الأزمة الخليجية تحتم تدشين استراتيجية التحوط لغير المتوقع في قطر
في عجالة أذّكر بأنني كنت قد أرسلت في أوائل عام 2014م إلى السيد خالد العطية وزير الخارجية في حينها ، مخطوط كتاب عن دور قطر في العلاقات الدولية وواقع العلاقات الخليجية ، وأطالب الرجل إن كان يطالع هذا المنبر ويطّلع على هذه المقالة أن يفرج عن هذا الكتاب الذي اتصل بي أحد العاملين بوزارة الخارجية وأخبرني أن الكتاب سيرى النور .
كل دول العالم التي تتبنى التخطيط قصير وطويل الأجل وتؤمن به ، لديها إدارة ضمن وزارة التخطيط تكون مهمتها الوحيدة هي مواجهة الأزمات الطارئة والمزمنة بكل أنواعها ، ويكون لديها مخزون من البدائل المتطورة والقابلة للتطوير السريع مع أية متغيرات أو مستجدات من أي نوع وفي أي مجال .
ونحن نتوقع ان يكون هذا هو دأب وزارة التخطيط في قطر لكي تدشّن استراتيجية التحوط لغير المتوقع أو تطورها مع الأزمة الحالية ، وأن يقوم على هذه الإدارة وتلك الاسترتيجية كوادر متضلعة في الاستراتيجية الدولية والمخططات والمقترحات والبدائل التي تكون معدة مسبقاً وقابلة للتطوير لمواجهة أية متغيرات ومستجدات تعتري مكونات الدولة وعلاقاتها الدولة .
إن استراتيجية التحوط لغير المتوقع ترتكز على ثلاثة محاور :
المحور الأول : ضمان أركان الوجود الحيوي الاسترتيجي للدولة ، وهي أربعة أركان : الركن القيمي الفكري المعتقدي ، الركن الشكلي النظمي الهيكلي ، الركن المادي الاقتصادي ، الركن المجتمعي ، الركن الخارجي ، ويحتاج كل ركن إلى تفاصيل محكمة قد نفصلها في موضع آخر .
المحور الثاني : وهو كفالة التفاعل للأركان المذكورة ، ما يحفظ وجود الدولة في حالة من الحِراكية والتفاعل الذاتي الداخلي ، وكذا الخارجي مع البيئة التي تحيط بها على المستويات الحيوية والإقليمية والقارية والعالمية ، وثمة تلازم وتواقف بين هذا المحور والذي سبقه .
المحو الثالث : وهو الحفاظ على مكنات ومقدرات التطور ، وهذا المحور في غاية الأهمية ، وهو نتاج التفاعل الحيوي المنهجي بين المحورين السابقين ، وهو بمثابة امتصاص الأزمات واحتوائها وتطويع كافة المكنات والمقدرات المتاحة من أجل ذلك ، ومن ثم لا يستشعر أحد الأزمة ، وتصبح وكأنها غير موجودة من خلال القضاء على آثارها وتداعياتها .
وثمة عجز وغياب بيّن في تأسيس الوحدات أو المراكز البحثية التي تعمل على استشراف المستقبل والتحوط لغير المتوقع ، ونأمل من إخوتنا القطريين مراعاة ذلك بجدية من الآن ، وألا يتبدد الاهتمام بهذا الشأن عندما تنتهي الأزمة .