حاوره: عبدالحليم الجريري – تونس – الطاهر بن حسين هو المالك السابق لقناة الحوار التونسي وهو كاتب ومعارض يساري عرف بمعارضته لنظام ابن علي ومساندته للتحركات الشعبية ضدّه ومنها انتفاضة الحوض المنجمي وانتفاضة فريانة.
كانت قناته من المنابر الحرة التي ترصد انشطة المعارضة في الزّمن البائد وكانت تنظّم لقاءات للمعارضة التونسيّة المحجّر عليها الظهور.
بعد ثورة 14/1/2011 اتّسم بن حسين بمعارضته الشديدة لحركة النهضة الحاكمة في تونس ومطالبته المتواترة بإسقاطها وإسقاط حكومة الترويكا لفشلها الذريع في إدارة المرحلة حسب تقديره، وقد تمّ إيقافه في إحدى المناسبات سنة 2013، بتهمة التآمر على أمن الدولة الدّاخلي، ما أثار ردود أفعال غاضبة من قبل شريحة كبيرة من المجتمع التونسي دفعت بالسلطات إلى إطلاق سراحه في نفس اليوم بعد سويعات من إيقافه من قبل فرقة مكافحة الارهاب بالقرجاني.
شارك الطاهر بن حسين في تأسيس حزب “نداء تونس” ثمّ انشقّ عنه وأسّس حزبا جديدا أسماه “مستقبل تونس” وهو الطريق الذي اختاره غيره من السياسيين المؤسسين للنداء لاعتبارات كثيرة أهمّها ما وصفوه بمحاولة السيد حافظ قائد السبسي (ابن الرئيس الحالي لتونس) السيطرة على الحزب وترأسه دون رضاء هيئته السياسية ولا التنفيذية.
صحيفة وطن أجرت حوارا مع السيد بن حسين قال لها فيه إنّ السيّد محسن مرزوق استنسخ نفس التمشّي الذي توخّاه حزب النداء في حزبه الجديد، يعني أنّه شخصنه وبناه على شخص وعلى قياس شخص ولطموح شخص واحد، تماما كما فعل الأستاذ الباجي القائد السبسي عندما بنى حزبا كي يصل إلى رئاسة الجمهوريّة وبانتهاء المرحلة انتهى هذا الحزب وفق تعبيره.
كما أضاف في معرض حديثه أنّه استوفى كلّ وسائل الإصلاح في حزب نداء تونس، وأنّ هذا الحزب انتهى ولا أمل في إصلاحه، كما أنّه يختلف مع الأحزاب الموجودة إلى حدّ الآن سواء في التوجّهات أو في التمشّي، فهي مبنية حسب رأيه على استنساخ تجربة نداء تونس ولذلك فإنّ نفس الأسباب تؤدّي إلى نفس النتائج حسب رأيه، وفي ما يلي نصّ الحوار الذي شمل الحديث عن عدّة محاور أخرى:
-ما هي خلفية تأسيسك لحزب جديد أسميتَهُ “مستقبل تونس”؟
–لأسباب بسيطة جدّا، أوّلها أنّنا استوفينا كلّ وسائل الإصلاح في حزب نداء تونس، فبالنسبة لي ولأعضاء الهيئة السياسية لنداء تونس فإنّ الحزب انتهى ولا أمل في إصلاحه، كما أنّ الأحزاب الموجودة إلى حدّ الآن نختلف معها سواء في التوجّهات أو في التمشّي، فهي مبنية أيضا على استنساج تجربة نداء تونس ولذلك فإنّ نفس الأسباب تؤدّي إلى نفس النتائج، وعليه فإننا ارتأينا أن نبتعد عن “البلاوي” وننتج حزبا ينطلق بوجوه جديدة وخطاب جديد وممارسات ومضامين جديدة عسى أن نسترجع شيئا من ثقة المواطنين في العمل السياسي والسياسة ككلّ.
