من “إمارات الخير” لـ”إمارات الشر والدم”.. هكذا دمر شيطان العرب “إرث زايد” ومحا تاريخه في 8 سنوات فقط
شارك الموضوع:
من المعروف أن الرئيس الإماراتي الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كان أول رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971، وله الدور الأبرز في توحيد الإمارات السبع لتشكيل الدولة، ثم النهوض بها اقتصاديًا بشكل غير مسبوق.
وعلى مدار أكثر من 30 عامًا، استطاع الشيخ زايد ترسيخ سمعة دولية طيبة لبلاده، حتى باتت تُعرف في عهده بـ”إمارات الخير”، لكن ما لبث ابنه محمد أن بدد هذه السمعة خلال ثماني سنوات فقط، لتنقلب الآية وتصبح بلاده معروفة باسم “إمارات الشر”
أنفق الشيخ زايد مليارات الدولارات في مساعدة أكثر من 40 دولة فقيرة حول العالم، ولا تكاد دولة تخلو من مشاريع تنمية أو إسكان باسم الشيخ زايد.
لكن ولده محمد لم يُحافظ على ذلك الإرث بعد وفاة والده بحسب تقرير “الوطن الخليجية” الذي ركز على هذا الجانب بالأدلة والسرد.
بل على العكس تمامًا، انقلب ابن زايد عليه بشكل دراماتيكي، وعلى ثلاث مستويات رئيسية، هي التدخل التخريبي في دول الربيع العربي، ومحاربة الإسلاميين أينما وُجدوا، والعمل على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
صانع الاتحاد ومهدده
كان للشيخ زايد الفضل إلى جانب الشيخ راشد آل مكتوم في توحيد دولة الإمارات حينما بدأ بتوحيد إمارتي أبوظبي ودبي، ثم دعا حُكام الإمارات الخمس الأخرى إلى الاتحاد، وهو ما تُوّج بإعلان الدولة في ديسمبر 1971م.
أما حاليًا فتهدد سياسيات بن زايد الاتحاد الإماراتي، إذ لا يرضى حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد عن “السياسات الحمقاء” لبن زايد، والتي يُمكن أن تؤدي يومًا إلى تهديد الدولة وإفلاسها. كما لا تبدو العلاقات مع حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي في أحسن أحوالها، ولاسيما بعد اتهامات لبن زايد بتصفية أبنائه.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن العلاقة بين باقي الإمارات وإمارتي دبي وأبوظبي علاقة مصلحية، قائمة على الاقتصاد في معظمها، وفي حال تسببت سياسات بن زايد في إضعاف اقتصاد الدولة، فإن المصلحة تنقضي، ويصبح الاتحاد في حكم المفكك.
مجلس التعاون الخليجي
كان الشيخ زايد يعمل على الوحدة على كافة الصُعد، فبعد أن وحّد الإمارات السبع، عمل مع الشيخ جابر الأحمد الصباح على توحيد الدول الخليجية في كيان واحد، وهو ما تحقق في 25 مايو 1981م.
ونظرًا لجهوده في هذا الملف، اختير الشيخ زايد بالإجماع أول رئيس للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي، وكان هو أول رئيس دولة يوقع على ميثاق مجلس التعاون.
بعد 35 عامًا من اتحاد دول الخليج، والعمل وفق رؤية مشتركة نسبيًا، خرج بن زايد بفكرة تهدد استمرار مجلس التعاون الخليجي، فكانت فكرة حصار قطر.
استطاع بن زايد- الحاكم الفعلي للإمارات- إقناع الحاكم الفعلي للسعودية محمد بن سلمان بالفكرة بعد أن ساق له مجموعة من الافتراءات، وكان قرار مصر “في جيبه”، في وقت كان قرار البحرين لدى السعودية.
وفي يوليو 2017 أعلنت تلك الدول حصارًا على قطر، لكن لم يضعف الحصار الدوحة حتى اليوم بفعل السياسيات التي اتبعتها، بل خرجت مطالبات دولية بإنهائه، ولاسيما أنه فشل في تحقيق أي من أهدافه.
