إن العلاقات المتبادلة بين الدول في جنوب شرق آسيا والدول الخليجية تحمل في خباياها أن بعض الدول في جنوب شرق آسيا منها الهند وباكستان والصين تستغل الفرصة لكي ترفع قدراتها الاقتصادية والعسكرية في الخليج عبر تعزيز علاقاتها مع بعض الدول بما فيها الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين، رغم أن المظهر الخارجي لهذه العلاقات يعبّر عن علاقات تاريخية وقائمة على أسس راسخة من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة في العديد من المجالات.
وفيما يتعلق بالعلاقات المتبادلة بين باكستان وقطر، تحافظ باكستان على موقف متوازن بشأن الخلاف الحالي بين قطر ودول الخليج، وتتمتع بعلاقات ثنائية قوية تدعمها العلاقات التاريخية الوثيقة والمشاركة الجوهرية. وكذلك الحال بالنسبة للصين التي دعت إلى حل الأزمة الخليجية عبر الحوار تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي.
وفي السياق نفسه، تحاول باكستان والصين بالتعاون مع دولة قطر أن تقللا من الدور الاقتصادي للإمارات العربية المتحدة عبر الإستثمار في ميناء الجوادر الذي يطل على بحر العرب، ويقع على الساحل الجنوبي الغربي من بلوشستان، وباكستان. وفي سبيل تحقيق هذه الغاية اهتمت القيادة العسكرية الصينية بميناء الجوادر وحوّله إلى قاعدة للبحرية الباكستانية. الأمر الذي أثار قلقا هنديا وتخوفا إقليميا ودوليا. هذا وتتمتع الصين بعلاقات قوية مع باكستان من أجل الحفاظ على مصالحها الأمنية والقومية.
وفي المقابل، نرى تغلغل النفوذ الهندي في الإمارات العربية المتحدة اقتصاديا وبشريا، وانتقال الكثير من الهنود إلى دبي في ظل تطور العلاقات التجارية بين البلدين، بحثا عن فرص العمل. حيث إن الهنود يشكلون الجزء الأكبر من سكان الإمارات ، ويعيش أكثر من مليوني مهاجر هندي في دولة الإمارات ويشكلون أكثر من 40٪ من مجموع السكان فيها. ففي هذه الظروف ليس من غیر المتوقع أن تبذل الهند جهودها في الحماية من الدور الاقتصادي للإمارات في الشرق الأوسط، ومن أجل تحقيق هذا الهدف بدأت الهند بتنفيذ مشروعاتها الاقتصادية في ميناء تشابهار المطل على بحر عمان جنوب إيران لتقلل من دور ميناء الجوادر. حيث إن الهند وقعت اتفاقية ثلاثية استراتيجية مع إيران وأفغانستان لكي تتيح ممرا تجاريًا إلى أفغانستان ووسط آسيا، وتزيد من التواجد الهندي في الشرق الأوسط في حين يتجاوز باكستان.
ويمكن الاستنتاج، أولا: إن الهند والإمارات العربية المتحدة التي تربطهما العلاقات الاقتصادية الوثيقة، تطمحان إلى تقليل دور التحالف الثلاثي الباكستاني الصيني القطري عبر تعزيز نفوذهما في الشرق الأوسط وتوسيع الطرق التجارية. وثانيا: ترمي باكستان والصين والهند إلى توسيع نفوذها في قطر والإمارات العربية المتحدة عبر التنافسات الاقتصادية فيما بينها، وثالثا: إن العلاقات التي حصلت بين باكستان والصين وقطر، وبين الإمارات العربية المتحدة والهند ليست اقتصادية بحتة فحسب بل إنها تحمل أغراضا سياسية تبني على الحماية من مصالح باكستان والصين والهند أكثر من الحماية من مصالح قطر والإمارات.
ومن المؤكد فإن احتياطات الطاقة الهائلة والموقع الجيو اقتصادي لدول الخليج أدت إلى أن تكون هذه المنطقة مصدر الاهتمام لجميع الدول المتقدمة والنامية. وبالتالي إن السعودية وقطر بوصفهما الدول التي تمتلك أكبر احتياطات الطاقة، تتمتعان بجاذبية كبيرة لدى جميع الدول بما فيها دول جنوب شرق آسيا، ولكن من جهة أخرى إن الإمارات العربية المتحدة لا تتحلى بأية جاذبية أصيلة ويرى جميع المراقبين السياسيين، إنها تفقد مكانتها في منطقة الخليج في المستقبل القريب فلا تري أمامها خيارا سوى التراجع والتفكك في المنطقة خاصة بعد إنشاء الجزر السياحية في السعودية وتدشين ميناء الجوادر.