-من يموّلك، هل هنالك أسماء رجال أعمال معروفين يموّلونك مثلا؟
–إلى حدّ الآن مازلت أموّل نفسي ذاتيّا.
-معك حقّ، فأنت رجل أعمال ومعروف بثرائك.
–لست رجل أعمال ولكنني صاحب مؤسسة.
-هل تطمح للوصول إلى مناصب عليا في الدولة من خلال حزبك هذا؟؟
–أنا ليست لي مطامح سياسيّة، أنا مطمحي هو نفع البلاد بإيقاف نزيف العزوف عن العمل السياسي وإعادة الثقة في رجال السياسة والأحزاب، فنجاحي بالنسبة لي هو بلوغ هذه الأهداف.
-يعني تقصد أنّك قدمت بأدبيّات جديدة في حزبك هذا؟
–أجل.
-كيف ؟
-شخصيّتي تختلف عن الشخصيات السياسيّة الموجودة على السّاحة بعد، وأنا معروف بأنني ذو خصال ليست متوفّرة لدى الطبقة السياسية الأخرى.
-مثل ماذا؟
–الصّراحة والشجاعة وعدم الطّمع وهي خصال كافية لتميّزني عن غيري من السياسيين، بالإضافة إلى ذلك لدينا توجّه اجتماعي منعدم تقريبا.
-متمثّل في ماذا مثلا؟
–أعتبر اليوم أنّ الدّولة متملّصة من دورها الإجتماعي سوى إن كان في الصحّة أو التعليم أو غيرهما من القطاعات.
-ولكن هذا يدلّ على أنّ لك مطامح سياسيّة؟
–نعم أطمح لأن يكون للحزب سلطة ويصل للحكم ويمارس برنامجه على أرض الواقع.
-تقريبا هذا هو كلام السيّد محسن مرزوق أمين عام حزب “المشروع”، لماذا لم تنخرط في حزبه بدل تأسيس حزب؟
–لا ليس نفس كلامه، الأستاذ مرزوق استنسخ التمشّي الذي توخّاه النداء، يعني أنّ حزبه مبني على شخص وعلى قياس شخص ولطموح شخص واحد، تماما كما فعل الأستاذ الباجي عندما بنى حزبا كي يصل إلى رئاسة الجمهوريّة وبانتهاء تلك المرحلة انتهى هذا الحزب.
-علاقتك ما تزال طيّبة بالسيّد الباجي قائد السبسي؟
–نعم علاقتي به جيّدة جدّا، وأنا أحترمه.
-مثل أي مواطن يحترم رئيس الدّولة؟
–بإمكاني أن أقول إنّ احترامي له أعلى بقليل من أي علاقة احترام عاديّة بحكم معرفتنا الشّخصيّة “والماء والملح” الذي بيننا.
-هل ستشارك في الانتخابات البلدية المقبلة؟؟
–سنشارك فيها لكن ليس بمفردنا، بل بالتعاون مع كلّ الأحزاب المدنيّة، فالإنتخابات البلديّة كما تعلم تعتمد على شخصيّة محليّة لديها إشعاع والناس يمنحونها ثقتهم، فنحن سنحاول اكتشاف هذه الوجوه ونؤسس بها قائمة نساندها في ما بعد.
-حسن الزرقوني قال لك إنّك حسب الإحصائيات لا تملك مستقبلا في السياسة حتى وإن أسست حزبا، ما رأيك؟
–عمليّات سبر الآراء في كلّ العالم تقريبيّة، ولكنها في تونس أصبحت “تنجيما”، وانظر حتّى إلى الأمريكان الذين خلقت عندهم عمليات سبر الآراء كيف أخطؤوا في التكهّن بنتيجة الإنتخابات الرئاسيّة الأخيرة.
-هنالك أعضاء منسحبون من حزب النداء انضمّوا إلى حزبك؟
–نعم كثر.
