ميدل إيست مونيتور: الفلسطينيون لدى عباس سلعة.. هكذا يحاول المتاجرة بهم

“لقد برهنت السلطة الفلسطينية خلال الأيام القليلة الماضية أن الفلسطينيين مجرد سلعة- كما قال تقرير نشره موقع ميدل إيست مونيتور البريطاني- يجري استغلالها عندما يتعلق الأمر بالحقوق والشرعي، فالرئيس محمود عباس يمارس نوعا آخر من البلطجة العدوانية وفرض الرضا على الشعب، خاصة وأنه شرعت السلطة الفلسطينية في روايات مختلفة تبدو متعارضة مع بعضها البعض بهدف تسهيل العملية الاستعمارية.

 

وأضاف الموقع البريطاني في تقرير ترجمته وطن أنه يوم الخميس الماضي اتضح أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يرغب فى تعليق مطالبته بأن تقوم إسرائيل بتجميد التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة من أجل بدء المفاوضات مرة أخرى.

 

وكان المستشار الاقتصادي البارز محمد مصطفى قد برر هذا التصريح بأنه خطوة مفيدة. وأضاف: نعتقد أنه من الأفضل لنا جميعا الآن التركيز على إعطاء هذه الإدارة الجديدة في واشنطن فرصة. كما أعلن مصطفى أن عباس سيخفف حملته لمقاضاة إسرائيل في ارتكابها جرائم حرب، وإدانة الدولة اليهودية فى الأمم المتحدة.

 

ونقل الموقع عن قيادي بارز مقرب من عباس يدعى محمد اشتية الذي وصف توقيع ترامب على التنازل عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس كدينامية جديدة وفصل مغلق. وفي الوقت نفسه أكد نبيل شعث المفاوض الفلسطيني السابق على حق الشعب الفلسطيني في الكفاح المسلح. وقال شعث في مقابلة تلفزيونية: إننا لا نعتقد أن هناك أي مشكلة في الانخراط في الكفاح المسلح وفي الوقت نفسه الانخراط في الجهود السياسية والدبلوماسية دعما لقضيتنا.

 

وأكد ميدل إيست مونيتور أن هذه التصريحات التي خرجت عن السلطة الفلسطينية مؤخرا تبدد أي خيوط متباعدة من الأمل المنظور، كما يجب أن تجعل الناس يدركون أنه على الرغم من الادعاء خلاف ذلك، فإن الانتظار هو الخيار المفضل للسلطة الفلسطينية عندما يتعلق الأمر بالمفاوضات حيث أن التكتيك يلعب في صالح طموحات إسرائيل الاستعمارية وهدف المجتمع الدولي المتمثل في استنفاد فلسطين جغرافيا وتهجير الفلسطينيين.

 

وبتعليقات شعث، فإن التواطؤ الذي أبدته السلطة الفلسطينية يجب أن يشعل الغضب. وقد أعطت القيادة الفلسطينية المعترف بها دوليا الأولوية للمطالب الأمريكية والإسرائيلية، ومن ثم تطبيع الاستعمار وتداعياته، والدعوة بلا هوادة لمصلحة الكيانات المهيمنة والقمعية. وإذا كانت السلطة الفلسطينية تبدي اتفاقا مع الفرضيات التي تفرضها الولايات المتحدة وإسرائيل، فإنها تسهل أيضا نهج المجتمع الدولي المتمثل في الحفاظ على دائرة الانتهاكات من أجل دعم المؤسسات التي تقوم على العنف.

 

وقد اتسم هذا التصرف من قبل السلطة الفلسطينية مؤخرا بالمساومة، سواء على السجناء الفلسطينيين أو الموافقة على مزيد من الاستيلاء على الأراضي. وفي هذه الحالة، فإن السلطة الفلسطينية انغمست في لعبة خطيرة من خلال إعطاء الأولوية لبيانات ترامب الغامضة بشأن التوسط في التسوية، على الرغم من حملته العدوانية ضد الحقوق الفلسطينية خلال ترشحه للرئاسة. كما تم تفسير التبديد المزعوم لنموذج الدولتين، الذي كان باطلا لغويا من أي معنى متماسك، كخطوة إيجابية.

