“الجزائر- وطن”- في خطوة هي الأولى من نوعها مند استقلال الجزائر، أطلقت شركة الغاز والكهرباء الجزائرية، الخميس الماضي، أولى فواتيرها باللغة العربية، و ذلك بعد خمس وخمسين سنة من هيمنة اللغة الفرنسية على محررات الشركة الثانية الأبرز بالبلاد.
و ذكر نشطاء عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، وصول أولى دفعات فواتير الكهرباء والغاز من المطبعة باللغة الوطنية الرسمية لبعض مراكز التوزيع.
وتعتبر الخطوة ثمرة نضال طويل من بعض الجزائريين ضد هيمنة الفرنسية في الحياة العامة للبلاد وفي مختلف مؤسساتها رغم أن دستور البلاد لا يعترف إلا بالعربية و أخيرا الأمازيغية لغة وطنية ورسمية.
وكان مواطنان من بلدية عين مليلة في ولاية أم البواقي (أقصى الشرق) رفعا قبل أزيد من سنة شكوى ضد الشركة يطالبانها بتحرير فواتيرها بالعربية بدلا من الفرنسية تجاوبا مع روح الدستور.
وتجاوبت إحدى محاكم الولاية إيجابا مع الشكوى و قررت بتاريخ 22 يوليو من العام الماضي إلزام الشركة باستعمال اللغة الرسمية “العربية” منوهة إلى أن استعمال الفرنسية في الفواتير العمومية مخالف لنصّ المادتين 3 و4 من الدستور.
#لا_للفرنسيه_في_الوثايق_الرسميه
وتأتي الخطوة بعد أيام قليلة فقط من قيام مؤسسة بريد الجزائر، وهي واحدة من أهم المؤسسات الاقتصادية بالبلاد، بتعريب جميع محرراتها ووثائقه الإدارية وفي مقدمتها وثيقة كشف الحساب.
ولقيت الخطوة استحسان الجزائريين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، و الذين أثنوا عليها بموقع “تويتر” عبر هاشتاغ #لا_للفرنسيه_في_الوثايق_الرسميه .
وفي هذا السياق غرد فاض صلاحات قائلا: إلغاء الفرنسية في #الجزائر خطوة عظيمة ..ولكن على المسؤولين والقادة الالتزام بها”.
و غردت بسمة منوهة :” حنا (نحن) تحررنا من الإستعمار .. متى نتحرر من لغتهم. لا نريد الفرنسية. نعم للغة العربية. أهدر (تكلم) لهجتك واترك الفرنسية”.
وأعرب المدعو هواري بومدين عن أمنيته بأن ” يتم إلغاء هده اللغة الملعونة (يقصد الفرنسية) من لسان المسؤولين والقنوات التلفزيونية ومن أفواه الشعب الفقاقير” (وتعني الفقاقير جمع فقير أطلقها رئيس الحكومة السابق عبدالمالك سلال في إحدى خطاباته فذهبت مثلا للسخرية والتندر!”.
في حين اعتبرت بنت الدزاير أنه ” مثلما قرروا إلغاء الفرنسية من بريد الجزائر نتمنى أن تشمل بقية المؤسسات”.
عربية غريبة
و تبدو اللغة العربية غريبة بين أهلها في الجزائر بسبب هيمنة الفرنسية على أحاديث مسؤولي البلد و الوثائق الإدارية، وذلك رغم محاولات بعض رؤساء البلاد السابقين، على غرار الرئيسين الشاذلي بن جديد واليمين زروال، إقرار قوانين تلزم استعمال اللغة العربية في جميع مناحي الحياة بدلا من “لغة المستعمر”.
ويبدو أن ذلك هو الذي ثبط من عزيمة المدعو “rebelle” (وتعني التمرد) الذي سخر من الخطوة عبر حسابه بتويتر :” 7 ملايين من الجزائر في فرنسا. الطوابير أمام قنصلية فرنسا من أجل الفيزا. 60 بالمائة من الكلمات بالفرنسية”. بينما أشارت “ميليسا” إلى ما تعتبره نفاقا اجتماعيا معتبرة أن ” الأشخاص الذين وضعوا هذا الهاشتاغ سيكونون أول من يبيع البلد من أجل العيش في فرنسا”.
ويوعز المحلل السياسي إسماعيل بن علي “ضياع” العربية بين أهلها إلى ما اعتبره “غياب إرادة سياسية حقيقية تمكن اللغة العربية من تبوأ مكانتها الحقيقية”، مشيرا إلى أن ” الفرنسية استعادت ضالتها ووجدت طريقها للانتشار اللافت في خلال حكم الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة الذي لم يتورع في مخاطبة الجزائريين بالفرنسية وتهميش العربية رغم أن ذلك مخالف للدستور”.
ورأى أن ذلك ” فتح الباب على مصراعيه أمام المسؤولين وبعض النخب للحديث بالفرنسية في تجاهل صارخ لأحد ثوابت البلد وآخرهم رئيس اتحاد الكرة الذي خاطب الجمهور الكروي خلال الاحتفال بعيد الإستقلال (5 يوليو) بالفرنسية ولم يكلف نفسه طيلة أزيد من ساعة حتى عناء الحديث ولو بكلمة عربية واحدة” على حد تعبيره.
يشار إلى أن عددا محدودا جدا من الوزارات التي تستعمل العربية لغة التواصل في ما بينها أبرزها وزارة الدفاع الوطني التي قامت، قبل فترة، بمحو الفرنسية من واجهاتها الرئيسية واستبدلتها بالإنجليزية في خطوة اثارت استحسان الجزائريين.
الفواتير ، والعديد من القطاعات من الإدارة كانت معربة قبل إنقلاب 1992 وقبل مجيء المعو بوتفليقة الذي فرنس الجزائر كلها.