للمرة الأولى منذ إصابته بوعكة صحية قبل 41 شهراً، عاد رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، للظهور في أول أيام عيد الفطر المبارك، لكنه غادر بلاده بعد نحو أسبوع، دون الإعلان عن الوجهة والسبب، لكن ظهوره المفاجئ أجاب عن تساؤلات حول سلامته.
وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام)، قالت إن الشيخ خليفة غادر البلاد، السبت 1 يوليو/تموز، في زيارة خاصة إلى خارج الدولة، وتُعدُّ هذه أول زيارة خارجية بعد أن ظهر الأحد الماضي (25 يونيو/حزيران)، كاشفاً قدرته على الحركة والكلام، لأول مرة منذ الإعلان عن مرضه عام 2014، حيث تقبّل التهاني بعيد الفطر من الحكام، ونواب الحكام، وولاة العهود.
وكان من المفاجئ ظهور الشيخ خليفة في وقت تشهد دول الخليج أزمة عصفت بعلاقاتها، تعتبر الإمارات طرفاً فيها بجانب السعودية والبحرين، بعد أن قطعت الدول الثلاث علاقاتها مع قطر، لكن الحديث أو التعليق عن الخلاف لم يظهر من رئيس الدولة خلال ظهوره الأخير.
– غياب عن الأنشطة العلنية
وقبل ظهوره الأخير، غاب رئيس دولة الإمارات (69 عاماً)، عن أي أنشطة رسمية علنية، منذ أن تعرّض لوعكة الصحية بعد جلطة ألمّت به (حسب الإعلان الرسمي)، في 24 يناير/كانون الثاني 2014، وطوال تلك الفترة غادر بلاده ثلاث مرات، لم تُبثّ خلالها أي صور في أثناء مغادرته أو عودته، آخرها في مارس/آذار الماضي، في حين لا تُعلن الدول المستضيفة له أهو للعلاج أم لغيره.
وبين الفينة والأخرى، تُظهر الحملات التي يبثها ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي مدى شغف الإماراتيين برؤية رئيس بلادهم، الذين اعتادوا على رؤيته كممثل للإمارات في المحافل الدولية، بعد وفاة والده عام 2004، حيث أصبح شقيقه محمد بن زايد واجهة البلاد الرسمية في كافة المحافل.
ومع أن إصدار القرارات الرئاسية لا تزال موسومة باسم (الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة)، رغم غيابه، يطرح هذا الأمر باستمرار تساؤلاً لدى المواطنين ومطالبات للاطمئنان عن صحته، وسط تطورات سياسية في المنطقة تؤدي أبوظبي دوراً فيها.
– من هو الشيخ خليفة بن زايد؟
الشيخ خليفة بن زايد هو أكبر أبناء الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الدولة، وكان ولياً لعهده، فخلف والده بعد وفاته في حكم إمارة أبوظبي، وانتخبه المجلس الأعلى للاتحاد رئيساً للدولة في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2004، واعتبرته صحيفة التايمز في وقت سابق من القادة الخمسة والعشرين الأكثر تأثيراً في العالم، ويصنّف كرابع أغنى حاكم في العالم.
وبناء على طلب الشيخ خليفة، كلّف المجلس الأعلى لحكام الإمارات، في 5 يناير/كانون الثاني عام 2006، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بتشكيل الحكومة الجديدة وتولي رئاسة مجلس الوزراء، بعد انتخابه بيوم لولاية الحكم في إمارة دبي، ونائباً لرئيس دولة الإمارات، عقب رحيل أخيه الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، في يوم 4 يناير/كانون الثاني من العام نفسه. وفق تقرير نشره موقع “الخليج اونلاين”.
ولد الشيخ خليفة بن زايد عام 1948، في المنطقة الشرقية لإمارة أبوظبي، وتلقّى تعليمه الأساسي بمدينة العين، حاضرة المنطقة ومركزها الإداري.
ويُعتبر ثاني رئيس لدولة الإمارات، التي أُعلن عن تأسيسها في 2 ديسمبر/كانون الأول عام 1971، والحاكم الـ 16 لإمارة أبوظبي، كبرى إمارات الاتحاد الـ 7.
