“فاقد الشيء لا يُعطيه”.. واشنطن بوست: حملة القمع التي يشنها الرئيس المصري ستطيح به وهذا ما سيجري للنظام الذي يقوده

اعتبرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، أن حالة الانسداد السياسي التي تعانيها مصر نتيجة القمع الذي يمارسه الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، والذي طال حتى أركان نظامه- ستؤدي إلى انهيار النظام من الداخل.

 

وفي مقال كتبه شابان أميركيان من أصول مصرية، سُجنا عقب الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، ذكرت الصحيفة الأميركية أن الوضع في مصر الآن أشبه بحلة ضغط ضخمة ليس لها صمام أمان. وعندما يحين موعد انفجارها في النهاية، سيطول الأذى الجميع. موت السياسة يُزعزع استقرار النظام.

 

وقال محمد سلطان نجل القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، والناشطة السياسية آية حجازي، إن مصر منذ منتصف عام 2013، أصبحت تحت حكم السيسي ثقباً أسود لحقوق الإنسان، والحكم الديمقراطي، وسيادة القانون. لكنَّ حملة القمع التي يُشنها الرئيس الآن ستصل إلى حكومته نفسها.

 

وأضافا: “إذ رأي المحللون أنَّ اعتقال عنان يُعد دليلاً واضحاً على استعداد السيسي للإطاحة بالرتب العُليا في المؤسسة العسكرية التي ينتمي إليها. وعلى ما يبدو، فإنَّ إقالة رئيس جهاز المخابرات المصرية يكشف عن صدعٍ متنامٍ داخل صفوف الأجهزة الأمنية. ومن الجلي أنَّ بعض البيروقراطيين التابعين له بدأوا يتساءلون عما إذا كانت طموحات السيسي الشخصية باتت تُهدد بقاء الدولة، وعلى أقل تقدير، يمكن القول إنَّ مصر في طريقها نحو انهيار الحياة المدنية على غرار كوريا الشمالية.

 

والأسبوع الماضي، اعتقلت قوات الأمن المصرية هشام جنينة، الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات؛ بسبب دوره الواضح في معاونة الجنرال سامي عنان، رئيس أركان الجيش المصري السابق، الذي اعتُقِلَ هو الآخر، في الشهر الماضي (يناير/كانون الثاني 2018)، بعد مُضي وقتٍ قليل على إعلانه الترشح للانتخابات الرئاسية ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي.

 

وكان جنينة قد كشف في حوار صحفي لموقع “هاف بوست عربي”، أن رئيس الأركان السابق يمتلك أدلة عن تورط قيادات عسكرية مصرية في أحداث العنف التي تلت ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011”.

 

“السيسي أطاح بمنافسه الأخير”

واستطرد سلطان وحجازي: “باعتقال عنان، أطاح السيسي بمنافسه الأخير في الانتخابات الرئاسية المصرية، والمُقرر انعقادها في 26 مارس/آذار 2018. ففي وقتٍ سابقٍ من العام الجاري (2018)، تراجع رئيس الوزراء المصري الأسبق، أحمد شفيق، بعد أسابيعَ قليلةٍ من إعلانه الترشح، وعلى ما يبدو فإنَّ الأمر جرى تحت ضغوطٍ شديدة من النظام.

 

وانسحب كذلك محمد أنور السادات، ابن شقيق الرئيس الأسبق أنور السادات، وخالد على وهو محامٍ مناصر لقضايا حقوق الإنسان. فضلاً عن اعتقال عبد المنعم أبو الفتوح، مرشح الرئاسة الإسلامي السابق في عام 2012، الذي يرأس الآن حزب مصر القوية، في وقتٍ سابقٍ من الشهر الجاري (فبراير/شباط 2018)، بعد عودته من رحلةٍ إلى لندن. لفت أبو الفتوح انتباه وسائل الإعلام بشكلٍ واسع، بعد إجرائه سلسلةً من المقابلات التلفزيونية، صرَّح فيها بأنَّ الجيش لا يتحمل أي مسؤولية عن قيادة السيسي غير الرشيدة”.

 

وبحسب المقال، فإنَّ القضاء على منافسي السيسي الأكثر خطراً في الحملة الانتخابية، جعل العديد من المصريين يتساءلون عن جدوى التصويت في الانتخابات القادمة.

