خاشقجي لـ”إيكونوميست”: هكذا تقمع حرية التعبير في السعودية.. وكل من فضل الصمت حول الأزمة مع قطر وصف بالخائن
تحدث الكاتب والصحفي السعودي جمال خاشقجي، عن أسباب منعه من الكتابة والتغريد وتفضيله العيش في المنفى خارج المملكة، مستعرضاً حرية الصحافة في السعودية.
جاء ذلك في حوار له مع مجلة “الإيكونوميست” البريطانية، والذي استعرض خلاله مدى واقعية فكرة تحرير الإعلام في ظل النظام السياسي الحالي في السعودية.
وكشفت المجلة أن جمال خاشقجي، قرر مغادرة بلده السعودية والعيش في منفاه الاختياري في واشنطن العاصمة، خوفا من أن يتم اعتقاله على خلفية آرائه السياسية فور عودته للمملكة.
وعلى عكس الشخصيات التي لاحقتها السلطات السعودية، لا يعتبر خاشقجي من أشد المعارضين للنظام الحاكم، ناهيك عن أنه كان في الماضي من بين المقربين من العائلة المالكة، ولا يطرح فكرة تغيير النظام.
وبدأت مشاكل خاشقجي مع السلطات بعد تعبيره عن رأيه على إثر انتصار دونالد ترامب في الانتخابات السياسية، حيث اعتبر أن المملكة يجب أن تقلق من هذا الانتصار، ولا تتقرب من ترامب.
ولدى سؤال المجلة عن سبب مغادرة خاشقجي للمملكة، أجاب بأن هذا القرار قد اتخذه قبل سنة، وبالتحديد في شهر رمضان، حيث كان يشعر بالقلق الشديد بعد أن تم منعه من الكتابة ونشر التغريدات، بحسب ما نقله “عربي21”.
وبين خاشقجي أن السلطات السعودية لم تقدم أي توضيحات حول هذه التضييقات، ولكن هذه الخطوة جاءت بعد تصريحاته في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، حول علاقة السعودية بالرئيس المنتخب دونالد ترامب.
وقال إن الاختلافات في الرأي تواصلت على إثر اندلاع أزمة حصار قطر، حيث دخل الإعلام السعودي في حالة هستيرية، وكل الذين فضلوا الصمت إزاء الموقف السعودي تم وصفهم بالخونة، وهذا ما جعله يفكر في المغادرة حفاظا على سلامته.
وحول موجة الاعتقالات التي شهدتها المملكة، أكد خاشقجي أنها شملت العديد من النشطاء السياسيين والصحفيين والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي من المواطنين العاديين الذين كان يعرفهم، معتبرا أن المزعج في هذا الأمر هو أنه لا يوجد أي سبب مقنع لشن حملة الاعتقالات.
وأوضح خاشقجي أنه مرت ثمانية أشهر على اعتقال العديد من الأشخاص في أيلول/ سبتمبر الماضي، ولم توجه لهم أي اتهامات وكثيرون منهم قضوا وقتا طويلا في الحبس الانفرادي، وهو أمر مدمر نفسيا لأن هؤلاء المعتقلين هم شخصيات مثقفة وذات مكانة اجتماعية، وليسوا لصوصا أو مجرمين.
وذكر أنه يستعد لإصدار مقال يدعو فيه ولي العهد محمد بن سلمان لتحرير قطاع الصحافة، ولهذا الغرض سوف يقترح تبني نموذج قانون النشر الكويتي، إذ أن هذا البلد الخليجي، على الرغم من نظامه الملكي، إلا أن الإعلام فيه يتمتع بمساحة كبيرة للنقاش ومراقبة عمل الحكومة.
وحول سؤال المجلة عن مدى واقعية هذا المقترح، أعرب خاشقجي عن ثقته في أن النظام الملكي السعودي قادر على التأقلم مع حرية التعبير، على غرار الكويت والأردن والمغرب. وحول العودة إلى بلاده، وذكر أنه لا ينوي في الوقت الحالي الرجوع إلى السعودية، حتى لا يخاطر بخسارة حريته، لأنه يخشى من السجن ويفضل أن يكون كاتبا حرا.
ونقلت المجلة أن حالة حرية التعبير في العالم العربي، وقدرة الصحفيين على الكتابة بشكل مستقل، تعرضت لانتكاسة خلال السنوات الأخيرة، وبشكل خاص في مصر منذ وصول عبد الفتاح السيسي للسلطة سنة 2014.
فيما وصف خاشقجي المشهد في مصر بأنها تعيش حالة فوضى، ولا يوجد فيها أي قدر من الحرية، حتى أن قطاع الصحافة بات موضع سخرية وتندر لدى الرأي العام، لأنه مجبر على ترديد الدعايات والرواية الرسمية الحكومية.
كما وعبر عن حزنه لما آلت إليه الصحافة في بلد مثل مصر، مهد الصحافة العربية. وفي المقابل، اعتبر خاشقجي أن هناك هامشا مرضيا من الحرية للصحفيين في بلدان أخرى، مثل تونس والمغرب والكويت، وفي لبنان أيضا على الرغم من تهديدات حزب الله.
وأكد خاشقجي أن الإمارات أيضا تشهد سيطرة تامة على وسائل الإعلام، حيث تمارس الحكومة بعض الألاعيب أحيانا. وفي حين تسمح للمواطنين بانتقاد أو مناقشة قضايا تهم بلدانا أخرى، يمنع عنهم طرح قضايا تهم بلدهم وهو أمر مثير للسخرية.
وحذر من تبعات إصرار السعودية على قمع الأصوات المنتقدة في البلاد، خاصة في هذا الوقت الذي يجري فيه ولي العهد تغييرات اقتصادية كبيرة في ظل غياب أي نقاش حر وشفاف، وهو أمر لا يسمح للقيادة برؤية مساوئ ونقاط ضعف هذه البرامج التي تم وضعها.
بينما أوضح خاشقجي أن الحكومة السعودية قررت صرف عشرات المليارات من الدولارات لبناء مدينة ترفيه في الرياض، دون فتح باب النقاش حول مدى واقعية وفائدة هذا المشروع.
وطرحت المجلة سؤالا مباشرا حول الأوامر التي وصلت إلى خاشقجي للتوقف على نشر التغريدات.
ومن جهته، أكد خاشقجي أن المكالمة جاءت من البلاط الملكي، وبالتحديد من أحد مساعدي ولي العهد، ولم يكن أمام خاشقجي أي مجال للنقاش أو التعقيب باعتبار أنه أمر ملكي، وهكذا تسير الأمور في السعودية.