“الأخبار” اللبنانية: تخوف من انقسام داخل سلطنة عُمان وممارسة ضغوط على السلطان الجديد من قبل السعودية والإمارات

وطن – تحدثت صحيفة “الأخبار” اللبنانية في تقرير لها ناقشت فيه الوضع على الساحة العُمانية عقب وفاة السلطان قابوس بن سعيد عقب 50 عاما في سدة الحكم، عما وصفته بتخوفات من حدوث انقسام داخل العائلة الحاكمة بالسلطنة وضغوط قد تمارسها السعودية والإمارات على السلطان الجديد هيثم بن طارق لإبعاد السلطنة عن سياسة الحياد التي اشتهرت بها.

وقالت الصحيفة إنه عندما كتب سلطان عُمان الراحل، قابوس بن سعيد، اسم خليفته في مظروف مُغلق، كانت أولويته استمرار نهج «الحياد الإيجابي» الذي أرساه على مدى خمسة عقود. رغبةُ قابوس في «توريث» ابن عمه، هيثم بن طارق، مردُّها أن الأخير ببساطة هو الأكثر قرباً إلى شخصيته، ولدوره المحوري في رسم خريطة بلاده التنموية، فضلاً عن خبرته في السياسة الخارجية.

اقرأ أيضاً: رسالة وليست وصية.. في هذا المكان تم الاحتفاظ بمظروف السلطان قابوس الخاص الذي حدد مصير السلطنة لعقود…

وأقرّت العائلة الحاكمة في السلطنة اختيار هيثم لتنتقل إليه ولاية الحُكم بموجب الرسالة التي فُتحت بعد وفاة قابوس مساء الجمعة عن 79 عاماً. ولأن السلطان لم يكن متزوّجاً ولا أبناء أو أشقاء له، فلم يُعلن على الملأ من يرشّح لخلافته، لكنه سجّل اختياره سِراً، ووضع اسمين بترتيب تنازلي في مظروفين مُغلقين في منطقتين مختلفتين، يُفتح أحدهما في حالة اختلاف العائلة على اختيار مَن سيخلفه. لكن العائلة اختارت فتح الوصية مباشرة، «عرفاناً وامتناناً للمغفور له… وبقناعة راسخة بتثبيت من أوصى به في وصيّته».

وسرعان ما توجّهت الأنظار إلى الكلمة التي سيدلي بها هيثم بن طارق (65 عاماً) خلال أداء القسم، وخصوصاً منها الشقّ المتعلّق بالسياسات الخارجية للدولة: «سوف نرتسم خطّ السلطان الراحل مؤكّدين على الثوابت (…) وسياسة بلادنا الخارجية القائمة على التعايش السلمي بين الأمم والشعوب وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لغيرنا».

بدا جليّاً أن سياسة الأب المؤسِّس لسلطنة عُمان الحديثة ستستمرّ بعد رحيله، لكن تطبيق ذلك لن يكون بسهولة الإعلان عنه. ثمة خطران ماثلان أمام السلطنة اسمهما السعودية والإمارات (انفجرت بين عُمان والأخيرة أزمة كبيرة عام 2011، عقب اكتشاف مسقط خلية تجسِّس إماراتية على أراضيها تسعى إلى جمع معلومات عن أجهزة الدولة، ولم تنتهِ الأزمة حينها إلا بتدخل أمير الكويت)، اللتان لا تروقهما سياسة عُمان، وربما تسعيان إلى ممارسة ضغوط على السلطان الجديد في محاولة للتأثير على تموضع بلاده. أيضاً، يخشى مراقبون مِن خلاف في الأسرة الحاكمة، يجدِّد التنافس بين القبائل ويزعزع الاستقرار السياسي بعد اختيار حاكم جديد، في وقت تَقلَّد فيه صَقران السلطة في الرياض وأبوظبي.

وتابعت الصحيفة في تقريرها:”المنحى الدبلوماسي ليس التحدّي الوحيد الماثل أمام السلطان الجديد. إلى جانبه أيضاً تحدّيات داخلية، مع تسجيل البلاد معدّل بطالة مرتفعاً، وازدياد اعتمادها على الاقتراض الخارجي وسط انخفاض أسعار النفط. ومن هنا، تأتي أهمية تولّي هيثم بن طارق، منذ عام 2013، رئاسة لجنة الرؤى المستقبلية المكلفة التخطيط لمستقبل عُمان، أو «رؤية 2040»، وهي خطة إصلاح طويلة الأمد ستحدِّد ما إذا كانت عُمان ستنجح في التحوّل إلى اقتصاد ما بعد النفط في السنوات والعقود المقبلة. كذلك، تولّى السلطان الجديد عدداً من المناصب المهمة في وزارة الخارجية بين عامَي 1986 و2002، حيث عمل أميناً عاماً لوزارة الخارجية، ثم وكيلاً للشؤون السياسية في الوزارة، كما عمل وزيراً مفوضاً فيها، قبل أن يصبح وزيراً للتراث والثقافة عام 2002.”

وتمكّن قابوس بحسب تقرير الصحيفة اللبنانية من رأب صدوع قديمة في دولة ظلَّت منقسمة طويلاً بين داخل تسكنه قبائل محافظة، ومنطقة ساحلية منفتحة على الخارج. وعُرف بين أبناء شعبه بـ«صانع النهضة» بعدما استثمر مليارات الدولارات مِن العائدات النفطية في البنية الأساسية، وذلك بعدما بدأ عهده بإخراج عمان من عزلتها. وفي حين أن السلطان الراحل لم يكن ليسمح بانشقاق في الداخل، فقد انتهج سياسة خارجية أساسها الحياد والوساطات: لم يأخذ جانباً في الصراع بين السعودية وإيران، وكذلك الأمر في الأزمة الخليجية، كما كانت مسقط قد احتفظت بالعلاقات مع كلّ من الولايات المتحدة وإيران بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1979. لكن المهمة الدبلوماسية الأبرز تمثّلت في دور السلطنة في الاتفاق النووي الإيراني، إذ استضافت اعتباراً مِن عام 2013 محادثات سرية بين الأميركيين والإيرانيين، تسبّبت بجفاءٍ بينها وبين الرياض التي لم تكن راضية عن سياستها تلك.

اقرأ المزيد : لبنانية تُشعل المواقع بما قالته عن السلطان قابوس .. قارنت ما فعله لبلاده بما يفعله “الفاشلون” في لبنان

Exit mobile version