سقوط “الأقنعة” في دولة السعادة.. الإمارات لم تعد المكان المناسب للباحثين عن الثراء ومستقبل “مظلم” للعمالة
شارك الموضوع:
سلط موقع قناة “بي بي سي عربي” في تقرير موسع له الضوء على الأزمة الاقتصادية العنيفة التي تُعاني منها الإمارات، بالتزامن مع هروب رؤوس الأموال وانهيار السوق العقارية بها.
سقوط الأقنعة
وتحت عنوان “هل تظل الإمارات الوجهة المفضلة للباحثين عن الدخل المرتفع؟” كشف موقع قناة “بي بي سي عربي” عن وجود خفايا في سوق العمل بالإمارات والمستقبل المظلم الذي ينتظر الكثير من المقيمين في “دولة السعادة” بعد أن سقطت الأقنعة التي حاول من خلالها حكام أبوظبي ودبي تسويقها للعالم، على حد تعبيرها.
ويقول التقرير إنه طالما اعتبرت الإمارات وجهة للأجانب أصحاب المهن الساعين لدخل مرتفع، لكن المغتربين على أرض الواقع يقولون إن الأمور في الإمارات لم تعد كسابق عهدها.
وتسرد “بي بي سي” شهادات وقصص لفئات مختلفة من العمال خلال العامين الماضيين في الإمارات، مثل أليسون سايمونز، مستشارة الاتصالات، التي غادرت موطنها في المملكة المتحدة 2016، وعادت إليه بعد عامين.
وتقول سايمونز إنها أمضت 12 شهرا في البحث عن وظيفة مناسبة، رغم أنها كان لديها شبكة معارف شخصية ومهنية لا يستهان بها في الإمارات، وحتى الوظيفة التي عثرت عليها كانت بعقد مؤقت لمدة عام.
وبالرغم من أن صافي دخلها في الإمارات كان أعلى منه في المملكة المتحدة، لأن الإمارات لا تفرض ضريبة على الدخل، إلا أن أليسون سايمونز لم تشعر بالأمان الوظيفي بحكم عملها بعقد محدد المدة. وكانت تضطر لدفع إيجارات باهظة لمسكنها وسيارتها بموجب عقود إيجار قصيرة الأجل، تقول “بي بي سي.
ركود قطاع العقارات
وتضيف مستشارة الاتصالات البريطانية: “أرى أن الأوضاع الآن غير مواتية للعودة والعمل هناك (في الإمارات) من جديد، إذ زاد عدد المغتربين الذين يغادرون البلاد، ويجد كثير من المهنيين المهرة وذوي الخبرة صعوبة بالغة في العثور على وظائف جديدة”.
وتؤكد “بي بي سي” أن “تعثُر الاقتصاد الإماراتي تحت وطأة تدني أسعار النفط أدى إلى ركود قطاع العقارات وتخفيض الرواتب”.
وتنقل عن كارين يوزييل، محللة بوحدة الأبحاث وتحليل المعلومات التابعة لمؤسسة “الإيكونوميست” قولها في الاقتصاد الإماراتي: “بالرغم من تعافي أسعار النفط عالمياً في عام 2018، فإن النمو الاقتصادي لا يزال متواضعاً”.
وبحسب محللة “الإيكونوميست” فإن ذلك يُعزى إلى قرار منظمة “أوبك” بخفض إنتاج النفط، بالإضافة إلى عوامل جيوسياسية أخرى، مثل الأزمة الخليجية الأخيرة والخلافات مع قطر، والعقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، التي أثرت على التبادل التجاري بين البلدين، ولا سيما المصالح التجارية الإيرانية في دبي.
ظاهرة “استنزاف المهنيين”
وتوضح يوزييل أن ضريبة القيمة المضافة، التي فرضتها الحكومة في يناير بنسبة 5%، في محاولة لسد الفجوة في الإيرادات التي خلفها تدني أسعار النفط، أسهمت في تغيير نظرة رواد الأعمال للإمارات. كما أثّرت الضريبة على الاستهلاك الخاص بشكل واضح، إثر ارتفاع أسعار المأكولات والأنشطة الترفيهية والسلع الاستهلاكية.
وتضيف بي بي سي: نظرياً، توقع صندوق النقد الدولي في أحد تقاريره أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي في الإمارات سنة 2019 نموا بنسبة 3.7 في المئة، ولكن مؤشر بنك الإمارات دبي الوطني لمراقبة حركة الاقتصاد، كشف في نوفمبر عن تراجع نمو القطاع الخاص إلى أدنى مستوى له منذ عامين ونصف، وشهد مؤشر التوظيف أيضاً تراجعاً للشهر الثاني على التوالي.
وأشارت صحيفة “وول ستريت جورنال” في مقال حديث، إلى أن الكثير من المهنيين، ولا سيما أصحاب الدحول المرتفعة، تركوا وظائفهم في دبي فيما أطلق عليه بعض الاقتصاديين ظاهرة “استنزاف المهنيين”.
لم تعد الإمارات المكان المناسب للباحثين عن الثراء
وتشير روهيني غيل، إحدى شركاء مؤسسة “جي جي سي كونسالتنسي” لإدارة الموارد البشرية إلى أن سوق العمل في الإمارات مرّ بتغيرات كبيرة، في السنوات القليلة الماضية.
وتؤكد غيل: “لم تعد الإمارات المكان المناسب للباحثين عن الثراء كما عهدناها في الماضي، إذ لن تحصل في الإمارات على المزايا السخية التي كان يحصل عليها أقرانك سابقاً، مثل بدلات تعليم الأبناء في المدارس، والتأمين الصحي، وبدل السكن، وما إلى ذلك. وفي ظل ارتفاع تكاليف المعيشة في الإمارات، يرى الكثيرون أن العمل هناك لم يعد مجدياً من الناحية المالية”.
وتقول ستيفاني هيوز، محررة محتوى رقمي من بلدة هارتلبول بالمملكة المتحدة، وقد انتقلت إلى دبي برفقة زوجها الذي يعمل في قطاع الإنشاءات منذ أربع سنوات: “يشهد السوق تباطؤاً حاداً في الوقت الحالي، وقد رحل الكثيرون عن البلاد بعدما عجزوا عن العثور على وظائف أو على الأقل وظائف برواتب مجزية”.
من النقيض إلى النقيض
وتضيف هيوز، وهي أم لطفلين: “جميع الشركات التي تقدمتُ للعمل لديها عرضت عليّ راتبا أقل من راتبي الحالي بنسبة 25% أو 30%، وهذا لا يكفي لتلبية احتياجاتنا المعيشية لأننا نتكفل أيضا بمصاريف المدارس وأقساط التأمين الصحي”.
ويرى أحد مديري التسويق الرقمي، الذي رفض الإفصاح عن اسمه، حتى لا يعرض مستقبله المهني للخطر، أن المشهد في الإمارات تبدل من النقيض إلى النقيض. ويقول إن تطلعات الشركات شيء ومواردها شيء آخر.
ومنذ أن انتقل للعيش في دبي، منذ 10 سنوات، تنقل مدير التسويق البالغ من العمر 45 عاماً، بين 6 وظائف، ورغم أن راتبه الآن في الإمارات أعلى منه في المملكة المتحدة، إلا أن الدخل الذي كان يتقاضاه عند مجيئه إلى الإمارات كان أعلى من دخله الحالي، فضلاً عن أنه أمضى 14 شهراً بلا عمل قبل أن يشغل منصبه الحالي.