وطن- سلطت صحيفة “لاكروا” الفرنسية في تقرير لها الضوء على الاضطرابات الواسعة بالسعودية، والناجمة عن قضية اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي التي هزت المملكة بالتزامن مع مرور ستة أشهر عليها.
الصحيفة قالت إن الحكم السلطوي الذي مارسه ابن سلمان خلال هذه الأشهر الستة أضعف المملكة، خاصة أن والده الملك سلمان غفر له وتناسى كل شيء، مع أنه أظهر مؤخرا بعض الغضب بعد تعيين ولي العهد الأميرة ريما بنت بندر سفيرة في واشنطن، وشقيقه الأصغر خالد بن سلمان نائبا لوزير الدفاع دون علمه.
وذكرت الصحيفة أن عملية تطهير واسعة النطاق استهدفت الأسرة الحاكمة منذ وصول محمد بن سلمان إلى السلطة في يونيو 2017، إذ تمت إزالة منافسيه الرئيسيين، كابن عمه محمد بن نايف ولي العهد السابق ووزير الداخلية المسؤول عن الأجهزة الأمنية، ومتعب بن عبد الله الرئيس السابق للحرس الوطني، ووضعوا قيد الإقامة الجبرية.
ونقلت عن الأستاذة بكلية لندن للاقتصاد مضاوي الرشيد أن ابن سلمان “من خلال سجن أعدائه وخصومه وإجبارهم على أداء اليمين الدستورية أكد أن سلطته لن تكون محل نزاع عند وفاة والده”، واستنكرت “الكذبة المنهجية” التي نسبتها لابن سلمان وهي إعلانه مكافحة الإسلام الراديكالي والترويج المزعوم لإسلام أكثر تسامحا.
“الملك القادم” .. موقع أمريكي: هكذا ستُنقل السلطة إلى محمد بن سلمان بعد وفاة والده المريض
وكتبت مضاوي الرشيد في مجلة لندن ريفيو أن “الكذبة تبدأ بادعاء أن التطرف كان استيرادا من الخارج للمملكة العربية السعودية، وتجذر عام 1979، مما يعني أن الثورة الإيرانية كانت السبب إلى حد ما”، حسب مضاوي.
وأضافت أن محمد بن سلمان حريص على ألا يذكر تصدير الإسلام الراديكالي إلى العالم الإسلامي لمساعدة الولايات المتحدة أثناء الحرب الباردة، عندما كانت الهيمنة الأميركية مهددة من قبل الشيوعية والقومية.
ونسبت لاكروا إلى صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن ولي العهد كلف عام 2017 فريقا بقيادة سعود القحطاني بمهمة قيادة حملة لإسكات أي معارضة في المملكة، واستخدم “فريق التدخل السريع” هذا -الذي تورط في مقتل خاشقجي- المراقبة والاختطاف والاحتجاز والتعذيب، من بين وسائل أخرى.
وقالت الصحيفة إن الحملة الشاملة التي شنها الفريق لم تميز بين الإسلاميين والناشطين في مجال حقوق المرأة ورجال الدين والمثقفين والناشطين، إذ شملت من بين من شملتهم عبد الله حامد علي الحامد ومحمد فهد القحطان المؤسسين للجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية، والداعية سلمان العودة، وكلهم يدافعون عن مجتمع مدني حقيقي وملكية دستورية.
وأشارت الصحيفة إلى إطلاق الناشطات في مجال حقوق المرأة مؤخرا، وقالت إنه تم تحت الضغط الدولي، ونبهت إلى أن بعضهن تعرضن للتعذيب والتحرش الجنسي.
ونسبت لبروس ريدل الخبير بمعهد بروكينغز والمتخصص في الشرق الأوسط أن ولي العهد السعودي خلق عهدا من الإرهاب لم يسبق له مثيل في تاريخ المملكة الحديث”، وأضاف أن “اغتيال خاشقجي ليس سوى قمة جبل الجليد القمعي”، مشيرا إلى أن محمد بن نايف لا يزال قيد الإقامة الجبرية في منزله بعد ما يقرب من عامين على إقالته، وأن المملكة تراقب الإنترنت عن كثب.
وقالت الصحيفة إن محمد بن سلمان، وإن بدا أنه عزز سلطته على الصعيدين المحلي والدولي، بالنظر إلى جولته الآسيوية الأخيرة؛ فإن هذه السلطة تبدو أكثر عرضة للخطر على المدى الطويل.
واستدلت الصحيفة على قولها بأن الاحتياطيات المالية تتآكل، وعائدات النفط تتراجع، كما أن المستثمرين متوقفون عن إدخال أموالهم للمملكة، خاصة بعد احتجاز العديد من المواطنين، بمن فيهم أفراد من العائلة المالكة، مما أدى إلى حدوث انقسامات.
وأشارت الصحيفة إلى أن من يسهر الآن على الحماية الخاصة لولي العهد هي الشركة الأمنية الخاصة المملوكة من قبل إريك برنس الصديق المقرب للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأكدت أن ذلك دليل على أن الأمير صنع الكثير من الأعداء.
ونقلت لاكروا عن المستشار دينيس بوشار من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، أن “المملكة العربية السعودية انتقلت من نظام حكم جماعي، من خلال توزيع الامتيازات بين فروع الأسرة المختلفة، إلى نظام حكم استبدادي لصالح عائلة من فرع السديري”.
وأضاف بوشار إلى أن “ابن سلمان لا يمكن أن يستمر في حكم المملكة بهذه الطريقة دون إثارة ردود أفعال”، مشيرا إلى أن “لحظة الحقيقة الأولى ستأتي مع وفاة الملك سلمان أو عجزه التام”، وقال إن كل شيء في نهاية المطاف يعتمد على علاقته بالولايات المتحدة.