تزامنا مع التنديد الدولي الواسع باحتجاز الطالب والأكاديمي البريطاني ماثيو هيدجز المعتقل في أبوظبي منذ 5 أشهر بتهمة التجسس، والذي حكم عليه بالمؤبد الأسبوع الماضي، خرج محامي بريطاني يكشف عن تجربة مروعة له في سجون الإمارات ويندد بسجلها الحقوقي الأسود معلنا تضامنه مع الطالب البريطاني.
المحامي البريطاني والمسؤول الرياضي السابق “ديفيد هاي” حكى في مقالة نشرها بصحيفة “الجارديان” البريطانية عن تعرضه لظروف “مروعة” خلال احتجازه لـ22 شهراً في أحد سجون دبي في الإمارات قبل 3 سنوات.
وأشار إلى أنه تعرَّض للضرب والتعذيب والاغتصاب على أيدي السجانين الإماراتيين الذين عاملوه بكل قسوة، قبل أن يفرج عنه بتدخل دبلوماسي بريطاني.
وقال هاي والذي يعتبر ناشطاً مدافعاً عن حقوق الإنسا، إن حكومته لم تقم بما يكفي للإفراج عن الطالب والأكاديمي البريطاني المعتقل في أبوظبي ماثيو هيدجز، منذ 5 أشهر، بتهمة التجسس، والذي حكم بـ»المؤبد» الأسبوع الماضي.
وكان هيدجز يُجري بحثاً بالإمارات في سياق أطروحته العلمية عن «العلاقات المدنية – العسكرية في المنطقة بعد الربيع العربي»، حيث حُجِز بالحبس الانفرادي، في الوقت الذي نشطت حملات مقاطعة بريطانية للإمارات، في عدة قطاعات، مثل السياحة والفعاليات الأدبية والرياضة، وحتى أكاديمياً.
وقال هاي الذي تضامن في مقالته مع الأكاديمي هيدجز، إن دانييلا تيجادا زوجة هيدجز ليست وحدها في انتقادها الحكومة البريطانية لعدم قيامها بما يكفي لمساعدة زوجها، وإنَّها تنضم لقائمةٍ طويلة من «الضحايا» وعائلاتهم ممَّن افترضوا أنَّ «الحكومة البريطانية ستحارب من أجلهم، فقط ليخيب أملهم بمرارة».
ويروي ديفيد هاي الذي كان مديراً تنفيذياً سابقاً لنادي «ليدز يونايتد» الإنكليزي، بالقول إن مأساة الطالب هيدجز، استدعته لكتابة مقالة حول تجربته الخاصة في سجون الإمارات، وذلك عندما «استُدرِج» إلى دبي عام 2014 وزُجَّ به في السجن «بلا تهمة».
مشيراً إلى أنه كان ينتظر بفارغ الصبر أوَّل زيارة من مسؤولي السفارة البريطانية له في المعتقل. لكن كل ما لاقاه هو شخصان غير بريطانيين عيَّنتهما وكالة توظيف دبلوماسية، وكل ما قالا أنَّ بوسعهم عمله هو ضمان مُعاملته بـ»صورة مقبولة وحصوله على طعام ملائم». تفاصيل مروعة في سجون الإمارات يقول هاي: لم تكن هُناك أية محاولة للاحتجاج على ما حدث لي، كان هناك تغاضٍ عن جميع المبادئ القضائية الأساسية في السجن الإماراتي.
مضيفاً: السجانون لم يوفِّروا لي الطعام الذي أحتاجه، في الوقت الذي كنت قد خضعت لتوي، لعملية جراحية بالمعدة. ويضيف الناشط الحقوقي البريطاني: كانت الظروف التي احتُجِزتُ فيها في بعض الأحيان مروِّعة. لقد تعرَّضتُ للضرب، واغتُصِبتُ، وفي إحدى المراحل قال لي أحد الحراس: «احترس، السجناء البريطانيون يموتون هنا».
كان الجو حاراً، وكانت أماكن الاحتجاز مكدَّسة بأكثر من سعتها، وغالباً ما كانت إمكانية التواصل مع المحامين أو غيرهم من المُمثِّلين الشخصيين للمُحتَجَز مقصورةً على بضع دقائق كل أسبوع، وفي وجود حارسٍ يستمع لكل ما يُقال.
ويسرد «هاي» معاناته بالقول: خلال فترة سجني التي استمرت 22 شهراً، شهدتُ تولِّي مدير سجنٍ واحد يتسم بالإنسانية، لكنَّه سرعان ما عُوقِب بأن نُقِل لإدارة سجن أقل شأناً بعدما وُجِّهت له اتهامات ملفقة تزعم تلقِّيه رشى. من الواضح أنَّ السلطات لا تُريد أن يَلقى السجناء معاملة إنسانية.
ويكمل: لقد تعرَّض آخرون غيري لنفس تجربة العدالة الخليجية، صحبتها نصائح من السفارة البريطانية بأنَّه سيكون من التهوُّر التحدث عنها علناً لأنَّ ذلك من شأنه أن يثير عداء الإماراتيين. محتجزون بريطانيون بالجملة في سجون الإمارات ويقول هاي إنه عندما أُطلِق سراحه بدأ يقود حملات لمساعدة غيره من المحتجزين البريطانيين في دبي، ويضيف: لقد أوقفنا هذا النهج.
التعامل مع الشيطان
يقول هاي، إنه على حكومته العمل بجدية وصدق للإفراج عن هيدجز من سجون أبوظبي، واتخاذ بعض خطوات من شأنها التعجيل بإخراجه، منها أن تُراجع نصائحها المنشورة للسفر إلى الإمارات. إذ يعتمد اقتصاد الإمارات بشكلٍ مكثَّف على السياحة، ويرى «هاي» أنه «مَن يذهب إلى هُناك لا يدري أنَّه إن وَقَع في مخالفةٍ قانونية لن يكون بإمكانه الاعتماد على أعراف العدالة المقبولة دولياً».
واصفاً الحالة هناك بالقول: حين تطأ قدمك الإمارات، تكون كمن يتعامل مع الشيطان.
ويدعو «هاي» حكومته للتراجع كذلك عن إرشاداتها للاستثمار بالإمارات. بدل أن تشجّع على الاستثمار في شركاتٍ إماراتية، واصفاً أن «المُستثمرين يدخلون سوقاً تجارية غير عادلة، وأنَّ وضع البلاد القضائي يجعلها بلداً من الخطر ممارسة الأعمال معه».
كما دعا الحكومة البريطانية في الوقت ذاته، إلى تعليق معاهدة تسليم المجرمين بين بريطانيا والإمارات. ومنع القضاة البريطانيين من قبول وظائف في الإمارات بعد التقاعد.