بدأت العلاقات الرسمية بين تونس وإسرائيل في العام 1996 حين فتحت إسرائيل في شهر نيسان 1996 مكتب مصالح في تونس، وفي شهر أيار من السنة نفسها فتحت الحكومة التونسيه مكتبا مماثلا في إسرائيل. ولكن بعد الانتفاضة الفلسطينية عام 2000 أغلقت تونس مكتبها في تل أبيب. ولكن العديد من الباحثين والمراقبين السياسيين أقروا على أن العلاقات المتبادلة غير الرسمية بين البلدين تتواصل بعد ذلك في مجالات مختلفة.
وإن يكون من الصعب الحصول على أرقام تفصيلية حول حجم العلاقات الاقتصادية بين تونس وإسرائيل ولكن كشفت اليومية المالية الإسرائيلية “غلوبر” في 19 تشرين الأول 2008 أن المستثمرين ورجال الأعمال الإسرائيليين مهتمون جدا بتونس، وأنهم كانوا يحاولون على ضوء التطور والنمو الاقتصادي في البلاد إلى تقوية علاقات التجارة ودعم الاستثمار في البلاد، وإلى تشييد بنايات وفنادق.
هذا ويؤكد بعض المصادر التونسية على أن حركة النهضة التونسية قامت بخطوات تطبيعية مع إسرائيل، والتصريحات المتناقضة لزعيم حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي حول مسألة التطبيع مع إسرائيل خير دليل على ذلك.
تشير هذه التفاصيل إلى أن تونس أسرع من الدول الإفريقية الأخرى في الإرتماء في أحضان إسرائيل، إذ أصبحت اليوم العلاقات المتبادلة بين البلدين أكثر سرعة وتطويرا من العلاقات بينهما في زمن الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي.
وفي الإطار نفسه تعتزم إسرائيل تنظيم أول قمة إسرائيلية أفريقية في أكتوبر/تشرين الأول القادم، وستحتضن هذه القمة توغو التي آلت إليها الرئاسة الدورية لـ”إكواس” أثناء قمة المنظمة الأخيرة التي عُقدت قبل أيام في مونروفيا. هذه الخطوة تشكل شراكة متقدمة في مجال التطبيع بين إسرائيل والدول الأفريقية، وتأتي على غرار القمم الأخرى كالقمة الفرنسية الأفريقية، والقمة الهندية الأفريقية، والقمة الصينية الأفريقية، والقمة التركية الأفريقية، التي تسعى من خلالها هذه القوى لإحراز النفوذ الاقتصادي في أفريقيا.
وبناء على بعض التقارير تحاول إسرائيل في الآونة الاخيرة إقناع تونس للمشاركة في القمة المذكورة أعلاها، حيث إن السفير الإسرائيلي في كوت ديفوار ايلي بن تورا في رحلته الأخيرة إلى تونس التقى سرّياً بوزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي في مدينة الحمامات الواقعة بجنوب العاصمة بهدف إقناع الوزير التونسي للمشاركة في القمة.
وحمل السفير الإسرائيلي رسالة من المسؤولين الإسرائيلين إلى وزير الخارجية التونسية تفيد على رغبة الكيان الصهيوني للتعاون مع تونس في مختلف المجالات بما فيها مكافحة الإرهاب.
هذا ومن جهة أخرى يحظى كنيس الغريبة بمكانة خاصة عند يهود تونسيين وأجانب باعتباره أقدم معبد يهودي في إفريقيا، إذ ينطلق موسم الحج اليهودي السنوي في كنيس الغريبة في جزيرة جربة التونسية (جنوب) ويحج اليهود إليها مرة كل سنة، في ذكرى وفاة أحد الأحبار اليهود قبل 100 عام. ويشارك في هذا الموسم كل من رئيس الوزاء التونسي وبعض الوزراء التونسيين بما فيها وزيرة الثقافة التونسية، ووزيرة السياحة، ووزير الشؤون الدينية.
وكذلك إن التطبيع الأكاديمي في تونس مع إسرائيل بات جليّا طيلة الأعوام الأخيرة، وإن بعض الأساتذة الجامعيين التونسيين يدافعون علنا عن ذلك، ويدعون إلى التواصل مع الإسرائيليين الذين اغتصبوا الأراضي الفلسيطينة.
وينشط العديد من الشركات التجارية الصهيونية التي تدعمها الشركات التجارية الأروبية والأمريكية في تونس وبعض مدنها نحو “الحمامات” و”سوسة”، وبدعم من هذه الشركات ينشط بعض ضباط الأجهزة الأمنية الإسرائيلية (الموساد) بهدف الأنشطة الاستخباراتيه ورصد الأوضاع في تونس وشمال أفريقيا.
فبالجملة إن الموقف الذي تبنته تونس تجاه إسرائيل يمهّد الأرضية المناسبة للتوغل الإسرائيلي في تونس على وجه الخصوص وإفريقيا على وجه العموم.