نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال”, تقريرا موسعاً قالت فيه إن جولة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى الخارج والتي بدأها أمس الأحد 4 مارس/آذار 2018 إلى مصر، تهدف إلى إقناع حلفائه أنَّ جهوده لإعادة تشكيل سياسة المملكة واقتصادها ستجلب استقراراً إقليمياً وفرصاً تجارية أكبر.
ووصل الأمير محمد بن سلمان أمس الأحد 4 مارس/آذار إلى القاهرة، التي تنظر لها الرياض كحليف استراتيجي ثمين، حيث التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في زيارةٍ تُعبِّر أولاً عن تأييده للجنرال السابق الذي سجن أو همَّش متحديه قبيل الانتخابات الوطنية المقبلة، وأيضاً في ظل سعي الرياض إضعاف النفوذ الإقليمي الإيراني الآخذ بالاتساع.
وكتب سعود القحطاني، المسؤول السعودي البارز، على تويتر، إنَّ قرار بدء زيارته الخارجية بمصر “دلالة واضحة على عمق العلاقات التاريخية واستمرار التنسيق المشترك المميز للدولتين الكبيرتين”.
ووفقاً لمكتب الرئيس المصري، بحث الزعيمان التعاون الاقتصادي وأهمية الوحدة في مواجهة “محاولات تقسيم المنطقة”.
أسئلة غير مريحة
وبعيداً عن الإجراءات البروتوكولية التي شهدتها الزيارة حتى اللحظة من توقيع اتفاقيات وتعاون، ترى الصحيفة الأميركية أن زيارة الأمير بن سلمان قد تثير أسئلة غير مريحة حول علاقة السيسي بالأسرة السعودية المالكة.
فقد أثار السيسي موجة من الاحتجاجات العامة والطعون القضائية في 2016 بعدما قرَّرت حكومته التنازل عن جزيرتين في البحر الأحمر للسعودية، ما أثار الانتقادات بأنَّه يتنازل عن السيادة المصرية.
والأمر الأكثر مفاجأة أنه وعشية زيارة الأمير، رفضت المحكمة الدستورية العليا في مصر كافة الطعون القضائية المُعلَّقة بشأن تسليم الجزيرتين السبت 3 مارس/آذار.
وترى الصحيفة الأميركية أن السعودية تنظر إلى حكومة السيسي باعتبارها محورية لمنع تكرار انتفاضات الربيع العربي 2011 التي أطاحت العديد من الرجال الأقوياء في المنطقة وهزَّت مَلَكيات الخليج.
وكتب سعود القحطاني، المسؤول السعودي البارز، على تويتر، إنَّ قرار بدء زيارته الخارجية بمصر “دلالة واضحة على عمق العلاقات التاريخية واستمرار التنسيق المشترك المميز للدولتين الكبيرتين”.
ووفقاً لمكتب الرئيس المصري، بحث الزعيمان التعاون الاقتصادي وأهمية الوحدة في مواجهة “محاولات تقسيم المنطقة”.
وقال إتش إيه هيلر، المتخصص في الشؤون المصرية بالمجلس الأطلسي والمعهد الملكي للخدمات المتحدة: “بإمكاننا توقع أنَّ الزيارة بأكملها ستكون متعلقة بدعم السعوديين للسيسي”.
زيارة بن سلمان الخارجية
وبعد مصر، من المقرر أن يسافر الأمير بن سلمان إلى المملكة المتحدة ثُمَّ الولايات المتحدة، التي احتضنت إدارتها الحالية بقيادة ترامب السعودية حيث يشترك الطرفان في شكوكهما العميقة بشأن إيران.
وتُمثِّل تلك أول زيارة خارجية لولي العهد صاحب الـ32 عاماً منذ إزاحته لابن عمه القوي ليصبح ولياً للعهد العام الماضي 2017، ما أثار فترةً من الاضطراب وعدم اليقين. ويُعَد الأمير، وهو ابن الملك سلمان، الحاكم الفعلي للبلاد. وقراره للسفر إشارة على الثقة في قبضته على السلطة، بحسب الصحيفة الأميركية.
والتحدي الذي يواجهه بن سلمان في الغرب من وجهة نظر الصحيفة هي الشركات العالمية إلى السعودية في ظل سعيه لتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط.
وكانت حملة السعودية الأخيرة لتطهير الفساد، والتي أدَّت إلى اعقالاتٍ لأعدادٍ كبيرة من شخصيات النخبة في البلاد، إلى طمأنة المستثمرين بإظهار أنَّ مشكلة الفساد ستُعالَج. لكنَّ الطبيعة الغامضة للإجراءات أثارت قلق الكثيرين.
قال هاني صبرا، مؤسس شركة ألف الاستشارية: “إنَّه يحاول التواصل مع المستثمرين ليدعهم يعرفون أنَّ ما حدث في الأشهر القليلة الماضية لا شيء يجب أن يقلقوا حياله، في الواقع إنَّه فرصة. إنَّه يحاول إعادة رسم الصورة غير المبشرة كثيراً للسعودية التي ظهرت منذ نوفمبر/تشرين الثاني”.
يقف الأمير خلف الخطوات الأخيرة الجريئة، بدءاً من قرار السماح للمرأة بقيادة السيارات وحتى خطط الطرح العام الأوليّ لجزءٍ صغير من شركة أرامكو، عملاق النفط المملوك للدولة، وسيكون مكان إصدار الطرح الأولي محور تركيز مهم في زيارات الأمير بن سلمان بالخارج، إذ يُنظَر إلى لندن ونيويورك باعتبارهما أماكن محتملة لأي طرحٍ دولي.
معضلة السياسة الخارجية للرياض
إلا أن الصحيفة الأميركية ترى أنه سيتعين على الأمير بن سلمان أيضاً أن يعالج قضايا السياسة الخارجية الشائكة مثل اليمن، حيث تدخَّل التحالف الذي تقوده السعودية للقتال ضد المتمردين المتحالفين مع المنافسة الإقليمية إيران، ما ساهم في حربٍ ممتدة منذ عدة سنوات وأزمة إنسانية.
قال بريان كاتوليس، وهو زميل بمركز التقدم الأميركي، وهو مركز بحثي ليبرالي في واشنطن: “إنَّهم قادمون إلى هنا لرواية قصة كيف تعيد السعودية تشكيل اقتصادها وتسمح للمرأة بالقيادة”.
لكن ما يريده المشرعون والرأي العام الأميركي وفقاً لكاتوليس هو “طمأنة بأنَّهم لن يجروا الولايات المتحدة إلى حربٍ أخرى بالشرق الأوسط، كحربٍ مع إيران على سبيل المثال، وأنَّهم جادون وصادقون في دفع الاستقرار باليمن”.