أثارت صحيفة “الشارع المغربي” التونسية حالة من الجدل بعدما نشرت الاثنين الماضي في عددها الورقي وثائقَ وصوراً حصرية تؤكد أن تونسياً مقيماً بالخارج أسَّس في عام 2012 جمعية رياضية تدعى كراف ماغا (krav maga academie) بعد توجيهات من المنظمة الأم kravmaga global ومقرها المجر.
وتختص هذه الجمعية بالتدريب على رياضة kravmaga، وهي فن قتالي إسرائيلي الأصل يتدرب عليه جميع أفراد الجيش الإسرائيلي.
وفي مداخلة هاتفية لإذاعة موزاييك، نفى قيس مالك، مؤسس الجمعية في تونس ومدرب الأمنيين التونسيين، علاقته بالشركة الإسرائيلية.
وأقر بأنه تدرب على رياضة الكراف ماغا على يد مدربين إسرائيليين، معللاً بذلك بأنهم الأكفأ ومشهود لهم عالمياً.
وبخصوص تدريبه أمنيين، لم ينفِ قيس مالك ذلك، مؤكداً أن قبوله عقد وزارة الداخلية كان بدافع وطني.
وفي رده على المكالمة الهاتفية المسربة بين مدير الأمن الوطني والنقابي الأمني، نفى دفعه 50% من المبالغ المتحصل عليها لفائدة الجمعية الإسرائيلية.
رئيس الجمعية ينفي..
ونفى مدير جمعية “كراف ماغا تونس” الجمعة أن يكون لها أي علاقة بإسرائيل، مثلما ذكرت إحدى الصحف التونسية، منذ أيام.
وقال أمين بن عياد لـ”هافينغتون بوست عربي”، إن الصحيفة قدمت مغالطات عدة؛ من بينها أن رياضة كراف ماغا نشأت في المجر وتبنّتها إسرائيل، نافياً وجود أي علاقة بينهم وبين الجمعية الإسرائيلية.
وبخصوص العقد الذي وقَّعته وزارة الداخلية مع الشركة، قال عياد إن الداخلية هي التي طلبت ذلك، لكن العقد انتهى بين الطرفين الآن.
مكالمة مسربة تؤكد المعطيات
وكان من بين ما حصلت عليه الصحيفة، مكالمة مسربة نُشرت سابقاً على يوتيوب، جمعت المدير العام للأمن الوطني بالنقابي الأمني عصام الدردوري، التي قال فيها مدير الأمن الوطني حرفياً: “هذه الجمعية إسرائيلية، هدفها احتلال الأراضي العربية، صحيح أنها موجودة بتونس وفي عدد من الدول العربية، وتطلب هذه المؤسسة تحويل 50% من الأرباح إلى إسرائيل، اختراق كبير.. اختراق كبير”.
وفي حوار سابق مع إذاعة خاصة، أكد النقابي الأمني عصام الدردوري، أن مدير الأمن العمومي عبد الرحمن بلحاج، أكد له اختراق الجهاز الأمني من قِبل جهات إسرائيلية.
الصحيفة توضح
وسام حمدي، صحفي في جريدة “الشارع المغاربي”، وصاحب المقال، وصف أقوال قيس مالك بالمتضاربة والمتناقضة، قائلاً: “أولاً: قيس مالك لم ينفٍ أن مدرّبه يانيلوف إسرائيلي. ثانياً: لم ينفِ توقيعه عقداً مع وزارة الداخلية، وكذلك لم ينفِ أن شهادة الخبير التي تحصّل عليها هي من الشركة الأم الإسرائيلية”.
وأضاف وسام أن صاحب هذه الجمعية “قال إنه يمنع عليه التدريب في أي دولة، ثم يستدرك ويقول: درّبت في تونس”.
وكشفت الوثائق، أن هذه الجمعية وقَّعت عقداً مع وزارة الداخلية التونسية، إضافة إلى أن مؤسسها الذي تربطه علاقة وطيدة بالإسرائيلي إيال يانيلوف (رئيس المؤسسة الأم) أشرف على تدريب عدد كبير من أعوان الشرطة.
وأكد وسام في حديثه لـ”هافينغتون بوست عربي”، أن الصحيفة حصلت على ملف ووثائق وصور وأسطوانة مضغوطة، توضح إشراف (ق.م)، صاحب هذه الجمعية، على تدريب أمنيين تونسيين، وفي مناطق أَمنية حساسة.
كما أكد أن الصحيفة حصلت على نسخة من شهادة خبير لصاحب هذه الجمعية موقَّعة باللغة العبرية.