-كم عددهم تقريبا؟
–30% منهم ربّما.
-ماذا ربحت من بيع قناتك قناة الحوار؟ هل مازلت تتلقى اموالا من هذه الصفقة؟
–هي لم تكن صفقة، كان لديّ شركة وبعت الأسهم، وأنا لم أربح من بيع القناة بل بالعكس خسرت ما يقارب نصف رأس المال.
-كنت تعاني من صعوبات ماديّة عندها على ما أعلم.
–بالطبع، وإن لم يكن الأمر كذلك فلماذا بعت قناتي؟ وعلى العموم هي كانت قد أدّت مهمّتها، فقبل الثورة ساهمت في الإطاحة بنظام الإستبداد، وبعدها ساهمت في الإطاحة بنظام السّطو على السلطة الذي كانت تقوم به حركة النهضة، فإذا كانت هنالك ضرورة لبقاء قناة الحوار التونسي لكنت بعت أيّ شيء آخر وأبقيتها، والحمد لله على أنّ النهضة سقطت قبل سقوط قناة الحوار التونسي.
-ما هو رأيك في عمر صحابو؟ هل ترى أنك يمكن ان تضع يدك في يده للعمل معا؟
–هذا وارد، فهو رجل طيّب وذكيّ وهو قبل كلّ شيء صديقي واتصالنا به لكي ينضمّ إلى حزبنا سوف يقع لا محالة، لكننا الآن مازلنا في طور الهيكلة في الحزب.
-باختصار وبكلّ وضوح، لماذا انسحبت من حزب نداء تونس؟
–لأنّه رفض التحوّل إلى حزب، وهو لم يكن حزبا بل كان هبّة مواطنيّة متخوّفة من سطو النهضة على السلطة، ثمّ أردنا تحويل هذه الهبّة إلى حزب سياسي عبر تأسيس مؤتمر يبرز قيادة شرعيّة وخطّ سياسي متّفق عليه وهذا ما تمّ رفضه، فتحوّل إلى صفقة تجاريّة بدل حزب سياسي.
-يقال إنّ حزب النداء جاء لإزاحة حركة النهضة من الحكم، ويقال كذلك إنّه بزوال السبب يتصدّع البنيان، وبنيان نداء تونس تصدّع بمجرّد زوال سبب تأسيسه، ما رأيك؟
–هو في الحقيقة لم يكن مبنيّا أصلا، ولم يكن فيه بنيان ولا أعمدة ولا سقف، هو بدأ منذ تأسيسه ناد خاصّ وظلّ هكذا ولذلك انسحبت منه.
-ما هي قصّة العشرين مليارا التي تملكها والتي أثارت الجدل في الآونة الأخيرة؟ من أين لك هذا كما يُقال؟ قلت إنه من العادي أن تكون لك كلّ هذه المليارات بعد رحلة عمل دامت 45 سنة مع أنّ والدي عمل أكثر منك ولا يملك عشرين ألف دينار.
–وما ذنبي أنا؟
-هنالك من يقول إنّك جمّعتها من خلال متاجرتك بالسلاح كما يقال إنّك كنت وسيطا لصفقة سلاح بين الرّاحل صدّام حسين وأطراف أخرى، ما رأيك؟
–الذي قال هذا كذب، أنا أملك شركة في باريس أسستها سنة 1981 مازالت قائمة إلى الآن، إختصاصها هو المساعدة الفنيّة وكذلك تحرير وترجمة الوثائق الفنيّة.
-وهل تجلب شركة كهذه كلّ هذه الأموال؟
–وهل تظنّ العشرين مليارا مبلغا كبيرا؟ هو يساوي ثمن 800 متر مربّع من العقارات في باريس، فقط.
وأضيف لك أنّ شريكي الذي أسس معي الشركة بـ10% من الأسهم يملك اليوم 23 شقّة في باريس.
