واشتهر العلمي بـ”تقليعاته” العديدة بعد ثورة 14 يناير، ففي أكثر من ظهور تلفزي، فاجئ الداعية الزيتوني كما يقدم نفسه، التونسيين برفضه لنمط عيشهم ودعوته لتغييرها نحو ما يراه مطابقا لـ”الشريعة الإسلامية”.
ومع بداية شهر رمضان، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر عادل العلمي وهو يتجوّل بين بعض المقاهي المفتوحة في نهار رمضان رفقة عدل منفّذ وتولّى القيام بمعاينة قانونية.
وطالب العلمي -الرئيس السابق لجمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- أصحاب المقاهي بإغلاق أبوابهم، مهدّدا إيّاهم بمقاضاتهم أمام المحاكم، ومشدّدا على أنّه سيواصل حملته ولن يتراجع عن مبادئه ومواقفه.
وحول هذا الموضوع وموقفه من عديد الملفات الأخرى، كان لصحيفة “وطن” حوارا مع العلمي أكد لها فيه أن الشريعة فرضت عليه تذكير المفطرين بضرورة الصوم والابتعاد عن الإثم والمنكر مشيرا إلى أنه من الواجب عليه التشهير بهم.
وأضاف الداعية والسياسي التونسي أنه لا يخاف من القضايا المرفوعة ضده من قبل عدد من النشطاء والجمعيات مذكرا بأن القضاء التونسي سبق وأن حفظ في حقه عديد التهم وبرّأه من قضايا مرفوعة ضدّه سابقا.
أنه مستقل ولا يتلقى أي دعم سياسي أو تمويل من أي طرف كان وأكد العلمي مشددا على أنه سيواصل محاربة الفساد على قدر من المساواة ما دام في العمر بقية.
وفيما يلي نص الحوار كاملا:
-بداية ما رأيك في الوقفة التي نظمها المفطرون للمطالبة بحقهم في الافطار؟
–بسم الله والحمد لله والصّلاة والسلام على رسول الله، أمّا بعد فقد تأكّد لكل متابع أن المعتدين على رمضان ومن يقدسه من أغلبية التونسيين المسلمين ليسوا سوى شواذ عقلا وقلبا وجسدا يريدون تلويث تونس برا وبحرا وجوا ليحل علينا غضب الرحمان فتدمر بلادنا تدميرا، وليست قضية تعايش سلمي ولا حريات بل تعدّ وإهانة للشعب المسلم بإتيان كل مسخ ووساخة يتقزز منها القردة والخنازير، لذلك الحمد لله أن تعرّوا أمام الرأي العام في تونس وسيردعون بحول الله بالقانون وإلا فكبّروا على تونس أربعة تكبيرات فقد تودع منها.
-ما هذه الظاهرة التي تمثّل أنت بطلها الرئيسي كل شهر رمضان وهي ملاحقة المفطرين؟ لقائل أن يقول ما دخل عادل العلمي في من اختاروا الافطار في رمضان؟
–إعتبارا للشرع، فإنه من واجبي أن أخاف على نفسي أمام الله، لأنّ الله لا يحاسب على النتائج، بل يحاسب على المجهود، والذي لا ينهى عن المنكر هو آثم وسيحاسب يوم القيامة، ولو عارضني العالم كلّه على ما أفعل فلن يهمّني، وحسب تجربتي في هذا الموضوع مع العصاة فإنّه توجد مشاكل تعترضنا أحيانا من شدّ وجذب بيننا وبينهم، لكن في أغلب الأحيان تجد المنصتين الذين يعترفون بأخطائهم ويتذرّعون بحجج متنوّعة، ومن الشباب أحيانا من يفطر رمضان لأنّه ضحيّة والديه اللّذان يزرعان فيه الحقد على الدّين، وفي الحقيقة أنا لا أفرض نفسي على الناس بالطريقة التي يصوّرها الإعلام بل بالعكس، أنا ألج المقهى كأيّها الناس مادام مكانا مفتوحا للعموم ومن حقي أن أدخل لأسأل أي فرد، “أنت تونسي مسلم لماذا تفطر شهر رمضان”؟ 99% من ردود الأفعال تكون طيبة رغم أنّك تجد أحيانا من يرفض أن يتكلم أو ينسحب، وبالنسبة للتوثيق فإنّ وسائل إعلام ترافقنا أحيانا.
