“المونيتور”: لمواجهة محاولات تسييس الخبز.. مصر تستورد كميات ضخمة من القمح

قال موقعالمونيتور” إن الهيئة العامة للسلع التموينية التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية بمصر، اشترت نحو مليون طن من القمح في الأسبوعين الأولين من مارس، وأن تلك الكمية تعادل الـ20 في المئة من إجمالي القمح، الذي اشترته الهيئة على مدار العام الماضي، إذ أنها تستورد قمحا من الخارج سنويا بمقدار 5 أو 6 ملايين طن، وذلك مناصفة مع القطاع الخاص الذي يستورد الكمية نفسها تقريبا.

 

وأضاف الموقع الأمريكي في تقرير ترجمته وطن أن وزير التموين والتجارة الداخلية الدكتور علي المصيلحي أعلن خلال مؤتمر صحفي في مجلس الوزراء بتاريخ الـ8 من مارس الماضي، أن إنتاج الخبز المدعم يحتاج إلى 10 ملايين طن سنويا من القمح، وأن إجمالي استهلاك القمح يبلغ 16 مليون طن، لكون مصر تعتبر من أكثر دول العالم استهلاكا للقمح على مستوى العالم.

 

ولفت “المونيتور” إلى أن الشراء القياسي للقمح، يأتي متزامنا مع احتجاجات شهدتها محافظات مصرية في 6 و7 مارس، وذلك لرفض قرار وزارة التموين خفض كمية الخبز المدعم المسموح للمخابز ببيعها لغير حاملي البطاقات التموينية الذكية. ومن أجل عدم تفاقم تلك الاحتجاجات، قامت عربات تابعة للشرطة بتوزيع الخبز مجانا على المواطنين في محافظة الإسكندرية وإقناعهم بفض احتجاجاتهم، والعمل على إيصال مطالبهم للمسؤولين.

 

ولم يأت رد وزارة التموين متأخرا، إذ اعتذر علي المصيلحي خلال مؤتمر صحفي عقده في 7 مارس، متأسفا فيه لكل مواطن لم يحصل على الخبز بسبب قراره خفض كمية الخبز المدعم المسموح به للمخابز، موضحا أّنه سيتم ضبط المنظومة، وسيحصل الجميع على حقوقهم من الدعم، وذكر متحدث باسم وزارة التموين لوكالة رويترز في 16 مارس أن استهلاك القمح الحكومي قد ارتفع خلال الأشهر الثلاثة الماضية إلى نحو 800 ألف طن شهريا، بعدما كان يتراوح بين 700- 750 ألف طن شهريا في نوفمبر الماضي، وبالتالي فإن زيادة حركة الواردات هي جزء من استراتيجية لزيادة مستوى الاحتياطيات في البلاد، حيث قدرت الوزارة الاحتياطي الاستراتيجي من القمح بما يزيد عن 3 ملايين طن تكفي حاجات 4 أشهر مقبلة.

 

وأشار المصيلحي في حوار مع موقع “سي. إن. إن بالعربية” في 11 مارس عن احتجاجات الخبز إلى أن الأزمة مفتعلة ومدبرة ووراءها منتفعون من أصحاب المخابز، لافتا إلى أنه أصدر قرارا بخفض حصة أصحاب بعض المخابز بمقدار 500 رغيف يوميا، فأشاع بعضهم أن الدولة خفضت الدعم على الخبز، مما دفع بالناس إلى الخروج للشوارع والتظاهر.

 

من جهته، قال رئيس الشعبة العامة للمخابز في اتحاد الغرف التجارية المصرية عبدالله غراب إن الاحتجاجات الأخيرة كان سببها القرار المتسرع من الوزارة لأن المواطن يذهب إلى المخبز من أجل الحصول على الخبز المدعم، وعندما لا يجده هنا تكون الأزمة، ولذا لابد من الاعتراف بالخطأ، وأرى أن الوزير امتلك شجاعة الاعتذار في الوقت المناسب، وأضاف: لا يمكن اتهام أصحاب المخابز بأنهم وراء الأزمة، ولا يمكن القول إنها مفتعلة، ولولا التعامل السريع مع الموقف كان من الممكن أن يتطور لما هو أسوأ، ولذا فإن أي قرار متعلق بالخبز المدعم لابد أن يدرس جيدا، ويتم البحث في تداعياته المختلفة على المواطنين.

 

وفي السياق ذاته، قال وكيل اللجنة الاقتصادية في البرلمان النائب عمرو الجوهري إن شراء تلك الكميات الكبيرة من القمح يعود في الأساس لتوفير مخزون احتياطي كاف منه خلال الأشهر المقبلة، وهو ما يمنع تكرار أي احتجاجات أخرى متعلقة بالخبز المدعم، خصوصا مع اقتراب شهر رمضان والحاجة إلى توفير كل السلع التموينية للمواطنين، وعلى رأسها الخبز، ولذا، فإن الاستيراد في شكل استباقي لتلك الكميات هو أمر إيجابي للغاية، وأضاف: إن احتجاجات الخبز الأخيرة أمر خطير للغاية، وتم التعامل معه سريعا وخلال الفترة المقبلة سيقوم البرلمان باستدعاء وزير التموين من أجل مناقشة مسألة الاكتفاء الذاتي من القمح وكيفية تعامل الوزارة مع منظومة الدعم عموما.

 

بدوره، أكد المحلل والباحث الاقتصادي إبراهيم الغيطاني أن ارتفاع السعر العالمي لطن القمح خلال الأشهر القليلة المقبلة يعتبر أحد الأسباب الرئيسية في التوجه لاستيراد نحو مليون طن من القمح في أسبوعين فقط، لاسيما أن سعر طن القمح عالميا قد ارتفع من 160 دولارا في يناير الماضي إلى 166 دولارا في فبراير الماضي، ويتوقع أن يستمر ارتفاع السعر حتى منتصف العام الجاري، وذلك وفق تقرير لغرفة الصناعات الغذائية التابعة لاتحاد الصناعات المصرية صدر في مطلع مارس الحالي، وقال: إن تلك الأسباب الاقتصادية البحتة لا تنفي تخوف المسؤولين الحكوميين من إمكانية تكرار احتجاجات الخبز الأخيرة مرة أخرى في المستقبل، خصوصا أن الكثيرين قد ربطوها بانتفاضة الخبز التي حدثت في سبعينيات القرن الماضي، وكذلك فإن مسألة مخزون القمح قضية جوهرية في ظل محاولة إعادة تقييم منظومة الدعم بشكل كامل، بما فيها الخبز خصوصا مع تولي وزير جديد ضمن التعديل الوزاري الأخير الذي تم في 14 فبراير الماضي.

 

واختتم المونيتور بأنه في كل الأحوال تظل قضية الخبز المدعم من القضايا الحساسة التي تتطلب تعاملا حكوميا متزنا، يراعي جنبا إلى جنب مع الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية، ما يمكن أن يرتبط بهما من تداعيات سياسية خطيرة، ويبدو أن إدراك الحكومة لذلك يجعلها تسرع وتيرة استيرادها القمح بكميات كبيرة في مدة قليلة، وذلك من أجل تحقيق أفضل وضع اكتفائي ممكن.

 

قد يهمك أيضاً

تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا

الأحدث