قالت دراسة إسرائيلية إن رئاسة دونالد ترامب بالنسبة لكثير من الأنظمة السُنية في منطقة الشرق الأوسط، تعتبر تطور إيجابي كبير ويكفي أنها وضعت نهاية لرئاسة باراك أوباما، فضلا عن أن الكثير من الحلفاء السُنة خاصة المملكة العربية السعودية وباقي دول الخليج يرون في ترامب فرصة قوية لمواجهة إيران وتوسيع نطاق سياسة الولايات المتحدة المعادية للجمهورية الإيرانية تحت قيادة ترامب بخلاف النهج التفاوضي الذي اتبعه أوباما.
وأضافت الدراسة التي نشرها معهد الأمن القومي الإسرائيلي وترجمتها وطن أن الأنظمة السُنية تلوم أوباما ليس فقط لسوء تعامله مع القضية الإيرانية، ولكن أيضا لتصاعد الإسلام السياسي، فضلا عن ظهور داعش في العراق نتيجة التسرع في سحب القوات الأمريكية من هناك، خاصة وأن العديد من الأنظمة العربية كانت ترى أن إدارة أوباما فضلت إقامة علاقات أوثق مع إيران عن محاربتها، فضلا عن فشل الولايات المتحدة في الوفاء بالتزاماتها، وردودها اللينة أو افتقار الاستجابة لبعض الاستفزازات ومحاولات الإضرار بالقوات الأمريكية في الشرق الأوسط.
ولفتت الدراسة إلى أنه نتيجة لهذه السياسة الأمريكية، ازداد نفوذ اللاعبين الخارجيين في المنطقة، خاصة روسيا، مما اضطر مصر والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة في كثير من الحالات إلى تبني سياسة أكثر استقلالية لحماية مصالحهم الحيوية، والبحث عن الدعم الدبلوماسي والعسكري الخارجي الذي لا يتطابق دائما مع أهداف السياسة الأمريكية.
وذكرت الدراسة الإسرائيلية أن الخطوات الأولى التي اتخذتها إدارة ترامب، دفعت القيادات العربية التي انتقدته ف البداية تتعاون معه الآن، لا سيما في ظل تبني الأخير سياسة أكثر تشددا تجاه إيران، وتعيين بعض الشخصيات مثل وزير الدفاع جيمس ماتيوس الذي يرى في طهران مصدرا لزعزعة استقرار الشرق الأوسط.
وأشارت الدراسة إلى أنه خلافا لتصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وقادة المعسكر السُني وعلى رأسه المملكة العربية السعودية، لا تريد واشنطن إلغاء الاتفاق النووي في هذه المرحلة، حيث من وجهة نظرها هذا الأمر من شأنه أن يسبب ضررا كبيرا، لأنه سيعزز معسكر التطرف في إيران، ويحُي البرنامج النووي الإيراني، وهو أمر بالغ الخطورة بالنسبة لحكام دول الخليج الأكثر قلقا من السلوك الإقليمي الإيراني، حيث أصبحت أكثر عدوانية منذ التوقيع على الاتفاق، ونفوذ طهران يتزايد في العراق واليمن وسوريا ولبنان.
واعتبرت الدراسة أنه بخلاف المكاسب السابق، فإن رئاسة ترامب تحمل أيضا الكثير من المخاوف، حيث أن الأنظمة العربية ستضر لشراء المزيد من الأسلحة واستضافة الكثير من القواعد الأمريكية، وبالإضافة إلى ذلك فإن هناك مخاوف بشأن الرياح الجديدة التي تهب في واشنطن تجاه روسيا وآثارها على مستقبل سوريا، حيث سوف يجد ترامب صعوبة في إعادة تأهيل العلاقات خاصة مع دول الخليج، بينما في الوقت ذاته يسعى لتحسين العلاقات مع روسيا وأخذ مصالحها في الاعتبار عند صياغة الاتفاقات المتعلقة بالنظام الإقليمي الجديد.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن ترامب الذي أكد أن الأولوية الأولى بالنسبة له جعل أمريكا بلدا عظيما مرة أخرى، فإن هذا الأمر سيدفعه للامتناع عن التورط الشخصي في قضايا الشرق الأوسط والحد من المشاركة العامة في المنطقة، كما أن بعض القادة العرب غير راضين عن بعض تصريحات الرئيس ترامب بشأن إسرائيل خاصة إعلانه عن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، فعلى الرغم من أن القضية الفلسطينية ليست على رأس أولوياتهم، إلا أنه من وجهة نظرهم هذا الأمر سيؤدي إلى احتجاجات شعبية واسعة النطاق مما يهدد استقرار أنظمتهم.
كما أن ترامب سيتجه للضغط على قادة المعسكر العربي البراغماتي من أجل التنسيق والتعاون بشكل وثيق مع إسرائيل ضد إيران، والضغط على القيادة الفلسطينية لاستئناف المفاوضات المباشرة مع إسرائيل للتوصل إلى اتفاق نهائي، وبكل تأكيد فإن القيادة الأمريكية ستدعم إسرائيل وتقوم بالتنسيق مع روسيا، لذا فإن خيارات قادة المعسكر العربي البراغماتي محدودة.
واختتمت الدراسة الإسرائيلية بأنه في ظل هذه الظروف، فمن المرجح أن الانقسام في العالم العربي، جنبا إلى جنب مع المخاوف العميقة من إيران، وتصاعد تيار الإسلام السياسي، وانتشار السلفية الجهادية، سوف يخلق أساسا متينا للتعاون مع إسرائيل التي لا تزال أقوى حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.