مع مرور أكثر من عام على اعتقاله كشف صديق مقرب من الأمير المعتقل سلمان بن عبد العزيز بن سلمان آل سعود الذي يعرف باسم من “الأمير الوسيم”، عن أسباب اعتقال ولي العهد السعودي له وظروف اعتقاله، كاشفا أيضا عن خطواته التصعيدية المقبلة للضغط من أجل الإفراج عنه.
وقال صديق الأمير الذي لم يكشف عن هويته وقدم نفسه باسم “حسام”، في حوار مع موقع “الجزيرة نت”، إن الأمير سلمان ووالده لا يزالان يقبعان في أحد سجون الرياض من دون توجيه القضاء لهما أي تهمة حتى الآن.
وكشف “حسام” أنه سيعرض ملف الأمير المحتجز ووالده في الأيام المقبلة على عدد من المنظمات الحقوقية الدولية في كبرى العواصم الأوروبية، لتتولى الدفاع عنه ولفضح الممارسات القمعية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وعن ظروف اعتقال الأمير سلمان ووالده، ذكر حسام أن الأمير استدعي إلى القصر الملكي من طرف ولي العهد، حيث اعتدي عليه بوحشية من قبل حراسه، وبعدها اقتيد للسجن مضرجاً بدمائه، كما اعتقل والده بدوره بعد اتصاله بمحامٍ فرنسي بعدما طلب تدخل الحكومة الفرنسية للإفراج عن ابنه.
واعتبر “حسام” أن الأمير سلمان كان يحظى بتقدير كبير من طرف الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، الذي كان يعتزم تعيينه سفيراً للمملكة في باريس، تقديراً له على جهوده وخدمته لبلاده على المستوى الأوروبي، حسب تعبيره.
ويرى “حسام” أن الدافع الوحيد وراء اعتقاله هو تسلط ولي العهد وغيرته حسب وصفه، لأنه لم يستسغ قرب الأمير سلمان من الملك، وبسبب شخصيته الكاريزمية، ونسجه علاقات وطيدة مع عدد من قادة وزعماء العالم.
كما عزا عدم تحرك الدول الأوروبية للدفاع عنه إلى تعاملها بمنطق المصلحة والصفقات؛ لهذا يسعى محمد بن سلمان إلى شراء صمتها من خلال عقود تجارية وصفقات الأسلحة بالمليارات، الأمر الذي يعكس الموقف الضعيف للدول الغربية -ومن بينها فرنسا- تجاه الرياض في عدة قضايا حقوقية، بينها ملف ضلوع ولي العهد السعودي في اغتيال الصحفي جمال خاشقجي.
وعن حالته الصحية، بين أن “الأمير سلمان معنوياته عالية وفي صحة جيدة، أما والده فلم يعد يطيق السجن أكثر بعد مرور عام على اعتقاله لأنه مريض وكبير في السن”.
وبين أن الأمير المعتقل كان لا يهتم بالسياسة ولا يسعى لأي مناصب، بل كان رجلاً مثقفاً يهتم فقط بخدمة بلاده على المستوى الدولي من خلال الثقافة والعمل الخيري.
كما أوضح أن “علاقته مع محمد بن سلمان كانت جيدة، وكانا يكنان الاحترام والتقدير لبعضهما البعض، لكن بن سلمان تغير كثيراً منذ توليه ولاية العهد؛ لأنه يريد أن يقضي على كل خصومه وكل من يمكن أن يكون نداً له، كما أنه محاط بعدد من المستشارين الجلادين، الذين لا يؤمنون إلا بالقبضة الحديدية من أجل وصول ولي العهد للحكم، بينهم مساعده الأيمن سعود القحطاني”.
يشار إلى أن الأمير سلمان بن عبد العزيز صديق شخصي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى جانب عددٍ من قادة العالم والشخصيات الرفيعة عالمياً، كما أنه حاصل على أرفع الأوسمة الإيطالية والألمانية والفرنسية.
ووفق وسائل إعلام رسمي سعودية، فإن اعتقاله جاء بعد اعتقال 11 من الأمراء الشباب تظاهروا في القصر الملكي اعتراضاً على إلزامهم بدفع فواتير الكهرباء والماء، وطالبوا بالتعويض المادي المجزي عن حكم القصاص الذي صدر بحق أحد أبناء عمومتهم، بحسب الإعلان الرسمي في يناير من العام الماضي، لكن اللافت أن سلمان لم يكن من بين المتظاهرين ولا علاقة له بهم كما أكدت أسرته في تصريح لصحيفة “واشنطن بوست” في نوفمبر الماضي.
“الأمير الوسيم” ليس أول رجل قوي في العائلة الحاكمة السعودية يتعرض لسهام بن سلمان، فقد سبقه آخرون كانوا أكثر تهديداً لمكانة ولي العهد.
فقد كان إبعاد ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف أبرز شاهد على مخاوف بن سلمان من إزاحته، فطالما اعتبر بن نايف رجل الداخلية الأول في المملكة لعدة سنوات، حتى وصف بـ”محارب القاعدة” في المملكة.
إبعاد بن نايف تبعه أيضاً جمع معظم الأمراء أصحاب النفوذ والسلطة في معتقل “الريتز”، وهو ما أدى لاحقاً لإسكات جماعي يعم الأوساط السياسية في المملكة، ليتصدر الرأي الرسمي المؤيد لولي العهد منفرداً أمام الإجماع الدولي على انتقاده.
وطالما شكل الأمراء السعوديون والمعارضون في الخارج شخصيات مرعبة لسياسات السعودية في عهد بن سلمان، وهو ما دفعها إلى إعداد خطة استدراج لهم، تنتهي بالاعتقال أو القتل.
وكان أبرز من أطلق تصريحات خارج سرب بن سلمان، الأمير أحمد بن عبد العزيز، الذي رفض إلصاق انتهاكات الرياض في اليمن بعائلة “آل سعود”، والتوجه لبن سلمان ووالده الملك، قبل أن يعود للمملكة بضمانة من قبل واشنطن ولندن بعدم تعرض ولي العهد له، وقد برز اسمه مؤخراً كولي عهد بديل لبن سلمان، بعد الانتقادات الدولية التي أعقبت قتل الصحفي جمال خاشقجي بقنصلية بلاده في إسطنبول الشهر الماضي، وارتفاع مطالب معاقبة السعودية على حرب اليمن.