-كلّ الشخصيات الوطنية والعامّة كانت ضدّك، ألا ترى أنه لا بد لك من تعديل موقفك تجاه هذا الموضوع؟
–هذه الشخصيات الوطنية مرتبطة إمّا بمصالح سياسية أو مصالح ماديّة مالية أو إدارية داخلية أو خارجية لا تستطيع الإنعتاق عنها، أمّا أنا فالحمد لله عامل حرّ وناشط حرّ ولا أحد باستطاعته أن يقطع عليّ رزقي مثلهم.
-هنالك من قال إنه كان من الأجدر لك أن تبحث عن المعوزين لتساعدهم على الصيام بدل البحث عن المفطرين لفضحهم، كيف تردّ؟
— أوّلا أنا لم أملي على هذا الذي قال ماذا يفعل، ثانيا حكاية الصدقة والزكاة الأصل فيها الإخفاء، أمّا موضوع المفطرين فالأصل فيه التشهير لأنّ صاحبه مجاهر بطبعه وقد انتهك حرمة الشهر وبارز الله بمعصيته.
-عقديّا، ألا يأمر الله سبحانه وتعالى بالستر على العصاة بدل فضحهم وهتك أعراضهم؟ لماذا لا تلتزم بهذا الثابت الديني؟
–التشهير بالمجاهر أمر شرعي، إذ كيف لا يجد هو حرجا في نفسه من المجاهرة بمعصيته ونأمر نحن بالستر عليه؟ ونحن لم نزر المقاهي التي تبيع المشروبات خفية عبر وضع أوراق تغطي دواخلها، لكننا ذهبنا للمقاهي التي تفتح أبوابها مشرّعة وتشهر ببيعها للمشروبات في رمضان، وكم من صاحب مقهى ستر على عورته لم نزره ولم نجل حوله بتاتا، فقط نحن ذهبنا للذي يضع كراس في الخارج معلنا أنّه فاتح للجميع، وعدد المقاهي التي زرناها لا يفوت الخمسة.
-جمعية تونس لحماية الاقليات رفعت ضدك قضية وكذلك فعلت عديد المنظمات والاحزاب الاخرى، ما ردّك على هذا؟؟
–لا صفة قانونية لهؤلاء وفي فقه القانون من يريد رفع هذا النوع من الدعاوى عليه أولا أن يمتلك الصفة، ثم إنني لم أتوجّه إلى هذه الجمعيات لأضيّق عليها بل ذهبت للمواطنين العصاة أنصحهم، وجمعيات الأقليات هذه تريد دوما أن تصير هي اللون الصابغ على البلاد وتتحوّل بالتالي إلى أكثرية ونصبح نحن الأقلية التي لا يسمع لها صوت، هذه الأقليات لا تجدها ناشطة إلا في كلّ مسخ ورذيلة وانحطاط، وأينما وجد ما يقزز الناس ويقلقهم تجدهم موجودين، وأصحاب هذه الجمعيات إلى حدّ ما مأجورين ومرتزقة يرتهنون لجهات أجنبية مغرضة وحاقدة على هذه الأمّة، وعلى العموم أنا أرحّب بأي شكوى وقل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.
-ما هي رمزية اصطحابك لعدل منفّذ؟
–أصحاب المقاهي التي تعمل رمضانا وراءهم ملفات سياسيّة ومخالفين للقانون، ويوجد قانون يمنع فتح المقاهي والمطاعم نهارا في رمضان باستثناء 4 أو 5 مقاهي سياحية لا تبيع للعموم بل تبيع للسائح والأجنبي الذي لن يحترمك إلا إذا رآك تحترم دينك ويحتقرك إذا رآك تحتقره، بالتالي أنا واضح وواع وأفعل ما افعله بوعي ومسؤولية وبسبق للإصرار، وأشهد عدل منفّذ لأنّ القانون معي ولكي لا يكون كلامي واه أمام القاضي عندما يستدعيني، وأستظهر أمامه بالدليل المادي القانوني الذي يجعله يتخذ حكمه ضد المخالفين وفي يده الحجّة.
-الدولة قامت بمحاكمة اربعة شبان منذ أيّام بسبب مجاهرتهم بالإفطار، ألا تر أنك تلعب دورا موازيا لدورها؟
–كلّما تحرّكنا نحن تفاعلت معنا الدّولة، وإلا فكم يوجد في الشارع من مفطرين ؟ لما لم تتحرّك الدولة إلا عندما تحركنا نحن؟ الدولة تعيننا بالتوثيق وأنا واش للدولة وهذه وشاية محمودة بالنسبة لي.
