سمير بن عمر لـ”وطن”: شفيق الجراية سجين سياسيّ ومستشارون يبتزون رجال أعمال عبر ما يسمّى بالحرب على الفساد
شارك الموضوع:
وطن- حاوره- عبدالحليم الجريري– يعتبر سمير بن عمر أحد أهمّ مؤسّسي حزب المؤتمر من أجل الجمهورية سنة 2001، بعد الثورة التونسية وفي 2011، عيّنه حزبه ليمثّله في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والإنتقال الدّيمقراطي.
وإبّان انتخابات 23 أكتوبر 2011، فاز بن عمر بمقعد في المجلس الوطني التأسيسي التونسي عن حزب المؤتمر في ولاية تونس عن دائرتها الأولى، ثمّ تمّ تعيينه في 1 يناير 2012 كمستشار رئيسي لدى رئيس الجمهورية التونسية المنصف المرزوقي المنتخب آنذاك.
في غرّة فبراير من نفس السّنة عيّن رئيسا لكتلة حزبه في المجلس التأسيسي إلى غاية 6 مارس، وهو اليوم محام ورئيس لحزب المؤتمر من أجل الجمهوريّة المعارض خلفا للمنصف المرزوقي.
صحيفة “وطن” إلتقت بالسياسي المعارض سمير بن عمر في حوار قال لها فيه إنّ رجل الأعمال شفيق الجراية ومن معه سجناء سياسيّون يدفعون ثمن صراع الأجنحة الذي تخوضه السلطة الحاكمة، أمّا بقية القضايا التي تلاحقهم فمن مشمولات القضاء البتّ فيها، وأضاف أنّ الحرب على الفساد تم استخدامها من طرف بعض المستشارين في قصر الحكومة بالقصبة لابتزاز رجال أعمال، وأنّ قائمة الذين سيتمّ إيقافهم كانت تخضع لإبتزازات ومساومات وكلّ هذا عليه دليل هو وجود أسماء هؤلاء المستشارين في محاضر قضائيّة.
واعتبر سمير بن عمر أنّ الباجي قائد السبسي يخوض حربا ضدّ النهضة بمنطق المجرمين وليس بمنطق رجال الدولة وهو مستعدّ لكسر خصومه حتّى عبر التحالف مع الشيطان وفق توصيفه، كما وصف زيارة وفد من حزب النّداء إلى سفارة السعوديّة مؤخّرا بأنّه يعكس غياب قيم السّياسة لديه، وأنّه عبارة عن دعم سياسي لمنظومة حكم تورّطت في عملية إجرامية أدانها كل العالم وفق تعبيره، وفي ما يلي حديث مطوّل حول عدّة محاور أخرى:
-هناك اليوم معارك وصراعات بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، نريد أن نعرف السبب الخفي وراء ذلك حسب رأيك؟ هنالك من يقول إن يوسف الشاهد صادق في حربه على الفساد وأن هذه الحرب قد تشمل إبن رئيس الجمهورية حافظ قايد السبسي، وأن رئيس الجمهورية حماية لابنه مستعد لأن يخرّب بلاد بأكملها، ما هو رأيك في ما يقال؟
–الحقيقة هي أنّ الحكومة دخلت في صراع مفتوح في إطار حرب التموقع بين مختلف مكوناتها، وهذه الحرب تدار بعقلية المجرمين وليس بعقلية رجال الدولة، بمعنى أنهم مستعدون بكل الوسائل القذرة لكسر خصومهم بالمفهوم السياسي، ومستعدون أيضا للتضحية بمصالح التونسيين ومصلحة الدولة من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية ومصالحهم الذاتية.
-تقرّ بأننا بصدد معركة كسر للعظام؟
–نعم، فاختيار الشاهد تمّ لأجل تنفيذ أجندا العائلة الحاكمة، والمعركة ليست من أجل سياسات، لا يوجد هناك فرق في السياسات، ولو افترضنا وجود فرق فما هي الإحترازات التي لدى رئاسة الجمهورية على سياسات يوسف الشاهد؟ لو كان هنالك فرق في السياسات فلا بد من توضيح ذلك، رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة تعملان مع نفس لوبيات الفساد مع وجود اختلاف في بعض التفاصيل، هما رهينتان لأجندات أجنبية، الفرق فقط في أنهم كانوا يتصورون أن يوسف الشاهد عند توليه رئاسة الحكومة لن تكون له طموحات سياسية وسيكون في خدمة أجندات العائلة المالكة التي تطمح إلى أن يكون حافظ قايد السبسي مرشحا في الإنتخابات الرئاسية 2019.
