قالت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية إن التدخل الإماراتي أدخل سقطرى في أتون الحرب الأهلية في اليمن بشكل مزق نسيج المجتمع وطرق الحياة فيها, فبعد أن وصفت في الحلقة الأولى من تقريرها التدخل الإماراتي في الأرخبيل بـ”الاحتلال” فقد عرضت في الحلقة الثانية من تقرير مراسلتي الصحيفة الالكترونية بيثان ماكرنان ولوسي تاورز، الكيفية التي أجبرت فيها الإمارات سكان الجزيرة على تحديد ولاءاتهم.
وتشير الصحيفة الى التظاهرات اليومية في سقطرى التي تشارك فيها النساء اللاتي لا يظهرن في الأماكن العامة علاوة على المشاركة في تظاهرات مناهضة للإمارايين، ففي يوم السبت خرجت النساء في تظاهرة نادرة في شوارع العاصمة هاديبو يحملن علماً يمنياً كبيراً ويهتفن “بالروح بالدم نفديك يا يمن”.
فمنذ تحول سقطرى إلى ساحة صراع على السلطة بين الحكومة اليمنية وحليفتها المفترضة، الإمارات العربية المتحدة لم تعد الراية اليمنية بلونها الأحمر والأبيض والأسود الوحيدة التي ترفرف في الجزيرة المعزولة بل العلم الإماراتي وعلم الإنفصاليين في سقطرى الأزرق.
وقالت الصحيفة إن الفجوة توسعت بين حكومة اليمن في المنفى وحكومة أبو ظبي, ففي زيارة نادرة قام رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر مع وفد صغير إلى الجزيرة لتأكيد الشرعية اليمنية عليها بعد زيادة الشائعات عن النوايا الإماراتية بضم الجزيرة الإستراتيجية.
وردت الإمارات بعد أيام من الزيارة بطرد كل الموظفين اليمنيين المدنيين من مهبط الطائرات (المطار) والميناء التي تسيطر عليهما، حسب شهود عيان وصور التقطت من الجو.
وفي الوقت نفسه هبطت طائرات نقل إماراتية من نوع سي- 17 لإنزال دبابتي “بي أم بي -3″ وعربات مصفحة و100 جندي إضافي. وهذه أول مرة تقوم بها أبو ظبي بنشر أسلحة ثقيلة منذ إنشاء القاعدة العسكرية في سقطرى قبل عامين. وقالت الحكومة اليمنية إنها لم تتلق معلومات عن عملية الإنتشار.
وفي تغريدة قال وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش: “لدينا علاقات تاريخية وعائلية مع سكان سقطرى وسندعمهم خلال المعاناة اليمنية التي سببها الحوثيون”. ولا يزال بن دغر عالق في الجزيرة لا يسمح له بالمغادرة حيث يقضي وقته مناسبات افتتاح مشاريع والتقاط صور.
قلق سعودي..ومشاعر يمنية معادية
وتقول الصحيفة إن التصادم بين الحلفاء غير ميزان العلاقات بين عدن وأبو ظبي والرياض. كما نقل النزاع الحرب الأهلية التي مضى عليها 3 أعوام إلى شواطئ سقطرى ووجد سكانها البالغ عددهم 60.000 نسمة أنفسهم وسط النزاع، فبعد عزلة دامت قرون يشعر السقطريون أنهم مجبرون على تحديد موقفهم في الحرب التي تخاض على البر اليمني وبعيداً مئات الكيلومترات عنهم.
ومع تزايد المشاعر المؤيدة والمعادية للإمارات تزايدت دعوات لإعادة السلطنة القديمة. وقال أحد مواطني الجزيرة الذي غادرها “كان الإماراتيون هادئين ولطيفين بشأن قوتهم”. وبعد ذلك “أحضروا دباباتهم على شكل استعراض عسكري. وهم يقولون لنا: أنظروا ما يمكننا عمله، نحن في مقعد القيادة ولا تنسوا ما يمكننا عمله”.
وتشهد الجزيرة منذ الأسبوع الماضي كل يوم تظاهرة لدعم الرئيس عبد ربه منصور هادي أو ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد حيث يحمل المتظاهرون صورهما في التظاهرات حول هاديبو. ويقول الدكتور سعد أحمد الكدومي، عضو الحكومة المحلية في الجزيرة: “إن الإماراتيين أصدقاء كريمون لسقطرى، وكل شيء هنا من السيارات والكهرباء والمياه والمطار والميناء بنيت بمساعدة منهم”.
