إسرائيل في صدمة وحيرة وقلق: ثلاث صفعات وجهها ترامب إلينا.. فماذا يريد؟
رغم أن إسرائيل وضعت آمالا كبيرة على إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب, إلا أنه لم يكن بحسبانها أن يوجه إليها ثلاث صفعات متتالية في غضون أيام قليلة, ما جعلها في صدمة كبيرة.
وقال موقع “ان آر جي” العبري في 20 مايو, إن غضبا عارما يسود إسرائيل على خلفية نشر البيت الأبيض على مواقعه في فيسبوك وتويتر شريط فيديو يظهر أهم المناطق التي سيزورها ترامب في رحلته الأولى إلى الخارج، وظهرت فيه خريطة لإسرائيل لا تتضمن الضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان.
وأضاف الموقع الإسرائيلي أن البيت الأبيض نشر خرائط توضيحية كاملة للدول التي سيزورها ترامب عبر تقنية الجرافيك, باستثناء خريطة إسرائيل، التي جاءت خالية من الضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان.
وأشار الموقع إلى أن إسرائيل في حيرة كبيرة, ولا تعرف إن كان هذا الأمر مقصودا قبل وصول ترامب إلى المنطقة, وهل يعني سياسة أمريكية جديدة للشرق الأوسط أم لا , وهل يخطط ترامب لإبرام صفقات كبيرة مع السعودية والدول العربية الحليفة لواشنطن, على حساب تل أبيب.
واللافت أن نشر البيت الأبيض لهذه الخريطة جاء بعد أيام قليلة من إعلان دبلوماسي أمريكي أمام مسئولي مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن حائط البراق ليس تابعا لإسرائيل، وهو موجود في الأراضي التابعة للضفة الغربية، كما أعلن البيت الأبيض أنه لن يسمح لنتنياهو بمرافقة ترامب في زيارته إلى حائط البراق, وهو ما أثار أيضا موجة استياء واسعة بإسرائيل.
وحائط البراق يقع بالجانب الغربي من الحرم القدسي الشريف وتحتله إسرائيل منذ عام 1967 .
ورحبت وزارة الخارجية الفلسطينية على الفور في 17 مايو بالتصريحات الأمريكية حول أن حائط البراق في البلدة القديمة بمدينة القدس المحتلة جزء من أراضي الضفة الغربية.
ونقلت “الجزيرة” عن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي قوله إن “موقف الولايات المتحدة واضح حيال رفض أي مشاركة لإسرائيل في زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للحائط أو كنيسة القيامة، لكونهما جزءا من الضفة الغربية المحتلة”.
وأضاف “هذا موقف سياسي قوي نحن نرحب به، ونعتقد بأنه يعكس بداية جيدة للدور الذي يمكن أن تلعبه الإدارة الأمريكية والرئيس ترامب في هذا الموضوع”.
ويعرف حائط البراق بالحائط الغربي، ويطلق عليه اليهود حائط المبكى، وضمته إسرائيل ضمن الأراضي التي احتلتها عام 1967.
وكان دبلوماسي أمريكي يعدّ لزيارة ترامب للقدس المحتلة صرح في 17 مايو بأن حائط البراق جزء من الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، وطلبت تل أبيب توضيحا من البيت الأبيض حول هذا الموقف.
وتتواصل صفعات ترامب غير المتوقعة لإسرائيل, حيث كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أيضا, عن مفاجأة مفادها أن المعلومات, التي كشف عنها الرئيس دونالد ترامب لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف, كانت واشنطن حصلت عليها من إسرائيل.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 17 مايو , أن هذه المعلومات تعتبر بالغة السرية وحصلت عليها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية “سي اي ايه”, من إسرائيل, التي فوجئت بتبادلها مع روسيا, رغم أنها لم تأذن بذلك.
وتابعت ” المعلومات التي تبادلها ترامب مع لافروف تتعلق بتفاصيل تهديد إرهابي من تنظيم الدولة مرتبط باستخدام حواسيب محمولة داخل طائرات.
وأشارت “نيويورك تايمز” إلا أن تل أبيب تبدو في صدمة مما فعله ترامب, لأنه يهدد حياة أحد جواسيسها, الذين تم زرعهم داخل صفوف تنظيم الدولة.
وخلصت الصحيفة إلى القول :” إن أصدقاء الولايات المتحدة سيفكرون كثيرا منذ الآن, قبل تقديم معلومات سرية لها, خشية أن يتكرر معهم ما فعله ترامب مع إسرائيل, وهو ما يعرض الأمن القومي الأمريكي لخطر كبير”.
وتصاعد الاستياء في إسرائيل إزاء هذه التسريبات, وقال موقع “ان آر جي” العبري في تقرير له في 18 مايو, إن ترامب سبب ضررا حقيقيا لإسرائيل, وإنها في غضب عارم مما فعله, لأن ما قام به يخالف الأعراف المتبعة بين أجهزة الأمن الأمريكية والإسرائيلية.
