قال الرئيس دونالد ترامب ردا على سؤال من صحيفة “فايننشال تايمز” في الثاني من أبريل الجاري حول العمل مع الصين للحد من التهديد النووي الذي تشكله كوريا الشمالية ” حسنا، إذا لم تحل الصين أزمة كوريا الشمالية سنفعل ذلك نحن”، لكنه رفض أن يكشف عن طريقة فعل ذلك.
وبحسب موقع “ذا أتلانتيك” الأمريكي في تقرير ترجمته وطن فإنه في الأسابيع التي أعقبت ذلك، تسارعت المواجهة العدائية في شمال شرق آسيا، وفى الوقت الذى كانت فيه حاملة طائرات تابعة للبحرية الأمريكية تتجه نحو شبه الجزيرة الكورية، احتفل الدكتاتور الكورى الشمالى كيم جونغ أون بيوم الشمس الذي يسبق عيد الفصح بالوقوف على منصة تستعرض موكب صواريخ بعيدة المدى، سكودس، وغيرها من الأجهزة، غير أن إطلاق صاروخ باليستي في ذلك الصباح نفسه انتهى بالفشل، حيث انفجرت الأسلحة بمجرد إقلاعها.
واستطرد الموقع الأمريكي أن العالم يتكيف ببطء مع تفجر ترامب، خاصة وأنه في كثير من الأحيان، يبدو أنه لا يعرف ما يتحدث عنه.. قد يكون من المفيد أن تكون كلمة في أذنه من الأميرال الأميركي، أو الرئيس الصيني شي جين بينغ، أو زوجة جاريد كوشنر، تخفف اللهجة العدوانية، ولكن الكلمات أو التغريدات، مهما كانت متسرعة أو سيئة التصور، فإنها تؤكد أن القادم من البيت الأبيض لا يهم.
أمريكا لا تعرف بالضبط ما هي القدرة النووية لكوريا الشمالية، ولكن من المحتمل أن تكون كافية لقتل الملايين من الكوريين الجنوبيين أو اليابانيين، كما أن كوريا الشمالية سوف تتحطم في الانتقام والحقيقة هي أنه لا يوجد شيء يمكن لأمريكا أن تفعله حيال محاولات كيم تطوير صواريخ ذات رؤوس نووية، ولا سيما من دون دعم الصين.
إن مجموعة من المبادرات الدبلوماسية غير المجدية لكبح طموحات كوريا الشمالية النووية انتهت جميعها بالفشل. وفي 1994، وعد الرئيس الأمريكي بيل كلينتون بتقديم مساعدات إلى كوريا الشمالية مقابل تجميد برنامجها النووي.
وفي عام 2002، أصبح من الواضح أن الكوريين الشماليين رفضوا الصفقة والشيء الثابت هو أن كيم لن يتخلَ عن ترسانته النووية، لأنها كل ما لديه وبدون القنبلة، لن تكون كوريا الشمالية أكثر من دكتاتورية صغيرة فقيرة لكن مع الصواريخ النووية، يمكن أن تتصرف كقوة رئيسية.
وبينما هدد كلينتون مرة واحدة بتفجير المنشآت النووية الكورية الشمالية، تراجع في النهاية إدراكا للخطر، فالتهديدات الفارغة من واشنطن ليست مجرد نتائج غير فعالة؛ لذا لا يمكنها المناورة مع الديكتاتور الكوري الشمالي، خاصة وأن القومية الكورية يمكن أن تتحرك بسهولة، لا سيما وأن الشيء الوحيد الذي يحمل الكوريين الشماليين معا هو الخوف، الذي يثيره النظام باستمرار من وقوع هجوم أجنبي شرير.
والصين تعتبر القوة الوحيدة التي لها نفوذ في كوريا الشمالية، ولكن آخر شيء تريده بكين هو أن تنهار جارتها الشيوعية، فقد يكون نظام كيم مزعجا، ولكن كوريا موحدة مليئة بالقواعد العسكرية الأمريكية ستكون أسوأ، ناهيك عن أزمة اللاجئين المحتملة على حدود الصين.
ولعل الهجوم السيبراني يمكن أن يعرقل البرنامج النووي لكوريا الشمالية، ولكنه لن يكون كافيا للتخلص من التهديد تماما، لذلك يبدو أن هناك خيار قليل للعيش مع كوريا الشمالية كقوة نووية، كما أن الضغط على الصينيين لإجبار حليفهم على التخلي عن أسلحته النووية لا طائل منه، وأفضل ما يمكن أن يؤمل هو أن تتأكد الصين من أن الكوريين الشماليين لا يستخدمونه فعلا.
والتعاون مع الصين في هذه المسألة لا ينبغي أن يكون من الصعب جدا، لكن سر قذر في شمال شرق آسيا يتمثل في أن الجميع يفضلون حقا الحفاظ على الوضع الراهن، ويقول الكوريون الجنوبيون إن توحيد الوطن الأم هو هدفهم الأعلى، ولكن ليس بأي ثمن وسيكون من الرائع، بطبيعة الحال، إذا كانت ثورة دموية يمكن أن توحد الكوريتين في ديمقراطية ليبرالية سلمية، كما حدث في ألمانيا.
ولكن من المستحيل أن نرى كيف يمكن أن يحدث هذا فكوريا الشمالية ليست ألمانيا الشرقية، كما أنه ليس هناك غورباتشوف للحفاظ على العنف في الاختيار، ومن الصعب على الألمان الغربيين استيعاب مواطنيهم الشيوعيين السابقين ومن المؤكد أن الكوريين الجنوبيين لا يستطيعون القيام بذلك وفي حالة عدم التوحيد السلمي من المرجح أن يكون الأمريكيون واليابانيون عالقين في جزء كبير من مشروع القانون.
والرئيس ترامب بمجرد أن يفسر الوضع له، ربما لا يكون مستعدا لخطر حرب مدمرة لإجبار الجميع على تغيير الوضع الراهن، خاصة وأن كوريا الشمالية المسلحة نوويا موجودة للبقاء، وهذا أمر خطير يؤكد أنه يجب القيام بكل شيء لوقف الكوريين الشماليين عن بيع أسلحتهم في الخارج ولهذا السبب وحده، فإن التعاون مع الصين ضروري.
الوضع قد يكون سيئا، ولكن العالم يتعين عليه أن يتعايش معه لسوء الحظ، وكذلك الناس محظوظين بما يكفي لأنهم قد ولدوا في كوريا الشمالية، فالعيش تحت ديكتاتورية وحشية هو مصير رهيب، ولكن حتى هذا أفضل من الموت في حرب نووية.