في واقعة تعكس المرحلة الخطيرة التي وصل لها نظام “السيسي” في التطبيع مع إسرائيل، قال الجنرال احتياط، آفي بنياهو، الذي كان ناطقًا بلسان جيش الاحتلال، آفي بنياهو، في صحيفة (معاريف) العبريّة، إنّ السيسي هدية شعب مصر لإسرائيل، لافتًا إلى أنّ تصدّيه للديمقراطية في مصر ضمن استقرار المنطقة، وهذه مصلحة إستراتيجيّة للدولة العبريّة، على حدّ تعبيره.
ولم يعد سرًا أنّ العلاقات الإسرائيليّة المصريّة تمُرّ في شهر عسل، لكن بحسب “بنياهو”، فإنّ العلاقات الحسنة والجيّدة لا تنسحب على مصر فقط، بل على دولٍ عربيّة وإسلاميّةٍ أخرى في المنطقة، مُرحبًا بقرار دول مجلس التعاون الخليجيّ من نيسان (أبريل) من العام 2016 باعتبار حزب الله تنظيمًا إرهابيًا، ويُشدّد على أنّ عزلة الحزب في الوطن العربيّ، وتحديدًا في ما أسماها بالدول العربيّة السُنيّة المُعتدلة آخذة بالتزايد، على ضوء قرار عددٍ من دول الخليج، وفي مقدمتها السعوديّة، بفرض عقوباتٍ على الحزب وعلى الأمين العّام، السيّد حسن نصر الله ونائبه الشيخ نعيم قاسم وآخرين.
وتابع “بنياهو” قائلاً إنّه لا شكّ في أن “القبضة الفولاذية” التي يستخدمها جيش الاحتلال في الفترة الأخيرة في منطقة الحدود مع قطاع غزة، وفي الجولان، وضدّ إيران في سورية، تؤكّد على أنّ كل تهديد يتّم علاجه عسكريًا، وكل استفزاز مهما يكن صغيرًا يُواجَه بعقوبة، وكلّ مَنْ يُحاول عبور الحدود يهدّد حياته بالخطر، وما إلى ذلك من إجراءاتٍ.
وبحسبه، فإنّه من ناحية عملية لا نُجافي الحقيقة إذا جزمنا بأنّ جيش الاحتلال يقوم بتطبيق عقيدة الضاحية في الجبهتين الشمالية والجنوبية، وهي العقيدة التي وضعها رئيس هيئة الأركان العامّة الحالي الجنرال غادي أيزنكوت في أعقاب حرب لبنان الثانية صيف 2006، لكن بما يتلاءم مع كلّ حادثٍ على حدةٍ، وهذا بالتأكيد ما يرغب فيه ساسة إسرائيليون مثل وزير الحرب أفيغدور ليبرمان، ووزير التربية والتعليم نفتالي بينت، المعروفين بتطرّفهما.
ولفت “بنياهو” في تقرير الصحيفة العربية الذي نقله موقع “رأي اليوم” إلى أنّ أيزنكوت يُدرك جوهر التغييرات التي طرأت على ساحة القتال، وتأثير وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعيّ والتحولات في العالم، بالإضافة إلى ذلك، فهو يعرف أنّه في أيّ جولة قتالِ مع حزب الله وحماس، أو مع كليهما، ستتعرّض الجبهة الإسرائيليّة الداخليّة إلى كميةٍ غيرُ مسبوقةٍ من الصواريخ، وأنّه بهدف عدم إطالة أمد بقاء السكان الإسرائيليين في الملاجئ، سيتحتّم عليه توجيه قوّةً كبيرةً من نيران الجيش الإسرائيليّ نحو مراكز إطلاق الصواريخ الموجودة في قلب تجمعات السكان المدنيين، على حدّ زعمه.
ورأى الناطق العسكريّ الإسرائيليّ سابقًا إنّه في مثل هذه الحالة سيبدأ عمل الساعة الرملية، ويكون الصراع بين الشرعية التي سيحظى بها تفعيل القوة هذه في العالم وثقة الجمهور الإسرائيليّ العريض بالجيش من جهة، وبين قدرة العدو ورغبته في الاستمرار في إطلاق الصواريخ على إسرائيل من جهة أُخرى.
وجزم قائلاً إنّ هذا هو بالضبط جزء مما حدث في غزة أخيرًا، حيث كان الهدف منع اندلاع حرب استنزاف وإيصال رسالة واضحة فحواها منع قيام أيّ فردٍ باجتياز السياج الحدودي.
وساق قائلاً: لقد تمّ إحراز هذا الهدف بسرعةٍ فائقةٍ، لكن بثمن سقوط عشرات القتلى الفلسطينيين، لافتًا في الوقت عينه أنّ الجنرالات والضباط في قيادة المنطقة العسكريّة الجنوبية وهيئة الأركان العامة يعلمون أنّ أيّ قتيلٍ فلسطينيٍّ يخدم دعاية “حماس″، لكن ليست لديهم سيطرة على الأمور.
وأوضح في مقالٍ نشره في صحيفة (معاريف) العبريّة، ونقلته للعربيّة مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة، التي تتخّذ من بيروت مقرَا لها، أوضح أنّه بين حرب لبنان الثانية وعدوان العام 2008-2009 ضدّ غزّة قام الجيش الإسرائيلي بتغيير قواعد القتال المعمول بها، وقُدمت إلى هيئة الأركان العامة نتائج توصيات طاقم خاص ساهم فيه أيضًا الجنرال احتياط عاموس يدلين، والبروفسور آسا كاشير، وقبل هذه التوصيات كانت التعليمات للجيش تفرض الالتزام بضرورة حماية السكان المدنيين الإسرائيليين أولاً وقبل أي شيء، ثم حماية السكان المدنيين في جبهة العدو، وبعد ذلك حماية الجنود الإسرائيليين.
لكنّه أكّد في الختام على أنّه بعد عدوان 2008-2009 أصبحت التعليمات تؤكّد على التسلسل التالي: حماية السكان المدنيين الإسرائيليين، ثم حماية جنود الاحتلال، فيما تراجعت مسألة حماية السكان المدنيين في جبهة العدو إلى المرتبة الأخيرة، على حدّ قوله.
ومن الأهمية بمكان، الإشارة في هذا السياق إلى أنّ كيان الاحتلال المارق بامتياز ليس بحاجةٍ إلى شرعيّةٍ لشنّ العدوان تلو العدوان على غزّة، وحزب الله في الجنوب اللبنانيّ، واستهداف مواقع يزعم أنّها عسكريّة في الأراضي السوريّة، فحتى اليوم لم يُذعن هذا الكيان لأكثر من ستين قرارًا صادرًا عن مجلس الأمن الدوليّ.