كلما اقترب موعد تتويج ابن سلمان ملكا زاد الارتباك.. من يقف في وجه “الاندفاع الأهوج” للحاكم الفعلي في السعودية؟!

ما الذي تغير في السعودية؟ ولم كل هذه الاعتقالات وهذه الحساسية المفرطة، وربما غير المسبوقة، تجاه كل همس وربما حتى صمت؟ فالسجون ملأى والإصلاحيون مغيبون منذ زمن والتملق تقريبا هو الموجة السائدة إلى وقت قريب. ربما لاحظ مراقبون أنه كلما اقترب موعد تتويج ولي العهد الجديد، محمد بن سلمان، ملكا خلفا لأبيه زاد الارتباك وظهرت ملامح التصعيد وغلب التخبط، يريد أن يكون ملكا مهما كلف الثمن. صحيح أن هذا كان متوقعا منذ فترة، لكن الدفع كان سريعا مستعجلا بما لا يتحمله الوضع والعائلة والقصر.

 

الاندفاع الأهوج، وربما غير المسبوق، اجتاح كل السياسات تقريبا، الحربية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والخارجية، واستعدى كل الأطراف تقريبا وحتى داخل العائلة الحاكمة.

 

فسر البعض هذا التخبط الهائل بالتعطش الأعمى للملك ورأى فيه آخرون بأنه مدفوع من الحاكم الفعلي للإمارات، محمد بن زايد، وتحدث مراقبون عن التغطية على التقرب المكشوف من الكيان الصهيوني وأشار متابعون إلى “عقدة” قطر المستحكمة، ولكن كل هذا وغيره في الأخير، يختصر أزمة عميقة في حكم آل سعود ما عاد ممكنا التستر عليها أو التخفيف من حدتها.

 

كان التضليل السائد واستخدموه لفترة، وخصوصا في التسعينيات وما بعدها، أن الإسلاميين يتآمرون ويتربصون بالحكم وهم أهل انقضاض وسطو لا يُؤتمنون ولا يمكن الوثوق بهم، رغم أنهم إجمالا أظهروا تناغما مع القصر أو آثروا الصمت، في أحسن الأحوال، بما ميعوا به قضايا مصيرية وتنكروا فيه لتضحيات الإصلاحيين، ففي “العهد الجديد” تحمس كثير منهم لعاصفة الحزم في اليمن وانساقوا وراء موجة مواجهة إيران في المنطقة وسكتوا عن تغييب وجوه مؤثرة عاقلة وأماتوا على الناس قضاياهم بالسكوت عنها أو التلميح عن بعد، حتى انفجر طوفان الاندفاع الأهوج في وجه الجميع.

 

اليوم، لاحظ كثيرون أن دائرة الرفض والسخط تتسع، وتضاعفت معاناة المسحوقين والمهمشين وهم يزيدون ولا ينقصون، وربما يشكلون الأغلبية الصامتة اليوم، ولم يُر من أكثر إسلاميي الداخل انتصارا لقضاياهم وهمومهم إلا ما كان كلاما عاما وغمغمات، وحتى هذا ما عاد مسموحا به الآن، وتبين أن السياسات الكارثية للعائلة أفقرت الشعب وسدت عليه المنافذ وأنهكته وما عاد يطيق معها صبرا ولا قدرة له على التحمل وزاد وعي الناس بحجم الكارثة واستفاقوا على حقائق صادمة.

 

رهان القصر الأكبر أن الشعب ميت، وإذا تحركت مجموعات منه محدودة الأثر والتأثير ستواجه بالهراوة والمطاردة، ويتفاعل معها البعض لفترة قصيرة ثم يُغيبون في السجون والمعتقلات وتنتهي القصة على هذا.

 

لكن الاندفاع الأهوج والتعطش الأعمى للملك مهما كلف الثمن واختصار الطريق بكسب ترامب والانغماس مع الصهاينة أحدث كل هذا وغيره رجة في البلد، بل وحتى داخل العائلة، فالسحق تجاوز السرعة الافتراضية التي أدمن عليها الشعب وتعايش معها والإعصار جارف لا يبقي ولا يذر، حتى ظن كثيرون أن القصر مخطوف.

 

وربما تبين للبعض أو للكثير، وهذا لا يمكن الجزم به الآن، أنه إن لم يتحرك أهل الغيرة والشهامة والنخوة والمظلومين والمضطهدين والمطحونين في بلاد الجزيرة وهم أكثر الشعب فلن يوقف هذا الجنون أحد. إذ الضغط الشعبي يغير الموازين والتحرك الواعي يربك السياسات الحاكمة، وليس ثمة تغيير بلا ضريبة ولا تلاحم ولا نزول للشارع ولا ضغط شعبي، والمطلوب أكثر من موقف وتوصيف حالة وتشخيص وضع، هذا يقلقه ويفزعه لكن لا يردعه.

 

ثمة حالة رفض عارمة في السعودية لا تخطئها العين، مهما حاولوا التستر عليها أو مناكفتها والتشويش عليها وتحقيرها، تحركها السياسات الكارثية والاندفاع الأهوج، ولا انتماء فكري ضيق لها، حتى وإن اعتقلوا دعاة ومؤثرين محسوبين على تيار الصحوة، كما يطلق عليه في المملكة، للإيهام أو لخوف حقيقي من أن يكون لهم تأثير في أي تحرك شعبي قادم، كيف يمكن لهذا الحالة أن تعبر عن غضبها ووعيها وتذمرها؟ هذا ما لا يمكن الجزم به الآن.

 

المصدر: مجلة العصر الالكترونية

قد يهمك أيضاً

تعليقات

  1. – هــذا مــن كــيــد رجال الدين التقليديين من آل الشيخ = “الإِكْـــلـــيــــروس الـــســـعـــودي”

    ضد الدعاة المُتنورين و الأحرار ، و لا تفسير آخر له.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا

الأحدث