بدلاً من الغضب الشعبي الذي يحرق الأخضر والناشف تحت أقدام المحتلين، وبدلاً عن الموقف الرسمي الفلسطيني المتفجر شظايا لهب تحرك الميدان، وتزرع الأرض شوكاً تحت أقدام المستوطنين، اختبأت القيادة الفلسطينية خلف بيانات الشجب والإدانة والاستنكار، بل وعمدت القيادة إلى امتصاص نقمة الجماهير، حين قررت التوجه بشكوى إلى الجمعية العامة ضد القرار الأمريكي بعدم تقديم المساعدات لمنظمة الأونروا!
فكيف تفكرون؟ وهل ستخاف منكم أمريكا، وترتعب، وتتراجع عن قرارها، حين تعلم أنكم ستتوجهون بالشكوى ضدها؟ ألا يعرف جميعكم أن أمريكا تعرف القانون الدولي أكثر منكم، وهي من صاغت بنوده، وتعرف أنها متبرع غير ملتزم، ولن يلزمها أي قرار بالدفع المالي.؟
أمريكا تعلب سياسة مكشوفة في الملعب الفلسطيني ووفق الرؤية الإسرائيلية، وهي واحدة من 44 دولة تتبرع بمالها الأونروا، وهنالك الكثير من هذه الدول لا يفي بما التزمت به مالياً للأونروا، وإذا كانت أمريكا قد ظلت تتحمل العبء الأكبر من المساعدات 370 مليون دولار سنوياً، وظلت وفيه لموقفها السياسي الذي يلزمها بدفع حصتها للأونروا، فإنها اليوم أمام واقع سياسي فلسطيني جديد، تعدلت إزاؤه الرؤية الأمريكية للصراع العربي الإسرائيلي، وعليه تعدلت السياسة الأمريكية نفسها، والتي لم تعد ترى من مصلحتها ومصلحة إسرائيل استمرار عمل الأونروا.
لقد اختبرت أمريكا الساحة الفلسطينية قبل عدة أشهر، حين أعلنت عن تقليص مساهمتها للأونروا، وحين تأكد لأمريكا أن ردة الفعل الفلسطينية الرسمية على التقليص قد اقتصرت على بيانات الشجب والإدانة الشديدة والاستنكار، أقدمت اليوم على القرار الأمريكي الوقح بقطع كل المساعدات الأمريكية، وهذا ما حدث تماما ًمع القدس، حين أعلن ترامب في نهاية العام 2017 عن القدس عاصمة موحدة للدولة الصهيونية، وانتظر ردة فعل عربية وفلسطينية تحرق الأرض تحت أقدام المحتلين، وحين اقتصرت ردة الفعل على بيانات الشجب والإدانة، نقل ترامب مقر سفارته إلى القدس بعد عدة أشهر، متأكداً أن سماء الغضب لن تنطبق على الأرض.
فهل يقدر الفلسطينيون على توجيع أمريكا، واجبارها على التراجع عن قراراتها؟
أقول: نعم، كي تتوجع أمريكا، لا بد أن تتوجع إسرائيل أولاً، كي تضغط على أمريكا، لتلتزم بما يضمن تحقيق الأمن الإسرائيلي، فالأمن هو بطن إسرائيل الرخوة، وطالما ظل المستوطن آمناً، وطالما ظل الجندي الإسرائيلي يقتحم بعربته العسكرية مدن الضفة الغربية بأمن وسلام، فلن تحرك الحكومة الإسرائيلية ساكناً يغاير مصالحها في شطب الأونروا.
إشعال الأرض المحتلة تحت أقدام المحتلين فيه الرد على العقوبات الأمريكية، وهذا لا يتسنى في غزة وحدها، فلو احترقت شوارع غزة، وأغلق مقر الأونروا، وهاج الناس وماجوا في غزة، فلن يتأثر الأمن الإسرائيلي، فالذي يؤثر على الأمن الإسرائيلي شوارع الضفة الغربية، والطرق الالتفافية التي يسلكها المستوطنون بآمن وأمان؛ التعاون الأمني الذي يهيئ للجيش الصهيوني الطريق لاقتحام مدن الضفة الغربية ومخيماتها.
وقف التعاون الأمني، وتحريك الشارع في الضفة الغربية والأردن هي الخطوة الموجعة للقرار الأمريكي ضد الأونروا، وقد أكد ذلك الكاتب في صحيفة “إسرائيل اليوم” نداف شرغاي حين قال: هناك مخاوف إسرائيلية من أن تسفر الإجراءات ضد الأونروا عن أحداث من المظاهرات الشعبية، وتصعيد في العمليات المسلحة، وتحذيرات من أي اقتراب من الأونروا قد يؤدي لوقف التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وتجدد العمليات المسلحة، بسبب تضرر اللاجئين الفلسطينيين من إجراءات أمريكية قادمة بالمنظمة”.
فهل ستخيب القيادة الفلسطينية أحلام الشعب الفلسطيني، وتواصل التعاون الأمني؟ ام أنها ستلتقط هذه اللحظة الوطنية، وتطبق قرارات المجلس المركزي منذ عام 2015، وتبدأ مشوار الحراك الشعبي الموجع والمفجع للإسرائيليين بعيداً عن الشجب الإنشائي، والشكوى للجمعية العامة، التي لن تلزم أمريكا بدفع دولار واحد حرض على قطعه داني دانون مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة منذ سنوات، ووقفت من خلفه نيكي هيلي مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة، التي أعلنت الحرب على كل ما هو فلسطيني.
أبو مازن قالها مليون مره التنسيق الأمني شيء مقدس متلو متل ربنا بالسماء ، بالإضافه لشركة الجوال تبع أولادو التي تسيطر على الإتصالات كمان مقدسه