مسيحيو المغرب من الظل إلى العلن
شارك الموضوع:
لا تكاد توجد إحصاءات رسمية لعدد المسيحيين، ولا الطائفة الشيعية، إلا أن تقريراً للخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية، لعام 2016، قدر عدد المسيحيين بألفين إلى 6 آلاف شخص، في مختلف أنحاء البلاد، من أصل 34 مليون مغربي.
وأفاد التقرير بأن ما بين ألف إلى 3 آلاف مسيحي، يترددون بانتظام على “كنائس منزلية”، بينما يقيم في المغرب نحو 40 ألف مسيحي أجنبي، 75 % منهم كاثوليك، والبقية بروتستانت، وسلط تقرير لوكالة “الأناضول” التركية الضوء على أوضاع المسيحين الذين يُعدون أقلية في المغرب، ويبدي كاتب التقرير “عماد كزوط” استغرابه أن المتحدث باسمها، مصطفى السوسي، تحول من ديانة الأغلبية، الإسلام، ليكون واحداً من أكثر المدافعين عن حقوقها، ونقل كاتب التقرير عن السوسي قوله أن تراتبيته الدينية، ودراسته للعلوم الشرعية بدل الدراسة العادية، وانضمامه لجماعة إسلامية مغربية هي ما دفعته لطرح “أسئلة وجودية”، ومن ثم دراسة المسيحية، على مدار عام، قبل أن يقرر تغيير دينه في ،1995 ولفت التقرير إلى أن تجربة السوسي الذي يوصف بالمتحدث الرسمي باسم تنسيقية المسيحيين المغاربة (غير حكومية)، لعبت دوراُ في خروج مسيحيي المغرب من الظل إلى العلن رغم نظرات المجتمع وتحديات الإدارة.
التقرير أشار إلى أن السوسي (46 سنة) لم يكن يعتقد يوماً، أنه سيقدم على تغيير عقيدته، ولا حتى مجرد التفكير في التقصير إزاء واجباته التعبدية، بالنظر إلى التربية الإسلامية الصارمة، وسط المجتمع الذي ترعرع فيه. وأردف أن السوسي أخفى هويته الدينية الجديدة، تفادياً لغضب محيطه الاجتماعي، لا سيما بعدما قاطعه 4 من إخوانه، منذ 10 سنوات.
وكشف التقرير أن مما خفف من القطيعة الأسرية تجاه السوسي أن اثنين من إخوان السوسي اعتبروا خطوته حرية فردية، ليس لهما حق التدخل فيها، فضلاً عن وفاة والده، قبل الإفصاح عن دينه الجديد، في 2007.
وأمام هذا الوضع، لم يعلن الرجل دينه الجديد، إلا في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عندما ظهر برفقة أصدقائه المسيحيين، خلال الاحتفال بميلاد المسيح. وأضاف تقرير الأناضول أن “دافع السوسي إلى هذه المجاهرة، كان بسبب روح وثقافة الاختلاف التي بدأت تدب، نسبياً، في المنظومة الثقافية للمجتمع المغربي”، لافتاً إلى أن “إعلان المسيحيون المغاربة عن أنفسهم رسميا، لم يكن عفوياً ولا حماسياً، بل كان وفق برنامج مخطط له، بشكل مسبق، بدأ بتأسيس إطار قانوني، في مارس/ آذار 2016، تحت اسم “تنسيقية المسيحيين المغاربة”.
وتعيد تسمية تنسيقية إلى الذاكرة الهيئات المدنية التي كانت تعمل في الخفاء بداية الثورة السورية ويعود إعلان المسيحيين المغاربة عن أنفسهم – بحسب التقرير- إلى سببين أولهما، -كما يشير المتحدث باسم التنسيقية للأناضول= “آية في الإنجيل تحرم إنكار المسيحي هويته الدينية”.
والسبب الثاني، أن عدد المسيحيين في المغرب، وإن بقي ضئيلا جداً، “أصبح يناسب الخروج العلني”، لكن السوسي رفض تقديم رقم بعينه، وبالرغم من تأسيس المسيحيين المغاربة إطاراً قانونياً، حتى يتسنى لهم المطالبة بحقوقهم كمواطنين، في إطار القانون، فإن ذلك لم يمنع من تعرضهم لبعض الصعوبات، ودفع ذلك المسيحيين المغاربة إلى تقديم رسالة “مستعجلة” لمحمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان (حكومي)، في 3 أبريل/ نيسان الماضي. وتطالب الرسالة بـ”الزواج المدني، والسماح بإقامة الطقوس المسيحية بالكنائس، ومقابر مسيحية (…) وأن يكون التعليم الديني للمغاربة المسيحيين اخيارياً في المدراس المغربية”.
وأفاد المتحدث باسم المسيحيين المغاربة -بحسب تصريحه آنف الذكر- إلى أن الصبار تفاعل مع مطالبهم بـ”إيجابية”، ورفع المذكرة إلى رئاسة الحكومة، في انتظار الرد عليها.
وبدا تقرير الأناضول وكأنه يتحدث عن حزب محظور أو طائفة تمارس نوعاً من ” التقية” حسب المعتقد الشيعي وليست طائفة تعيش في الوطن العربي جنباً إلى جنب مع المسيحيين بما في ذلك بلدان الخليج العربي التي أتاحت للمسيحيين إنشاء كنائس وسمحت لهم بممارسة طقوسهم الدينية بكل حربة.