أفادت الأنباء أن المسجد الذي تعرض للهجوم بمنطقة الروضة في سيناء تابع للطرق الصوفية، وبالتحديد الطريقة الجريرية، والتي يشن التنظيم المتشدد الذي يحمل اسم “ولاية سيناء” حملة عليها منذ فترة طويلة.
ففي 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2016 قام التنظيم بخطف أحد كبار مشايخ الطرق الصوفية وهو سليمان أبو حراز البالغ من العمر98 عاما وقتله.
يذكر أن عدة طرق صوفية تنشط في سيناء في مقدمتها الطريقة الجريرية، فما هي الصوفية؟
القرب من الله
يقول البعض أن كلمة صوفي مشتقة من كلمة صوف الذي كان يرتديه الصوفيون الأوائل، وربما لها علاقة بالنقاء، كما أن هناك من يرى أنه ربما تكون لها صلة بالكلمة اليونانية صوفيا وتعني الحكمة.
وعلى مدار التاريخ ينظر إلى الصوفي على أنه الشخص المتدين الذي يتطلع لأن يكون قريبا من الله.
ومن أبرز الطرق الصوفية القادرية والرفاعية والأحمدية أو البدوية والدسوقية والنقشبندية والتيجانية والإدريسية والسنوسية والجعفرية وغيرها.
ليست طائفة
ويخطئ غير المسلمين باعتبار الصوفية طائفة إسلامية فهي بمعنى أدق تعتبر تجليا للإسلام، ويمكنك أن تجد الطرق الصوفية لدى السنة والشيعة وغيرهم من الجماعات المسلمة.
وقد وصف بن خلدون في القرن الرابع عشر الصوفية بأنها التفاني في عبادة الله والزهد في الثروة والمظاهر وغيرها من أوجه السعادة، واعتزال الآخرين لعبادة الله.
ويؤكد الصوفية على ضرورة تعلم المعرفة الإسلامية من المعلمين وليس الكتب، ويمكن تتبع أثر معلمي الطرق حتى محمد نبي الإسلام نفسه.
ويعنى الصوفية بالذكر فهم يذكرون أسماء الله ويقرؤون آيات القرآن سواء بشكل فردي أو في مجموعات (حلقات الذكر).
الحب
ولا تخلو مفرداتهم من كلمات الحب. فشعراء الصوفية كالحلاج والرومي ومن تلاهم تزخر أشعارهم بمفردات الحب والفراق واللوعة وانتظار ملاقاة الحبيب.
ونجد هذا التماهي واضحا لدى الحلاج في القرن الثالث الهجري بقوله “أنا من أهوى ومن أهوى أنا… نحن روحان سكنّا بدنا”.
بينما يصف الرومي، بعد ذلك بقرنين، التعبير الصوفي بانه “ليس حروفا وكلمات بل قلب أبيض كالثلج”.
غير أن ذلك لا يعني أن الصوفية مجرد شعر وأحاسيس بل أن هناك من وضع أسسا فكريا لها كابن عربي حتى قيل إنه في العصور اللاحقة صيغت معالم الرؤية الصوفية بفكر ابن عربي وشعر الرومي.بحسب “BBC”
وقد لعب الصوفيون دورا في رسم التاريخ والفكر الإسلامي فقد ساهموا كثيرا في الأدب الإسلامي وتجاوزت تأثيرات الرومي وعمر الخيام والغزالي بلاد المسلمين حيث اقتبس الفلاسفة والكتاب ورجال اللاهوت الغربيون كلماتهم.
كما لعبوا أيضا دورا كبيرا في نشر الإسلام في المناطق البعيدة وخاصة في افريقيا والهند والشرق الأقصى.
إمام المسجد يروي شهادته حول “مذبحة الروضة”..
الشيخ محمد رزيق، إمام وخطيب مسجد الروضة، خرج على إحدى الفضائيات، ليروي شهادته حول الحادث الأليم قائلاً إنه عندما صعد إلى المنبر سمع ضرب النيران، وبعد ذلك حدثت حالة من الهرج والمرج في محاولة من المصلين للهروب من طلقات الرصاص، والبعض قام بالهروب من شباك المسجد.
وتابع رزيق، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج “كلام تاني” المذاع على فضائية “دريم”، مساء الجمعة، أن الإرهابيين قاموا بتفجير المسجد في البداية، وبعد ذلك قاموا بإطلاق النيران على كل المصلين في داخله.
ولفت إلى أنه الآن في المستشفى يتلقى العلاج، معقباً: “لسه في المستشفى والأطباء بيشخصوا الحالة.. وربنا يستر”.
وحسب ما ذكرت وسائل إعلام مصرية، فقد توجّه الشيخ عبدالفتاح، الذي يبلغ من العمر 26 عاما إلى مسجد الروضة لإلقاء الخطبة، رغم وجود تحذيرات سابقة وصلت إليه من ضرورة توقف الصلاة في المكان، لكنه لم يكترث.
صدح صوت الأذان الأول، فخطى الخطيب نحو المنبر، وصعد إلى أعلى نقطة، انتظر الأذان الثاني إيذاناً ببدء خُطبته، لكن لم يمهله الإرهابيون وسقط على الأرض جراء إطلاق الرصاص، وشعر بألم في قدمه ليجدها مصابة بإحدى الشظايا.
لم ينتبه إليه أحد في بداية الأمر، فقد سادت حالة من الهرج داخل المسجد، فرار في كل اتجاه، وصوت إطلاق نيران يصم الآذان، ثم نقله الأهالي إلى منزل أحد أصدقائه القريب من المسجد.
وقتل 235 شخصا، على الأقل، وجرح 109 آخرين في هجوم مسلح استهدف مسجدا في محافظة شمال سيناء، بحسب التلفزيون الرسمي في مصر.
وتعهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي “برد غاشم” على الهجوم.
وأفادت مصادر أمنية بأن الجيش شن عملية بدعم جوي في العديد من المناطق وسط وشمالي سيناء.
وأضافت المصادر أن العملية تشكل تمشيط المناطق المحيطة بمكان الهجوم على الطريق الدولي بين مدينتي العريش وبئر العبد.
وأدانت الولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا والأردن والبحرين الهجوم الذي وقع أثناء صلاة الجمعة.
ولم تعلن أي جماعة حتى الآن مسؤوليتها عن الهجوم.
أكد السيسي في كلمة بثها التلفزيون الحكومي على أن القوات المسلحة والشرطة المدنية ستقوم “بالثأر للشهداء واستعادة الأمن والاستقرار خلال الفترة القليلة القادمة”.
وأضاف، بنبرة غضب اتسمت بالتحدي، “سنرد على هذا العمل بقوة غاشمة”.
وحذر من أن الحادث “يهدف إلى تحطيم معنويات المصريين”، قائلا إن “هذا العمل الإرهابي الآثم يزيدنا صلابة وقوة” في مكافحة “الإرهاب”.
وأعلنت الرئاسة المصرية الحداد العام في البلاد لثلاثة أيام، ووصفت الهجوم بأنه “عمل غادر خسيس”.