النساء السعوديات.. قاصرات ويعشن الويلات!

تخيلي أنه قد حاصرتك النيران المتأججة، وكدت تختنقين بين أكوام من الدخان المتصاعد فسمعت صفارة سيارات المطافئ تسرع إليك لتلوح بارقة من الأمل الخافت على قلبك وتظنين أنك قد وجدت عونا للخلاص إلا أنك تجدين فجأة شرذمة من رجال الهيئة يمنعون رجال الإسعاف والإطفاء من الدخول للنجاة، وذلك بحجة أنك لست بمحرم على أولئك الرجال فبين صراخهم وبكائك تتخلل أصواتهم مستندين بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية فليس لك إلا أن تصبري داخل النيران حتى يتسلم ذووك المحارم!! جثتك المتفحمة!.

ما مر ربما يكون لك من كوابيس مروعة تخيفك ليلة ما وتنتهي بعد الصحو صباحا إلا أنه يعتبر كارثة حصلت فعلا سنة 2002 بالدولة التي نعرفها اليوم بعنوان: “المملكة العربية السعودية” والتي يؤمن بعض رجالها بمثل شعبي يقول: المرأة كسجادة تحتاج كل فترة إلى نفض فبالطبع لا يمكن تنظيف السجادة جيدا دون ضربها!

ولا بد لنا أن نسأل هذا التشدد تجاه المرأة السعودية ينبع عن أي دوافع؟ بالأحرى لماذا تتخوف الدولة السعودية من إعطاء أبسط الحقوق للمرأة؟ وما هي المعيقات التي تحول دون حصول المرأة السعودية على حقوقها واعتبارها إنسانة عادية؟! فما نراه من الوضع المأساوي للمرأة السعودية هل يعتبر كل ما تعانيه هذه الإنسانة المسكينة من النازلات والمصائب أم لا بد أن نعتبر مشاهداتنا قمة جبل الجليد قد اختفى منا الجانب الأعظم منه؟

لمحة عابرة عن حياة المرأة السعودية

نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش في 21 أبريل 2008 تقريرا هاما بعنوان: “قاصرات إلى الأبد” أكدت فيها أن المملكة العربية السعودية تحمل سجلا أسود للغاية في مجال حقوق المرأة ففي الواقع تمر المرأة السعودية بحالة من البؤس والمسكنة يصعب على الإنسان تصديق ما يراه من المشاهد المروعة فجميع أعمال هذه المرأة اليومية والعائلية تخضع لنظام وصاية ولي الأمر كما أن تنقلها وسفرها يكون رهنا لسماح زوجها ومن المثير جدا أن نعلم أنه هناك الآلاف من النساء والفتيات السعوديات يعشن حاليا وراء حيطان المعتقلات والسجون وذلك لاستنكاف ذويهن من تسلمهن فوفقا للقانون السعودي لا يمكن للمرأة حتى بعد انتهاء أيام إدانتها أو إثبات براءتها الخروج من السجن إلا إذا تسلمها رجل من أولياء أمرها.

هذا وتنديدا بنظام الولاية التي تفرض هيمنة الرجل على المرأة نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريرا بعنوان: “كمن يعيش في صندوق:المرأة ونظام ولاية الرجل في السعودية” تدعو من خلالها إلى تحريك الجهود العالمية لإلغاء وصاية الرجل على المرأة كما أن المنظمة وللفت انتباه الرأي العام العالمي لواقع المرأة السعودية المأساوية نشرت مجموعة من الفيديوهات عبر يوتيوب وتويتر ففي أحد هذه الفيديوهات تتحدث طبيبة سعودية كبيرة قد تلقت دعوة رسمية من جامعة أروبية عريقة لإلقاء المحاضرة في مؤتمر طبي إلا أنها لا تستطيع تلبية هذه الدعوة فابنها المشغول باللعب كوصي وولي على أمها يمنعها من هذا السفر. كما نشاهد في فيديو آخر سجينة قد بقت سنوات عديدة بعد انتهاء فترة عقوبتها داخل حيطان السجن لأن ذويها يتملصون من تسملها “فإنها قد جلبت لهم العار” حسب تعبيرهم ففي المملكة يتعين على المرأة أن تتحمل وزر كونها أنثى هذا ولا ولاية في الإسلام غير موضوع الزواج.

كما أن المرأة السعودية تحتاج عند السفر إلى وثيقة تسمى “الورقة الصفراء” والتي تحمل إيذانا من ولي الأمر (فربما قد يكون طفلا صغيرا) للفتاة أو المرأة (والتي قد تكون أم أو جدة الصغير الوصي عليها) حتى يتسنى لها السفر برا وبحرا وجوا.

