“القرار اتُّخذ”.. تفاصيل لقاء سري في أبوظبي جمع ابن زايد ورئيس وزراء اليمن أعقبه مباشرة انسحاب الإمارات
نقل موقع “بلومبيرغ نيوز” تفاصيل لقاء سري سبق الانسحاب الإماراتي المفاجئ من اليمن مباشرة، وتم بين ابن زايد ورئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك سعيد.
وبحسب تقرير الصحيفة الذي أعدته زينب فتاح حضر رئيس الوزراء اليمني إلى أبو ظبي في يونيو، للحصول على دعم مالي لحكومته في المرحلة المقبلة من الحرب الدائرة منذ أربعة أعوام مع المتمردين الحوثيين الذين تدعمهم إيران.
ولكن مفاجأة كانت تنتظره، حيث أخبر بوضوح أن الإمارات ستسحب قواتها بنهاية العام من اليمن.
وبحسب مسؤول يمني على معرفة باللقاء، فقد حاول سعيد شرح الوضع لحاكم الإمارات الفعلي وولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، وأن الانسحاب سيحرف ميزان القوة لصالح الحوثيين ولكن الجواب الذي تلقاه كان هو أن القرار قد اتُّخذ.
وتعلق الكاتبة على أن القرار الإماراتي بإعادة النظر بتورطها في نزاعات الشرق الأوسط، جاء على خلفية المواجهة الأمريكية – الإيرانية، والتي تهدد بدفع منطقة الخليج لحرب إقليمية واسعة.
ويؤشر تخفيض الوجود الإماراتي في اليمن إلى خلاف عميق داخل المحور الذي بناه الرئيس دونالد ترامب بعدما تخلى عن الاتفاقية النووية الموقعة مع إيران عام 2015، وهو أن بعض الدول الخليجية الصغيرة قد تدعم استراتيجية الرئيس الأمريكي “أقصى ضغط” لكن اقتصادها وأمنها يظل عرضة لمواجهة طويلة.
وبحسب ريان بول، محلل شؤون الشرق الأوسط في “ستراتفور” فالتوتر مع إيران “أثار قلق الإمارات وأن أي اشتباك قد يؤدي إلى نزاع شامل”، ولو أطلقت إيران عددا قليلا من الصواريخ على الإمارات فستؤدي إلى خروج كبير للعمالة الأجنبية و”سيكون الأمريكيون والأوروبيون العاملون هناك أول من يهرب مما سيشل القطاع المالي والعقاري”، خاصة أن النموذج الاقتصادي الإماراتي قائم على العمالة الأجنبية التي تمثل نسبة 80% من عدد السكان.
وأرسلت الإمارات يوم الثلاثاء وفدا من المسؤولين في خفر السواحل إلى إيران، في أول زيارة لها منذ عام 2013.
وترى إيما أشفورد، من معهد كاتو أن الزيارة هي دليل “على كون الإمارات اللاعب الفطن في السياسة الخارجية من بين دول المنطقة، حيث تقوم بتحويط رهاناتها في السياسة الخارجية وتعبر عن استعداد للخروج في حالة شعرت أنها تغرق”.
ودخلت الإمارات الحرب مع السعودية في اليمن في عملية عسكرية كان يتوقع إكمالها سريعا ولكنها استمرت على مدى 4 أعوام ووجدت الإمارات نفسها وسط مستنقعها، ولم يتحقق الهدف منها وهو إخراج المتمردين الحوثيين الذين جاءوا من شمال البلاد إلى العاصمة صنعاء وإعادة الحكومة الشرعية التي فرت إلى مدينة عدن في الجنوب.
وبدأ التحول في السياسة الخارجية الإماراتية التي تعد ثالث منتج للنفط في منظمة أوبك، من السياسة الحذرة، للسياسة الحازمة بعد ثورات الربيع العربي عام 2011، ووصول الإسلاميين إلى السلطة والذين كانوا من الناقدين للحكم الوراثي في دول الخليج.
ودعمت الإمارات الإطاحة بأول رئيس مصري منتخب، وهو الإسلامي محمد مرسي، الذي توفي الشهر الماضي في قاعة المحكمة. وانضمت الإمارات بحماس إلى الحصار الذي فرضته السعودية على دولة قطر الغنية بالغاز بتهمة التقارب مع إيران والتعاطف مع الإخوان المسلمين، الجماعة المحظورة والمضطهدة في الإمارات.
ويقول الموقع إن إعادة التفكير الاستراتيجي تشكل في ظل مأزق اليمن المعقد وعلاقة الإمارات القوية أضرت بموقعها الدولي. فالكونغرس الأمريكي الغاضب على مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي طالب بمنع بيع السلاح إلى السعودية، فيما أعلنت ألمانيا عن منع بيع السلاح إلى المملكة. واعتبر الاتحاد الأوروبي الأزمة في اليمن أسوأ كارثة إنسانية في العالم.
ولا تزال الإمارات داعمة للاستراتيجية السعودية بشكل عام، لكنها تعيد النظر في أولوياتها في ضوء الأزمة مع إيران. ففي الجنوب دعمت الإمارات الجماعات الانفصالية الداعية لاستقلاله عن الشمال، أما السعودية، فركّزت جهودها الجوية على الشمال والحوثيين القريبين من حدودها.
ويقول فراس مقصد الأستاذ في جامعة جورج تاون، إن السعودية والإمارات تبحثان عن مخرج من اليمن وبطريقة تحفظ مصالحهما.
وزاد الحوثيون هجماتهم على المنشآت الحيوية في السعودية. وقال مقصد، إن السعوديين يشكّون بأن الهجمات هي وسيلة ضغط إيرانية في مواجهتها مع أمريكا. وترى ليف أن المواجهة هذه كشفت عن مظاهر ضعف دول الخليج التي لن تشمل الإمارات، ولكن قطر والبحرين والسعودية في حال اندلعت الحرب.