تساؤلات عديدة وجدل واسع تثيره عملية قرصنة موقع وزارة الداخلية على الإنترنت من قبل هاكر سعودي الأسبوع الماضي، قبل أن تستعيد الوزارة السيطرة عليه.
وربط العديد من النشطاء بين عملية القرصنة وموقف الكويت من الأزمة الخليجية المناصر لقطر، مشيرين بعدما لفتوا إلى السيناريو الذي حدث مع قطر في يونيو الماضي والذي بدأ أيضا باختراق موقع وكالة الأنباء القطرية الرسمية “قنا” إلى أن هذا الأمر لا يبشر بخير.
النظام السعودي يعبث بأمن الكويت
ووفق وسائل إعلام كويتية، استعادت وزارة الداخلية السبت، سيطرتها على موقعها الإلكتروني بعد تعرضه للاختراق على يد أحد قراصنة الإنترنت، أطلق على نفسه اسم “أبوطريخم- مشعل العنزي”، تبين أنه سعودي الجنسية.
المصادر أوضحت أن “الهاكر” السعودي أعطى مؤشرات مسبقة بأنه قد يخترق الموقع الإلكتروني للوزارة، ورغم وجود هذه المؤشرات والتأكيدات المستمرة بوجوب تحصين الموقع والتحذير من محاولات اختراقه، إلا أن قطاع شؤون تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالوزارة لم يتمكن من المواجهة في الوقت المناسب.
وعن عملية الاختراق، قالت المصادر إن “الهاكر” دخل الموقع كمستخدم عادي، ومن ثم أرفق رابطًا يحوي ملايين الفيروسات وفتح الصفحة المخصصة بالإعلان للموقع وتحكم بها ناشرًا اسمه وعارضًا فيديوهات راقصة وغنائية في الصفحة الرئيسية فقط، دون أن يتمكن من الانتقال إلى صفحات أخرى.
واستطاعت الأجهزة الأمنية المختصة التعرف على هوية القرصان الذي أرسل أكثر من رسالة تفيد بأنه سيكون في الكويت في20 من الشهر الجاري، وتبين أنه سعودي الجنسية.
وأفاد بيان صادر عن الإدارة العامة للعلاقات والإعلام الأمني في وزارة الداخلية الكويتية، بأن “الموقع عاد إلى العمل في وقت قياسي ودون أن يلحق به أي أضرار، ولم يؤثر ذلك على الأنظمة الإلكترونية وقاعدة البيانات الرئيسية لوزارة الداخلية لعدم صلتها به”.
هل تلحق الكويت بـ قطر؟
ووفقا للتقرير الذي نشره موقع “العدسة” وحاول فيه وضع تفسير منطقي لهذا الأمر، فربما لا يمكن الجزم الكامل بأبعاد عملية الاختراق لموقع بهذا القدر من الأهمية في الكويت، حيث من الممكن أن تكون تلك العمليات مجرد جس نبض للمنصة الإلكترونية المستهدفة أو كشف ثغراتها التأمينية لإعادة القرصنة مرة أخرى بشكل أشرس.
الربط بين عملية الاختراق وإمكانية تورط السعودية فيها يعيد إلى الأذهان تورط الامارات في قرصنة وكالة الأنباء القطرية، وهو ما استندت إليه دول حصار قطر في الأزمة الخليجية، على اعتبار أن الرياض تقود بجانب أبو ظبي عملية الحصار.
رائحة “القحطاني” تفوح!
ومن اللافت، أن الساحة السعودية معروفة بالتعاطي الشره مع مواقع التواصل الاجتماعي، وهناك تُعرف الجيوش الإلكترونية -الناشطة في هذا المجال المتعلق بالاختراق وتوجيه الرأي العام- بـ”الذباب الإلكتروني”، وهي المجموعة التي يقودها “سعود القحطاني”، المستشار في الديوان الملكي وأحد المقربين من ولي العهد محمد بن سلمان.
“تاريخ وذكريات”، حساب سعودي على تويتر نشر في وقت سابق معلومات مثيرة عن تاريخ القحطاني في عمليات الاختراق الإلكترونية والتجسس، بحسب تقارير إعلامية.
