زوجة رجل الأعمال الموقوف فتحي جنيّح تصارح التونسيين وتكشف لـ”وطن” كلّ ملابسات القضيّة

(تونسوطن) كشفت السيدة سلام حشّانة زوجة فتحي جنيّح رجل الأعمال التونسي الموقوف في إطار “حملة مكافحة الفساد” التي تشنّها الحكومة التونسية منذ 23 من مايو الماضي، تفاصيل جديدة عن حيثيّات إيقاف زوجها والأطراف المتورّطة في ذلك إضافة إلى المغالطات التي أُثيرت حول الموضوع الذي هزّ الرأي العام.

وتحدّثت حشّانة في حوارها مع صحيفة “وطن” عن تفاصيل اعتقال زوجها يوم 25 مايو الماضي بقولها إن فرقة أمنية خاصّة معزّزة بنحو 15 سيارة أمن، قامت في مرحلة أولى بإيقاف عادل جنيّح شقيق زوجها ثم اقتادت زوجها من منزله تحت أنظار ابنته الصغيرة البالغة من العمر 4 سنوات، إلى مكان مجهول وكأنه أكبر إرهابي في تاريخ البشرية وليس فقط في تونس، دون توضيح الأسباب وترديد عبارة “أسكتوا نحن أمن دولة”، وفق قولها.

وأضافت زوجة رجل الأعمال الموقوف أن وكالة الأنباء الرسمية ووسائل الإعلام التونسية التي نقلت الخبر عنها استنادا إلى مصدر مسؤول، غالطت الرأي العام التونسي من خلال الحديث عن إيقاف زوجها في مدينة سوسة بسبب تورّطه في تهريب النحاس، مشيرة إلى أنها اتصلت بإحدى أكبر الإذاعات الجهوية بـ”سوسة” لتقديم تصحيح حول الموضوع، إلا أنها فوجئت برفضهم ذلك.

وأوضحت أن عملية إيقاف زوجها تمت بمنزله في مدينة الجم التابعة لمحافظة المهدية، ولا علاقة لها بموضوع تهريب النحاس مثلما روّجت لذلك وسائل الإعلام التونسية التي لم تكلّف نفسها عناء الاتصال بنا لإيضاح بعض الملابسات، خاصّة وأن زوجها مورّد وتاجر جملة في مجال الفواكه الجافة والبقول.

مداهمة وتفتيش بدون إذن قضائي

وواصلت السيدة سلام حشانة حديثها إلى “وطن” بسرد تفاصيل عمليّة الإيقاف قائلة “من الغد قامت فرقة أمنية خاصة بتفتيش منزلي بدون الاستظهار بإذن قضائي، ولمّا طالبتهم بالإذن قالوا لي حرفيّا “نحن تونس”، ثم دخلوا إلى المنزل وقاموا بتفتيشه وحجزوا بعض متعلّقاتي الشخصيّة كما داهموا مقرّ الشركة وحجزوا وثائق متعلّقة بنشاطها التجاري والديواني.

وتابعت “بعد يومين من إيقاف زوجي والبحث المستمرّ عن مكان احتجازه، التجأت إلى وزارة الداخلية التي أكدت أن زوجي وشقيقه موجودان عندها وهما رهن الإقامة الجبريّة وفي صحّة جيّدة، ومتى ما تقرّر إحالتهم إلى التحقيق، سيتّصلون بي لتكليف محام للحضور معه”.

وأشارت زوجة رجل الأعمال الموقوف إلى أنها تفاجئت بعد أيام بنشر وسائل الإعلام المحليّة لبطاقة إرشادات عن زوجها مدوّن بها سوابقه العدليّة، وهي قضية ديوانية تتعلق بالتصريح المغلوط في القيمة سنة 2007، دون تقديم توضيح للرأي العام بأن القضاء قد بتّ في هذه القضية في نفس العام، بالحكم بعدم سماع الدعوى في حقّ زوجها، مضيفة أن الإعلام التونسي ظلّ يستخدم إشاعة “أباطرة تهريب النحاس” في وصف زوجها وشقيقه في تقاريره وأخباره رغم أن القضيّة لا علاقة لها بذلك أصلا.

