أصيب المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين «محمد مهدي عاكف»، بكسر في الفخذ، داخل محبسه، بعد أيام من مهاجمة السرطان لأجزاء من جسده.
وقالت «علياء»، نجلة «عاكف»، في تدوينة لها على «فيسبوك»، أمس: «بابا وقع بعد صلاة الفجر، وقع علشان محدش معاه يساعده، محدش يديله حتي بق مياه، وقع وحصله كسر في مفصل الفخذ».
واستنكر نجلة «عاكف»، ما يجري لوالدها بالقول: «مش راحمين سنه ولا مرضه.. بابا لازم يخرج.. لازم أهله يكونوا جنبه.. أنا عوزه أكون جنب أبويا مش قادرة استحمل أشوفه بيتألم وأنا مش جنبه».
وتابعت: «يارب هون عليه تعبه ومرضه واجعل كل الالم في ميزان حسناته».
وقبل أيام، قالت «علياء»: «أرجو تكثيف الدعاء لبابا لظهور الكنسر (السرطان) في أماكن أخرى في الجسم».
وأضافت مطالبة الدعاء لوالدها: «اللهم خفف عنه الألم واصرف عنه السوء واشفه وعافه واجعل صبره في ميزان حسناته».
وتابعت: «بابا قارب علي 90 سنة.. عنده أورام سرطانية، في أماكن مختلفة في الجسم، ليه يحرمونا من إننا نكون جنبه في مرضه».
وكتبت مستنكرة: «مش قادرة أتخيل إن راجل بسنه ومرضه ممكن يكون خطر على النظام علشان يفضل محبوس، ويعاني من مرضه لوحده، وإحنا بعيد عنه».
أفرجوا عنه
فيما دعا المكتب العام لإخوان مصر، الممثل للجبهة الشبابية، جميعَ الشخصيات العامة، والكيانات الحقوقية، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية، للتدخل لإنقاذ «عاكف»، مشيرة إلى أنه «يتعرَّضُ للقتل البَطِيء في سُجون الانقلاب العسكري المُجرم بمَنعِه من حُصُوله على العلاج المُناسب له».
وطالِب بيان للمكتب، بـ«التَّفاعُل الإنساني لإنقاذ كافة المعتقلين المرضى الذين يَقتُلهم السيسي وعصابته بدَمٍ بَاردٍ، بمنع أو تأخير العلاج، أو بالتَّقصِير في تقديم الرِّعاية الصِّحيّة كاملة، كحَقٍّ إنسانيّ في المَقام الأوّل».
وكانت أسرة «عاكف» ومصادر إخوانية متطابقة قد تحدث عن مرضه بالسرطان في شهر مايو/آذار الماضي، وسط مناشدات من وقتها بإطلاق سراحه، نظراً لكبر سنه (89 عاماً)، وتأخر حالته الصحية، وذلك بمحبسه بـ«ليمان طرة».
و«عاكف» رجل من عمر التنظيم (تأسست وولد هو في عام 1928)، يعد شاهداً على كل عصور الجماعة.
وفي منتصف صيف 2014، خرج «عاكف»، في إحدى جلسات محاكمته ملتحفاً عمامته في مشهد شبهه فيه محبوه بالزعيم الليبي الراحل «عمر المختار»، ما لبس أن مر ما يقرب من عامين، حتى ترجَّل «المختار عاكف» وتربص به داء «السرطان».
«عاكف» الذي يعد صاحب لقب «أول مرشد عام سابق للجماعة»، حيث إنه رفض الاستمرار في موقعه، بعد انتهاء ولايته ليتم انتخاب بديع بدلا منه، مسجلاً بذلك سابقة في تاريخ الجماعة، هو المرشد العام السابع لها، تولى منصبه بعد وفاة سلفه «مأمون الهضيبي» في يناير/كانون ثاني 2004، وخلفه في المنصب المرشد الحالي محمد بديع (المسجون على ذمة عدة قضايا).
معاناة مستمرة
و«عاكف»، محبوس على ذمة قضية واحدة وهي أحداث مكتب الإرشاد (المكتب الرئيسي لجماعة الإخوان) في منطقة المقطم وحصل على حكم بالمؤبد وألغته محكمة النقض في يناير الماضي، ويعاد محاكمته من جديد.