-والشاهد لم يرضخ لهذه الأجندات؟
–يوسف الشاهد عند توليه رئاسة الحكومة كبرت طموحاته وذاق طعم السلطة فأصبحت له طموحات سياسية ويرى في نفسه الأولى بأن يكون مرشح المنظومة في 2019، أصبح يعمل ليس لخدمة أجندات العائلة المالكة، بل لأجنداته الشّخصية.
-لكن في ما تتمثل أجنداته وهو اليوم رئيس حكومة وله صلاحيات أوسع بكثير من صلاحيات رئيس الجمهورية، كيف لرئيس الحكومة أن يترك الصلاحيات الواسعة التي لديه ليقعد على كرسي رئاسة الجمهورية الذي لا يتمتع إلا بسلطتين أو ثلاثة؟
–ربما أفاجئك بأن من ضمن السيناريوهات التي تعدّها المنظومة القديمة هو التخلص من عبء العائلة الحاكمة ليبقى يوسف الشاهد الرجل رقم إثنين في النظام ويخدم الشخص الذي ستختاره هذه المنظومة ليكون رئيسا للجمهورية، هنالك سيناريوهات وصراعات داخل المنظومة نفسها حول من سيسكن قصر قرطاج سنة 2019، منها أن يكون الشاهد رئيسا للجمهورية، وهو يرى رمزية قصر قرطاج أكثر من قصر القصبة مقر رئاسة الحكومة بإعتبار أن رئيس الجمهورية هو الذي يرمز للدولة، وهو الذي يمثلّها، بالنسبة إليه رمزية المنصب مهمة أكثر من صلاحياته، ثانيا، قد يبقى الشاهد رئيسا للحكومة مع شخص آخر يتولى منصب رئاسة الجمهورية وهو لن يكون حافظ قايد السبسي حسب المخطط الذي يعدّ له، هي كلها سيناريوهات تطبخ في الخارج واللعبة محسومة من الخارج.
-ولكن هناك إنتخابات، أليس كذلك؟
–الإنتخابات كما تعرف لها ماكينتها السياسيّة والإعلاميّة، وستصبّ كلّها في صالح مرشّح بعينه.
-حسب رأيك لماذا انقلب يوسف الشاهد على رئيس الجمهورية؟ وما دخل حافظ قائد السبسي في هذا الصراع؟
–أجندا العائلة المالكة هي أن يكون حافظ قائد السبسي المرشح لإنتخابات 2019، وإذا تعذّر ذلك لأي سبب من الأسباب يبقى الباجي قايد السبسي هو المرشح الذي سيليه.
-حافظ قائد السبسي يوصف بأنّه غير مثقف سياسيّا، فكيف لأبيه المحنّك كما يقال أن يختاره لتولي منصب رئيس الجمهورية؟
–المنظومة التي نصّبت شخصا عمره يتجاوز التسعين رئيسا للجمهورية لن تجد مشكلا في تنصيب واجهة أخرى، فلوبيات الفساد التي أحكمت سيطرتها على دواليب الدولة تبحث عن واجهة للحكم لا أكثر ولا أقل.
-هل تعتبر حرب يوسف الشاهد على الفساد صادقة، وهل تصدّقه أنت ؟
–قلت منذ البداية إنها مجرد مسرحية، وهي ليست سوى خطاب أجوف.
-ولكن يوجد من هم اليوم في السجن بسبب الإشتباه في فسادهم.
— من هم هل لك أن تدلي بأسماء معينة؟
-منذ بداية هذه الحرب على الفساد، تم سجن رجل التهريب الأول المكنّى بوشواشة وكذلك رجل الأعمال شفيق جراية، على أرض الواقع هناك بلورة لهذه الحرب.
–لا، هذا كله كلام فضفاض، الحرب وقع شنها على بعض رجال الأعمال المرتبطين بحافظ قائد السبسي وشفيق جراية، نحن نعرف أن شفيق جراية مرتبط بحافظ قائد السبسي وأن الإعتقالات تمّت ضد أشخاص مقرّبين من حافظ وذلك في إطار حرب التموقع داخل المنظومة.