وأضاف: “التحريض هو مؤامرة تقف وراءها إيران وقطر وحزب الإصلاح وكلهم يخطط لبناء قاعدته العسكرية في سقطرى”. ولا يهتم المعارضون للوجود الإماراتي بهذه الاتهامات فقد دعوا في تظاهرة لهم وبشكل علني إيران القدوم إلى الجزيرة وطرد الإماراتيين منها.
سلطان في عُمان
ويطل من هامش الأحداث الشيخ عبدالله بن عيسى آل عفرار وريث سلطنة المهرة ويقدم نفسه كبديل لمستقبل الجزيرة. ويحظى الشيخ بدعم من عُمان التي منحته جواز السفر العام الماضي وقام بإعادة تنشيط حملته كإشارة عن محاولة دولة خليجية أخرى تأكيد نفسها في الحرب الأهلية اليمنية المعقدة.
فقد حكم أجداد آل عفرار سلطنة المهرة الواقعة على الشاطئ الشرقي لليمن حتى أقام البريطانيون محمية عام 1886 وكانت سقطرى تابعة لهم. وهناك المعارضة غير الرسمية للحكام الذين عينتهم الحكومة اليمنية، وزاد حضور الجماعة الإنفصالية هذه الخائفة من خسارتها المكاسب التي حصلت عليها من أبو ظبي وتخشى التهميش من عدن. وشاهدت الصحيفة علم سلطنة المهرة يرفرف في شرقي الجزيرة. ونقل عن أحمد بلحاف، صديق الشيخ آل عفرار قوله: “تشهد سقطرى احتجاجات واسعة يشارك فيها الجميع″. وأضاف: “يريد أبناء سقطرى مع سكان محافظة المهرة تشكيل محافظة مستقلة داخل اليمن الفدرالي. إلا أن الإماراتيين يحاولون استغلال فقر البعض”.
ويعلق أدم بارون الزميا الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: ” من المحزن تهميش أصوات السقطريين أنفسهم وسط النقاشات حول الجزيرة” و “كل واحد يتحدث عما يجب عمله للجزيرة بدون منحهم فرصة”.
ومن العوامل الدافعة للاحتجاجات هو غضب السقطريين على ما يجري والغموض الذي يكتنف التحركات التي لا يعرفون عنها شيئاً ويتم تقريرها في البناية الحكومية الوحيدة بالعاصمة هاديبو.
وقام عيسى مسالم وهو ناشط معاد للإمارات بجمع أخبار وشهادات من السكان وتوصل لنتيجة ان الأزمة الحالية نشبت بسبب زيارة بن دغر.
فعند وصوله أعلن عن سلسلة من المشاريع الإنسانية والإجتماعية التي تحتاجها الجزيرة بشكل كبير. وقامت القوات الإماراتية بتدمير لوحة لواحدة من هذه المشاريع قبل افتتاحها يوم الأربعاء في بلدة الحلف. وعندما صمم الوفد اليمني على افتتاح مشروع بديل في اليوم التالي رد الإماراتيون بطرد كل اليمنيين العاملين في المطار والميناء. وهو ما قاد إلى انتقاد واسع من رئيس الوزراء والاحزاب السياسية اليمنية والتي دعت في بيان مشترك الإمارات إلى “الإنسحاب من الجزيرة بدون شروط”.
“عدوان صارخ”
وعلق مسالم على النشاطات الإماراتية: “كل هذا حدث بدون إعلام محافظ الحكومة الشرعية، وهذا عدوان صارخ”. وعين عبد ربه منصور هادي، الحاكم الجديد لسقطرى رمزي مهروس قبل شهر ولم يسمع له طوال الأسبوع. وتنظر الرياض التي تقود الحملة الجوية ضد الحوثيين للخلاف بأنه أمر غير ضروري. وتقول إليزابيث كيندال، من كلية بيبمروك في جامعة أوكسفورد إن الرياض “تريد تركيز انتباه الحلفاء على القتال ضد الحوثيين، وهذه هي أولوية السعوديين”، وأضافت أن السعوديين يشعرون بالقلق لزيادة السيطرة الإماراتية على مناطق في الجنوب خاصة ان قوى الأمن المحلية التي شكلتها الإمارات تصادمت مع القوات العسكرية اليمنية المدعومة من السعوديين في أكثر من مناسبة.
وفي الوقت الذي انحرف فيه ميزان القوة باتجاه المواجهة مع الحكومة اليمنية فإن الإمارات حتى الأسبوع الماضي عملت من خلال القوة الناعمة والعسكرية على وضع الجزيرة تحت سيطرتها. فقد أنفقت ملايين الدولارات على بناء المدارس والطرق والمستشفيات ودربت قوة جيش محلية من 5.000 جندي وتدفع رواتب الأطباء والشرطة. وبسبب تجاهل الحكومة اليمنية لها بعد إعصارين مدمرين رحب السكان بالاستثمارات الإماراتية. ومقابل هذا سيطرت الإمارات على مهبط الطائرات الذي أقيم عام 1999 بطول 3.000 متر وأصبح مركز التوسع الإماراتي في الجزيرة التي تقع على فوهة خليج عدن. وأصبح الآن مركز العمليات الإماراتية ضد الحوثيين والقاعدة.