-الموسم الثالث لملاحقتك للمفطرين، لماذا لا نراك تلاحق شاربي الخمر مثلا سائر أيام السنة؟ هل “المنكر” الذي تنهى عنه لا يتعدّ حدود الافطار في رمضان؟
-نحن مجرد خدامين لهذا الدّين ومنّا الصّادقون ومنّا غير الصادقين، وأنا لم أترك منكرا لم أتحدّث فيه، صحيح أنني اعتمدت الإستفزاز أحيانا لأصل الى النتيجة التي أريدها وهي أن “تحترمني وأحترمك”، وافطر في منزلك إذا شئت و”قانون” تونس الزيتونة المسلمة لا بدّ له أن يسمع من أول مسؤول إلى آخر مسؤول، فحركة النهضة كما ترى لم يعد لها إحساس ولم يبق لها إلا تلقّي التعليمات بماذا يقولون وماذا يفعلون، لذلك تجد ردود أفعالهم نمطية وأنا ألتمس لهم الأعذار.
-هل تعلم أن تصرّفك هذا شبيه جدّا بتصرّف شرطة الحسبة لدى تنظيم الدولة الاسلامية داعش؟
–بارك الله فيك على هذه الملاحظة، الشرطة الدينية أنا أنتقدها، لكن الأصل في الدين هو الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وأنا كعادل العلمي أأمر بمعروف وأنهى عن المنكر فقط لا غير، هنالك تجارب مشوّهة لداعش الصّهيونية، ولو يشوّه المصلّي الصلاة فالعيب ليس فيها بل فيه، وكذلك للذي يشوّه الجهاد الماضي الى يوم القيامة، أنا مع ما قاله الله والرّسول: “من رأى منكم المنكر فليغيّره”، والعقيدة لا تتبدل بالنسبة لي وأعمال قادة داعش خاطئة وأنا مع حكم الشريعة وتطبيقه بحذافره نعم لكن ليس بطريقة داعش. حكم الله ماض وسنموت ونحن نطالب به ولو قطّعنا إربا.
-ما رأيك بالمناسبة في الحكم بالشريعة الذي تعتمده داعش؟ هل توافق عليه؟
حكم الشريعة الذي حكم به محمّد أنا معه وأسانده إلى آخر رمق، لكن يجب توفير الحد الأدنى من الكرامة البشرية قبل ذلك. حكم الله ورسوله والخلفاء هو الأصل وسدرة منتهى الدنيا لكننا نقول إنّ التطبيق يلزمه الإلتزام بفقه الواقع، وسيّدنا عمر أوقف حد السارق في عام الرّمادة. بالنسبة لداعش فهي صناعة أمريكية وهي مثال سيّء يسيء للإسلام الذي هو الجنة بنعيمها إذا طبّق صحيحا.
-تعتبر من أكثر المدعويين الذين يغادرون المنابر الاعلامية سواء بالطرد أو المغادرة الارادية، لماذا يا ترى؟
–أنا ممّن لا يحترمون الذين لا يحترمونهم، وإذا كلت لي بكيل أكيل لك بعشرة، أنا أكظم الغيض عند المقدرة وفي وضعيات لا يمسّ فيها الدّين، لأنني لا أغضب لعادل العلمي بل أغضب غيرة على الدّين ومن لا يغار فهو حمار، قد أكون مخطئا أحيانا، وأنا لديّ نسبة من الخطأ في بعض المناسبات وأحبّ أن أقارع بالحجّة لكن عندما أكون صحيحا أصرّ على اعتقادي الصحيح..
-منذ ايام اتهمت صحافيا معروفا بنزاهته وحياده وهو الزميل غفران الحسايني المذيع بإذاعة خاصّة، بأنه مأجور ومرتزق، ألا ترى أنك لا تلين بالقول ولا التعامل مع الصحافيين؟
–غفران حسايني مزال خفيف الوزن في الساحة وأتمنّى له أن يصبح ثقيلا وفاعلا مثل غيره من الأدعياء كالشيخ بن حمّودة، هؤلاء يتنازعون مكان مفتي الشيطان الذي سبقهم إليه من ذي قبل فريد الباجي، وغفران لو يريد مناقشتي فهو مرحّب به، رغم أنّه مرتزق أنا أرحّب بمحاورته لأنني أعرف كواليس الكواليس.
-الأخلاق التي تعمل على بسطها بين الناس أخلاق إسلام، أفتأخذ بعضا من هذه الأخلاق وتترك بعضها؟ لماذا لا تلين بالقول مع الناس وأنت تدّعي أنك رجل إسلامي تدعو إلى قيم الإسلام؟
–المشكل في عقول الناس، وأنا أصف الشيء كما هو واللّين بالقول لا يعني ألّا تسمّي الأمور بمسمّياتها.