-يعني إستغلال لسلطة الدولة تصفيةً لحسابات شخصية؟
–إستعمال سلطة الدولة لتصفية جناح حافظ قايد السبسي تحديدا، ونحن قلنا إنها حرب بين الفاسدين وليست حربا على الفاسدين، وأنا أحبّ أن أضيف بأنّ الحرب على الفساد تم إستخدامها من طرف بعض المستشارين في قصر الحكومة بالقصبة لابتزاز رجال أعمال، والقائمة التي كانت توضع، وأقصد قائمة الموقوفين الذين كانوا سيوضعون رهن الإقامة الجبرية، كانت تخضع لإبتزازات ومساومات.
-يعني أن يتم دفع أموال مقابل عدم دخول السّجن؟
–وهو كذلك، وقد تمّ ذكر أسماء بعض المستشارين المورّطين في رئاسة الحكومة ضمن محاضر قضائية، وقع إبعادهم في ما بعد من قصر الحكومة وتعيينهم في وظائف أخرى، وأتحدّى يوسف الشاهد أن يكذّبني ولدي” أسماء لن أذكرها.
-ماهو رأيك اليوم في تحالف الباجي قايد السبسي مع اليساريين، قصر قرطاج استقبل هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي مرتين في أسبوع واحد؟ ومدّ يده لليسار، مالذي يدفعه لمثل هذا التحالف؟
–بالنسبة للباجي قايد السبسي، فإنّه يخوض هذه الحرب بمنطق المجرمين وليس بمنطق رجال الدولة، وهذا أحد تمظهرات العقلية التي تدار بها هاته الحرب، يعني الباجي قايد السبسي مستعدّ لكسر خصومه حتّى عبر التحالف مع الشيطان، لذلك فلا غرابة في أن يتحادث مع قيادات الجبهة الشعبية أو أن يستغل الجبهة الشعبية لكسر حركة النهضة أو ابتزازها، ويمكن أن تخضع حركة النهضة لأجندا السبسي، فيعود إلى سياسة التوافق معها ويلقي بالجبهة في الطّريق.
-يعني أنّ الجبهة الشعبية عبارة عن مطية فقط؟
–هو يعرف حجم حركة النهضة وحجم الجبهة الشعبية ويعرف أن مصلحته في الرجوع إلى التوافق مع حركة النهضة، ويوم يحصل هذا سوف ينسى الإغتيالات السياسية وينسى التنظيم السري كما سينسى الغرفة السوداء بوزارة الداخلية وغيرها وغيرها..
-ما رأيك في استقبال رئيسنا لولي العهد السعودي؟ رئيس الجمهورية يقول إنه إستقبله من أجل تونس، فالسعودية دولة غنية ونحن فقراء إن صح التعبير.
–أين هو مال السعودية؟ سوف يسخّر فقط لساكن قرطاج في إطار التعبئة للحملة الإنتخابية المقبلة، هم يتحصّلون على تمويلات لحملتهم الانتخابية، أمّا جيوب التونسيين فمازالت فارغة.
-ماذا تقول في قانون المساواة في الإرث الذي طرحه الباجي قائد السبسي؟
–هو في اعتباري إلهاء للشعب التونسي من خلال معارك جانبية وإيديولوجية هو في غنى عنها، إن هي إلا معركة وهمية يعاني في أثنائها الشعب التونسي من البطالة والفقر..
-ولكن هنالك من يعتبره لهوا بالمقدس ومعركة مصيرية.
–المساواة ليست مطلبا شعبيا، ولم يخرج الناس إلى الشوارع للمطالبة بالمساواة، بل هي تعميق للإنقسام داخل المجتمع وتعميق للتناحر الإيديولوجي للخروج بفكرة إعادة الإستقطاب التي برزت سنة 2014 بين حركة النهضة وحركة نداء تونس.
