كشفت صحيفة “هآرتس” العبريّة النقاب عن أنّ مراقب الدولة في الدولة العبريّة، القاضي المتقاعد يوسي شابيرا، حذّر رؤساء المؤسسة الأمنية الإسرائيليّة قبل سنة من أنّ الجيش غير مستعد لمواجهة انتفاضةٍ مدنيّةٍ في غزة.
وجاء في التقرير الذي وصل إلى وزير الأمن أفيغدور ليبرمان ورؤساء المؤسسة الأمنية في آذار (مارس) من العام الماضي 2017، قال المراقب إنّ جنود الجيش ليسوا مستعدين لمواجهة متظاهرين ومحاولة حشود مدنية للدخول إلى الأراضي المحتلة من قطاع غزة، أوْ من سوريّة والضفة الغربية.
ووفق الصحيفة، حدّد المراقب أنّ الجنود ليسوا مزودين بكافة الوسائل الملائمة لتفريق التظاهرات، وأنّ كمية الوسائل الموجودة بحوزتهم ليست كافية.
وفي خلاصة التقرير كتب المراقب أن يتحتّم على الجهات ذات الصلة معالجة النتائج التي ظهرت في التحقيق من دون تأخير من أجل تحسين الردّ على التهديد في حال تحقّق، على حدّ تعبير القاضي شابيرا.
في السياق عينه، رأى المُحلّل السياسيّ في صحيفة (هآرتس)، حيمي شاليف، إنّه إذا لم يجد الجيش الإسرائيليّ السبيل لصدّ الانقضاض على الجدار من دون التسبب بخسائر كبيرة جدًا، فإنّ وضع إسرائيل سيسوء وبمتواليةٍ هندسيةٍ.
وأكّد على أنّ “أحداث” يوم الجمعة صحيح أنها ستُنسى بسرعة إذا بقيت حالة منعزلة، لكن عودتها في الأسابيع الستة المتبقية حتى إحياء يوم النكبة ستفرض على المجتمع الدوليّ إعادة الاهتمام بالنزاع حتى لو لم يكن معنيًا بذلك في هذه الفترة، مُوضحًا في الوقت عينه أنّ الانتقاد والضغط على الحكومة الإسرائيليّة بقيادة بنيامين نتنياهو التي اختفت مؤخرًا ستتجدد بكامل القوّة.
شاليف أكّد أنّه للمرّة الأولى منذ فترةٍ طويلةٍ عاد النزاع الإسرائيليّ- الفلسطينيّ ليحتل مكانًا مركزيًا في تقارير وسائل الإعلام الدولية، مُشيرًا إلى أنّ متحدثين إسرائيليين عرضوا أدلّة لمحاولاتٍ “تخريبيّةٍ” بغطاء احتجاج مدني، وحماس نفسها اعترفت بأنّ نشطاء ذراعها العسكري كانوا مشاركين، لكن مَنْ يشكلون الرأي العام في الغرب فضلوا الفيلم القصير للشاب الفلسطينيّ الذي أطلقت النار على ظهره، وتبنّي رواية سكان غزة المتظاهرين ضد قمعهم وعزلهم، وجزم قائلاً إنّه في الحروب الإعلاميّة حماس خرجت منتصرةً.
وتابع قائلاً إنّه طالما أنّ حماس تستطيع مواصلة مسيرة المليون، كما سمّتها، وطالما أنّها تستطيع التمييز بينها وبين أعمال العنف، فإنّ القيادة في غزّة ستستمر في جمع النقاط أمام إسرائيل ومحمود عباس والسلطة الفلسطينية على حدٍّ سواء.
وشدّدّ المُحلّل على أنّ حركة المقاومة الإسلاميّة (حماس) ظهرت كمنظمةٍ لديها انضباط تكتيكيّ وقدرة على ضبط النفس، وذلك من شأنه أنْ يُجسّد الكابوس الأكبر للدعاية الإسرائيليّة منذ الأزل: احتجاج فلسطينيّ جماهيريّ غير عنيف يفرض على الجيش الإسرائيليّ قتل وجرح مدنيين غير مسلحين.
وخلُص إلى القول إنّ الشبه بمهاتما غاندي وجنوب إفريقيا وحتى نضال السود من أجل المساواة في الولايات المتحدة، مهما كان مدحوضًا وسطحيًا، سيُميّز في النهاية المرحلة الجديدة في النضال الفلسطينيّ.
أمّا مُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، أليكس فيشمان، فرأى أنّ قيادة حماس سجلّت لنفسها أحداث نهاية الأسبوع كنجاحٍ، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّ حماس فرضت على الجيش الإسرائيليّ تعطيل جزء لا بأس به من قواته للمواجهة مع المواطنين، وليس أقل أهمية: من شأن هذه الأحداث أنْ تؤثر على وتيرة بناء العائق حول القطاع.
وساق قائلاً إنّ حماس قررت أنماط العمل التي ستضطر الدولة العبريّة الاعتماد عليها في الأسابيع والأشهر المقبلة، والمقصود هو الإبقاء بشكلٍ دائمٍ على الخيام التي أقيمت على مسافة 700 ـ 800 متر عن الحدود الإسرائيليّة، بما في ذلك المستشفى الميدانيّ، على حدّ قوله.