 

وفى الأمم المتحدة كثفت الولايات المتحدة إجراءاتها لحماية إسرائيل من خلال بدء دبلوماسية عدوانية فى نفس الوقت الذى تم فيه تعيين داني دانون نائبا لرئيس مجلس الأمن الدولي، وبالتالي فإن السلطة الفلسطينية تتعاون في ضمان أن تكون الدبلوماسية كل شيء لأجل تحقيق المصالح الإسرائيلية والأمريكية، بدلا من الحقوق الفلسطينية المشروعة.

 

فقط عندما نرى أن السلطة الفلسطينية قد تحولت بوضوح من القيادة لتيسير مشروع إسرائيل الاستعماري فالتهديد بمواصلة السعي لتحقيق العدالة في المحكمة الجنائية الدولية ليس له أي معنى، فالسعي إلى محاكمة إسرائيل على المستوى الدولي، من غير المرجح أن يغير الإطار الاستعماري أو الدعم الدولي لها، ولكن كان ينظر إليه من البعض على أنه الوسيلة التي يمكن من خلالها للفلسطينيين أن يؤكدوا شرعيتهم الأخلاقية والقانونية.

 

ويبدو أن السلطة الفلسطينية ترسم لترامب صورة غريبة للتغيير المتفائل، على الرغم من كل الأدلة تشير إلى عكس ذلك، مما يؤكد أن السلطة الفلسطينية تمضي على مسار يكرر أخطاء الماضي.

 

لقد ارجأ ترامب قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، لكن بالتأكيد سيعاد طرحه في المستقبل القريب أو مع رئيس آخر، خاصة وأنه ليس هناك دليل على دوام التنازل ونتنياهو قال بوضوح أن نقل السفارة الأمريكية سوف يدل على الخطوة الأولى في الاستيلاء على كل القدس بدعم دولي.

 

ومع كل هذه العوائق، فإن تعليقات شعث بشأن دمج المقاومة المسلحة والدبلوماسية لا يمكن أن تكون ذات صلة إلا إذا سمح للفلسطينيين بحرية التحرك، وإذا استمرت السلطة الفلسطينية في تخريب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني من خلال كبح جماح جهود المقاومة المسلحة أو غير ذلك، لصالح إسرائيل، سيكون من المناسب التساؤل عن مقدار الوزن الذي يمكن أن يعطى للتصريحات التي يعلنها مسؤولو السلطة الفلسطينية، على الرغم من صحتها إذا اتخذت في القيمة الأسمية.

 

وبما أن الأولوية بالنسبة للسلطة الفلسطينية هي استرضاء كل من إسرائيل والولايات المتحدة، الأمر الذي يجعل السلطة الفلسطينية شريك متواطئ في انتهاكات حقوق الفلسطينيين، فمن المهم أيضا أن نلاحظ أن تخريب حق الفلسطينيين في الكفاح المسلح على المستوى الدولي يتجه ليصبح إنجازا مؤسفا. وهذا لا يعني أن الفلسطينيين أنفسهم سيتخلون عن حقهم في المقاومة؛ لكن يشير لتراجع تجربة المقاومة الجماعية.

 

وتستغل السلطة الفلسطينية حق الفلسطينيين في المقاومة كلما كان ذلك مناسبا لعباس، أو كوسيلة يمكن من خلالها أن تتحول ضد الفلسطينيين من خلال التنسيق الأمني ​​مع إسرائيل ضد جهود المقاومة على سبيل المثال. وهذا يعني أن قوة المقاومة المسلحة المشروعة، المكرسة في الاتفاقيات الدولية مهمشة بالفعل لصالح الدبلوماسية الغادرة، مما يجعل التعبير الفلسطيني عن الحقوق والنضال من الداخل هو الخيار الوحيد القابل للتطبيق الذي يجب أن تستند إليه السياسة الفلسطينية.

 

قد يهمك أيضاً

تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا

الأحدث