“لا علم لنا”
لم يجد الخبرٌ المثير للجدل أيَّ ردٍّ رسمي من قِبل الجهات الحكومية، رغم أنه يخص رجال الأمن وتدريبهم على أيدي شركة إسرائيلية.
وحاولت “هافينغتون بوست عربي” كما قالت في تقريرها الاتصال بالجهات الرسمية للتوضيح بخصوص ما جاء في الصحيفة، إلا ” أننا تلقَّينا الرد نفسَه الذي قدم للصحيفة؛ إذ نفى المكلف الإعلام في وزارة الداخلية علمه بالموضوع، لكنه أكد أنه سيتثبت مع قاعدة العمليات “., حسب ما ذكرت.
وكان هذا الرد نفسه أيضاً الذي تلقته “هافينغتون بوست عربي” من المكلف الإعلام في رئاسة الحكومة.
وأوضح وسام حمدي، أنه رغم مرور أكثر من 48 ساعة على نشر المقال، لم تجد الصحيفة تفاعلاً من أي جهة، قائلاً: “نحن طرحنا الموضوع دون إصدار أي أحكام، ويبقى الملف من اختصاص الجهات الرسمية المطالَبة بتقديم توضيحات رسمية بخصوص هذا الملف”.
شاركت في الجمعية
وتحدثت وفاء -التي طلبت عدم الكشف عن اسمها العائلي- إلى “هافينغتون بوست عربي” قائلةً، إنه في عام 2013 التحق أخوها الذي يعمل موظفاً في شركة خاصة، بهذه الجمعية للتدريب على رياضة كراف ماغا، “لم نكن نعلم أن هذه الرياضة إسرائيلية، ولم نكن نعلم أن الجمعية لها علاقة بإسرائيل”.
وكان أخوها يتدرب على رياضة الكاراتيه، فوجد صدفةً قاعة لتدريب هذه الرياضة في مدينة المرسى، بضواحي تونس العاصمة.
وبسؤالها هل ما زال شقيقها يتدرب، قالت إنه انقطع بعد أشهر قليلة من التحاقه بسبب ارتباطاته المهنية.
الموساد يرتع في تونس!
ملف إشراف شركة إسرائيلية على تدريب أمنيين في مناطق أمنية حساسة ليس الأول، فضلوع الموساد في اغتيال المهندس محمد الزواري، أحد أعضاء كتائب عز الدين القسام أمام منزله، واستقالة عبد الرحمن بلحاج، مدير الأمن في اليوم نفسها، أثارا العديد من الشكوك، خاصة أنه تحدث عن اختراق جهات إسرائيلية الجهاز الأمني.
وفي علاقة بحادثة اغتيال محمد الزواري، صرَّح لزهر العكرمي، بأن في تونس مكاتب إسرائيلية، وأن الملف قدِّم للقضاء لكنه رفض.
وأشار إلى أن القاضي الذي نظر في هذا الملف حصل على عقد عمل مهم خارج تونس.
كما أكد عبد الرؤوف العيادي، رئيس الحركة، في العديد من المرات، أن الموساد والمخابرات يرتعان في تونس، خصوصاً بعد الثورة.
وتعرَّض عبد الرؤوف العيادي لحملة من السخرية والتهكم، وصلت إلى حد اتهامه بالجنون عندما أدلى بتصريح سنة 2012، قال فيه إن 300 إسرائيلي تم زرعهم بتونس في مواقع مختلفة، بهدف اختراق الدولة.
ردود فعل
وفي تصريح للإعلامي والمحامي فتحي المولدي لـ”هافينغتون بوست عربي”، قال إن هذا الملف على درجة كبيرة من الخطورة، فهو يمس الأمن القومي التونسي ولا مجال للمساس بالأمن.
واستغرب الصمت الحكومي إزاء هذا الملف، مؤكداً ضرورة التدخل بسرعة للتوضيح أو لفتح تحقيق جدي.
وهو الأمر نفسه الذي ذهب إليه النائب في البرلمان عن كتلة الحرة، والذي أكد علمه بهذا الملف، وأنه قام بإخبار الجهات المعنية في وقت سابق بالفعل.
واستغرب عدم تفاعل الدولة والجهات المعنية مع هذا الملف رغم خطورته.
وعلق رجل الأعمال التونسي اليهودي إيلي طرابلسي على فيسبوك، قائلاً إن هذه الرياضة هي للدفاع عن النفس، وتدرَّب عليها العديد من مكتب التحقيقات الفيدرالي (fbi) والقوات الفرنسية.