ووفق المغرد السعودي، فإن سعود القحطاني بدأ التعامل مع مواقع “الهاكر” عام 2009، وبأسماء مستعارة.
وقال الحساب إن أعضاء أحد مواقع الهاكر ظنوا أن “القحطاني” من الأسرة الحاكمة، أو أنه يملك بئر نفط، نظرا لإنفاقه الكبير على الموقع، من أجل تصدر المشهد، وأيضا كسب ثقة كبار الهاكر، مما يسهل التعامل معهم.
ونشر الحساب سلسلة صور لطلبات القحطاني من القراصنة، منها توفير10 آلاف رقم جوال، لاستخدامها لتفعيل حسابات على تويتر، وفي أخرى يطلب آلاف الزيارات إلى موقع إلكتروني.
وأكد المغرد أن “سعود القحطاني” طلب من الموقع في عام 2015، توفير خبراء في أمن المعلومات، وهو الوقت الذي تزامن مع إعلان صحيفة “سبق” المقربة من السلطات، عن توفر فرص عمل في إحدى شركات أمن المعلومات، وبرواتب تصل إلى نحو 10 آلاف دولار، دون ذكر اسم الشركة”.
وأشار الحساب إلى أن “القحطاني” كان يدخل لمواقع الهكر باسم nokia2mon2، وتعرض أحد هذه المواقع للاختراق، ما أدى لنشر مراسلات، دلت على لجوء المستشار في الديوان الملكي السعودي، لاختراق حسابات المعارضين وغيرهم.
أزمة “آل الشيخ” والوزير “الروضان”
ولعل ما يثير الريبة ويدفع باتجاه ترجيح أنها حملة منظمة وليست تصرفًا فرديًّا، أن عملية اختراق موقع الوزارة جاءت في أعقاب أزمة دبلوماسية بين البلدين على خلفية تصريحات مسيئة من مسؤول سعودي بحق وزير كويتي.
المستشار في الديوان الملكي السعودي، ورئيس هيئة الشباب والرياضة “تركي آل الشيخ”، وصف في تغريدة على تويتر، وزير التجارة والصناعة والدولة للشباب الكويتي خالد الروضان بـ”المرتزق”، بعد أن عبر الوزير الكويتي عن تقديره لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لما قدمه من أجل رفع الإيقاف عن الرياضة الكويتية، خلال زيارة رسمية قاد فيها وفدا كويتيا إلى الدوحة.
وعبرت الكويت عن أسفها واستهجانها لتلك الإساءة، وقال خالد الجارالله، نائب وزير الخارجية الكويتي، في تصريحات صحفية، عقب لقائه مع السفير السعودي لدى بلاده عبدالعزيز: “عبرنا عن الأسف والعتب للإساءة التي وجهت للفاضل الوزير خالد الروضان، الذي يحظى بثقة تامة وتقدير بالغ من الجميع”.
وأضاف: “إننا نؤكد رفضنا واستهجاننا لتلك الإساءة لما تمثله من مساس بالعلاقات الأخوية الحميمة والمتميزة بين البلدين الشقيقين.. ونحن على ثقة بأن الأشقاء في المملكة لن يقلوا عنا حرصا على علاقاتنا الأخوية والبعد بها عن كل ما من شأنه المساس والإساءة لها”.
لكن السعودية كان لها رأي آخر، حيث وصفت وزارة الخارجية في بيان رسمي، تصريح “آل الشيخ” بأنه “لا يتجاوز المألوف في المجال الرياضي وطبيعة هامش الجرأة فيه بعيدًا عن السياسة والبروتوكولات المتصلة بها”.
وعلى الرغم من العلاقة الوثيقة بين “آل الشيخ” و”بن سلمان” والصفة التي يتمتع بها كوزير في الحكومة ومستشار في اليدوان الملكي، إلا أن البيان السعودي اعتبر أن الرجل الذي يشغل أيضا منصب رئيس اللجنة الأولمبية “لا صفة سياسية له”.