والشيخ خليفة متزوج وله ثمانية أولاد، اثنان من الذكور؛ هما: الشيخ سلطان بن خليفة آل نهيان، والشيخ محمد بن خليفة آل نهيان، وستة من البنات، ولديه عدد من الأحفاد.
– مسيرته الوظيفية
واكب الشيخ خليفة مسيرة والده التنموية في جميع مراحلها، وكان أول منصب رسمي يشغله هو “ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية، ورئيس المحاكم فيها”، وذلك في 18 سبتمبر/أيلول عام 1966، وكان لهذا المنصب أهمية كبيرة في حياته، وخلال وجوده بمدينة العين أُتيحت له فرصة واسعة للاحتكاك اليومي بالمواطنين.
عُيّن ولياً لعهد إمارة أبوظبي في 1 فبراير/شباط عام 1969، ورئيساً لدائرة الدفاع، وتولّى بحكم منصبه قيادة قوة الدفاع في الإمارة، وأدّى دوراً أساسياً في تطويرها، وتحويلها من قوة حرس صغيرة إلى قوة متعددة المهام، مزودة بمعدات حديثة.
وفي 1 يوليو/تموز عام 1971، تولّى الشيخ خليفة رئاسة أول مجلس وزراء محلي لإمارة أبوظبي، إضافة إلى تقلّده حقيبتي الدفاع والمالية في المجلس. وذلك قبل إعلان الدولة الاتحادية.
وفي فبراير/شباط عام 1974، وبعد إلغاء مجلس الوزراء المحلي، أصبح الشيخ خليفة أول رئيس للمجلس التنفيذي، الذي حل محل مجلس وزراء الإمارة، وخلال رئاسته للمجلس التنفيذي، أشرف على مشاريع تطوير وتحديث الإمارة، وأشرف على صياغة السياسة النفطية.
تولّى خلال الفترة نفسها رئاسة المجلس الأعلى للبترول (لا يزال يشغله حتى الآن)، إذ يعدّ المجلس المرجعيّة العُليا في العلاقة مع شركات النفط العاملة في إمارة أبوظبي، وهو المشرف الأعلى على سياسة الصناعة البترولية بالإمارة؛ تنظيماً، وتنقيباً، وإنتاجاً.
كما تولّى رئيس الدولة عام 1976 تأسيس ورئاسة جهاز أبوظبي للاستثمار، الذي يشرف على إدارة الاستثمارات المالية للإمارة، ضمن رؤية استراتيجية لتنمية الموارد المالية وللمحافظة على مصادر دخل مستقرّة للأجيال المقبلة.
وقد أسهم هذا الجهاز في تدريب وتأهيل نخبة من الكوادر الوطنية التي تبوّأت مناصب رفيعة في الأجهزة الحكومية.
– مبادرات تنموية
ومن بين أبرز جهوده التنموية، إنشاء دائرة الخدمات الاجتماعية والمباني التجارية، التي عُرفت بين الناس بـ (لجنة الشيخ خليفة)، وقد ترجمت أنشطة هذه الدائرة مفهوماً فلسفياً عميقاً في توزيع الثروة على المواطنين، وقدمت تمويلات سخية لهم بدون أي فوائد، لإنشاء مبانٍ تجارية تدرّ عليهم عوائد مالية دورية.
تولّى منصب نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بعد قرار المجلس الأعلى للاتحاد، في مايو/أيار عام 1976، دمج قوى الدفاع المحلية في كل إمارة من إمارات الاتحاد تحت مظلة قيادة اتحادية واحدة، ولتصبح شؤون الدفاع من بين المسؤوليات الحصرية للدولة الاتحادية.
وبعد توليه مقاليد الرئاسة أطلق مبادرة لتطوير تجربة السلطة التشريعية، لتعديل أسلوب اختيار أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، بين الانتخاب والتعيين، تتيح في نهاية المطاف اختيار أعضاء المجلس عبر انتخابات مباشرة.
وأسهمت مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية مساهمة فعالة في المشاريع الإنسانية المختلفة في أكثر من 40 بلداً حول العالم، وأوجدت نموذجاً تنموياً قوياً ومتميزاً أصبح محط أنظار العالم.