-أليس من حقّ السبسي استقطاب الناخبين؟
–ليس عبر تقسيم المجتمع التونسي وإعادة التناحر داخله في وقت نبحث فيه عن حدّ أدنى من الوحدة الوطنية لمجابهة التحديات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية وغيرها، اليوم إذا أردت أن تطرح إصلاحات داخل المجتمع، فهناك إصلاح يجب أن يحدث على مستوى الإقتصاد والتربية والصناديق الاجتماعية و و و، إصلاحات تسمح بالحدّ من البطالة والفقر، وتسمح بوضع الإقتصاد على الطريق الصحيح، ماعدا ذلك فهو مجرّد كلام أجوف وتهرّب من الوعود الإنتخابية عبر تسويق إنجازات لن يكون لها أثر في الشارع التونسي.
-من تابع صفحتك على الفايسبوك منذ أيام يرى أنك معارض لأصحاب السترات الحمراء كما يطلق عليهم، أليس التظاهر حقا يكفله الدّستور؟
–من حقهم أن يتظاهروا، ولكن عندما تصبح رئاسة الجمهورية هي المسوّق الرّسمي لهذه المظاهرات فمن حقنا أن نشكّ في صدقها، إذ أن الذي تسبب في هذه الأزمة اليوم لن يستطيع إيجاد حل لها، هذا هو أحد عناوين المعركة بين أطراف منظومة الحكم.
-أستاذ سمير هم يقولون إن الأزمة التي نعيشها اليوم سببها سنوات “الترويكا” التي كنتم جزءا منها، ويقولون إنهم دخلوا الحكم على أرض فاسدة ومهترئة.
–أنا سأدلي لك بمعطيات، أولا، عندما تركنا الحكم كانت نسبة النمو قد تجاوزت 3 %وهم اليوم أقصى ما يحلمون به هو أن يصلوا إلى نسبة نمو كهذه، طموحهم هو تحقيق ما حققناه نحن في عهد الترويكا، أمّا ثانيا، فنحن عندما غادرنا السلطة كانت نسبة التداين الخارجي للبلاد أقل من 50%، واليوم بلغت 80%، إذن من المسؤول؟ نحن أم هم؟
من المسؤول عن الصراع الحالي بين قصر قرطاج وبين قصر القصبة؟ من ومن ومن؟
كلامهم الذي قلته هو تملّص من المسؤوليّة وبحث عن سبب سابق للتخلص من فشلهم الحالي، ونحن قلنا منذ 2014 إنهم أناس فاشلون وليست لهم برامج تستجيب لتطلعات الشعب التونسي، وحذرنا من الإنجرار وراءهم لأنهم آتون بالدمار والخراب، والآن يدفع التونسيون الثّمن نتيجة لخياراتهم الخاطئة، فهذه المنظومة لا تملك سلطة القرار، منظومة مرتهنة للوبيات الفساد ومرتهنة للخارج ولذلك لا يمكن أن تكون عنوانا لمسار إصلاحي في تونس.
-في مناخ آخر، زيارة وفد من النداء إلى سفارة السعودية بتونس إبان مقتل الصحفي السعودي خاشقجي، ماهي رمزيتها بالنسبة إليك؟
–هذه الزيارة تعكس غياب قيم السياسة لدى هؤلاء الناس، هي عبارة عن دعم سياسي لمنظومة حكم تورّطت في عملية إجرامية أدانها كل العالم، وهم يريدون تبييض مخلفات هذه العملية.
-تعتبر هذه الزيارة تحدّ للجميع حسب رأيك؟
–نعم فيها تحدّ، اليوم ولي العهد السعودي هو شخصية منبوذة من كلّ العالم، لا أحد يريد الإقتراب منها، وفي قمة العشرين رأينا كيف تجاهله رؤساء الدول وكل رؤساء الحكومات الموجودين، لأنه إنسان متورّط في جريمة بشعة ولا يشرّف حكام العالم أن يقتربوا منه ولو لمجرّد أخذ صورة جماعية، أمّا وفد النداء فيبدو أنّه أراد الإستقواء بالحكومة السعودية لتقوية الجبهة الداخلية في تونس في إطار حرب الشقوق بين قصر قرطاج وقصر القصبة.
-ما هو رأيك في حديث الأمين العام لحزب نداء تونس سليم الرياحي عن محاولة الإنقلاب؟
–هذا استهتار ولامسؤولية موجودة صلب الحزب الحاكم، فأن يتحدث الرّياحي عن انقلاب ويتقدّم بشكاية ضدّ من يدّعي أنهم أصحاب فكرة الإنقلاب ثم يرفض تقديم مؤيداته للجهة القضائية، فهذا عبث واستهتار وتلاعب بالملفات وتكوين ملفات وهميّة لخصوم من نفس المنظومة.
