“أملي أن يرضى الله عني”.. الشهيد أحمد ياسين قصة “قعيد” شلّ الصهيونية وأربك حساباتهم
13 عامًا مرت على رحيل رمز المقاومة والنضال الفلسطيني الشيخ أحمد ياسين، تلك النهاية الفاصلة في مشوار دام 66 عامًا من العطاء المتواصل، والذي اغتاله الاحتلال في مثل هذا اليوم من عام 2004.
حفر الشيخ المجاهد مكانة عالية بين العظماء، عاش مقاومًا، وخرج من الدنيا كما عاش فيها مرفوع الرأس، حاملا لواء المقاومة ورافضًا الذل والاستسلام لكيان اغتصب العرض وسرق الأرض.
لم يكن الشيخ القعيد سوى أكثر من رمز حقيقي تجسيدًا لفكرة واحدة، كانت ولازالت تهدد كيان الاحتلال، هي فكرة الصمود والمقاومة والتي هزت أركان واحد من أكبر الجيوش في المنطقة ” جيش الاحتلال”.
مجلس حرب
ورغم شلله الرباعي كان الشيخ ياسين أول قعيد يواجه بـ “الكرسي المتحرك” رصاص ودبابات الاحتلال، ويكلف الصهاينة مجلس حرب وتحريك طائراته وفرض حالة من السرية حول العملية التي أشرف عليها رئيس وزراء الصهاينة بنفسه وأرسل المقاتلات الأكثر تجهيزًا وضراوة لحماية طائراته من أعلى، واغتالته في مثل هذا اليوم 22 مارس 2004. حسب تقرير نشره موقع “مصر العربية”.
عبر حياته الزاخرة، استطاع ياسين أن يتدرج بأطفال الحجارة الذين أشعلوا الانتفاضة في الثمانينيات ليكونوا جندًا وقادة ميدانيين وقوات خاصة أقلقت مضاجع الاحتلال لعقود من الزمان.
تعرض أحمد إسماعيل ياسين، الذي ولد في 28 يونيو 1936 قرية الجورة التابعة لقضاء المجدل جنوبي قطاع غزة، وهو في السادسة عشر من عمره لحادثة أثرت في حياته كلها، أصيب بكسر في فقرات العنق إثر مصارعة ودية بينه وبين أحد زملائه عام 1952 وبعد 45 يومًا من وضع رقبته داخل جبيرة من الجبس اتضح بعدها أنه مصاب بشلل رباعي، لا يقدر على تحريك الأشياء إلا بلسانه فقط..
العدوان الثلاثي
عدم الحركة لم تمنعه من المشاركة وهو في العشرين من عمره في المظاهرات التي اندلعت في غزة احتجاجًا على العدوان الثلاثي على مصر، وأظهر قدراتٍ خطابية وتنظيمية ملموسة في إلهاب مشاعر المصلين من فوق منبر مسجد العباس الذي كان يخطب فيه لمقاومة المحتل.
عمل رئيساً للمجمع الإسلامي بغزة إلى أن اعتقل في 1983 بتهمة حيازة أسلحة وتشكيل تنظيمٍ عسكري والتحريض على إزالة الدولة اليهودية من الوجود، وأصدرت عليه إحدى المحاكم الإسرائيلية حكماً بالسجن 13 عاماً إلا أنه تم الإفراج عنه عام 1985 في عملية تبادل للأسرى بين سلطات إسرائيل والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
انتفاضة فلسطين
فور خروجه من معتقلات الاحتلال أسس الشيخ الفلسطيني المجاهد مع مجموعةٍ من رفاقه حركة المقاومة الإسلامية حماس ومع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 ضد الاحتلال الإسرائيلي، تمكنت الحركة في خلال عامين من تنظيم صفوفها واعتمدت الحركة المقاومة المسلحة التي أخذت آنذاك طابع الهجمات بالسلاح الأبيض على الجنود والمستوطنين واغتيال العملاء..
الأمر الذي استشاطت منه قوات الاحتلال غضبًا فعمدت إلى مداهمة منزل الشيخ المجاهد وتهديده بالنفي للبنان ثم ألقت القبض عليه 1989 وأصدرت إحدى محاكم الاحتلال حكماً بسجنه مدى الحياة إضافة إلى 15 عاماً أخرى بتهمة التحريض على اختطاف وقتل جنودٍ إسرائيليين وتأسيس حركة حماس وجهازيها العسكري والأمني..
إلا أنه 1997 تم الإفراج عنه بموجب اتفاقٍ تم التوصل إليه بين الأردن وإسرائيل على إثر عملية إرهابية فاشلة قام بها الموساد في الأردن، استهدفت حياة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
انتمى إلى جماعة الإخوان عام 1955 وخول إليه قيادة الجماعة في فلسطين في عام 1968. وأسس الجامعة الإسلامية وجمعية المجمع الإسلامي وجمعية الرحمة الخيرية ومستشفى دار السلام بخان يونس إلا أن مواهب أحمد ياسين الخطابية بدأت تظهر بقوة، ومعها بدأ نجمه يلمع وسط دعاة غزة وبسبب اختلاف سياسة حماس عن السلطة كثيرًا ما كانت تلجأ السلطة للضغط على حماس، وفي هذا السياق فرضت الحكومة الفلسطينية أكثر من مرة على الشيخ أحمد ياسين الإقامة الجبرية.
“أملي أن يرضى الله عني”.. بتلك الكلمات البسيطة -التي كانت آخر ما تم تسجيله للشيخ المؤسس لحركة المقاومة الإسلامية حماس- ردًا على التهديدات الصهيونية باغتياله في أعقاب عملية عسكرية مثّلت تطورا غير مسبوق للحركة التي أسسها الشيخ، أوقعت 10 قتلى في ميناء أسدود، اعتبرها جيش الاحتلال حينها من أخطر العمليات التي نفذتها حركة حماس.
وذلك نظرًا لاعتبار الميناء “رمزًا من رموز الدولة”، و”منشأة ذات مكان استراتيجية هامة للغاية”، وهو الميناء الذي صار هدفا تقليديا بعد ذلك لهجمات حماس الصاروخية وإغلاقه يسير بأوامر الحركة وقادتها.
اغتيال الشيخ
عقب تهديدات الاحتلال للشيخ بأيام، نفذ الاحتلال مخططه واغتال الشيخ المجاهد في 22 من مارس أعقاب تأديته صلاة الفجر، في مسجد المجمع الإسلامي، القريب من منزله بغزة، حيث أطلقت طائرات مقاتلة، 3 صواريخ باتجاهه، ما أدى لمقتله برفقة 7 من المصلين الذين تواجدوا في المكان، وجرح العشرات، اثنين منهما من أبنائه.
وقد ذكرت الصحف الإسرائيلية وقتها أن رئيس هيئة الأركان العامة موشيه يعلون ووزير الجيش شاؤول موفاز قادًا العملية مباشرة، وأعلما رئيس الوزراء شارون المتواجد في بيته بنجاحها، وفي الساعة السابعة صباحًا، أصدر الجيش الإسرائيلي بيانًا رسميًا، أكد فيه مسؤوليته عن “تصفية ياسين الذي كان مسئولا مباشرة عن مئات القتلى والجرحى الإسرائيليين”، وأصدرت حركة حماس بيانًا نعت فيه الشيخ ياسين، متوعدة بالثأر لدمائه.