-يعني تعتبر نفسك فقيرا؟
— لا ولكن هنالك في تونس اليوم من يجني 12 مليارا أسبوعيّا بالتحيّل، ولم يتساءل مواطن واحد من أين له هذا.
-ولكننا نتساءل عن مصدر أموالك أنت بالذات باعتبارك شخصيّة وطنية.
–وأنا أعلنت عنها تحدّيا للبعض من السياسيين، أردت أن أطلب منهم من خلال حركتي هذه أن يكشفوا لنا عن أموالهم هم أيضا.
-لماذا أوهمت الناس بأن قناتك كانت على حافّة الإفلاس وقمت ببيع “المعدنوس” في حركة رمزية، في حين أنّه تبيّن مؤخرا أنّك تملك ملايين الدينارات؟
–يبدو أنّك كنت عندها صغيرا ولا تعلم لماذا بعت المعدنوس، أنا بعت المعدنوس ترميزا وإشارة لابن القيادي في حركة النهضة “المنصف بن سالم” الراحل، لأنه كان يملك قناة مع أنّ أباه كان بائع معدنوس، وأنا فعلت ذلك تحدّيا لحركة النهضة ورفعت التحدّي بكلّ نجاح.
-ولكن الأهم من هذا أنّك جنيت من هذه الحركة قرابة الـ200 ألف دينار.
–وما المشكل في هذا؟ أنا كنت أنفق على القناة مثل هذا المبلغ كلّ شهرين، وأنفقت أيضا مليارين عليها عهد ابن علي، لماذا لا يرى المنتقدون هذه التضحية أيضا؟ النهضة تملك أضعاف ما أملك ومع هذا أسّست قناة ثمّ أغلقتها في ظرف ستة أشهر لأنها لا تملك حسّا وطنيّا، أنا الذي ضحّيت من أجل وطني.
-لست راضيا عن أداء رئيس الحكومة الحالي، لماذا؟
–لأنّه لا يوجد أداء أصلا.
-ولكننا نراه يتحرّك وينشط بين الجهات ويحاول العمل.
–يحاول ولكنّه لم ينجح، الرجل جاء وليس له نظرة ولا رؤية ولا برنامج ولا أفق، كيف تريد منه النجاح؟
-لماذا جاء إذن حسب رأيك؟
–أتى به الأستاذ الباجي حتّى يتهيّأ له سحب كلّ الخيوط في ما بعد.
-ولكنك ترى في السيد الباجي قائد السبسي الرجل الحكيم الذي يملك بصيرة ودراية.
–بالتأكيد، لكنّ هذه الحكمة استغلّت لمصالح عائلية أكثر منها وطنيّة، والشاهد وضعه السبسي لأنّه يتحكّم فيه، فقط.
-هنالك حقد بادٍ منك على حركة النهضة، هل توصيفنا صحيح؟؟ واذا كان صحيحا نريد أن نعرف مشكلتك معها بالضبط؟
–أنا لا أحقد على أحد، وأنا أنتقد كلّ من يجب انتقاده، ومشكلتي مع النهضة أنّها طائفة دينيّة، وخطورة الطّائفيّة في العالم بأسره، سوى إن كانت في العالم الإسلامي أو المسيحي أو اليهودي لا يمكن أن تؤدي إلا إلى الخراب، وانظر إلى السودان مثلا، كانت بلدا واحدا فأصبحت أربعة، سوريا كانت دولة متماسكة فصارت خرابا كاملا، مصر حكمها مرسي بضعة أشهر فأصبح يفتي للجهاد في سوريا ويقول إنّ الشيعة أنجاس والأقباط كانوا يقتلون في الشارع والرجل لا يرفّ له جفن، هؤلاء ما دخلوا أرضا إلا أفسدوها، وأنا أريد أن أنبّه المواطنين إلى خطورة هذا على البلاد، هذا كلّ ما في الأمر.
