وزير الداخلية الايطالي يجلط السيسي بهذا التصريح: سأترشَّح لرئاسة مصر لمعرفة قتلة ريجيني
بعد مرور ثلاثة أعوام على اختفاء، وتعذيب، وقتل طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة، تعرقل مصر جهود إيطاليا للتحقيق في مقتله.
في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تقدَّم الادِّعاء الإيطالي بأسماء خمسةٍ من أفراد الجهاز الأمني المصري باعتبارهم مطلوبين للتحقيق في قضية ريجيني، الذي اختفى يوم 25 يناير/كانون الثاني عام 2016 في سنِّ الـ28, لكن بعد مضي شهرين، بالكاد سلَّمَت مصر بصحة ذلك.
صحيفة The Guardian البريطانية أشارت في تقرير لها إلى أن المدعي العام جيسيبي بيناتوني أخبر اللجنة البرلمانية الإيطالية المشرفة على الاستخبارات الأسبوع الماضي بما يوحي أنه قد فقد الأمل في الجانب المصري إذ قال: «لقد قام الادِّعاء في روما بكلِّ ما بوسعه. إنَّ الوضع الآن في حالة جمود».
وجدوا جثته ملقاة على جانب الطريق الصحراوي
اختفى ريجيني بعد مغادرته شقَّته بحي الدقي في القاهرة، وهو في طريقه للِقاء أصدقاءٍ له. وبعد حملة بحثٍ محمومة قام بها أصدقاؤه ووالداه، وُجِدت جثته ملقاة على جانب طريقٍ سريع صحراوي يوم 4 فبراير/شباط، وبدت عليها علامات التعرُّض للتعذيب. لاحقاً قالت والدة جوليو إنَّه لم يُمكنها التعرُّف على جثة ابنها سوى «من طرف أنفه».
وفي العام الماضي، قال بيناتوني إنَّه يعتقد بأنَّ ريجيني قُتِل بسبب البحث الحسَّاس سياسياً الذي كان يجريه الطالب الإيطالي عن النقابات العمالية.
وقال وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو سالفيني، في مؤتمر صحفي عُقِد الأربعاء الماضي: «طلبنا العدالة لريجيني».
وقال سالفيني: «سأترشَّح لرئاسة مصر في المرة القادمة»، ملمحاً أنَّ هذه هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق مبتغاه.
وأضاف: «لكنِّي أثق بالمدَّعين الإيطاليين، وأثق بالمصريين». منذ بداية الأمر أُحبِطت مجهودات المدَّعين الإيطاليين للتحقيق في مقتل الإيطالي الشاب. أرسلت إيطاليا بفريقٍ من المحققين الإيطاليين إلى القاهرة في يناير/كانون الثاني عام 2016، لكنَّهم أُجبِروا على إجراء تحقيقٍ موازٍ فضلاً عن التعاون الكلي مع نظرائهم المصريين، الذين أجروا التشريح المبدئي لجثَّة ريجيني في مصر دون حضور أي مسؤولٍ إيطالي.
وبرغم الاحتكاك المتوتِّر بين الدولتين على خلفية التحقيق، أبقت إيطاليا على علاقاتها الحكومية والتجارية مع مصر كما هي.
وكانت شركات تصنيع الأسلحة الإيطالية حاضرةً بشكلٍ ملحوظ في أوَّل معرضٍ دفاعي تقيمه مصر في ديسمبر/كانون الأول، ومن بينها شركات إيطالية تبيع أسلحة صغرى للجيش والشرطة المصرية.
وأشاد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بـ»الشراكة المتميزة بين مصر وإيطاليا» في اجتماعٍ مع كلاوديو ديسكالزي، المدير التنفيذي لشركة الطاقة الإيطالية العملاقة Eni، في وقتٍ سابق من الشهر الجاري.
تسريبات عديمة الفائدة
في تلك الأثناء، مارس المحققون الإيطاليون باستمرار الضغط على نظرائهم المصريين لتوفير معلوماتٍ هُم في أمس الحاجة لها عن القضية.