 

وأضاف الناشطان: “ولا عجب أنَّ الصورة الأكثر انتشاراً بالبلاد في يوم 25 يناير/كانون الثاني 2018 -ذكرى بداية ثورة مصر عام 2011- كانت مقطعاً قصيراً من فيلم The Dictator للممثل البريطاني ساشا بارون كوهين، الذي يفوز فيه الطاغية الأسطوري بسباق 100 متر عن طريق إطلاقه النار على خصومه (وحُكام السباق). لا يمكن أن يكون هناك مثال أكثر وضوحاً من ذلك على موت السياسة الحقيقية في مصر”.

 

“الديمقراطية لم يعُد لها مكان في مصر”!

وتابعا: “بإغلاق كل طريقٍ للتغيير السلمي، أرسل السيسي رسالةً حادة إلى مصر وبقية العالم تُفيد بأنَّ الديمقراطية لم يعد لها مكانٌ في بلاده، وأنَّ القوة الغاشمة هي الرد الوحيد والممكن على أي صورة من صور المعارضة والانتقاد. وحتى مهزلة الانتخابات تنحت جانباً.

 

وفي الوقت نفسه، فقد خلقت سياسات السيسي لمكافحة الإرهاب والتي تُشكل مبرراً هاماً لممارسة ديكتاتوريته، أرضاً خصبة للتطرف. وهو ما عايشناه خلال الأشهر الـ60 التي قضيناها بالسجن في الفترة ما بين عامي 2013 و2017. لقد رأينا عملية نشر التطرف جليةً في جاذبية أفكار مسؤولي التجنيد في تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بالنسبة للسجناء الشباب الأبرياء، الذين كانوا يواجهون احتجازاً غير عادل، وعقوباتٍ قاسية، وظروف غير إنسانية”، بحسب المقال.

 

وبهذا، ساهمت حملة السيسي الباطشة في زيادة وجود داعش بمصر؛ إذ يركز أحدث مقطع فيديو للجماعة المتطرفة، يستهدف الشباب المصري، على رسالةٍ واضحة: الديمقراطية والسلمية لم تجلبا إلا طاغية عنيفاً. وبوقوع عشرات الآلاف من الشباب الذي كان متفائلاً وحالماً، ضحيةً لهمجية وعنف وقمع الدولة، أصبحت تنحصر اختياراتهم ما بين التخبط في الاكتئاب أو اللجوء إلى العنف.

 

“فاقد الشيء لا يُعطيه”

وبحسب المقال، هناك قولٌ قديم يفيد بأنَّ “فاقد الشيء لا يُعطيه”، فلا يمكن للسيسي المساعدة في إرساء السلام والاستقرار بمنطقةٍ مضطربة في حين فشل في منحهما لبلاده. وقد أدَّت حالة شعوره بعدم الأمان والذعر إلى تحويل مصر لطنجرة ضغط ضخمة ليس لها صمام أمان. وعندما يحين موعد انفجارها في النهاية، سيطول الأذى الجميع. موت السياسة يُزعزع استقرار النظام.

 

وبحسب سلطان وحجازي، غيَّرت الثورة التي بدأت في عام 2011، مصر إلى الأبد، ولن تنجح محاولات إعادة البلد إلى عصر الاستبداد. وستُظهر انتخابات العام الجاري (2018)، من بين أمورٍ أخرى، أنَّ الدعم الدولي لنظام السيسي هو الأساس الوحيد الذي يستند إليه. يتوَّجب على الولايات المتحدة الأميركية استخدام نفوذها لمعالجة تدهُور حالة حقوق الإنسان، والمطالبة بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين (ومن بينهم مرشحو الرئاسة)، والحث على فتح المجال السياسي.

 

وختم الناشطان مقالهما بالقول: “باعتبارنا من الناجين من حملة السيسي الغاشمة، ومن السجون الأكثر شهرةً في العالم، فإنَّنا نُؤمن بأنَّنا نتقاسم مسؤولية الدعوة إلى تبني سياسات أكثر وضوحاً في مصر والمنطقة. صداقتنا لا تقوم على التاريخ المشترك فقط؛ بل تقوم على قناعة مشتركة بأنَّ الديمقراطية التي تمثل الجميع وحكم القانون وحدهما بإمكانهما ضمان السلام والاستقرار لمصر والمنطقة المحيطة”.

قد يهمك أيضاً

تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا

الأحدث