هندرسون: إيران تناور على الخلافات بين دول الخليج وقطر ويتعين على واشنطن احتواء الخلاف

By Published On: 31 مايو، 2017

شارك الموضوع:

أدت اللغة الإستفزازية التي تبناها المرشد الأعلى الإيراني إلى تفاقم الخلافات الدبلوماسية في الخليج، وتهدد بتفكيك مظهر الوحدة التي حققها الرئيس ترامب ومضيفوه السعوديون في مؤتمرات القمة الإسلامية التي عقدت في الحادي والعشرين من أيار/مايو.

 

وخلال اتصال هاتفي أُجري في 27 أيار/ مايو، قال الرئيس الايراني المنتخب حديثاً حسن روحاني لأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني “نحن نريد أن يخطو العالم الإسلامي الذي يعاني من التفرقة صوب السلام والأخوة، وفي هذا الإطار مستعدون لإجراء المفاوضات بهدف التوصل إلى اتفاق حقيقي”.

 

ومع ذلك، فقد تم تقويض تأثير هذا الشعور على الفور من خلال تعليق أدلى به آية الله علي خامنئي، صاحب السلطة الحقيقية في الجمهورية الإسلامية، ونُشر على موقع على شبكة الإنترنت. فقد أعلن المرشد الأعلى أن المملكة العربية السعودية تواجه كارثة في جهودها لمكافحة المتمردين المدعومين من إيران في اليمن: “يجب ألا تخدع المظاهر أحداً. [السعوديون] في طريقهم للمغادرة، ولا شك في ذلك”.

 

وفي 28 أيار/مايو، وفي تغريدة لوزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، كتب الوزير: “إن دول «مجلس التعاون الخليجي» تمر بأزمة حادة جديدة تحمل في طياتها خطراً جسيماً. إن درء الفتنة يكمن في تغيير السلوك وبناء الثقة واستعادة المصداقية”.

 

وعلى الرغم من الصياغة الغامضة، كان من الواضح أن التعليق موجه إلى قطر، التي هي في قلب صراع وسائل الإعلام الجارية. وكانت وكالة الانباء القطرية قد نقلت عن الأمير تميم قوله في 24 أيار/مايو، “لا حكمة في عداء العرب لايران”.

 

وأدى ذلك إلى رد فعل غاضب من الرياض وأبو ظبي، الأمر الذي ردت عليه قطر بادعائها أنه قد تم اختراق موقع وكالة أنبائها الرسمية وأن التقرير كان كاذباً. وقد قوبل هذا العذر بالارتياب والشك من قبل السعودية والإمارات، اللتان حجبتا المواقع القطرية، وهو الأمر الذي فعلته مصر والبحرين.

 

ويبدو أن هذه الأحداث هي أحدث تطور في السياسة الخارجية القطرية، التي تشتهر بالتباينات (والتناقضات). على سبيل المثال، كانت الدوحة قد أغضبت الرياض سابقاً بعد استضافتها مكتباً دبلوماسياً إسرائيلياً، ولكنها قامت في وقت لاحق بطرد أعضاء البعثة وضم «حماس» في كنفها وتقديم رعاية مالية ودبلوماسية كبيرة للحركة. كما دعمت قطر الجهاديين في سوريا الذين يقاتلون نظام الأسد الذي تدعمه إيران. بل إنها تدعم بعض الشخصيات في جماعة «الإخوان المسلمين»، على الرغم من أن المشيخات الوراثية تُعتبر محرومة وفقاً لتعاليم «الجماعة». وفي الوقت نفسه، فإن عدم اتخاذها أي إجراء حول قضايا تمويل الإرهابيين لا يزال يغضب واشنطن.

 

ويبدو أن سلوك الدوحة الحالي يعكس الرغبة في تجنب مواجهة إيران التي استُهدفت أنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة بإدانتها في الخطاب الذي ألقاه الرئيس ترامب في الرياض. [وتتميز قطر] بوجود قاعدة العُديد الجوية على مسافة قصيرة بالسيارة خارج العاصمة؛ ويستخدمها الجيش الأمريكي كمنشأة رئيسية للعمليات والقيادة منذ عام 2003.

 

وبعد أن طلبت الرياض من القوات الأمريكية مغادرة السعودية في أعقاب هجمات 11 أيلول/سبتمبر، أصبحت العُديد القاعدة الرئيسية للطائرات الحليفة العاملة فوق أفغانستان والعراق. غير أن العمليات الأمريكية هناك تخضع اليوم لضوابط مشددة، ومن الممكن أن تضع عليها الدوحة المزيد من القيود لإرضاء طهران.

