في ظل غياب الدولة.. أهالي قرية بشري التونسية يحتفلون بافتتاح طريق أنجزوه من مالهم الخاص

“وطن-تونس”-شمس الدين النقاز-“ في ظل الغياب الكامل لاعتمادات الدولة، تكفّل أهالي قرية بشري من معتمدية سوق الأحد التابعة لمحافظة قبلي في منتصف شهر أوت/آب الماضي، بإنجاز طريق عمومية على طول 7 كيلومترات لتربطهم بمركز المحافظة، وذلك على حسابهم الخاص.
وبعد حوالي شهر من العمل المستمر، احتفل أهالي “بشري” عشية الأحد بالإفتتاح الرسمي للطريق الّذي سيحل مشاكل كبيرة لمتساكني هذه القرية المشهورة بواحات النخيل الشاسعة وبجودة تمورها.
وبهذه المناسبة، حضر الأهالي وأقاموا حفلا في الطريق ابتهاجا بانتهاء القسط الأول من إنجاز هذا الطريق الّذي سيمثل شريان حياة لهذه القرية، وكانت الخيول والفرق الشعبية ورياضة سباق الخيل حاضرة في هذا الإحتفال الّذي حضره المئات من المتساكنين.
وعن هذا الطريق الجديد الّذي يبرز تضامن أهل القرية مع بعضهم، يقول “حازم مزهود” أحد متساكني القرية لـ“وطن” إنّ “هذا الإنجاز الكبير يؤكد عظم قريتنا وتضامن أهلها مع بعضهم البعض، فرغم عديد الصعوبات التي واجهت إنجاز هذا الطريق إلا أننا واصلنا ولم نتوقف. وهاهو الطريق ينجز.”
ويضيف متساكن آخر يدعى “علي مصدق” “رغم حر الطقس وقساوته، فقد أبينا إلا أن ننجز هذا الطريق بسواعدنا ومن مالنا الخاص، لم ننتظر أحدا، بادرنا وأجزنا وهاهو الحلم في طريقه للتحقق.”
وتابع “مصدق” حديثه لـ“وطن” قائلا “الكل ينظر إلينا الآن بإجلال وإكبار، فقد قمنا بما عجز عنه غيرنا لسنوات، وأحيينا المنطقة في غياب اعتمادات الدولة.”
وقرية “بشري” هي إحدى قرى محافظة قبلي بالجنوب التونسي، تقع غير بعيد عن الطريق الرابطة بين مدينتي توزر وقبلي. وهي إلى جانب قرية فطناسة أول قرى نفزاوة بالنسبة للقادم من الجريد. وكان هذا الموقع يشكل عنصر حماية لها ولسكانها. أما حاليا فهي مركز عمادة، ويبلغ عدد سكانها بضعة آلاف ويرتكز اقتصادها على فلاحة النخيل.
وسبق تأسيس قرية “بشري” الفتوحات الإسلامية، وبقيت من أهم مدن نفزاوة إلى بداية العهد الحديث، وقد جاءت أهميتها من موقعها الإستراتيجي بمدخل شط الجريد. ويذكر المؤرّخ أبو العباس أحمد اليعقوبي بأن سكانها “قوم من الأفارقة القدم ومن البربر”، الذين ينحدرون ولا شك من قبيلة نفزاوة.
من جهته، وفي سياق حديثه عن إنجاز أهل قريته، قال الصحفي “عائد عميرة” في حديثه لـ“وطن” إنّه “رغم غياب اعتمادات الدولة المالية وتعطيلات بعض مسؤولي محافظة قبلي، إلا أن أهالي قرية بشري صنعوا الحدث بإنجازهم طريقا على طول 7 كم يربطهم بمركز المحافظة بمالهم الخاص.”
واستدرك “عميرة” قائلا “صحيح يوجد طريق وطنية تمر بالقرية وتربطها بالقرى المجاورة، إلا أن هذا الطريق كثيرا ما يغلق نتيجة الإحتجاجات، لذلك خيّر أهالي القرية إنجاز طريق حزامية حتى لا تعطل مصالح الأهالي.”
وأضاف “تم جمع المال من أهالي القرية ومن أبنائها العاملين في الخارج (العاصمة تونس وفرنسا)، وكل يدفع ما يستطيع، وما إنجاز هذا الطريق، إلا أكبر دليل على قدرة الأهالي على النهوض ببلادهم ومعاضدة مجهودات الدولة”.