“سنترك الأسد يعتقل ويعذِّب ويقتل ثم يحرق الناس، وسندع تنظيم داعش يتمدد، وبعدها قد نتدخل”.. لم يفصح الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عن هذه الاستراتيجية في سوريا، لكنَّ ربما تصريحه عام 2011 بأنَّهم غير مستعدين لإنهاء الأزمة السورية لخصت كلامًا كثيرًا عمَّا تفعله الولايات المتحدة في سوريا.
مدعى ذلك حديث الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب، عن كشفتها معلومات عن محرقة أقامها نظام بشار الأسد لحرق المعارضين المعتقلين في سجن صيدنايا، ولا يتوقف الأمر عند همجية القتل بل وحشية السكوت، فإدارة أوباما حصلت على هذه المعلومات منذ أربع سنوات، لكنَّها كتمتها في حافظة الأسرار.
معارضون في الأفران
المعلومات تقول إنَّ نظام الأسد أنشأ أفرانًا في سجن صيدنايا ليحرق فيها جثث المعتقلين هناك، فالقائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى قال إنَّ المحرقة يمكن أن تستخدم في التخلُّص من الجثث بالسجن، حيث أمر نظام الأسد بعمليات إعدام جماعية لآلاف السجناء خلال الحرب هناك. وفق تقرير نشره موقع “مصر العربية”.
من بين الأدلة على وجود محرقة الجثث، عرض المسؤول الأمريكي عرض صورًا التقطت من الجو، وهي تظهر مادة كثلوج تذوب على سطح المنشأة بفعل حرارة منبعثة من داخلها.
وفق الخارجية الأمريكية، فإنَّ المرفق الجديد في صيدنايا شمالي دمشق استحدثه نظام الأسد منذ عام 2013 عندما حوَّل أحد مباني المجمع إلى محرقة للتخلق من رفات آلاف المعتقلين الذين تمَّت تصفية في السجن.
يسعى الأسد من وراء ذلك هو تدمير أي أدلة على تعذيبه وقتله المعارضين، التي يمكن استخدامها ضده في أي محاكم دولية بشأن جرائم الحرب.
مسلخ صيدنايا.. فبراير ليس ببعيد
التصريحات الأمريكية أعادت الأذهان سريعًا إلى شهر فبراير الماضي، حينما ذكرت منظمة العفو الدولية أنَّ ما بين 20 و50 شخصًا في المتوسط كان يتم إعدامهم كل أسبوع في سجن صيدنايا العسكري شمالي دمشق.
المنظمة كشفت أنَّ ما بين خمسة ألاف و13 ألف شخص أعدموا في صيدنايا خلال أربع سنوات منذ تحول الانتفاضة الشعبية إلى حرب.
طوال السنوات الست الماضية، غرق السوريون في كل أصناف الموت، ومن ذلك دولٌ قضت عليهم بصمتها القاتل، وهنا الدائرة على واشنطن، التي تلوح تساؤلات عدة عن سبب اختيارها الصمت على مثل هذه الجرائم.
داعش.. صنيعة من؟
الاستراتيجية الأمريكية طوال السنوات الماضية، والتي أفرغت المجال لروسيا وإيران “أكبر داعمي الأسد” لفعل ما يشاؤون هناك، يُنظر إليها لما هو أبعد من الصمت، فالرئيس دونالد ترامب تحدث – وقت أن كان مرشحًا رئاسيًّا – عن صناعة أمريكية لـ”داعش”، وهو تنظيم نغّص حياة السوريين، وقتل وشرَّد منهم كما الأسد فعل معهم، حسبما يرى محللون.
ترامب اتهم أوباما بتأسيس تنظيم “الدولة”، كما اتهم منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون – التي هزمها لاحقًا – بأنَّها شريكة في تأسيس التنظيم.