-في معركة الإنقلاب، لو خيّرت بين أنصار سليم الرياحي وأنصار يوسف الشاهد، في صف من ستقف؟
–لن أكون في صف أيّ منهما، لأنهما سواء وكلّهم يمثّلون خطرا على تونس ولهم أجندات خفيّة ويريدون الإستحواذ على الحكم لتمرير أجندات معادية للشعب التونسي، ونحن ضدهم كائن من كانوا.
-ما هي مشكلتك مع النائبة بمجلس نواب الشعب فاطمة المسدّي؟
–ليست لدي أيّة مشكلة معها، أنا لدي مشكل مع فقدانها للمصداقية.
-وأين يتبلور فقدانها للمصداقية؟
–عبر تصريحاتها الفولكلورية وأكاذيبها التي تروّج لها عن طريق وسائل الإعلام بحثا عن السبق والإثارة، لقد أطلقت عديد الأكاذيب وتصدّى لها وزير الداخلية مؤخّرا، كما أطلقت أكاذيب أخرى تصدّى لها وزير العدل، تصريحاتها مجرّد نكت ومواضيع للتندّر، وهي الآن ملاحقة قضائيا في عديد القضايا بسبب تصريحاتها منها قضايا ثلب ونسب أمور غير حقيقية لموظف عمومي وغيرها، وأنا أدعوها ألّا تتمسّك بالحصانة البرلمانية عندما يدعوها القضاء للإدلاء بأقوالها.
-قلت سابقا إن فاطمة المسدّي تدين زواجا عرفيّا لرجل أعمال من صفاقس وفي نفس الوقت تدافع عن اللّواط وعن الجنس وغير ذلك، ماذا قصدت بالضبط؟
–من السّخافات أن تثير ملفّا كهذا لتشويه بعض الناس بدعوى أنه رجل أعمال متزوج عرفيا، والحال أنّه يوجد ضمن كتلة هذه النائبة البرلمانية عديد من النوّاب المتورّطين في قضايا أخلاقية لم تستفزّها، ومنهم من ضبط متلبّسا بجريمته ولم تحرّك هذه النائبة ساكنا، كما يوجد متورطون آخرون من أوساط الحكومة ويعملون ضمنها.
-كأنك من المدافعين عن الزواج العرفي.
–عندما يسبق أن يقع ضبط أحد وزراء الحكومة في بيت خناء، ولا تستنكر هذه النائبة حادثة كهذه، بل تعطيه ثقتها عند منح الثقة للحكومة فكيف تريدني أن أردّ؟ كما أنّ موضوع الزواج العرفي لرجل الأعمال غير صحيح، وهو ما قالته وزارة الشؤون الدينية بعد اتهام أحد أئمة المساجد بالتورط في كتابة عقد الزواج العرفي.
-ما هو فحوى الوثائق التي قلت إنك تملكها وتتعلق “بأبي بكر الحكيم” وبتعامله مع المخابرات الفرنسية؟
–ليست وثائق، أنا تحدثت عن شهادات من أشخاص موثوق بهم ومن أصدقاء أبي بكر الحكيم عن علاقته مع المخابرات الفرنسية.
-يعني أنه لا توجد لديك وثائق لكشفها؟
–لا توجد وثائق، ثمّة أشخاص شهدوا لدى السّلطات الأمنية وبيّنوا بالتفصيل هذه العلاقة، وأنا أملك هذه المعلومة بعد التقائي بهؤلاء الأشخاص والتحدّث إليهم وقد أكّدوا لي هذا الأمر.
-يعني ذلك أن المخابرات الفرنسية متورّطة في ملف الإغتيالات السياسية في تونس مثلا؟
–هذا ملف بين يدي القضاء، والقضاء مطالب بالتصريح بهذه المعلومة ولكن بالنسبة إليّ فإني لا أستبعد تورّط المخابرات الفرنسية في الإغتيالات السياسية في تونس، لأنها تمّت عبر أشخاص يشتبه في علاقتهم بها.
-ماهي تحفّظاتك حول إطلاق سراح برهان بسيّس، بإعتبار أنه لم يقض على الأقلّ نصف المدّة داخل السجن ولا يحق لرئيس الجمهورية قانونيّا أن يعفو عنه، ولماذا تحفظّت على عملية اعتقاله منذ البداية.