وعن موعد أول اتصال تلقّته من زوجها، قالت السيدة سلام حشّانة إن الأخير اتصل بها في 8 من جوان/يونيو الماضي بعد يوم واحد من الندوة الصحفية التي نظمتها الحكومة لتقديم إيضاحات حول حملة “مقاومة الفساد”، لطمأنتها عن صحّته وعدم تعرّضه لأية معاملة سيئة، مؤكدا في نفس الوقت أنه يجهل أسباب إيقافه والتهم الموجّهة له خاصة وأنه لم يتم التحقيق معه رغم مرور أسبوعين من وضعه تحت الإقامة الجبرية كما لم يسمح له بمقابلة أحد محامييْه.

أحد المقرّبين من السلطة حرّض على زوجي

وأضافت “يوم 20 جوان/يونيو، تلقّيت اتصالا من فرقة الأبحاث الديوانية يعلمني بأنه سيتم جلب زوجي للتحقيق معه بحضور محاميه، وهو ما يثير نقاط استفهام عديدة، لماذا انتظرت الحكومة أكثر من 3 أسابيع لجلب زوجي للتحقيق إذا لم يكن الملفّ فارغا والتهم واهية، والقضيّة كيديّة يقف وراءها أحد رجال الأعمال المقرّبين من السلطة، معروف بمنافسته لشركة الإخوة جنيّح في مجال تجارة الفواكه الجافة والتوابل، وهو على علاقة وطيدة بأطراف نافذة في الحكومة”، واعدة بأنها ستكشف الحقيقة كاملة إذا لم يتمّ رفع المظلمة عن زوجها.

وأكدت زوجة رجل الأعمال فتحي جنيّح أن المحامييْن طمأناها بعد انتهاء التحقيق، بأن ملفّ القضية فارغ وبأن زوجها سيفرج عنه لأن أدلّة إدانته واهية، رغم أنّ الحكومة عملت ما بوسعها لجمع كل الوثائق التي لها علاقة بنشاط الشركة منذ عقدين من الزمن”.

واستدركت “أمام عدم وجود ما يدينه، ارتأت فرقة الأبحاث الديوانية تقديم طلباتها بخصوص الجرائم الديوانية المنسوبة لزوجي وقدّرتها على أساس المبلغ المطلوب من أحد رجال الأعمال الموقوفين في قضايا أخرى، والمفارقة أنه لا تجمعه بزوجي أي علاقة من قريب ولا من بعيد، مشيرة إلى أن قصّة الألف مليار التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام التونسية لا أساس لها من الصحة، متسائلة “هل سمع التونسيون في وقت من الأوقات برجل الأعمال فتحي جنيّح الذي تقدّمه وسائل الإعلام على أنه ملياردير تصل معاملاته إلى آلاف المليارات، وهل تصل موارد قطاع تجارة الفواكه الجافة والبقول إلى هذه الأرقام الخيالية؟”. 

وحول إن كان لزوجها انتماءات سياسية أثّرت على مجريات القضيّة، شدّدت السيدة سلام حشّانة على أنه مستقلّ ولم ينتم إلى أي حزب سياسي لا في فترة حكم نظام ابن علي ولا بعدها، وإنما كل اهتماماته بشركته التي أصبحت اليوم مهدّدة بالإفلاس بعد استهدافها دون غيرها، خاصة وأنه تمّ منعها من إخراج السلع المحجوزة في ميناء رادس منذ أكثر من شهر، وهي مواد استهلاكية (فواكه جافة وبقول) قابلة للتلف في أي وقت، بسبب طول المدّة وارتفاع درجات الحرارة، ناهيك عن الخسائر المادية الكبيرة للشركة بسبب الترفيع في معاليم الديوانة 4 أضعاف وزيادة ثمن مكوث الحاويات في ميناء رادس مع كل يوم يمرّ.