-ما حكاية الاعتداء المادي الذي وقع لك في منطقة سكرة بالعاصمة؟
–بكل تواضع، سنة 2011 كدت أقتل على يد التكفيريين في إحدى اجتماعاتهم التي اعتبروني فيها خطرا على المجتمع، وتعرّضت للعنف في مناسبة أخرى على يد الإلحاديين وهم أكبر معارضيّ اليوم، يعني لو أنّ الإعتداء الذي يروّج له البعض هذه الأيام صحيح لاعترفت به، لكنه محض افتراء كاذب وكلّ الذين زرتهم ناهيا إياهم عن الإفطار فرحوا بي وأنصتوا إليّ بانتباه ثمّ ذهبوا مسرورين، المخزي والمذلّ هو تشجيع وسائل الإعلام على العنف ضدّي.
-هل يجرؤ عادل العلمي على تكفير من يراهم كافرين من الشعب التونسي؟
–الذي يعلن أنه كافر أقول ما قال عن نفسه، والذي فعل فعلا كفريّا أكفّر فعله ولا أكفّره هو، إذ أنّ ربي علّمني أن الفعل كفري والعين لا، من يقول لك مثلا إنّ دينه هو الديمقراطية أقول له لكم دينكم ولي ديني.
-ماهو موقفك من تجريم التكفير حسب الدستور التونسي؟
–أنا مع تجريم التكفير والكفر معا، وأنا بالجهد المتواضع الذي بذلته أثّرت على الدستور أيّام صياغته، وقد أضفنا في الفصل السابع منه “الدولة تحمي المقدسات”، والفضل كان لي والحمد لله.
-رئيس جمعية حماية واحات جمنة السيد طاهر الطاهري قال في تدوينة على حسابه بالفيسبوك إنّك سطوت على منتوج أحد الفلاحين في جمنة من التمور وأخذت الحاويات والمال ولم تعد، ما رأيك؟
-أنا خضت الانتخابات التشريعية في قبلي وزرت كل نهج وكلّ أرض هناك، وهذا الرجل من محافظة قبلّي ومن مقاطعة جمنة تحديدا وهو من الجبهة الشعبية اليساريّة المعادية لي والجميع يعلم ذلك، وأنا جاهز لزيارة قبلي وفتح هذا الملفّ فإن كنت ظالما أحاسب وإن كنت مظلوما آخذ حقي، أنا أحبّ قبلّي وأنصاري من هناك لكن هذا الإتهام هو دليل حقد من الجبهة الشعبيّة عليّ، ولو فرضنا أنّ هذا الكلام صحيح، لماذا تسرّب اليوم وفي رمضان وأثناء حربي مع الملحدين؟؟
-من يموّل حزبك “تونس الزيتونة” ؟
–ليس لدينا تمويل، أنا أرتدي جبّة قيمتها 10 دنانير وسيّارتي عادية، أنا عامل عاديّ ورزقي على الله والذي يدّعي أنّه يمنّ عليّ في شيء فليوقف منّه، أنا أملك شبه مقرّ لحزبي ولي تونس بأكملها أتّخذها مقرّا وتمويلي لحزبي ذاتيّ سأشارك به في الانتخابات البلدية القادمة ولا أستحقّ مالا من أحد كما فعل الرئيس الحالي لتونس مثلا، الذي وصل إلى قصر قرطاج بجريمة تحيّل على الشعب التونسي.
-بعد كل هذا اللغط الذي حاق بنشاطك، هل يمكن أن نراك تلاحق المفطرين رمضان القادم أيضا؟
-نعم طبعا، إن كان في العمر بقية، وربما سنقوم بإضافات في السنة القادمة كمعاينة المقامر الأوّل في تونس سامي الفهري وتنبيهه بأنّ القانون التونسيّ يعاقب على لعب القمار حتّى ولو كان المبلغ دينارا، سوف نذهب لإنذاره وهنالك لجنة تعمل على هذا الملفّ وهنالك متطوّعون سوف يثيرون هذه القضيّة.
سأحارب كل شي، سأحارب الفساد دون انتقائيّة كما تفعل الدّولة، لأنّ محاربة الفساد يجب أن تكون على قدر المساواة، فالدولة لا تتكلّم عن الفساد الأخلاقي مثلا، والفساد في تونس دوّامة مختلطة، جنس وخمر وقمار وإفطار في رمضان، كل هذا يجب محاربته وأنا سائر في هذه الحرب والله لا يطالبنا بالنتائج بل يطالبنا بالتحرّك فقط وهو القادر على نصرتي.
كان على الشّعب التونسي المطالبة بميدالية ذهبية لعادل العلمي لأنّه يريد أن يجعل من كلّ مواطن تونسيّ مواطنا رقيبا.