–أنا رجل قانون أدافع عن القانون، وأطالب بتطبيق القانون على الجميع، في عهد الترويكا لما كنت مستشارا لرئيس الجمهورية تم طرح مسألة إمكانية تمتيع بعض الأفراد من عائلة الطرابلسية بالعفو الرئاسي، وعندما إستشارني رئيس الجمهورية كان رأيي واضحا وهو أن القانون يطبّق على الجميع، فهم سجناء مثل غيرهم ويتمتّعون بما للسجناء من حقوق، أما بالنسبة لبرهان بسيّس، فأنا أدنت عملية إيقافه بتلك الطريقة واعتبرتها توظيفا للحكومة وسلطة الدولة لتصفية الخصوم السياسيين، إذ أننا لم نتعوّد على أن يصدر الحكم في الصباح ويتم تنفيذه مساءً.
-أنت تحفظّت على الصبغة القانونية؟ لك إحتراز في ذلك؟
— أنا مع علوية القانون وعدم إستخدام مؤسسات الدولة لخدمة مصالح ضيّقة أو شخصية.
-أنت إذن مع إطلاق سراح برهان بسيّس مادام إيقافه غير قانونيّ؟
–لو تمّ الإفراج عن برهان بسيّس بعد توفر الشروط المرتبطة بالعفو الرئاسي، وفي إطار عفو يشمل بقيّة المساجين، لما كان لديّ أي مانع في ذلك، ولكن أن يتمّ الإفراج عن بسيّس من ضمن إثنين وعشرين ألف سجين بعفو دون مناسبة فهذا مرفوض، ونحن نعرف أن العفو مرتبط بشروط أولها بقاءه في السجن مدة معيّنة، لا أحد يعترض على أن لرئيس الجمهورية الصلاحيات الدستورية لإصدار عفو عن المساجين، لكن لجنة العفو تضع شروطا معيّنة لضمان المساواة بين المساجين، واليوم عندما تتصرف الدولة على أساس أن هذا الشخص من التابعين والآخر من المعارضين فهنا يصبح القانون قانون غاب، ونحن ضد هذا المنطق الذي نعتبره إغتيالا لدولة القانون ودوسا على دستور الجمهورية التونسية الذي ينص على المساواة، الإفراج عن برهان بسيّس كان لسبب واضح وهو أنه المستشار السياسي لحافظ قايد السبسي، أي بمنطق العائلة والمقرّبين، وهذا بالطبع منطق منظومة الحكم التي كانت قبل الثورة.
-لماذا تم إطلاق سراح برهان بسيّس في هذا التوقيت بالذات؟ هل تراه تمهيدا لشيء ما؟
–طبعا هو يحتاج إلى برهان بسيّس في معركة 2019 الإنتخابية، يريد توظيفه في الحرب الدائرة بين قصر قرطاج وقصر الحكومة بالقصبة.
-هل ندم سمير بن عمر يوما عن عدم إلتحاقه بحزب حراك تونس الإرادة؟
–لا طبعا، أنا من مؤسّسي حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، وهو حزب له تاريخ مشرّف وله رمزيته.
ولكن رمزية حزب المؤتمر كانت بوجود المنصف المرزوقي وأنت تركته لوحده.
–هذا صحيح، فالدكتور المنصف المرزوقي هو الأب الروحي للحزب ومن مؤسسيه، ولكنّه في النهاية أفكار وبرامج ومؤسّسات، وعندما أراد التخلّي عن هذا الحزب، إعتبرته مخطئا، والحزب حافظ على مكانته في المشهد السياسي وهو يستعدّ لخوض الإستحقاقات المقبلة وسيشكّل مفاجأة في انتخابات 2019.
