الشاعرة اللبنانية “رنا رسلان” لـ”وطن” الشعر كان ولا زال رونق الحياة

By Published On: 4 أكتوبر، 2017

شارك الموضوع:

“وطن-وعد الأحمد-خاص”- “رنا رسلان” شاعرة لبنانية مسافرة في زورق الأبجدية، ومغامرة في حقول الكلام المشتهى، تكتب بالحواس الخمس قصائد منسوجة بخيوط الرغبة الحريرية ومعمَّدة بماء الطهر وندى الياسمين، تبدو كـسحابة هاربة كلما عطشت فتحت شرياناً من شرايينها الداخلية وشربت، أو كـغيمة تُغازل ظلها وتنام حالمة بالمطر.اختارت التعبير عن ذاتها من شرفة الشعر النبطي الذي حلقت في فضاءاته عالياً، وشهد الكثير من النقاد والمهتمين بريادتها لهذا النوع من الشعر الذي تندر ناظماته في لبنان وربما في الوطن العربي.

 

رافق الشعر طفولتها وهوايتها الأولى فهي لا تذكر على وجه التحديد كم كان عمرها عندما بدأت أولى خطواتها في دروب الشعر- كما تقول- لـ”وطن” مضيفة أن نشأتها في مدينة طرابلس اللبنانية وبيئتها الاجتماعية ساعدا على اتجاهها في هذا الطريق فوالدها الشيخ “فضل بن مصطفى آل رسلان” كان يقرض الشعر، وعاشت شطراً من حياتها بين لبنان والبحرين والخليج عموماً، غير أن أول محطة مشرقة في حياتها -كما تقول- هي وقوفها أمام خادم الحرمين الشريفين الملك “عبد الله بن عبد العزيز” رحمه الله وألقت أثناءها شعراً نبطياً، وروت محدثتنا أن والدها الشيخ فضل كان صديقاً للشيخ “سلمان بن أحمد آل خليفة” من البحرين فاصطحباها إلى قصر الملك عبد الله، وشعرت حينها-كما تقول- بالخوف وصارت ترتجف ولكنها لم تلبث أن تمالكت نفسها وألقت قصيدة نالت إعجاب الملك والمحيطين به، ولم تكن قد تجاوزت الحادية عشرة من عمرها آنذاك، واتجهت بعدها للنشر بأسماء مستعارة في المنتديات الأدبية نزولاً عند رغبة والدها.

 

وحول دوافع اختيارها للشعر النبطي في التعبير عن ذاتها أوضحت “رنا رسلان” التي تحمل إجازة في الحقوق و”ماستر” في إدارة الأعمال أن أصولها سعودية رغم أن جنسيتها لبنانية وعاشت فترة طوية في المملكة العربية السعودية والبحرين وتأثرت بالشعر السائد بالخليج، مشيرة إلى اختيارها لهذا اللون الشعري جاء من كونه يصل إلى شريحة كبيره من الناس.

 

وعن أفضل الأوقات لكتابة الشعر وهل هناك طقوس معينة لممارسة الكتابة الشعرية لديها أوضحت محدثتنا أن هناك طقوساً تفرضها كتابة الشعر عادة ومنها الوحدة والهدوء والانطواء، مضيفة أنها لا تتحضر مسبقاً لكتابة القصيدة أو تحيط نفسها بطقوس وأجواء معينة، استمطاراً لغيث الوحي بل هي ممن يكتبهم الشعر ولا يكتبونه  تقول: “أفاجأ أحياناً بمطلع قصيدة يتبختر في خيالي دون أن استدعيه وبالتالي  فلست ممن يفرشون الورد لاستقبال القصيدة، بل أن ورودها تهبط علي من سحائب مشبعة بالعطر…”

 

ولا تجد الشاعرة رسلان صعوبة في المواءمة بين حياتها العملية والحياة الأسرية وعالمها الشعري الأثير، لافتة إلى أنه “من السهل التوفيق بين الحياة العامة والعالم الشعري ولا تعارض بينهما أصلاً” فالشعر–حسب وصفها- “ما هو إلا شذرات او همسات تأتي من عالم الغيب وتلقي في روع الشاعر صوراً وأطيافاً متى وجدت في نفسه استعداداً لذلك”، وأكثر من ذلك-كما تقول- فإن الحياة العامة بانفعالاتها وتأثراتها وتأثيراتها… يمكن أن تشكل روافد غنية للتجربة الشعرية، ولا تعارض جوهرياً بينهما”.

 

وحول مفهومها للحرية والإبداع وكيف تمارس حريتها الخاصة على الورق الأبيض أشارت محدثتنا إلى أن مفهوم الحرية من أكثر المفاهيم نسبية وضبابية وإذا كان الشاعر في الوطن العربي شأنه شأن أي إنسان، يعاني من ضيق هامش الحريات ويعاني الشاعر أكثر من سواه بسبب توقه الفطري إلى الحرية والانعتاق، ولكن هذا لا يمنع من القول أنها تتمتع على المستوى الشخصي بهامش مقبول من الحرية لا سيما في معالجة مواضيع قصائدها التي غالباً ما لا تخرج فيها عن المألوف، لا خوفاً ولا عجزاً ولكنها-كما تقول- تؤمن أن الشاعر طالما انه يستطيع أن يعبر عن مكنونات نفسه دون أن يخدش مقدساً أو يمس محرماً فلا حاجة به لذلك، وتابعت محدثتنا أن “مفهوم المقدس والمحرم هنا لا يقتصر على الدين…بل هو يتسع ليشمل كل ما يقع تحت عنوان “التابو” أياً تكن طبيعته”.

 

وعن رؤيتها لانحسار دور الشعر وفقدان موقعه وهل تعاني شخصياً من مشكلة التواصل مع الجمهور أبانت “رنا رسلان أن “هناك أمور كثيرة تغيرت في عالمنا وأصبحت وسائل وتكنولوجيا العصر أهم بكثير، ولكن هناك –كما تقول- طبقات من مجتمعاتنا ما زالت تنتمي للشعر وتحتاج له ﻷن الشعر ما زال رونق الحياة”.

 

وحول تبريرها لقلة التجارب الشعرية النسائية عندنا رغم أن الشعر كان ذات يوم لسان حال المرأة  أشارت محدثتنا إلى أن هناك عدد لا يستهان به من المبدعات في وطننا العربي ولكن ربما كان الإعلام مركزاً أكثر على الشعراء الرجال، انطلاقاً من ارتباط الشعر العربي منذ القديم بالرجال أولا…ومن ذكورية المجتمع العربي المفرطة ثانياً، ولفتت رسلان إلى أن الساحة الشعرية العربية مليئة بالمبدعات ومنهن على سبيل المثال لا الحصر السورية “سهام الشعشاع”، الكويتيتين “سعاد الصباح” و”ميسون السويدان” والجزائرية “أحلام مستغانمي”  وغيرهن كثيرات”.

شارك هذا الموضوع

Leave A Comment