كشفت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية عن تفاصيل ما تُعرف بـ”مبادرة السلام الإسرائيلية”، التي سبق أن بدأت ملامحها تظهر في تصريحات لأعضاء حكومة الاحتلال، برئاسة بنيامين نتنياهو.
وقال كاتب المقال أوفر إسرائيلي، وهو خبير في الشؤون الجيوسياسية وسياسة الأمن الدولي في مركز “هرتسليا” للدراسات، حسب “روسيا اليوم”، الثلاثاء، إنَّ هذه المبادرة ترمي إلى تحقيق حل شامل ومتعدد الأطراف للنزاع العربي – الإسرائيلي بدلًا من حل ثنائي للنزاع.
وأضاف أنَّه كان من المخطط وضع هذه المبادرة على طاولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عندما دخل البيت الأبيض للمرة الأولى في يناير الماضي، لكن ذلك لم يحدث، مشيرًا إلى أنَّه من المخطط إيصال المبادرة الجديدة له قبل استئناف مفاوضات السلام تحت رعايته.
وجاء في المقال: “هذه المبادرة ستحمِّل العرب بدلًا من إسرائيل، المسؤولية عن تسوية النزاع والالتزام بقبول حل الوسط، كما أنَّها ستعفي الجانب الإسرائيلي من الذنب الناجم عن استمرار النزاع، لكنَّنا سنعمل في الوقت نفسه للتأثير على الوسيط الأمريكي لتجنب تعرض تل أبيب للضغوط، وتوجيه هذه الضغوط بدلًا من ذلك إلى القاهرة والرياض ورام الله وغزة”.
وذكر الكاتب: “مبادرة السلام العربية الصادرة عن القمة العربية في بيروت في مارس 2007، حظيت بالقبول عبر العالم كأساس لحل النزاع، لكن هذه المبادرة تمثِّل في حقيقة الأمر إملاءات العرب”.
وأصر على أنَّه في حال تبني هذه المبادرة، ستبقى إسرائيل عاجزة عن تقديم رد مناسب لتلبية احتياجاتها الأمنية الحيوية.
ومبادرة السلام الإسرائيلية فترمي – حسب الكاتب – إلى “وضع حد للنزاع واستعادة الاستقرار في الشرق الأوسط وضمان بقاء الأنظمة العربية المهددة”.
وأورد كاتب المقال ما تتضمَّنه المبادرة على النحو التالي:
- تشكيل كيان فلسطيني مستقر ومزدهر “يتم تأمينه” عبر “التزامات دولية” وعن طريق تشكيل “اتحاد كونفدرالي مع مصر والأردن”
- اعتراف العرب بدولة إسرائيل و”دولة الشعب الإسرائيلي التي ستكون القدس عاصمتها”
- ضمان “الأغلبية اليهودية الثابتة” عن طريق “الانفصال الديموغرافي” عن الفلسطينيين مع فرض السيادة الإسرائيلية على جزء كبير من أراضي الضفة الغربية
- تجنيس اللاجئين الفلسطينيين في الدول التي يقيمون فيها بفضل دعم دولي شامل
- حل حزب الله واستعادة استقرار لبنان
- محاربة “نفوذ إيران المزعزع في المنطقة ووضع حد لمشروعها النووي”
- الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان في حل مستقبلي مع سوريا
وقال كاتب المقال إنَّه على إسرائيل أن تتجنَّب أي صدامات مع الرئيس الأمريكي الذي قد يجبرها على تنازلات مؤلمة أو يفرض عقوبات عليها في حال رفض الإسرائيليون الالتزام بمشروع اتفاق تجري بلورته حاليًّا في واشنطن.
واعتبر أنَّ “التصرف الذكي” لإسرائيل سيدفع بترامب وزعماء الدول العربية إلى قبول الحل الإسرائيلي المقترح، وذلك عن طريق التشديد على الخسائر الذي سيأتي بها “حل ضيق النطاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين”، وهي:
- إضعاف إسرائيل وهي أقوى وأقرب حلفاء واشنطن في المنطقة
- تعزيز مواقف الإسلام السلفي المتشدد والسماح له بتوسيع نفوذه في المنطقة
- تقوية إيران وحلفائها، ما سيؤدي لسقوط الأنظمة الأخرى تحت السيطرة الإيرانية بمثابة ما حصل في العراق بعد حرب عام 2003. ويشمل ذلك إمكانية نظام الحكم الحالي في السعودية وفشل “الاتفاقية الخيالية بقيمة 350 مليار الدولار” التي وقع عليها ترامب مع الرياض
أمَّا أكبر هذه الخسائر فستتمثل، حسب كاتب المقال، في إظهار ترامب “كزعيم فاشل تسبب بتأجيج النزاع بدلًا من حله”.
وشدَّد الكاتب على أنَّ الحل الإسرائيلي المقترح سيأتي بفوائد كثيرة، منها إنهاء أحد أطول النزاعات في التاريخ المعاصر، واستعادة استقرار الشرق الأوسط لسنوات طويلة، وضمان بقاء وازدهار الأنظمة الموجودة، ما اعتبره يعني تحويل ترامب إلى زعيم تاريخي أكثر نجاحا بالمقارنة مع أولئك الذين كانوا قبله وفشلوا جميعهم في محاولاتهم لحل النزاع، حسب تعبيره.
وذكر الكاتب: “هناك فرصة لبدء مفاوضات بهذا الشأن لأنَّ العرب ربما لم يرفضوا هذه الخطة مباشرة، نظرًا لتأكيدات ترامب على دعمه القوي لإسرائيل والفوائد الكثيرة بالنسبة للعالم العربي وزعمائه التي تحملها المبادرة الإسرائيلية في طياتها”.