامب مسألة إقامة منطقة حظر جوي في سوريا، بالإضافة إلى الموافقة الضمنية التي أبدتها واشنطن حيال تَدَخُل تركيا في شمال سوريا لإبعاد تنظيم الدولة الإسلامية ووحدات حماية الشعب الكردية عن حدودها. ويقول المحلل في المجلس الأطلنطي في واشنطن، أرون شتاين «كان هناك زيادة بنسبة 1000% في تحسن العلاقات بين الجانبين لكن الوضع لا يزال رهيبًا».
بالنسبة لأبي أحمد، أصبح التوتر النفسي توترًا جسديًا، تستذكر زوجته كيف أنه كان يقود سيارته عائدًا للمنزل في حالة من الضيق والقلق خلال الأشهر القليلة الماضية، تقول الزوجة إن أبا أحمد أوقف السيارة 3 مرات وكان قلقًا من احتمال تعرضه لأزمة قلبية، غير أن الأطباء أكدوا أنه ليس هناك ما يدعو للقلق وأن الأمر لم يكن سوى نوبة هلع لا أكثر.
في بعض الأيام، يفكر أبو أحمد في ترك المنطقة وراء ظهره تمامًا ومغادرتها، لكن الأمر ليس سهلًا، فقد رفضت ألمانيا استقباله؛ نظرًا لروابطه السابقة مع جماعة من الثوار لطالما كانت قد اتُهِمَـت بارتكاب جرائم حرب.
يقول أبو أحمد إنه طلب العام الماضي من بعض المسؤولين الأمريكيين مساعدته بالسفر إلى الولايات المتحدة. وأخبره المسؤولون أن عليه تسجيل اسمه لدى الأمم المتحدة كلاجئ، ولم يسمع منهم أي رد، ناهيك عن أن الأمر التنفيذي الأخير، والذي أصدره الرئيس ترامب يجعل من الموافقة على استقبال أبي أحمد في الولايات المتحدة أمرًا مستبعدًا.
اتصل أبو أحمد بأصدقائه القدامى في المخابرات الأمريكية ليرى من يستطيع مساعدته، لكنهم خذلوه، وكما يقول «أخبروني، نحن آسفون، فهذه مسألة تخص وزارة الخارجية فقط، وإداراتنا منفصلة».
المصدر: «السوري الجديد+ ساسة بوست” نقلاً عن الفايننشال تايمز