وفي خطوة مثيرة أخرى تبلغ سلطات الجوازات في المنافذ الحدودية ولي أمر المرأة بتحركاتها والتي يعتبرها البعض “ترسيخا لواقع العبودية للمرأة السعودية” فمنذ عام 2012 بدأت السلطات السعودية بإبلاغ ولي الأمر جميع تنقلات المرأة الوارد اسمها في الوثيقة وذلك عبر رسالة نصية يتم إرسالها لولي الأمر حتى إن رافق ولي الأمر المرأة في هذا السفر.

هذه العوائق التي تم استحداث الكثير منها بعد سنة 1981 م جعلت الناشطات السعوديات يعلين صوت الاحتجاج وبالتالي انطلقت الحركة النسوية في السعودية سنة 1990 متزامنة مع حرب الخليج الثانية حيث خرجت العشرات من النساء والفتيات وهن يقدن سياراتهن مطالبات بأبسط حق لهن في قيادة السيارة مؤكدات أنه يجب أن تتغير النظرة الدونية للمرأة واعتبارها ناقصة الأهلية إلا أن المتشددين والسروريين ما احتملوا هذه المبادرة وقاموا بقمع الحركة كما نشروا بيانات في المساجد للتشهير ببعولهن واتهامهم بالدياثة وما إلى ذلك من التهم الخبيثة إلا أن الجوهرة المكنونة والدرة المصونة كانت قد قررت الخروج من الشرنقة.

مملكة المفارقات

تمر المملكة العربية السعودية بمفارقات تدهش الإنسان إلى أبعد المدى فعلى سبيل المثال لا توجد في المملكة وسائل نقل عام لنقل الفتيات والنساء داخل المدن كما أنه لا يسمح لهن بالقيادة وفي الحل الوحيد تؤكد السلطات على أن المرأة السعودية لا بد أن تجلس في سيارة واحدة مع رجل أجنبي غير محرم لها!

هذا وقبل سنوات قليلة كان بيع الملابس الداخلية حكرا على الرجال ولم تسمح السلطات للسعوديات بالعمل في هذه الوظيفة إلا بعد احتجاجات عارمة على هذا القانون الطفولي لكنهم اشترطوا في هذا التنازل الكبير أنه يجب أن يعرف النساء رجل من رجالهن للعمل في هذه الوظيفة.

وكما نعرف أن السيدة خديجة رضي الله عنها كانت تاجرة من طراز ممتاز فلم يحتج النبي صلى الله عليه وسلم على مهنتها بل قابل بالتحية اقتراح زواجها. مفارقة أخرى تنعكس في أن المرأة السعودية في السبعينات والستينات كانت متمكنة من استقلال الطائرة دون موافقة ولي أمرها فيبدو لنا كلما نتقدم في الزمن نتأخر أكثر في الحضارة! ففي سنة 2013 وبعد أن أمر العاهل السعودي الملك عبد الله بتعيين 30 امرأة عضوة في مجلس الشورى دعا المتشددون دعا المتزمتون لجلوس النائبات خلف الستار في المجلس لمنع الاختلاط بين الرجل والمرأة! معلومة صادمة أخرى أن الكثير من العوائل السعودية تكاد أن تنهمر تحت وطأة الضغوط الاقتصادية الناجمة عن إسكان السواق الأجانب وتكاليف سيارات النقل الخاصة فإلى متى ستتمكن العائلة السعودية من دفع هذه التكاليف الباهظة؟ وإلى متى ستكون قيادة المرأة لسيارتها أصعب على الرجل السعودي من ترك كريماته مع رجل غريب في بيت واحد؟

فما هو الحل أمام المرأة السعودية؟

كثير من المحللين والمتابعين لأخبار المملكة يحصرون مشكلة المرأة السعودية في شيوع ثقافة العنف لدى الرجل السعودي هذا ونحن نريد أن نعالج المشكلة بمنظور آخر فنعتقد أن المشكلة لا تكمن في شيوع ثقافة العنف لدى الرجل قدر كمونها في شيوع ثقافة الاستسلام لدى المرأة فكثير من السعوديات يفتقرن إلى الوعي اللازم بحقوقهن فيرين ما يحل بهن من الدمار والمسكنة قدرا قدره الله لا محيص منه! فعلينا أولا أن نتوجه نحو توعية المرأة السعودية فإنها ستتمكن في أحضانها من تربية رجال قادمين سيعتبرون المرأة إنسانة كاملة الأهلية فبذلك تنتهي الكارثة فكثير من المناوئين لحقوق المرأة قد ترعرعوا بين يدي أمهات كن يعتبرن أنفسهن قاصرات إلى الأبد فبالتالي ليس بمستغرب ألا تشق كلماتنا طريقا إلى عقول هؤلاء الداكنة. كما أننا نرى إذا كانت الأمهات مستسلمات أمام الظلم الذي يطالهن فتاليا سيربين شعبا سيرزح تحت وطأة صنوف الظلم والتنكيل دون أن يرفع رأسه للاحتجاج على تدمير حياته وحقوقه.

Exit mobile version