وبعد عامين من المفاوضات المشدودة للتحصُّل على ما سجَّلته كاميرات المراقبة في مترو القاهرة يوم اختفاء ريجيني، قال المدَّعون الإيطاليون إنَّ المقاطع المسلَّمة من المصريين تخلَّلتها «انقطاعاتٌ لا تفسير لها»، ما جعلها عديمة الفائدة.
ألقى المسؤولون المصريون باللوم على صعوباتٍ تقنية تسبَّبت في ضياع اللقطات الحرجة، ومنذ ذاك لم تُفصِح بالكاد عن أية معلوماتٍ عمَّا إذا كانت استعادة البيانات ممكنة.
جذبت طبيعة التعذيب الذي تعرَّض له ريجيني والمكان الذي أُلقيَت فيه جثته، في موقع على مقربةٍ من منشأةٍ للاحتجاز يستخدمها جهاز الأمن الوطني المصري، شكوكاً دولية بأنَّ أفراداً من الجهاز الأمني المصري هُم المسؤولون عن مقتله. ومع ذلك، قدَّم المسؤولون المصريون رؤيةً مختلفة كلياً.
أخبر شعبان الشامي الذي كان آنذاك مساعداً لوزير العدل لشؤون الطب الشرعي صحيفة The Guardian البريطانية في عام 2016: «إنَّ جهاز الأمن هوَ من سيتعرَّف على الجاني».
لاحقاً اعترفت مصر بأنَّ طالب الدكتوراه كان تحت المراقبة قبل مقتله. وفي أواخر شهر نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي، وضع المدَّعون الإيطاليون بعد شعورهم بالغضب من عدم إحراز الجانب المصري أي تقدُّم، خمسة أفراد من جهاز الأمن المصري تحت التحقيق على خلفية اختفاء ريجيني نظراً للاشتباه بإعاقتهم التحقيق الجاري.
رفضت مصر صراحةً أن يُحقَّق مع مسؤوليها. وقالت الهيئة العامة للاستعلامات في البلاد: «القانون المصري لا يعرف مثل هذا السجل للمشتبه بهم»، مستغلةً الفرصة للتشكيك في صلاحية تأشيرة ريجيني أثناء إقامته في مصر. صحيفة The Guardian أشارت في تقريرها إلى أنها لم تتلقَّ أي رد على طلب التعليق من ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ومن المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية.
الجريمة وتَّرت العلاقة بين البلدين
وبعد أن قطع البرلمان الإيطالي علاقاته بمصر في شهر نوفمبر/تشرين الثاني -وهي خطوة تركت العلاقات الحكومية بين الدولتين على حالها دون تغيير- قال أحمد مصطفى، وكيل لجنة القيم بالبرلمان المصري، إنَّ الإيطاليين يستخدمون تحقيق ريجيني «كأداةٍ للابتزاز السياسي». وصرَّحت أليساندرا باليريني، المحامية الإيطالية لعائلة ريجيني، في مؤتمرٍ صحفي درامي عُقد في روما في شهر ديسمبر/كانون الأول أنَّ لديها قائمةً تحوي 20 متهماً، وصاغتها بأنَّها تحوي «20 اسماً لرجالٍ يتوجَّب عليهم الخوف بدءاً من الآن».
وقالت أليساندرا: «أجد صعوبةً بتصديق أنَّ الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ليس على درايةٍ بما كان يحدث لجوليو ريجيني. يستحيل أنه لم يكن على علم بأي شيءٍ ممَّا حدث». تعهَّدت عائلة ريجيني بالبحث عن حقيقة ما حدث لجوليو.
وكتبت والدته باولا في تغريدةٍ يوم 15 يناير/كانون الثاني، عيد ميلاد ابنها: «عزيزي جوليو، قد سرقوا عمرك، اليوم كنت لتتمَّ 31 عاماً».