 

كما أن حذر قطر متأصل في حقل الغاز الطبيعي البحري الضخم الذي تتشارك فيه مع إيران. ويُعرف في الدوحة باسم “حقل الشمال” [“حقل غاز الشمال”] وفي طهران بـ “حقل فارس الجنوبي”، وهو أكبر احتياطي للغاز البحري في العالم، الأمر الذي يساعد قطر على أن تصبح أغنى دولة في العالم من ناحية الدخل للفرد الواحد، ويمنح إيران الأمل في المزيد من الانتعاش الاقتصادي والتنمية.

 

وإذا زادت حدة الشجار الخليجي الحالي، فمن الممكن أن يؤدي إلى تكرار صدى الأزمات الدبلوماسية السابقة. ففي عام 2014، سحبت السعودية ودولة الإمارات والبحرين سفرائها من قطر عندما رفضت الدوحة السير وفقاً لطريق دول «مجلس التعاون الخليجي» في مختلف قضايا السياسة الخارجية.

 

وقبل عقدين من ذلك الوقت، تغازل زعماء الخليج حول القيام بتدخل مباشر هناك، بعد أن أطاح أمير قطر السابق بوالده. وفي ذلك الوقت، كانت الرياض وأبو ظبي غاضبتان على ما اعتبرتاه سابقة مؤسفة لقاعدة وراثية خليجية؛ ورداً على ذلك، قدّم السعوديون الدعم لانقلاب مضاد فاشل قام به قطريون ساخطون عام 1996. وقد يجد هذا النهج الآن نداءً جديداً في الرياض، المصممة على مواجهة النفوذ الإيراني بأي وسيلة ضرورية.

 

فعشيرة آل ثاني كبيرة، وتظل الأسئلة مطروحة حول مدى تأييدها لتميم البالغ من العمر 36 عاماً، والذي يحكم في ظل ما يسمى بـ “الأمير الأب”، حمد. وعلى الرغم من أن حمد تنازل لإبنه في عام 2013، إلا أن الرياض وأبو ظبي لا تزالان تعتبرانه القوة الحقيقية في الدوحة. وفي خضم الأزمة الأخيرة، وقف الأب والإبن معاً للترحيب بمُتمنّي الخير في استقبال خاص في 28 أيار/مايو بمناسبة شهر رمضان المبارك.

 

وتشمل التقلبات الاضافية تقارير خليجية مفادها أن مسؤولين قطريين اجتمعوا مع قائد «قوة القدس» التابعة لـ «فيلق الحرس الثوري الإسلامي» قاسم سليماني. بالإضافة إلى ذلك، حاولت وسائل الإعلام السعودية مؤخراً تقويض مزاعم الدوحة بأن أسرة آل ثاني الحاكمة تنحدر مباشرة من محمد بن عبد الوهاب، عالم الدين السني من القرن الثامن عشر الذي أسس فرع الوهابية للإسلام الذي يمارَس في السعودية وقطر. ومع ذلك، يمكن أن تكون الدوحة قد أظهرت بادرة حل وسط تجاه الرياض في 28 أيار/مايو، عندما سلّمت مطلوباً سعودياً كان قد هرب إلى قطر على أمل الحصول على اللجوء في أوروبا.

 

وبالنسبة لواشنطن، يجب أن تكون الأولوية احتواء الخلافات وصَوْن وحدة دول «مجلس التعاون الخليجي». وبالإضافة إلى الحفاظ على النوايا الدبلوماسية الحسنة التي تحققت في مؤتمرات قمة الرياض، يمكن أن تساعد هذه الجهود في منع المزيد من التصعيد الدبلوماسي، الذي لن يؤدي سوى إلى تمكين إيران. وهذا الحادث أيضاً هو تذكير بأن عدم رغبة الدوحة في تخطي طهران قد يضعف في النهاية استعدادها لاستضافة وجود عسكري أمريكي كبير؛ وبناء على ذلك، يجب على واشنطن إعادة النظر في البدائل الحالية لقاعدة العُديد.

 

سايمون هندرسون هو زميل “بيكر” ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن، ومؤلف مشارك في مذكرات المعهد السياسية لعام 2017 “إعادة بناء التحالفات ومكافحة التهديدات في الخليج”.

شارك هذا الموضوع

Leave A Comment