“ابن سلمان” يعيد ترتيب أوراق البيت الملكي قبل تسلمه مفاتيح الحكم.. هذا هو الجانب الخفي للأوامر الملكية المفاجئة!
شارك الموضوع:
تسببت الأوامر الملكية الجديدة التي أصدرها الملك سلمان بن عبد العزيز أمس، الاثنين، وشملت تغييرات كبيرة والإطاحة برتب ثقيلة داخل الجيش السعودي، في موجة جدل كبيرة حول الهدف الحقيقي من وراء هذه التغييرات.
ويرى محللون أن هذه الأوامر المفاجئة، واتخاذ قرارات بإنشاء هيئات ومؤسسات، يتم إيكال مهمة معينة لها، ثم ما تلبث أن يتم إلغاؤها، هي محاولة من “ابن سلمان” لترتيب أوراق البيت الملكي قبل تسلمه مفاتيح الحكم.
تغييرات مفاجئة وإطاحة برتب ثقيلة داخل الجيش دون سابق إنذار
فجأة بثت وسائل الإعلام السعودية الرسمية أوامر ملكية بإقالة عدد من أبرز المسؤولين العسكريين في البلاد من بينهم رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة وقائد قوات الدفاع الجوي، دون توضيح أسباب هذه التغييرات المفاجئة في المؤسسة العسكرية.
وشملت هذه التغييرات إنهاء خدمات رئيس هيئة الأركان الفريق أول عبد الرحمن بن صالح البنيان الذي حل محله الفريق الركن فياض بن حامد الرويلي بعد ترقيته، وتضمنت أيضا إحالة قائد قوات الدفاع الجوي الفريق الركن محمد بن عوض سحيم إلى التقاعد، في حين عين الفريق الركن جار الله بن محمد العلوي قائدا لقوة الصواريخ الإستراتيجية.
وبموجبها أيضا عين الفريق الركن تركي بن بندر بن عبد العزيز قائدا للقوات الجوية، وعين الأمير فهد بن تركي بن عبد العزيز قائدا للقوات المشتركة (وكان قائدا للقوات البرية)، وعين شقيقه فيصل بن تركي مستشارا في الديوان الملكي برتبة وزير.
وشملت الأوامر الملكية عدة تغييرات في أمراء المناطق ونوابهم، حيث تم إعفاء الأمير فهد بن بدر بن عبد العزيز من منصبه بصفته أميرا لمنطقة الجوف (بناء على طلبه)، وتعيين الأمير بدر بن سلطان بن عبد العزيز خلفا له بمرتبة وزير، في حين تم تعيين فيصل بن مقرن بن عبد العزيز نائبا لأمير منطقة حائل.
ورغم أن هذه التعديلات جاءت “مرسلة” دون توضيح أسبابها وخلفياتها فإن قراءة السياقات السياسية والعسكرية والأمنية ربما تعين على كشف جزء من مستورها، وتوضح بعضا من مكنونها.
محاولة لاسترضاء الأجنحة الساخطة على محمد بن سلمان
يرى العديد من المراقبين أن هذه التغييرات، التي شملت في معظمها الجانب العسكري، جاءت كمحاولة لاسترضاء الأجنحة الساخطة على إحكام ولي العهد “محمد بن سلمان” قبضته على كافة سلطات المملكة، ومحاولة إقصاء كافة معارضيه، حتى وإن كان من بينهم أبناء عمومته، حيث جاءت هذه التغييرات في وقت يضج فيه البيت الملكي السعودي بالغضب والاستفزاز، على خلفية اعتقال بعض الأمراء لأكثر من شهرين داخل فندق “الريتز كارلتون” ومساومتهم للتنازل عن ثرواتهم.
ناهيك عن الإطاحة بالكثير منهم من مناصبهم في حملات سابقة، الأمر الذي دفع “بن سلمان” إلى التخفيف من حدة هذا الغضب، الذي يكاد يعصف بالمملكة والأسرة الحاكمة ككل، حيث جاءت هذه التغييرات لتحمل رسالة غزل واسترضاء لأولئك الذين تخطاهم الملك ونجله في طريق وصول الأخير إلى سدة ولاية العهد، سواء من السديريين أو غيرهم، من خلال منحهم مناصب وامتيازات ورُتب جديدة، وفي نفس الوقت محاولة لكسب ود أولئك المعترضين على مسار انتقال السلطة إلى “محمد بن سلمان”.
إعادة ترتيب أوراق البيت الملكي قبل تسلمه مفاتيح الحكم
وتقول صحيفة التايمز في تقرير لمراسلها في الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر إن تلك التغييرات وما تضمنته من عزل لقادة عسكريين كبار تمثل محاولة لتعزيز وتقوية موقع الأمير محمد بن سلمان في الداخل، وهو الذي شعر بالتهديد منذ اعتقاله عددا من الأمراء ورجال الأعمال بتهم تتعلق بالفساد في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ويشير سبنسر إلى أن التعيينات الجديدة في مواقع حساسة داخل القوات المسلحة قد تمنح الأمير ابن سلمان ثقة إضافية قبل مغادرته البلاد في أول زيارة خارجية منذ تسلمه منصب ولي العهد.
وطالما تساءل معارضون ومغردون عن أسباب إحجام ابن سلمان عن القيام بزيارات خارجية وحضور قمم ومناسبات مهمة نظمت خلال الشهور الماضية، وتغيب عنها الملك السعودي وولي عهده معا.
الحرب في اليمن
لا يستبعد بعض المراقبين أن تكون لهذه التغييرات العسكرية علاقة بالأوضاع في اليمن بعد سنوات من التعثر والارتباك وعدم القدرة على الحسم، سواء في ظل عاصفة الحزم أو تحت يافطة “إعادة الأمل”.
وقد باتت هذه الحرب المستعرة وتداعياتها الإنسانية والاجتماعية كابوسا يطارد المسؤولين السعودية في أروقة الهيئات الأممية والمحافل الدولية.
وبالنظر إلى أن هذه التعديلات جاءت عشية زيارة ينوي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان القيام بها إلى بريطانيا وفرنسا وأميركا، وهي أول زيارة خارجية له منذ توليه منصب ولي العهد فلا يستبعد أن تكون التعديلات جاءت خطوة استباقية ضمن الترتيبات التي يقوم القصر الملكي السعودي في وجه زيارة تزداد الخشية داخل الأروقة السعودية من تعرضه فيها لضغوط ومساءلات وربما احتجاجات ومظاهرات على خلفية حرب اليمن وما تركته من مآس إنسانية وجروح غائرة في الضمير العالمي.
سياسة سعودية غير مسبوقة
ورغم ما ظلت تتسم به المناصب العليا العسكرية والسياسية في السعودية من ثبات واستقرار فقد عصفت بها موجات التغيير والتعديل منذ بدء مسلسل تولي ابن سلمان السلطة، حيث استدعى ذلك إزاحة اثنين من ولاة العهد هما مقرن بن عبد العزيز، ومحمد بن نايف الذي كان ينظر إليه على أنه من أقوى رجال الأسرة الحاكمة، هذا فضلا عن إقالة وتجريد عدد من الأمراء والقادة العسكريين الآخرين من مناصبهم.