لم يكن قرار «دونالد ترامب» بالتخلّي عن راتبه كرئيس مستوحىً من تلميحاتٍ مشابهة قام بها زعماء أمريكيون سابقون مثل «هربرت هوفر» و«جون كينيدي». بدلًا من ذلك، سار السيد «ترامب» على خطى «عبد الفتاح السيسي»، رئيس مصر، أو على الأقل فإن هذا ما ادّعته صحيفتان مصريتان. وقال مقدّم أحد البرامج بالتلفزيون المصري أنّ «السيسي» هو نموذج الحكم الذي يتّبعه «دونالد ترامب». وكان على رأس قائمة ضيوف «ترامب» في حفل التنصيب، وفقًا لموقع أخبارٍ مصري.
لكنّ هذه الأخبار الوهمية تنفضح بسهولة. فقد تعهّد السيد «ترامب» بالتخلّي عن راتبه قبل أن يجتمع مع الرئيس المصري. ولم يحضر «السيسي»، الذي خفّض راتبه الخاص إلى النّصف، حفل التنصيب. إلّا أنّ العلاقة بين الزعيمين، اللذين سيلتقيان في البيت الأبيض في الثالث من أبريل/نيسان، قد سلبت لبّ الكتّاب ومقدّمي البرامج المصريين. ويرى كثيرون منهم أن إعجاب «ترامب» بـ«السيسي» هو موضوع فخرٍ وطنيٍ يستحقّ الاحتفال والمبالغة.
وبالنّظر إلى مكالمة «ترامب» الهاتفية للسيسي في يناير/كانون الثاني، والتي وصفها البيت الأبيض في عباراتٍ هادئة، فإنّ الصحفيين المصريين، على النقيض من ذلك، كانوا متحمّسين. ونقلت الصحف عن مسؤولين زعموا أنّ الدعوة تأتي بمثابة حقبة جديدة في العلاقات. ورأى مقدّم برامج التلفزيون، «عمرو أديب»، أنّ «ترامب» يكن العجب والاحترام لقيادة «السيسي». ووفقًا لأديب، سأل «ترامب» الرئيس المصري: «كيف نجوتم يا رفاق خلال الـ 40 شهرًا الماضية؟»، مشيرًا إلى مشاكل مصر العديدة.
ومن المؤكد أن هناك «كيمياء» حقيقية بين الزعيمين، كما قال «ترامب» بعد اجتماعه مع «السيسي» في سبتمبر/أيلول. وكان «السيسي»، بدوره، أول زعيمً أجنبي يهنئ «ترامب» على فوزه في الانتخابات. ويتّصف كلا الرجلين بالصعوبة والغطرسة والميل لنشر نظريات المؤامرة. وعلى عكس «باراك أوباما»، يبدو أنّ «ترامب» لا يهتمّ كثيرًا بسجل مصر المروّع في مجال حقوق الإنسان، ويدعم كذلك رؤية «السيسي» الحالكة تجاه جماعة الإخوان المسلمين، وهي الجماعة الإسلامية التي دُفِعت إلى الخروج من السّلطة.
ومن المحتمل أنّ دعم «السيسي» لم يساعد «ترامب» على الفوز في الواقع، كما ادعت صحيفة مصرية واحدة (مستشهدةً بمستشارٍ رئاسيٍ غامض)، أو أنّ «مصر كانت الدولة الوحيدة في العالم التي آمنت بانتصار دونالد ترامب»، كما زعمت صحيفة أخرى، وهي اليوم السابع. ومع ذلك،قد تجد ميزة لهذا الإطراء في مواضع ما. وقد حظر «ترامب» دخول المسافرين من ستة بلدان ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتّحدة. لكنّ مصر لم تكن من بينها.