-قلت إنّ النهضة تنتمي إلى نفس عائلة تنظيم القاعدة والنصرة وداعش، هل هذا حكم على النوايا؟ أم أنّ لديك اثباتات على هذا الكلام؟
–أنا أعطيك إثباتات وأفعال، حمّادي الجبالي منذ انتخبت النهضة في 2011 قال “هذه بوادر الخلافة السادسة”، وهدف الخلافة مشترك بين كلّ الجماعات الإسلامية ولا فرق بين مجموعة وأخرى، وكلّ أدبيات تطبيق الشريعة موجودة في ذهن الشيخ راشد الغنوشي إلى اليوم، ولديه في كتابه “المرأة بين القرآن وواقع المسلمين” جملة يقول فيها إنّه ليس من حقّ المرأة أن تعمل وصفوف الرّجال عاطلة، وغير هذه الجملة حزمة من أفكار أخرى، يعني أنّه إذا أمسك بالحكم سوف يطرد جميع النساء من أعمالهنّ.
-ولكننا رأيناه بكى فرحا على إنهاء تأسيس الدّستور الذي ضمن الحقوق والحريات والمساواة، هل كان يكذب على الناس حسب رأيك؟
–هنالك من يصعد على المنابر أحيانا من أتباعه ويقول لك إنّ الفصل الأول من الدستور يدلّ على أنّ الدولة التونسيّة إسلاميّة.
-يعني أنت متشبّث بأنّ أي حركة إسلامية هي مخرّبة بالأساس، طيّب وما رأيك في إسلاميي تركيا، ألا يقدمون نموذجا مدنيّا بالنسبة لك ولهم نجاحات على الأرض؟
–ألم تستمع إلى رئيس البرلمان التركي وهو يقول إنّه يجب منع شرب المسكرات من هنا إلى نهاية سنة 2023؟ يعني قرنا كاملا بعد جمهوريّة أتاتورك، لقد بدؤوا بكشف الأوراق.
الدولة مدنية في اعتبار حركة النهضة وغيرها تظلّ قائمة طالما أنّ ميزان القوى لا يسمح بفرض دولة ثيوقراطيّة إسلاميّة، ولهذا فنحن نقول إنّ هؤلاء مرحّب بهم طالما يتعايشون معنا في دولة مدنيّة، أمّا غير هذا فمرفوض.
-تتّهم النهضة بالتورط في اغتيال بلعيد والبراهمي، ولكنّ السيد نور الدين البحيري يقول إنّ الذي يملك دليلا على هذا عليه أن يظهره، ما رأيك؟
–نعم قتلتهما، وإن لم يكن ماديّا فسياسيّا.
-ولكن السيد نور الدّين البحيري يؤكّد دائما أنهم مستعدون للمحاكمة وأنّ الذي لديه دليل عليه أن يقدّمه إلى المحكمة.
–يا رجل، علي العريّض يندّد بشكري بلعيد وينتقده قبل أسبوع من عمليّة الإغتيال، وكما يقول المثال “كاد المريب أن يقول خذوني”.
-الإعلامي فيصل القاسم قال كلمة في هذا الصّدد، قال إبحث عن المستفيد تعرف المنفّذ، ما رأيك؟ من الذي استفاد من اغتيال شكري بلعيد؟
–أنا قلت إنّ حركة النهضة إن لم تتورّط ماديا فهي مورّطة أخلاقيا، ودعنا من حسابات الرّبح والخسارة.
-ماهو دليلك على أنّ سيّد الفرجاني هو الذراع العسكري لراشد الغنوشي كما قلت في احدى الحلقات التلفزيونية؟
–لست أنا الذي قال هذا، السيد الفرجاني كان منضويا تحت لواء الجهاز الأمني لحركة النهضة، وأقصد الجهاز السرّي لها فترة بن علي.
-لديك إثبات على هذا أم أنّه مجرّد اتهام؟
–أنظر لبطاقته للحالة المدنية رقم 2 وستجد أنّه كان عضوا في الجهاز السرّي لحركة النهضة وعندما اكتشف أمره هرب، كما كان يملك خليّة في الجيش الوطني التونسي.
