الدولارات السعودية فدية للمواطنين الأردنيين
تتزامن الزيارة الأولى الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز للأردن مع صعوبات اقتصادية تعاني منها المملكة الهاشمية، لجهة تراجع المنح المالية، وزيادة الضغط على مواردها مع تدفق اللاجئين إليها، و يبلغ عجز الموازنة الأردنية للعام الجاري، نحو مليار دولار أمريكي، من إجمالي قيمة النفقات التي بلغت 12 مليار دولار أمريكي.وكذلك تستضيف الأردن قرابة 2.5 مليون من غير الأردنيين، منهم قرابة 1.55 مليون سوري هربوا من الحرب الدائرة في بلادهم، إضافة إلى العراقيين، واليمنيين والليبيين، وعمالة مصرية وافدة. علاوة على ذلك تتسم هذه الزيارة بأهداف أخرى تضمن مصالح السعودية في المنطقة، نوجزها على النحو التالي:
كان لهزيمة داعش الوشيكة في العراق وسوريا وقع الصاعقة في الأوساط السعودية، حيث إن فشل هذا التنظيم المتشدد المنبثق من “القاعدة” يشكل خطراً حقيقياً على أمن السعودية، ومن شأنه أن يترك تداعياته على الحرب الأهلية، وأن يفتح الباب على مصراعيه أمام مرحلة جديدة في تاريخ الشرق الأوسط. فلذلك يعتزم الملك سلمان الحفاظ على أمن السعودية من خطر مواجهة تنظيم داعش بواسطة الحدود الأردنية فمن المرجح أن يتجه تنظيم داعش نحوها قريبا.
وبينما يجمع المحللون اليسياسيون على أن السعودية هي الزعيمة الأولى لتنظيم داعش الإرهابي وهي المساهم الأول في تعزيز قدراته بدعمها المالي المباشر وغير المباشر، ورغم ذلك ستكون في مواجهة مباشرة لسخط داعش إثر توقف دعمها المالي ، ولا يجد الملك سلمان أمامه طريقا سوى مواجهة المجموعات الإرهابية في الأردن وذلك لاستقرار الأمن في بلده.
ومما لا شك فيه أن هذه المبادرة ستجعل الأردن في أزمة تنجم عنها خسائر كبيرة في أرواح وممتلكات الشعب . وربما العاهل الأردني تلقى الدولارات السعودية كفدية لمواطنيه الذين لسيصبحون وقود حرب غير مرغوب فيها خاصة أن معظم ثمار هذه الحرب ستصب في صالح السعودية.
ومن جهة أخرى، ينوي الملك سلمان تحسين وتعزيز علاقات السعودية مع إسرائيل في المجالات الاقتصادية والأمنية والعسكرية عبر الوساطة الأردنية، وذلك لأن العلاقات الأردنية الإسرائيلية وطيدة جدا وتكون في ذروتها، حيث عقدت الأردن مع إسرائيل صفقات واتفاقيات مختلفة أهمها صفقة الغاز، واتفاقية مشروع قناة البحرين.
وفي السياق ذاته، يمكن القول بأن الملك سلمان يهدف إلى استمالة واسترضاء الأردن لإنشاء جسر الملك سلمان الذي اتفقت على إنشائه مصر والسعودية. هذا الجسر سيكون الأول الذي يربط بين طرفي العالم العربي في كل من آسيا وإفريقيا، ومن المتوقع أن يوفر أياما كانت تستغرقها البضائع الخليجية لتصل إلى مصر وأوروبا وبالعكس، وسينعش حركة السياحة، ويرفع التبادل التجاري بين البلدين، وكذا بين القارتين لمستويات غير مسبوقة تصل إلى 200 مليار دولار.
وكذلك جاءت هذه الزيارة في سياق قلق السعودية من التقارب الأردني المصري في حل الأزمة السورية، إذ يجهد الملك سلمان لأن تكون لبلاده فاعلية في الموازنة بين اللاعبين الأساسيين في الأزمة السورية، وحرصاً منه على هذا الأمر، قام بزيارة إلى كل من موسكو وواشنطن بعد اجتماع طرفي النزاع السوري في أستانا. وفي وقت سابق تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للملك عبدالله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية بدعمه في مختلف الأصعدة إذا شارك في حل الأزمة السورية.
وفي الختام يستخلص من هذا الموضوع، إن زيارة الملك سلمان للأردن تمثل شكلاً من أشكال الرشوة السعودية المستدامة للعالم العربي للمحافظة على ولائهم الدائم، حيث تبحث بالتأكيد عن مصالحها، لا مصالح الأردن أوأي دولة عربية أخرى.