ما يقال إنَّه التقاعس الأمريكي يرى محللون بأنَّه سببٌ داعم للجرائم المرتكبة في سوريا، فعدم استخدام الولايات المتحدة لنفوذها كقوة دولية كبيرة يشجِّع على ارتكاب مثل هذه الجرائم، وهنا يُذكر في 21 أغسطس 2013، حين وقع هجومٌ كيماوي بمنطقة غوطة دمشق، أدَّى إلى مقتل 1400 شخص، وهو هجوم أثار ردود فعل دولية قوية وكاد يؤدي إلى عملية عسكرية ضد سوريا، ثمَّ توصَّلت الأطراف إلى حل دبلوماسي يقضي بأن تسلم الحكومة السورية ترسانتها من الأسلحة الكيماوية إلى المنظمة الدولية لإتلافها.
وجرى تحقيق لمعرفة المسؤولين عن الهجمات، وصدر تقريرٌ عن الأمم المتحدة اتهم النظام السوري باستخدام الغازات السامة على نطاق واسع في غوطة دمشق، لكن لا جديد حدث، فالهجمات اشتدت وعداد القتل بلغ مداه، ففي 2015، وقعت ثلاث هجمات بالأسلحة الكيماوية شمال غرب محافظة إدلب، كما ورد في تقرير للأمم المتحدة صدر في أكتوبر 2016 أنَّ مروحيات تابعة للنظام ألقت براميل تحوي غاز الكلور على المنطقة، واتهم تقرير لاحق تنظيم الدولة “داعش” أيضًا باستخدام غاز الخردل.
ومنذ بداية العام الجاري وحتى غارة خان شيخون الكيماوية في الرابع من أبريل الجاري، شنَّ نظام الأسد – حسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان – تسع هجمات بالأسلحة الكيماوية، إلا أنَّ هجوم خان شيخون استدعى تحرُّكًا من إدارة ترامب، حيث شنَّت ضربة صاروخية ضد مطار الشعيرات بريف حمص، ردًا على الهجوم الكيماوي.
لماذا صمتت واشنطن؟
الآن التساؤل الدائر هل ستتحرك الإدارة الأمريكية ضد مثل هذه الجرائم بنحوٍ يضمن عدم تكرارها ومحاسبة المتورطين فيها؟، أم أنَّ الخطوة الأخيرة لن تسفر عن جديد، وستكتفي بمجرد إحراج روسيا على جرائم الأسد، ثم تمر الأيام إلى أن تكشف جرائم جديدة.
الباحث والمحلل السوري ميسرة بكور اعتبر أنَّ هناك اختلافًا بين الاستراتيجية الأمريكية الحالية والإدارة السابقة فيما يتعلق بالأزمة السورية.
وقال إنَّ ترامب خلال الأيام الـ100 الأولى من تاريخ إدارته اتخذ عدة إجراءات، منها ما هو على نفس نهج إدارة أوباما مثل تسليح الأكراد، بينما تحرَّك عسكريًّا ووجَّه ضربات ضد الأسد، كما أبدى تفهُّما للقلق التركي من تسليح الكرد خلافًا لمواقف أوباما.
وأضاف: “إدارة أوباما لم تكن جدية في دعم الثورة السورية بل على العكس فهي أوقفت كل الإنجازات التي حقَّقها الثوار، فكانت دائمُا تتعلل بالإرهاب وغياب وجود البديل في عدم دعمها للمعارضة رغم أنَّه لم يكن هناك إرهاب في بادئ الأمر كما أنَّ داعش ظهر على أعين أوباما”.
وتابع: “الإدارة الأمريكية السابقة أيضًا وضعت كل شيء في سلة إيران لصالح الاتفاق النووي، فسمحت لطهران أن تفعل كل ما تفعله في سوريا بل وفي كل المنطقة أيضًا”.
الإدارة الأمريكية السابقة يرى بكور أنَّها لم تكن جديةً يومًا من الأيام في إنهاء شلال الدماء في سوريا، معتبرًا أنَّ “المشكلة السورية” ليست مع روسيا بقدر ما هي مع الولايات المتحدة”.
واستطرد: “حين كان مساعدو أوباما يحدّثوه عن الأزمة السورية كان دائمًا يتجاهل الموضوع على الإطلاق، فالإدارة السابقة تعمدت إلى نصل لما نحن عليه الآن من انحطاط قيمي وأخلاقي وإنساني”.