-لم تعتبر الشهيد محمّد الزواري شهيدا لأنّه مات من أجل فلسطين وليس تونس، ألا تعرف الحديث النبوي القائل “من مات دون ماله أو أهله أو عرضه فهو شهيد” ؟؟ أليست فلسطين عرضنا نحن العرب؟
–لو أراد المصريّون سابقا تحرير الجزائر من الإحتلال الفرنسي، لظلّت الجزائر محتلّة إلى الآن، القضيّة الفلسطينيّة قضيّة عادلة بالنسبة لي بصرف النظر عن الدّين، وأنا تونسي وأتعاطف مع القضيّة الفلسطينية بمبدأ العدالة، وأتعاطف مع الذي يموت من أجل فلسطين من الفلسطينيين، فالفلسطينون إذن أولى بتصنيفه شهيدا، وبالنسبة لي فإنّ الذي يموت لأجل بلدي فقط هو الشهيد، واذهب وابحث عمّا قدّمه المرحوم محمّد الزواري لتونس فلن تجد شيئا، ولهذا فهو بالنسبة لي ليس شهيد تونس، قد يكون شهيد حماس إذا أردت.
-على ذكر حركة حماس، ماذا تعتبرها وهي حركة إخوانية وأنت لا تخفي عداءك للإخوان؟
–بالنسبة لي هي حركة أصوليّة، ليست لها علاقة بحركات التحرّر الوطني، وكلّ ما تفعله هو ضرب إسرائيل بمفرقعة تردّ عليها إسرائيل بقتل الآلاف من الفلسطينييّن وهذا ما أعتبره قلّة إحساس بالمسؤوليّة.
-ماذا قلت في قرارة نفسك عندما رفض الأستاذ عبد الرؤوف العيادي مصافحتك في أحد البرامج التلفزيّة؟ ألم تر في الحركة إحطاطا من شأنك مثلا؟؟
–أنا ابسمت ابتسامة معناها أنني لا أتأثّر بهذا الموقف السّخيف، وأنت تعلم أنّ عبد الرؤوف العيّادي سوف يوجّه اتهامه إلى الموساد لمجرّد نزول أمطار في الصّيف، فلا حرج عليه إذن.
-هل تعتبر نفسك ناضلت في عهد ابن علي ؟؟
–كنت أفعل ما بإمكاني فعله، نعم أعتبر نفسي ناضلت ضدّ ظلم بن علي وكسرت حاجز السكوت الذي كان مفروضا على الجميع.
-ولكنك تعتبر نظامه وطنيّا، هل كنت تناضل ضدّ نظام وطنيّ أم ماذا؟؟
–أنا قلت إنّ ابن علي كشخص كان وطنيّا وليس نظامه، وبورقيبة أيضا كان وطنيّا ورغم ذلك حاربته، والوطنيّة بالنسبة لي هي الدفاع عن مصالح البلاد وكلا الإثنين دافعا عن مصالح البلاد ولم يرهنا سيادتها.
-وماذا تقول في قيام ابن علي بقمع مظاهرات سنة 2005 أرادت الخروج مندّدة بحضور أريال شارون إلى تونس لمواكبة فعاليات قمّة المعلومات التي تدار سنتها في تونس؟؟
–كنت موجودا عندها في تونس ولم تلتئم أي مظاهرات.
-قلت إنّه قمعها قبل أن تبدأ، هل هذه هي الوطنيّة التي تتحدّث عنها؟ ثمّ هل تنكر العلاقات السريّة المعلومة لنظام بن علي مع أطراف صهيونيّة؟
–أجيبك بسؤال، من هو الأكثر وطنيّة؟ أردوغان أم بن علي؟ ثمّ أنني اتهمت ابن علي بالإجرام منذ قتل أوّل مواطن في الرديّف بداية الثورة.