وسقطرى واحدة من موانئ عدة قامت الإمارات في السنوات الماضية بشرائها وتقع على طرق نقل النفط والغاز. وفي البداية حرفت حكومة هادي التي تعتمد على الدعم الإماراتي نظرها عن نشاطات أبو ظبي في الجنوب وسقطرى. إلا أن المعركة على الجزيرة أدت إلى مشاعر غاضبة من الإمارات في اليمن. ويطالب المعلقون اليمنيون بصراحة بالكشف عن نشاطات الإمارات في اليمن حيث تدرب ميليشيات تتبع أوامرها وتدير سجوناً سرية خارج سيطرة الحكومة اليمنية. وظهرت على جدران عدن شعارات جدارية تقول: “سقطرى يمنية وليست إماراتية”.
شكوى لمجلس الأمن ومخاوف من ميلشيات إماراتية التمويل
ومن الناحية النظرية فالمدينة الجنوبية هي عاصمة الحكومة اليمنية أما من الناحية العملية فهي تحت سيطرة الإمارات التي ساهمت في منع الحوثيين من السيطرة عليها. ولهذا فهي تقرر من تسمح له بدخول المدينة من وزراء هادي في الرياض. ورغم الخلاف اليمني – الإماراتي على الجزيرة، وهو الأكبر منذ بداية الحرب إلا ان الدور الإماراتي لن يتغير في حرب اليمن.
وفكرت الحكومة اليمنية بالتقدم بشكوى لمجلس الأمن الدولي حول النشاطات الإماراتية باعتبارها خرقًا للسيادة إلا أن المتحدث باسم المبعوث الدولي لليمن، مارتن غريفيث نفى وجود شكوى من هذا النوع. وهناك مخاوف من تطور الخلاف إلى نزاع عنيف خاصة إن مولت الإمارات وأنشأت ميليشيات مسلحة في الجزيرة وهو ما يقول الناشطون إنه جزء من لعبة الإمارات الطويلة. ويقول ناشط “في البداية كان الناس سعداء بالإماراتيين وأموالهم” و “الآن، أجبر الناس على تحديد ولائهم، ويستطيع السقطريون الحديث عن الاستقلال ولكن كل شيء يعتمد على الاستثمار الأجنبي.
وكان هذا الأسبوع بمثابة امتحان يريد الإماراتيون من خلاله معرفة رد فعل السكان في حالة مواجهة، أما الخطوة المقبلة فسيجلبون معدات ثقيلة ودبابات”.
وتقول كيندال إن أبو ظبي ورغم ما عبرت عنه في بيان عن تنازلات “إلا أن لا رغبة لديها بمغادرة سقطرى أو التخلي عن جنوب اليمن”. وأشارت الى أن “ضخ المال إلى سقطرى التي تحتاج إلى تنمية عاجلة ليس أمرا سيئا ولكنه يتحول لمشكلة إن كان السبب غير واضح، وأي محاولة للسيطرة العسكرية تبدأ دائماً من خلال قطع الاتصال بين المطارات والموانئ”.
مخاوف من إغراء السكان بالانتقال إلى الإمارات
في النهاية لا أحد يعرف ماذا يحضر المستقبل للجزيرة وحتى لو تجنبت العنف فإن المسار لا يحمل أخبارًا جيدة. ويعلق بارون من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية “لم يحدث هذا في ليلة وضحاها ويبدو أن الحكومة اليمنية تحاول اللحاق إلا ان تطورات الأسبوع الماضي ليست جيدة للاستقرار”.
ويخشى السكان الذين تحدثت معهم الصحيفة من جر جزيرتهم أكثر في النزاع بسبب أحداث هذا الأسبوع. وعبرت مواطنة عن مخاوفها من قيام الإمارات بطرد السكان من الجزيرة وتم إغراء الكثيرين منهم للعيش في الإمارات حيث التعليم وأذونات العمل الخاصة.
وقالت: “هذا مكان جميل ومن السهل التخلص من السكان وبكلفة قليلة” ولا “حاجة للاستثمار أو التطوير فهي مكان استراتيجي عسكري مهم”.
هادي الغبي هادي الجبان سوف ينهبك التحالف غصب عن انفك ابن الساقطة لكي تعرف عدوك وصديقك