-هل لك تحفظات على المنصف المرزوقي كشخص؟ ألا تر أنه إندفاعيّ أحيانا في بعض تصريحاته، ويصل إلى التّضحية بمصالح الدولة في سبيل أن يعبّر عن رأيه، مثل تصريحاته الأخيرة حول دولة الإمارات العربية المتحدة بأنها دولة مجرمة ومارقة، ألا تر في كلامه إستهتارا؟
-التحفّظات حول شخصه موجودة نعم، أوّلها الحاشية التي تحوم حوله والتي كانت سبب خسارته في الإنتخابات الرئاسية الأخيرة، وقد نبّهنا إلى أنّه يسير في المسار الخطأ، وأن هؤلاء الأشخاص سيكونون سبب كل ضرر مصبوب عليه، وهو نفسه من صرّح في حوار تلفزيوني عندما تحدّث عن تجربته في الحكم بأنه كان من الأجدر به تغيير طاقم مستشاريه الذين اعتبرهم إحدى نقاط ضعفه في تلك التجربة، لكنّ الذي فاجئنا هو ضمّه لهذا الطاقم إلى حزبه الجديد “حراك تونس الإرادة”.
-المعلومات التي وصفتها بالحساسة والتي سلّمها بعض السياسيين إلى المشير خليفة حفتر وقلت عنها إنها من الممكن أن تزعزع إستقرار البلاد، في ما تتمثّل؟
–هناك قانون يضبط علاقاتنا وعلاقات الأحزاب بالخارج، ولكن عندما يلتقي حزب سياسي مع قيادات عسكرية وأمنية أجنبية ويصدر بيانا رسميّا وتصريحات رسمية بأنه سلّم معلومات لهذه القيادات أو تسلّمت هي منه معلومات، فهذا يعاقب عليه القانون خاصة عندما يتعلّق الأمر بجيش أجنبي، فالدولة هي المخوّل الوحيد لذلك.
-ما حقيقة تقرّبك من حزب حراك تونس الإرادة؟ هنالك من يقول أصلا إنك ستقود الحملة الإنتخابية القادمة للمنصف المرزوقي؟؟
–بالنسبة لي، فأنا كرئيس لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية أؤيّد التقارب مع جميع الأحزاب التي نتقاسم معها الدفاع عن استحقاقات الثورة، والتواصل موجود مع كل الأحزاب الثورية، ونحن في إطار الحوار الجاري مع هذه الأحزاب لم نناقش موضوع الرئاسيات، وعندما يتم طرح هذا الموضوع فلن يكون هنالك مانعا لدينا، حوارنا قائم مع كل الأحزاب من أجل الوصول إلى مرشّح توافقي للإنتخابات الرئاسية.
-سجن رجل الأعمال شفيق جرّاية، هل كان ذلك بتهم كيدية؟
–وكم من شخص تخابر مع جيش أجنبي ولم يتم سجنه مثل شفيق جرّاية؟ هذا من الدلائل على أنّه لا توجد حرب على الفساد، وشفيق جرّاية ليس موقوفا في إطار الحرب على الفساد، قضيته هي تخابر مع جيش أجنبي وهي تهمة مضحكة كان من المفترض أن يتم من أجلها إيقاف رئيس الحزب الحاكم أوّلا، منظومة الحكم تستعمل الوسائل القانونية وغير القانونية لتصفية خصومها السياسيين، أمّا بالنسبة لتهمة التآمر، فأنا أعتبر أن شفيق جرّاية وصابر العجيلي وعماد عاشور ضحايا، أعتبرهم سجناء سياسيين وما عدا ذلك من تهم يبقى من مشمولات القضاء.
-هل تعتبر أن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية له وزن في الساحة السياسية اليوم؟
–حزب المؤتمر هو حزب عريق له تاريخ، منذ خمس سنوات كان الحزب الثاني في البلاد وكان من بين أعضائه رئيس الجمهورية، إرتكب جملة من الأخطاء نعم، وتعرّض لمؤامرات أدّت إلى إنقسامه وإضعافه نعم، لكن قيمة الأحزاب ليست في معاركها الانتخابية، فمثلا الحزب الإشتراكي الفرنسي كاد أن يندثر وكانت له نتائج هزيلة في عديد الإستحقاقات الإنتخابيّة، لكنه عاد بعد ذلك لأن الرأي العام لم يكن مستقرّا، اليوم الرأي العام يعاقبك بسبب أخطاء إرتكبتها ولكن غدا من الممكن أن ينتخبك، نحن على الأقلّ لم نتورّط في المال السياسي الفاسد ولم يكن لنا فاسدون من وزراء أو مستشارين أو نوّاب برلمان من الحزب، مثل الذي نراه اليوم، نحن نعتقد أن الظرف السياسي اليوم مناسب لحزب المؤتمر للعودة بقوة في المشهد السياسي.
