نيويورك تايمز: الانهيار الاقتصادي في لبنان ينذر بـ”كارثة” هذا الصيف.. هذا ما سيحدث إن لم يتم تدارك الأمر فورا
شارك الموضوع:
حذرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية من تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان وإخفاق الحكومة والسياسيين في وضع تدابير عملية لتدارك الوضع المنهار، ما ينذر بكارثة عصيبة ستظهر نتائجها هذا الصيف بسبب زيادة الضغط على الشعب.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، يُحاول القادة السياسيون فرضَ تدابير تقشفية على جموع الشعب الساخطة، فيما يخفقون في اتخاذ تدابير مكافحة الفساد التي تُصِرُّ عليها فرنسا والبنك الدولي والجهات المانحة الأجنبية الرئيسية الأخرى، لإصلاح نظام سياسي يشتهر بالكسب غير المشروع وأدائه الضعيف.
هذا وبدأ أساتذة الجامعة إضراباً منذ أسابيع، مطالبين بزيادة الأجور، وفي شهر مايو أحرق ضبَّاط جيش متقاعدون بعضَ الإطارات، وتظاهروا في الساحة نفسِها ضدَّ التخفيضات المقترحة في معاشاتهم ومزاياهم، وراحوا يهتفون أمام الصرح العثماني الأثري، الذي يضم مكتب رئيس الوزراء قائلين: «لصوص، لصوص!».
واحتل لبنان المركز 138 من أصل 180 دولة على مؤشر مدركات الفساد لعام 2018، والذي تُصدره منظمة «الشفافية الدولية» لمكافحة الفساد.
وبعد مرور قرابة الـ30 عاماً على انتهاء الحرب الأهلية في البلاد، لا يزال شعبها يعاني من انقطاعات متكرِّرة في التيار الكهربائي، بسبب الفساد وانعدام الكفاءة اللذين تتسم بهما شركة الكهرباء التي تديرها الدولة.
وأجرت البلاد أول انتخاباتٍ برلمانية منذ عام 2009، في مايو/أيار عام 2018، مما أحيا آمال الشعب في حكمٍ أكثر كفاءة.
ولكنَّ النتائج خيَّبت آمال الكثير من اللبنانيين حتى الآن، فقد استغرق الأمر تسعةَ أشهرٍ من العراك السياسي والمآزق قبل تشكيل حكومةٍ تولَّى سعد الحريري رئاسة وزرائها، في يناير/كانون الثاني. بيد أنَّه لم يكن هناك ما يُقوِّي شوكة الزعيم السني، إذ خسر ثلث مقاعد حزبه، في حين حقَّق حزب الله، وهو تنظيمٌ مُسلَّح وحزبٌ سياسي شيعي تدعمه إيران مكاسب كبيرة.
وأقرَّت لجنة المالية في البرلمان اللبناني هذا الأسبوع مشروعَ ميزانيةٍ انتقدها مُحلِّلون بحجة أنَّها مليئةٌ بالإجراءات الاقتصادية غير المكتملة، مثل بعض الزيادات الضريبية، وخفض الإنفاق. ومن المتوقع أن يصوّت البرلمان بكامل هيئته على مشروع الموازنة، الذي كان يُفترض الموافقة عليه قبل ستة أشهر.
تتوقع المجلة الأمريكية أن تثير هذه الميزانية المزيد من الاحتجاجات العامة، في ظلِّ معاناة 4.5 مليون لبناني من معدل نمو اقتصادي ضئيل يبلغ 1%، وارتفاع تكاليف المعيشة، والخدمات العامة التي تعمل بالكاد.
في الوقت ذاته، يعيش أكثر من مليون لاجئ سوري في البلاد، مما يزيد من ضغوطها الاقتصادية.
ووفقاً لشركة «الدولية للمعلومات» التي تعمل بمجال الاستشارات البحثية في بيروت، لا يثق 85% من المواطنين اللبنانيين في ساستهم.
وقال طارق سرحان، الناشط الطلابي، إنَّ الزيادات الضريبية الجديدة ستزيد من الاضطرابات المدنية ضد النخبة الحاكمة في البلاد.
وتوقَّع سرحان بصيفٍ تسوده الاحتجاجات: «سيتأثَّر الأشخاص العاديون، ومنهم الطلاب والنادلون والعاملون في المقاهي والشركات الصغيرة» بالضرائب.
ويُعتبر لبنان اليوم ثالث أكبر بلدٍ مَديِن في العالم، إذ يُخصِّص نحو 40% من إيراداته الحكومية لسداد الديون. وفي الوقت ذاته، هناك مخاوف متزايدة من أن العملة اللبنانية، الليرة، مُعرضةٌ لخفض قيمتها.
وفي يناير/كانون الثاني، خفضت وكالة التصنيف Moody’s، التصنيف الائتماني للبنان إلى وضعٍ متدنٍّ، مخافة تخلُّف البلاد عن سداد ديونها.
ويدير الساسة والأحزاب السياسية اللبنانية شبكات محسوبية واسعة، تُوفِّر وظائف حكومية لأنصار كل حزب. ونتج عن ذلك تضخُّم قطاع الخدمة المدنية، إذ إن هناك حوالي 400 ألف موظف مدني في لبنان، لذا يحصل حوالي عُشر السكان على راتب حكومي.
وتستمر هيئة الئسكك الحديدية المملوكة للدولة في تمويل مكتب يضم عشرات الموظفين، رغم أن خطَّ السكة الحديدية خارج الخدمة منذ عقود، وتُمثِّل الرواتب الحكومية والمعاشات التقاعدية 35% من إجمالي ميزانية الدولة.