بداءة نحن نحب كل الدول العربية والإسلامية بل وكل دول العالم ، وليس لنا أية مصلحة مع أي أحد ، وليس لنا ثأر أو تشفي من أحد ، ولسنا مقاومين أو معارضين لأي نظام سياسي أو حاكم عربي أو إسلامي ، ولكننا مقيّمون للأنظمة السياسية وللمجتمعات الإنسانية وتفاعلاتها .
إننا في وضع يحتم علينا إبراز حقيقة موقفنا من أزمة العلاقات الخليجية ، فنحن لم نتحيز لأحد طرفي الأزمة ضد الطرف الآخر ، ولكننا آثرنا اتخاذ الموقف الأخلاقي المفروض مع الحق والصدق ضد الباطل والتعدي .
لقد تحدثنا عن قطر بشكل شبه كامل كتجربة من تجارب الحكم الرشيد في منطقة تعاني من فقر وعوز في هذا المطلب الإنساني الجوهري المهم ، وأوصلنا بحثنا إلى أنه عند المقارنة بين الدول العربية وفق معيار الحكم الرشيد ، فثمة ثلاث تجارب تمثل نماذج يعتد بها وفق هذا المعيار ، وهي مرتبة حسب نسبة الإنجاز لهذا المعيار ، التجربة الأولى هي دولة لبنان ، والتجربة الثانية هي دولة الكويت ، والتجرية الثالثة هي دولة قطر ، أما بقية الدول العربية فهي تحكمها نظم مستبدة وفاسدة ولا مجال للحديث عن حكم رشيد فيها .
وعندما نعود إلى التجربة القطرية كإحدى تجارب الحكم الرشيد ، فنقول بأن هذه التجربة مؤهلة للتطوير لتحقيق مرتبة متقدمة على مقياس الحكم الرشيد ، ولديها الرغبة الحقيقية والجادة في ذلك التقدم ، ولعل أزمة الخليج المثارة حالياً هي فرصة مواتية لنصدُق التجربة القطرية القول حتى تكتمل التجربة وتمثل نموذجاً يقاس عليه ، فالتجربة تتمتع بتفوق ملحوظ فيما يتعلق بالأنظمة الفرعية الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والتعليمية والصحية والعلاقات الدولية .
أما النظام السياسي فلا يزال يحتاج إلى إصلاحات لا بد من حدوثها ، وهي تتعلق بمؤسسات التشريع والتنفيذ والحكم المحلي ، مثل إتاحة الفرصة لانتخابات تشريعية ومحلية حرة يخوضها أبناء الشعب القطري بحرية تامة ويراقبها العالم ، وإدماج القطريين في ترأس الوزارات المختلفة لا سيما الوزارات السيادية .
كذلك منح الفرصة كاملة لحرية الرأي وحرية التعبير من خلال صحافة حرة وإعلام حر لا يقتصر دوره على متابعة شأن الآخر ، بل يتابع كذلك الشأن القطري بحرية وموضوعية .
أيضاً لا بد من إتاحة الفرصة كاملة لسماع صوت الرأي الآخر داخل قطر بحرية وأمان ، وتقديره والأخذ به ، كمشاركة سياسية إذا كان مصيباً ومفيداً .
بشكل عام على أولي الأمر في قطر أن يقوموا بمراجعة جادة ومحكمة لمؤسسات النظام السياسي وهندسة النظام بما يحقق أقصى درجة من النموذجية والتوافق مع مثال الحكم الرشيد .