-يعني لم نفهم، هل تعتبر ابن علي مجرما أو وطنيّا؟
–وطنيّ لأنّه لم يترك أحلافا من نظامه ترهن البلاد وترتهن سيادتها لدى أطراف خارجيّة.
-قلت إن ابن علي افضل من المرزوقي وافضل من جميع الذين أتوا للسلطة بعد الثورة، بن علي له جرائم يعلمها الجميع ولكن المرزوقي كان مدافعا عن الحريات والحقوق، ما ردّك؟
–اللسان ليس فيه عظم لذلك يقول صاحبه ما يريد، وأنا كنت أملك قناة في الداخل التونسي أدافع بها عن الحرّيات ولم أناضل من خارج البلاد مثل المرزوقي، بالنسبة للأفضليات فبن علي كما قلت لك دافع عن مصالح البلاد لكنّ المرزوقي رهنها عند قطر وقال في المحافل الدولية إنّه سينصب المشانق لمن يعارض توجهاته.
-لماذا لم نرك تعارض رهن السيد الباجي قائد السبسي لمصالح البلاد لدى دولة الإمارات، رغم أنّ القاصي والدّاني يعلم علاقته بها؟
–الباجي قائد السبسي لم يتهجّم على المعارضة من أي مكان خارج تونس مثلما فعل المرزوقي، والإمارات هي التي ترفض ارتهان تونس إليها حتّى ولو حاول السبسي ذلك.
-أنت ونجيب الشابي كنتما على نفس الموقف من بن علي، يعني أنكما تعرفان بعضكما جيّدا، لماذا يا تُرى اتهمك علنا بأنّك لديك مشكل مع الإسلام، ما حقيقة اتهامه هذا؟
–السيّد نجيب الشابي قال هذا مباشرة بعد عودته من الحجّ، وكان عندها قريبا جدّا من “الإخوانجيّة”، والسيد نجيب يظنّ أن الحياة الدنيا هي تحضير للآخرة مع أنّ الله قال لنا “لا تنسوا نصيبكم من الدّنيا”، فكان يظنّ عندها أنّ المسلم هو من يكرّس الحياة الدنيا للآخرة، ومن هذا المنطلق قال إني لديّ مشكل مع الإسلام وأنا لم أرد عليه لأنني كنت أعلم خلفيته.
-هل أكلت “الكسكسي بالحوت” مثل صالح الزغيدي تشفّيا في الذين ماتوا على يد العسكر في مصر؟
–أنا لم أر صالح الزغيدي منذ ما يقارب العشر سنوات، ومن يقول هذا أعتبره تعيسا، لأنه من غير الممكن أن يفرح بشر لآلام الآخرين، والعقاب الوحيد الذي يستحقّه الإخوان المسلمون هو إعطاؤهم الحريّة لأنها كفيلة بفضحهم وتقليص نفوذهم.
-ما هو موقفك من بقاء بشار الأسد في السلطة؟؟
–وما هو الخيار الذي لدينا في صورة تنحّى؟ داعش مثلا؟
-بشّار قمع الثورة بالرّصاص.
–وهل تسمي ما حدث في سوريا ثورة؟ الثورة التي تموّلها السعودية وقطر هل هي ثورة؟
-هنالك شبهات تحوم حول علاقتك بالبعث العراقي ويقال إنّك كنت على علاقة بحافظ الأسد كما كنت وسيط صفقات سلاح بينه وبين أطراف أخرى، ماذا تردّ؟
–مضحك جدّا، أنا لم أكن بعثيا وكلّ كتاباتي كانت تهاجم البعث وتنتقده، ثمّ إنني لا أملك علاقات تجاريّة إلا مع الفرنسيين وشركتي في فرنسا يعرفها الجميع، ولو كانت لي مثل هذه العلاقات لكان الإخوان في تونس كشفوها أمام الجميع أيام حكمهم.