يد الخير وأصابع الشر
أنفق الشيخ زايد خلال فترة حكمه التي تعدت 30 عامًا أكثر من 90 مليار درهم إماراتي، أي نحو 25 مليار دولار على مشاريع تنموية في أكثر من 40 دولة فقيرة حول العالم، كثير منها دول عربية.
لم يكن الشيخ زايد يستخدم المساعدات كأداة ضغط سياسي لتحقيق مصالح دولته أو مصالح دول أخرى، بل كان يؤدي ذلك من منطلق إنساني وعروبي وإسلامي بحت.
كانت أولى المواقف البارزة للشيخ زايد وقوفه إلى جانب مصر وسوريا في حرب 1973م مع إسرائيل، وقطع إمدادات النفط كسلاح مهم في المعركة. وقال حينها كلمات خالدة جاء فيها “أن النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي”.
وإبان الحرب الأهلية في لبنان، دعا الشيخ زايد في أكتوبر 1980 لعقد قمة عربية لإنقاذ بلاد الأرز، كما حث على المصالحة بين العراق والكويت إبان الغزو الذي نفذه صدام حسين للكويت عام 1991، واستعد لاحتضان العائلات الكويتية.
وفي القرن الأفريقي أيضًا، كان الشيخ زايد عامل استقرار وليس تخريب، إذ دعم عملية “استعادة الأمل” في الصومال عام 1992 لتهدئة الأوضاع وتنمية البلاد، ثم دعم أيضًا جهود الوساطة لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن عام 1994.
وبالإضافة إلى ما سبق، أسهم الشيخ زايد في إنشاء عديد المشاريع التنموية في المغرب العربي، وإعادة بناء سد مأرب القديم في اليمن عام 1986، ودعم انتفاضة الحجارة في فلسطين.
كان إرث الشيخ زاخرًا بالعمل على تحقيق السلام والانتصار للقضايا العربية، لكن خلفه محمد لم يسر على نفس النهج، بل استخدم ثروات بلاده وثرائها لتطويع أنظمة الحكم في عديد الدول، وشراء ذمم المسؤولين، والانقلاب على خيارات الشعوب، وتدمير الدول بالحروب الأهلية.
مع انطلاق الربيع العربي في تونس عام 2011، سارع محمد بن زايد لمعاداة الثورة الشعبية ودعم نظام الحكم، وبعدما سقط النظام، أسهم بملايين الدولارات التي أغدقها على مسؤولين في البلاد بتأسيس حزب جديد من بقايا النظام السابق واليساريين والنقابيين المُعادين للإسلاميين. كما اتُهمت أبوظبي بتدبير اغتيالات لرموز تونسية إبان فترة حكم حركة النهضة الإسلامية.
وسار بن زايد على نفس المنوال في مصر، إذ حارب الثورة الشعبية عام 2011، وبعد سقوط النظام وفوز مرشح جماعة الإخوان المسلمين في أول انتخابات رئاسية ديمقراطية في البلاد، قاطعت أبوظبي القاهرة، ودعمت بملايينها قنوات إعلامية لمهاجمة الجماعة والرئيس محمد مرسي.
وبالتوازي مع ذلك، دعمت الإمارات جنرالات الجيش للانقلاب على الرئيس، حتى تمكن وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي من الانقلاب على مرسي.
صرف بن زايد أكثر من 12 مليار دولار- وهذا رقم رسمي مُعلن يمكن أن يكون أقل مما دُفع- على تمويل الانقلاب العسكري في مصر، وتثبيت أركانه بعد الإطاحة بمرسي.
أما في ليبيا التي ما زالت أموال بن زايد تتدفق عليها على شكل أسلحة ومرتزقة، فإنها تغرق حتى اليوم بصراعات داخلية دعمت فيها أبوظبي طرفًا غير معترف به دوليًا للسيطرة على معظم أراضي البلاد نكاية في الإسلاميين.