الحكومة تتخبّط والقضاء أنصفنا

وأردفت “حملة يوسف الشاهد ضد الفساد هي كلمة حق أريد بها باطل، فكيف يتمّ إيقاف رجال أعمال ووضعهم تحت الإقامة الجبرية بالشبهة بدون تكوين أي ملف قضائي يدينهم، ثم في ظرف يومين يتمّ تكوين ملف والفصل في القضيّة وإحالة المتهم إلى السجن، ولماذا قطاع تجارة الفواكه الجافة والبقول مستهدف دون غيره؟ نحن نعرف جيّدا من يحرّض رئيس الحكومة على زوجي وشقيقيه ومن هي الأطراف المستفيدة من إيقاف نشاط الشركة وإفلاسها”.

وفي ذات السياق، لم تستبعد السيّدة “حشّانة” أن يكون وقوف زوجها إلى جانب أبناء مدينته “الجم” أثناء احتجاجاتهم لإغلاق نقطة بيع وتوزيع الخمور نهاية شهر مارس الماضي، سببا إضافيا لإيقافه ضمن حملة “الحرب على الفساد” التي تخوضها الحكومة التونسية ضد من أسمتهم بـ”بارونات الفساد والتهريب”.

وأفادت زوجة رجل الأعمال التونسي أن الحكومة تتخبّط ولا تدري ماذا تفعل، ففي قرار المصادرة الذي تم إعلام العائلة به عن طريق عدل تنفيذ، زعمت لجنة المصادرة أن شقيق زوجها غير الموقوف منذر جنيّح، كانت تجمعه علاقة بقيّس بن علي ومحمد مراد الطرابلسي، وهو ما عجزت عن إثباته أمام المحكمة التي رفضت قرار تعيين مؤتمن عدلي على الشركة، وستنظر قريبا في قضيّة مصادرة الشركة التي تعود ملكيّتها إلى الإخوة الثلاث وليس فقط إلى منذر جنيّح مثلما ادّعت، وهو ما يكشف عن جهل لجنة المصادرة بالمالك الحقيقي للشركة التي تم تجميد كل حساباتها البنكية.

إدارة السجن ترفض تطبيق قرار قاضي التحقيق

ونوّهت السيدة سلام حشّانة إلى أنّها منعت من زيارة مباشرة لزوجها داخل أحد السجون بالعاصمة، رغم حصولها على بطاقة تثبت ذلك من قبل قاضي التحقيق، وعند استفسارها عن سبب هذا المنع، تعلّل المسؤولون بالسجن بإيقاف هذه الزيارات، في حين أن ذلك لا أساس له من الصحة وفق ما عاينته بنفسها، وهو ما دفعها للقول بأن القضية سياسية بحتة.

وأبدت “حشّانة” استغرابها من تصريح إياد الدهماني الناطق الرسمي باسم الحكومة التونسية، بأن الموقوفين في إطار حملة “مكافحة الفساد” يمثّلون خطرا على أمن الدولة في حين أن قضيّة زوجها وشقيقه ديوانية بالأساس، معتبرة ذلك مغالطة للرأي العام الذي لا يعرف أن عادل جنيّح الموقوف الثاني، لا زال خاضعا للإقامة الجبرية ولم يتم التحقيق معه إلى حد الآن، رغم مرور أكثر من شهر على إيقافه.

وختمت زوجة رجل الأعمال فتحي جنيّح حديثها لـ”وطن” بالتأكيد على أن القضيّة كيديّة بالأساس ولكنّ ثقتها كبيرة في أن القضاء سينصف زوجها ويرفع عنه المظلمة الكبيرة التي تتحمّل جزءا منها وسائل الإعلام المحليّة التي غالطت الرأي العام بسبب رفض تمكينها من حقّ الرّد وتوضيح بعض الحقائق ورفع اللبس عن عديد المسائل المتّصلة بالقضيّة التي لا علاقة لها بأمن الدولة وإنما هي ديوانية بالأساس.

قد يهمك أيضاً

تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا

الأحدث