سيحدث ما لم يكن في حسبان المحاصِرين.. سيخرج الله أضغانهم ويكشف عوراتهم
لقد اعتدنا على الموضوعية والصراحة لأننا لم نعتد على غير ذلك ، فغيرنا يملك الأموال والمناصب ، ولكنهم فقدوا حرية الاختيار وحرية التعبير ، وحتى يخفون معتقداتهم ويتواروون عن الناس ، أما نحن فلا مال ولا منصب ، ولكن متعة النزاهة وتملك إرادة التمييز والمفاضلة بين الصالح والطالح وحرية التعبير والرأي والاعتقاد هي نعيم الدنيا وحسبنا هذا الزاد إلى رب العباد .
مَن مِن الناس في العالم العربي عامة وفي الخليج خاصة يملك قول كلمة الحق إذا خالفت رغبة وإرادة الحاكم ، إلا إذا هرب خارج بلاده ، وأصبح لاجئاً معارضاً مقاوماً للنظام ، مَن في العالم العربي لا يداهن ولا ينافق الحاكم ونظامه السياسي مَن في العالم العربي قال كلمة حق في وجه حاكم عربي جائر وجلهم جائرون ؟ هكذا العالم العربي العجيب ، عالم الاستبداد الأسطوري والفساد الخيالي .
بالأمس القريب كانت قطر وقناة الجزيرة لا يمكنهما أن يذيعا خبراً ينقل واقع الحياة والسلوكات الداخلية والإقليمية والعالمية المشينة في أية دولة خليجية بالرغم من أنها مخالفة للشرع والطبع ، أما اليوم فتم الكشف عن الحقائق والإفراج عن المثالب التي حُجبت طويلاً ، وهذه هي مشيئة الخالق في خلقه ، حيث أراد للحق أن يعلن ويُذاع ممن كتمه وتستر عليه طويلاً ، وقال ذلك في محكم تنزيله “أمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهم”(محمد 29) .
لقد أفرزت أزمة الخليج بين الحق والباطل ، وأماطت اللثام عن ما حُجب طويلاً عن أبناء الشعوب العربية ، لقد أحست قطر شعباً وحكومة وأميراً بالظلم والغبن ، وشعرنا معهم بنفس شعورهم ، ولم نملك إلا أن نرفض ذلك الظلم ، وننكره بالرغم من أننا من مواطني إحدى الدول الضليعة في ذلك الظلم .
إن الدول المحاصِرة لقطر فاعل أصيل لكافة الأفعال التي اتهمت بها قطر ، فهي نظم مستبدة وفاسدة ، وتنتهك حقوق الإنسان وحقوق مواطنيها ، وتخطط لإثارة الفتن والقلاقل في دول وشعوب ومجتمعات خليجية وعربية وإسلامية وعالمية ، وكل هذه السلوكات والأفعال التي ظلت مستورة فترة طويلة لم تعد ولن تعود كذلك .
لقد كانت أزمة الخليج هي القشة التي قصمت ظهر البعير ، وورقة التوت التي ستنقشع فتظهر العورات ، فما أراد المحاصرون لقطر توريطها فيه زوراً وبهتاناً سيثبت عليهم حقاً ويقيناً ، ويدينهم شرعاً وقانوناً .
سيظهر جلياً من يقيم علاقات خفية مع إسرائيل ، ومن يكبت ويقمع الشعوب ويدمرها فكراً وبدناً ، ومن ينتهك حقوق الإنسان ، ويعامل من يقيم على أرضه كرقيق ، ويرتكب جرائم ضد الإنسانية ، ومن يثير الحروب في دول كثيرة خليجية وعربية وإسلامية وعالمية ، ومن يشجع الفساد والجهل والتخلف ، ومن يحارب الإسلام ويعمد نحو وسمه بالإرهاب ويحيله إلى ديانة كهنوتية ذات أفكار دوجماطيقية غير قابلة للنقاش وغير مقبولة .
لقد تطورت الأمور إلى مرحلة اللاخشية ، لم يعد أحد من داخل دول الأزمة أو خارجها يخشى محاذير ومحظورات أو تضبطه ضوابط ، كل من لديه سر سيكشفه وكل من كان يخشى عواقب الكلمة الحرة سيقول كل ما لديه وكل ما يريد ، فلعل أزمة الخليج هي بحق ما سيخرج الله به الأضغان ، وتنكشف به العورات !!