ونقل الموقع عن رئيس شعبة الأبحاث السابق بجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجنرال يوسي كوبرفاسر, قوله :”إن الضرر الأمني لإسرائيل تحقق فعلا من التسريبات, التي قام بها ترامب ووصلت وسائل الإعلام الأمريكية”.
وكشف كوبرفاسر عن “صراع محتدم بالولايات المتحدة حاليا بين إدارة ترامب وأوساط في أجهزة الاستخبارات الأمريكية, وقال :” إن إسرائيل بدأت تدفع ثمن هذا الصراع, وقد تواجه مشاكل خطيرة”.
وأشار الجنرال الإسرائيلي إلى أن تسريب المعلومات لوسائل الإعلام تحديدا ينم عن انعدام مسئولية، وخلص إلى القول :” إنه بسبب النزاعات الداخلية بالولايات المتحدة يتم الإضرار بالمؤسسات الأمنية ومصادر معلوماتها، وهذا أمر خطير للغاية لواشنطن وحلفائها”.
ويبدو أن ما ضاعف من صدمة إسرائيل أنها كانت تعول عليه كثيرا لتنفيذ مخططاتها في الشرق الأوسط, بسبب الدعم العلني غير المسبوق, الذي أبداه تجاهها على عكس الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
وكانت فضيحة التسريبات تفجرت عندما التقى ترامب في البيت الأبيض في 10 مايو وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف والسفير الروسي في الولايات المتحدة سيرغي كيسلياك.
وكشفت صحيفة “واشنطن بوست” بعد ذلك أن ترامب زود لافروف بمعلومات فائقة السرية تتعلق بتنظيم الدولة، وأوضحت أن هذه المعلومات قدمها أحد شركاء الولايات المتحدة, لكنه لم يعط واشنطن الإذن بمشاركتها مع موسكو.
ونقلت الصحيفة عن مسئول أمريكي, طلب عدم كشف اسمه, قوله إن “ترامب كشف للروس معلومات أكثر من تلك التي نتقاسمها مع حلفائنا أنفسهم”، وأوضح أن الأمر يتعلق بمعلومات تُصنفها وكالات الاستخبارات الأمريكية على أنها من بين الأكثر سرّية.
وتناول تقرير “واشنطن بوست” إطلاع الروس على هذه المعلومات في سياق إقالة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي آي) جيمس كومي, وعلاقة ترامب بموسكو, والجدل الدائر في الولايات المتحدة من أن أمريكا ضلت طريقها، ولم تعد تميز بين العدو والصديق.
ونفى البيت الأبيض بقوة ما ذكرته “واشنطن بوست”, وندد به ووصفه بأنه رواية كاذبة, إلا أنه سرعان ما خرج ترامب بتغريدة أقر فيها بتبادل معلومات مع الروس تتعلق “بالإرهاب وسلامة الطيران”.
وفي 15 مايو, قال ترامب في تغريدات له على موقع تويتر :”إنه وبصفته رئيسا للجمهورية لديه الحق في إطلاع الروس على معلومات متعلقة بالإرهاب وسلامة الملاحة الجوية”، مشيرا إلى أن وراء ذلك أسباب إنسانية وكذلك رغبته في أن تكثف روسيا بشكل كبير جهودها لمكافحة تنظيم الدولة والإرهاب.
ووضعت تصريحات ترامب مستشار الأمن القومي الأمريكي هربرت ماكماستر، في حرج بالغ بعد أن نفى صحة الأمر, قائلا لشبكة “سي بي اس” الإخبارية الأميركية, إنه :”حضر الاجتماع بين ترامب ولافروف, ولا شيء مما يروج له في وسائل الإعلام قد حصل، الرئيس لم يكشف عن أي معلومات عسكرية لم تكن معروفة مسبقا”.
وحسب “الجزيرة”, اعتبر السيناتور الديمقراطي مارك وارنر ما فعله ترامب “صفعة في وجه مجتمع الاستخبارات الأمريكي”، فيما وصف السيناتور ديك روبن تصرف ترمب بـ”الخطير” و”الطائش”، بينما أكد السناتور الجمهوري جون ماكين أن المعلومات المنشورة “مقلقة”.
وتصاعدت أيضا الانتقادات في وسائل الإعلام الأمريكية لتصرفات ترامب لأنها تهدد الولايات المتحدة، وتضع أسرارها في أيدي خصومها، بل هناك من اعتبر أن هذا أحدث دليل على علاقة ترامب بموسكو, التي تبرر عزله من منصبه, خاصة أن لقائه لافروف , جاء بعد يوم واحد من إقالة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي آي) جيمس كومي، الذي كان يقود تحقيقا حول تدخل موسكو في الانتخابات الأمريكية لترجيح كفة ترامب.
لعل وعسى ان تقف امريكا عند حدها بالسماح لكلاب صهيون بعمل ما يشاؤن من غير حساب