وتقدمت هيئة الدفاع عنه مؤخرا بطلب لإخلاء سبيله على ذمة قضيته في ظل تدهور صحته وتقدم عمره، وذلك في جلسات أخيرة أمام القاضي «محمد شيرين فهمي»، الذي ينظر قضيته، فيما رفض الطلب.
وكان «عاكف»، من أوائل من تم اعتقالهم، من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، إبان الانقلاب الذي قاده الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، الذي كان وزيرا للدفاع حينها، في 3 يوليو/ تموز 2013، على الرئيس الأسبق «محمد مرسي»، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في البلاد، بعد سنة من حكمه.
ويعد «عاكف» صاحب لقب أول مرشد عام سابق للجماعة؛ حيث تم انتخاب «محمد بديع» المرشد الحجالي للجماعة، بعد انتهاء فترة ولايته، وعدم رغبته في الاستمرار في موقع المرشد العام، ليسجل بذلك سابقة في تاريخ الجماعة.
وفي سبتمبر/آيلول 2013، ومع تدهور صحته، نقلت وزارة الداخلية «عاكف» إلى مستشفى المعادي العسكري (بالقاهرة) للخضوع لفحوصات طبية فقط، وقررت إعادته إلى السجن في 25 يونيو/ حزيران 2015 مرة أخرى، وفق رئيس هيئة الدفاع «عبد المنعم عبد المقصود»، وقتها.
وفي مايو/أيار 2015، برّأت محكمة مصرية «عاكف» من تهم وجهت إليه بـ«إهانة القضاء».
و«عاكف»، تعرض للسجن منذ العصر الملكي، ثم في عصور الجمهورية في عهد كل رؤساء مصر عدا «مرسي».
وقبض على «عاكف» في أول أغسطس/ آب 1954، وأُتهم بتهريب «عبد المنعم عبد الرؤوف» أحد قيادات حركة الضباط الأحرار بالجيش التي قامت بثورة يوليو 1952 وهو الضابط الذي حاصر قصر رأس التين المتحصن فيه الملك فاروق وأشرف على طرده.
وحُكم على «عاكف» حينها بالإعدام، ثم خفف الحكم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة فقضى 20 عاما كاملة بالسجن وأفرج عنه في عهد السادات عام 1974.
وفي شتاء 1995 بلغ التوتر في العلاقة بين الإخوان المسلمين والحكومة مداه فشنت الأخيرة حملة اعتقالات طالت الكثير من جيل الوسط بالجماعة وقدمتهم للمحاكمة العسكرية في مسلسل استمر أكثر من خمس سنوات.
ومثل «عاكف» أمام المحكمة العسكرية سنة 1996، وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، ليخرج عام 1999.
وخلال الأسابيع الماضية، تردد اسم «عاكف» كثيراً، في أحاديث قوائم العفو الرئاسي التي أعلن عنها الرئيس «عبدالفتاح السيسي»، مؤخرًا، غير أنه في أكثر من مرة أكد القائمون على تلك القوائم عدم وجود قيادات إخوانية من ضمن المرتقب الإفراج عنهم.
ويتخوف مراقبون وحقوقيون، من تداعيات مرض «عاكف» نظرًا لكبر سنة، مشيرين إلى عشرات الحالات المحبوسة لاقوا حتفهم متأثرين بمرضهم، وكان رأسهم قيادات إخوانية وإسلامية بارزة، من بينها «فريد إسماعيل» و«طارق الغندور»، القياديين الإخوانيين، و«عصام دربالة» القيادي بالجماعة الإسلامية.
وبينما يلاحق النظام، جماعة الإخوان المسلمين، تمر الجماعة بأزمة داخلية، ظهرت للعلن بوضوح في شهر مايو 2014، وذلك على خلفية تباين وجهات النظر بشأن مسار مواجهة السلطات، وشرعية القيادة في الظرف الجديد (الإطاحة بنظام حكمهم في 3 يوليو/تموز 2013 وتداعياتها).
وعاني الكثير من المعتقلين في السجون المصرية من الإصابة بالسرطان، فيما توفى البعض بسبب السرطان مثل مهند إيهاب الشهير بنحلة.