-لكن لماذا تنصّبون أنفسكم بديلا سياسيّا في حين أنكم ورقة إحترقت منذ أيام الترويكا؟
–أولا، تقييم تجربتنا على أساس أنها تجربة فاشلة خطأ، ولك أن تقارن بين حصيلة حكمنا وحصيلة من يحكمون اليوم كما قلت لك في مستهلّ الحوار، ثانيا، على المستوى السياسي نحن خلال ثلاث سنوات كتبنا الدستور وأنشأنا الهيئة العليا للقضاء وهيئة مراقبة دستورية القوانين والهيئة العليا المستقلة للإنتخابات وأصدرنا عديد القوانين التي ساهمت في إنجاح مسار العدالة الإنتقالية.
-ولكن دائما ما يقال إنّ المنظومة القديمة عادت إلى الحكم نتيجة حكم الأيادي المرتعشة.
–هذا نتيجة جملة من العوامل أولها تكالب المنظومة القديمة مع بعض الجهات الدّاخلية المحسوبة على القوى الديمقراطية وبعض القوى الأجنبية لإجهاض تجربة “الترويكا” وإفشالها خاصة وأنتم تعلمون الحملة الإعلامية التي شنّت ضدّنا ووقوف النقابات في صفّ المعادين لنا، لم يفسحوا لنا المجال للحكم.
-إلى أين تسير الأوضاع في هذه البلاد حسب رأيك؟
–نحو المجهول.
-أنتم موجودون اليوم، أليست لكم ثقة في الأحزاب التي تؤمن بمبادئ الثورة؟ وما معنى كلمة مجهول؟ ماذا تقصد؟
–المنظومة التي تحكم منزوعة القيم وهي منظومة مستعدّة لحرق الأخضر واليابس من أجل تحقيق مصالحها، ولذلك لن يتورّعوا في ارتكاب كل الجرائم للحفاظ على الحكم ومستعدون للقيام بالإغتيالات السياسية والتحالف مع قوى معادية لتونس ولوبيات الفساد باختلافاتها، فالمهم لديهم البقاء في الحكم، نحن في عهدنا ضحيّنا بالحكم من أجل تونس وهم مستعدون للتضحية بتونس من أجل الحكم.
-بالنسبة إليك من هي القوى الخارجية التي تتآمر على الثورة في تونس؟ المنصف المرزوقي يقول إنّها السعودية والإمارات، ما رأيك؟
–بالنسبة لي أنا لا أريد تسمية قوى بعينها لكن هناك بعض القوى الدولية سواء في الغرب أو الشرق لا تنظر بعين الرضاء للتجربة التونسية وتعمل على إجهاضها لأنه ليس من مصلحتها أن تكون هناك تجربة ديمقراطية ناجحة في المنطقة خوفا من العدوى.
-دوليّا، هل تعتبر أن الرئيس السوري بشار الأسد إنتصر اليوم على ما يسمّى بالحرب الكونية عليه؟
–بشار الأسد لا يستطيع اليوم أن يحكم حتى في غرفة نومه، عن أي إنتصار تتحدّث؟ وأنت تعرف كيف كانت حالته عند لقائه مع أحد القادة العسكريين الرّوس وهو لا يعلم إسمه أصلا، اليوم سوريا عادت إلى العصور الحجريّة، تحتلّها أمريكا وروسيا وإيران والدواعش، وكل شبر من الأراضي السورية محتلّ من طرف قوى أجنبية ونصف الشعب السوري مهجّر في الخارج ومن بقي في الداخل يعاني الفقر. أنا أعتقد أن سوريا إنهزمت وستبقى تعاني لسنوات طويلة من مخلّفات هذه الحرب بسبب إصرار بشار الأسد على السلطة.
-ماذا ترى في زيارة مباركة البراهمي وغيرها من الشخصيات السياسيّة لسوريا ولقاء بشار الأسد؟؟
أيّ شخص يرتبط بالنظام الرسمي العربي هو شريك معه في الجرائم التي يرتكبها في حق الشعب العربي.
يعني مباركة البراهمي شريكة اليوم في جرائم بشار الأسد؟
–نعم طبعا وكلهم شركاء في الجرائم التي يرتكبها النظام الرسمي العربي بمختلف تلوّناته.