تكتم الإدارة الأمريكية على نشر المعلومات فيما يتعلق بسجن صيدنايا فسَّره بكور بالقول: “نتذكر زيارة نتنياهو إلى واشنطن عام 2011 حين قال له أوباما لسنا مستعدين على إنهاء الوضع في سوريا وهذا يفسر تعامله مع الأزمة”.
وأوضح: “أوباما كان يعتقد حسبما أوحي إليه أنَّ البديل لبشار الأسد ليس الليبراليين كما يعتقد البعض بل الإسلاميون، ولذلك كانوا يتحدثون دائمًا عن داعش والإرهابيين، وحتى قبل ظهور داعش أو الإرهابيين كانوا يتحدثون في هذا الأمور”.
إدارة أوباما يقول “المحلل السوري” إنَّها سعت إلى أن تجعل إيران شرطي المنطقة على حساب القضية السورية، لافتًا إلى أنَّ الاستراتيجية الأمريكية كانت تعمد إلى عدم إسقاط ما أسماه “تنظيم الأسد”.
وقال بكور: “لقاء ترامب بالرئيس التركي أردوغان وخلال القمة المقبلة في السعودية وتقرُّبه الواضح والصريح مع المملكة ومحورها وإعلانه بتقليم أظافر إيران في المنطقة ورأينا مؤخرًا انسحاب حزب الله الإرهابي المتطرف من مناطق في ريف دمشق والحديث عن إنهاء دور إيران في المنطقة كل هذه أمور تجعلنا نستبشر بشيء ما أفضل من إدارة أوباما”.
وأضاف: “لا أعتقد أنَّ هناك إدارة ستكون بالسوء الذي كانت عليه إدارة أوباما ونعتقد أنَّ السعودية بثقلها العربي والإسلامي والعسكري وقيادتها للعالمين العربي والإسلامي بإمكانها فعل شيء مع قيادة ترامب خاصةً أنَّ الرئيس الأمريكي متحمس على أنّه على الأسد أن يرحل سواء بالقوة العسكرية أو الحل السياسي”.
بكور عاد يؤكِّد أنَّ إخفاء الإدارة الأمريكية السابقة معلومات عن مجلس الأمن أو الأمم المتحدة أو المنظمات الحقوقية بشأن “جرائم الأسد” تمثِّل جريمة وفق القانون الدولي أو الجنائي، وقال: “المتستر على المجرم شريك له، وإدارة أوباما تسترت على المسالخ البشرية وكذا ملف سيزار الذي تحدث عن إعدام المساجين في صيدنايا وأيضًا ملف منظمة العفو الدولية التي تحدّثت عن إعدام 13 ألف مواطن سوري، والآن التقرير الذي تمَّ تسريبه عن محرقة صيدنايا”.
حرق جثث المعارضين في سجن صيدنايا وصفه بكور بأنَّه عمل تخطَّى النازية الحقيقية “الهولوكوست”، وبذلك وحبس المعارضين وتعذيبهم وتجويعهم وقتلهم ثم حرق جثثهم”.
بكور حمَّل إدارة أوباما المسؤولية السياسية والأخلاقية في هذه الجرائم، معتبرًا كذلك أنَّه شريك متضامن مع بشار الأسد بسبب إخفاء المعلومات من العدالة، مؤكِّدًا أنَّ هدفها من ذلك كان تحقيق مصالحها مع إيران على حساب المصالح العربية والشعب السوري.
ترامب وصل للرئاسة بتدخل روسي. بينما الحيوان الخلاسي أوباما وصل للرئاسة مرتين بواسطة اموال ايران. سيثبت التاريخ يوما، إذا أجري تحقيق نزيه، كيف ساعدت إيران بواسطة دعم حملته الانتخابية بالمال ، كيف أوصلت إيران الكلب أوباما للرئاسة.
طوال ال 8 سنوات التي قضاها الكلب الأسود أوباما في البيت الأبيض كان خادم إيران المخلص فاطلق يدها في سوريا والعراق ولبنان واليمن ودعم المجرم الجبان الكلب بشار اسد، أبرم الاتفاق النووي مع ايران بالإكراه. اسقط الرءيس الشرعي لمصر الدكتور مرسي ودعم السيسي.